نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الفتح آية 1
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا

التفسير الميسر إنا فتحنا لك -أيها الرسول- فتحًا مبينًا، يظهر الله فيه دينك، وينصرك على عدوك، وهو هدنة "الحديبية" التي أمن الناس بسببها بعضهم بعضًا، فاتسعت دائرة الدعوة لدين الله، وتمكن من يريد الوقوف على حقيقة الإسلام مِن معرفته، فدخل الناس تلك المدة في دين الله أفواجًا؛ ولذلك سمَّاه الله فتحًا مبينًا، أي ظاهرًا جليًّا.

تفسير الجلالين
سورة الفتح 1 - (إنا فتحنا لك) قضينا بفتح مكة وغيرها في المستقبل عنوة بجهادك (فتحا مبينا) بينا ظاهرا

تفسير القرطبي
اختلف في هذا الفتح ما هو؟ ففي البخاري حدثني محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا شعبة قال سمعت قتادة عن أنس {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} قال : الحديبية.
وقال جابر : ما كنا نعد فتح مكة إلا يوم الحديبية.
وقال الفراء : تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا نعد مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة، والحديبية بئر.
وقال الضحاك {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} بغير قتال.
وكان الصلح من الفتح.
وقال مجاهد : هو منحره بالحديبية وحلقه رأسه.
وقال : كان فتح الحديبية آية عظيمة، نزح ماؤها فمج فيها فدرت بالماء حتى شرب جميع من كان معه.
وقال موسى بن عقبة : قال رجل عند منصرفهم من الحديبية : ما هذا بفتح، لقد صدونا عن البيت.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (بل هو أعظم الفتوح قد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراح ويسألكم القضية ويرغبوا إليكم في الأمان وقد رأوا منكم ما كرهوا).
وقال الشعبي في قوله تعالى{إنا فتحنا لك فتحا مبينا} قال : هو فتح الحديبية، لقد أصاب بها ما لم يصب في غزوة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبويع بيعة الرضوان، وأطعموا نخل خيبر، وبلغ الهدي محله، وظهرت الروم على فارس، ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس.
وقال الزهري : لقد كان الحديبية أعظم الفتوح، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليها في ألف وأربعمائة، فلما وقع الصلح مشى الناس بعضهم في بعض وعلموا وسمعوا عن الله، فما أراد أحد الإسلام إلا تمكن منه، فما مضت تلك السنتان إلا والمسلمون قد جاؤوا إلى مكة في عشرة آلاف.
وقال مجاهد أيضا والعوفي : هو فتح خبير.
والأول أكثر، وخيبر إنما كانت وعدا وعِدُوه، على ما يأتي بيانه في قوله تعالى{سيقول المخلفون إذا انطلقتم} [الفتح : 10] وقوله {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} [الفتح : 20].
وقال مجمع بن جارية - وكان أحد القراء الذين قرؤوا القرآن - : شهدنا الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر، فقال بعض الناس لبعض : ما بال الناس؟ قالوا : أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال : فخرجنا نوجف فوجدنا نبي الله صلى الله عليه وسلم عند كراع الغميم، فلما اجتمع الناس قرأ النبي صلى الله عليه وسلم {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}فقال عمر بن الخطاب : أو فتح هو يا رسول الله؟ قال : (نعم، والذي نفسي بيده إنه لفتح).
فقسمت خيبر على أهل الحديبية، لم يدخل أحد إلا من شهد الحديبية.
وقيل : إن قوله تعالى { فتحا } يدل على أن مكة فتحت عنوة، لأن اسم الفتح لا يقع مطلقا إلا على ما فتح عنوة.
هذا هو حقيقة الاسم.
وقد يقال : فتح البلد صلحا، فلا يفهم الصلح إلا بأن يقرن بالفتح، فصار الفتح في الصلح مجازا.
والأخبار دالة على أنها فتحت عنوة، وقد مضى القول فيها، ويأتي.

تفسير ابن كثير نزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الحديبية، في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة، حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام، وحالوا بينه وبين العمرة، ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل، فأجابهم إلى ذلك على كره من جماعة من الصحابة، منهم عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فلما نحر هديه حيث أحصر ورجع، أنزل اللّه عزَّ وجلَّ هذه السورة، وجعل ذلك الصلح فتحاً باعتبار ما فيه من المصلحة، وما آل الأمر إليه، كما روى ابن مسعود رضي اللّه عنه وغيره أنه قال: إنكم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح صلح الحديبية، وروى البخاري عن البراء رضي اللّه عنه قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحاً، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها، فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء، فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا ""أخرجه البخاري""، وروى الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سفر قال: فسألته عن شيء ثلاث مرات فلم يرد عليَّ، قال: فقلت في نفسي ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، ألححت، كررت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك! قال: فركبت راحلتي فحركت بعيري، فتقدمت مخافة أن يكون نزل فيَّ شيء، قال: فإذا أنا بمناد: يا عمر، قال: فرجعت وأنا أظن أنه نزل فيَّ شيء، قال، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (نزل عليّ البارحة سورة هي أحب إليَّ من الدنيا وما فيها: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر}) ""أخرجه أحمد ورواه البخاري والترمذي والنسائي من طرق"". وعن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، قال: نزلت على النبي صلى اللّه عليه وسلم: {ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر} مرجعه من الحديبية، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (لقد أنزلت عليَّ الليلة آية أحب إليَّ مما على الأرض) ثم قرأها عليهم النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: هنيئاً مريئاً يا نبي اللّه، بيّن اللّه عزَّ وجلَّ ما يفعل بك، فما يفعل بنا؟ فنزلت عليه صلى اللّه عليه وسلم: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار - حتى بلغ - فوزاً عظيماً} ""أخرجه البخاري ومسلم والإمام أحمد"". وروى الإمام أحمد عن المغيرة بن شعبة قال: كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يصلي حتى تورمت قدماه، فقيل له: أليس قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال صلى اللّه عليه وسلم: (أفلا أكون عبداً شكوراً؟) ""أخرجه البخاري ومسلم وبقية الجماعة إلا أبا داود""، وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا صلى قام حتى تتفطر رجلاه، فقالت له عائشة رضي اللّه عنها: يا رسول اللّه أتصنع هذا وقد غفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال صلى اللّه عليه وسلم: (يا عائشة أفلا أكون عبداً شكوراً؟) ""أخرجه مسلم والإمام أحمد"" فقوله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} أي بيناً ظاهراً، والمراد به صلح الحديبية فإنه حصل بسببه خير جزيل، وآمن الناس واجتمع بعضهم ببعض، وتكلم المؤمن مع الكافر، وانتشر العلم النافع والإيمان، وقوله تعالى: {ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبه وما تأخر} هذا من خصائصه صلى اللّه عليه وسلم التي لا يشاركه فيها غيره، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهذا فيه تشريف عظيم لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وهو صلى اللّه عليه وسلم في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة التي لم ينلها بشر سواه، لا من الأولين ولا من الآخرين، وهو صلى اللّه عليه وسلم أكمل البشر على الإطلاق، وسيدهم في الدنيا والآخرة، ولما كان أطوع خلق اللّه تعالى وأشدهم تعظيماً لأوامره ونواهيه قال حين بركت فيه الناقة، حبسها حابس الفيل، ثم قال صلى اللّه عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يسألوني اليوم شيئاً يعظمون به حرمات اللّه إلا أجبتهم إليها) ""أخرجه البخاري وهو جزء من حديث طويل""فلما أطاع اللّه في ذلك وأجاب إلى الصلح قال اللّه تعالى له: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك}أي في الدنيا والآخرة، {ويهديك صراطاً مستقيماً} أي بما شرعه لك من الشرع العظيم والدين القويم، {وينصرك اللّه نصراً عزيزاً} أي بسبب خضوعك لأمر اللّه عزَّ وجلَّ يرفعك اللّه وينصرك على أعدائك، كما جاء في الحديث الصحيح: (وما زاد اللّه عبداً بعفو إلا عزاً وما تواضع أحد للّه عزَّ وجلَّ إلا رفعه اللّه تعالى)، وعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أنه قال: ما عاقبتَ أحداً عصى اللّه تعالى فيك بمثل أن تطيع اللّه تبارك وتعالى وفيه.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি