نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة محمد آية 6
وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ

التفسير الميسر فإذا لقيتم- أيها المؤمنون- الذين كفروا في ساحات الحرب فاصدقوهم القتال، واضربوا منهم الأعناق، حتى إذا أضعفتموهم بكثرة القتل، وكسرتم شوكتهم، فأحكموا قيد الأسرى: فإما أن تَمُنُّوا عليهم بفك أسرهم بغير عوض، وإما أن يفادوا أنفسهم بالمال أو غيره، وإما أن يُسْتَرَقُّوا أو يُقْتَلوا، واستمِرُّوا على ذلك حتى تنتهي الحرب. ذلك الحكم المذكور في ابتلاء المؤمنين بالكافرين ومداولة الأيام بينهم، ولو يشاء الله لانتصر للمؤمنين من الكافرين بغير قتال، ولكن جعل عقوبتهم على أيديكم، فشرع الجهاد؛ ليختبركم بهم، ولينصر بكم دينه. والذين قُتلوا في سبيل الله من المؤمنين فلن يُبْطِل الله ثواب أعمالهم، سيوفقهم أيام حياتهم في الدنيا إلى طاعته ومرضاته، ويُصْلح حالهم وأمورهم وثوابهم في الدنيا والآخرة، ويدخلهم الجنة، عرَّفهم بها ونعتها لهم، ووفقهم للقيام بما أمرهم به -ومن جملته الشهادة في سبيله-، ثم عرَّفهم إذا دخلوا الجنة منازلهم بها.

تفسير الجلالين
6 - (ويدخلهم الجنة عرفها) بينها (لهم) فيهتدون إلى مساكنهم منها وأزواجهم وخدمهم من غير استدلال

تفسير القرطبي
أي إذا دخلوها يقال لهم تفرقوا إلى منازلكم؛ فهم أعرف بمنازلهم من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم.
قال معناه مجاهد وأكثر المفسدين.
وفي البخاري ما يدل على صحة هذا القول عن أبي سعيد الخدري، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يخلص المؤمنون من النار فحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله في الدنيا).
وقيل{عرفها لهم}أي بينها لهم حتى عرفوها من غير استدلال.
قال الحسن : وصف الله تعالى لهم الجنة في الدنيا، فلما دخلوها عرفوها بصفتها.
وقيل : فيه حذف؛ أي عرف طرقها ومساكنها وبيوتها لهم؛ فحذف المضاف.
وقيل : هذا التعريف، بدليل، وهو الملك الموكل بعمل العبد يمشي بين يديه ويتبعه العبد حتى يأتي العبد منزله، ويعرفه الملك جميع ما جعل له في الجنة.
وحديث أبي سعيد الخدري يرده.
وقال ابن عباس {عرفها لهم} أي طيبها لهم بأنواع الملاذ؛ مأخوذ من العرف، وهو الرائحة الطيبة.
وطعام معرف أي مطيب؛ تقول العرب : عرفت القدر إذا طيبتها بالملح والأبزار.
وقال الشاعر يخاطب رجلا ويمدحه : عرفت كإتب عرفته اللطائم يقول : كما عرف الإتب، وهو البقير والبقيرة، وهو قميص لا كمين له تلبسه النساء.
وقيل : هو من وضع الطعام بعضه على بعض من كثرته، يقال حرير معرف، أي بعضه على بعض، وهو من العرف المتتابع كعرف الفرس.
وقيل {عرفها لهم}أي وفقهم للطاعة حتى استوجبوا الجنة.
وقيل : عرف أهل السماء أنها لهم إظهارا لكرامتهم فيها.
وقيل : عرف المطيعين أنها لهم.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مرشداً للمؤمنين إلى ما يعتمدونه في حروبهم مع المشركين: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} أي إذا واجهتموهم فاحصدوهم حصداً بالسيوف، {حتى إذا أثخنتموهم} أي أهلكتموهم قتلاً، {فشدوا الوثاق} الأسارى الذين تأسرونهم، ثم أنتم بعد انقضاء المعركة مخيرون في أمرهم، إن شئتم مننتم عليهم فأطلقتم أساراهم مجاناً، وإن شئتم فاديتموهم بمال تأخذونه منهم، والظاهر أن هذه الآية نزلت بعد وقعة بدر، فإن اللّه سبحانه وتعالى عاتب المؤمنين على الاستكثار من الأسارى يومئذ ليأخذوا منهم الفداء فقال: {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض}، ثم قد ادعى بعض العلماء أن الآية منسوخة بقوله تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية، روي عن ابن عباس والضحّاك والسدي. وقال الأكثرون: ليست بمنسوخة، والإمام مخير بين المن على الأسير ومفاداته، وله أن يقتله إن شاء لحديث قتل النبي صلى اللّه عليه وسلم النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط من أسارى بدر، وقال الشافعي رحمه اللّه: الإمام مخيَّر بين قتله أو المن عليه أو مفادته أو استرقاقه، وقوله عزَّ وجلَّ: {حتى تضع الحرب أوزارها} قال مجاهد: حتى ينزل عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، وكأنه أخذه من قوله صلى اللّه عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يقاتل آخرهم الدجال). وهذا يقوي القول بعدم النسخ، كأنه شرع هذا الحكم في الحرب إلى أن يبقى لا حرب، وقال قتادة {حتى تضع الحرب أوزارها} حتى لا يبقى شرك، وهذا كقوله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين للّه} ثم قال بعضهم: حتى تضع الحرب أوزارها أي أوزار المحاربين وهم المشركون بأن يتوبوا إلى اللّه عزَّ وجلَّ، وقيل: أوزار أهلها بأن يبذلوا الوسع في طاعة اللّه تعالى، وقوله عزَّ وجلَّ: {ذلك ولو يشاء اللّه لانتصر منهم} أي هذا ولو شاء اللّه لانتقم من الكافرين بعقوبة ونكال من عنده {ولكن ليبلوا بعضكم ببعض} أي ولكن شرع لكم الجهاد وقتال الأعداء، ليختبركم ويبلو أخباركم، كما ذكر حكمته في شرعية الجهاد في قوله تعالى {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم اللّه الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}. وقال تعالى: {قاتلوهم يعذبهم اللّه بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين}، ثم لما كان من شأن القتال أن يقتل كثير من المؤمنين قال: {والذين قتلوا في سبيل اللّه فلن يضل أعمالهم} أي لن يذهبها بل يكثرها وينميها ويضاعفها، ومنهم من يجري عليه عمله طول برزخه، كما ورد بذلك الحديث عن المقدام بن معد يكرب الكِنْدي رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن للشهيد عند اللّه ست خصال: أن يغفر له في أول دفقة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويجار عذاب القبر، ويأمن الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار مرصع بالدر والياقوت، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين، ويشفع في سبعين إنساناً من أقاربه) ""أخرجه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه"". وفي صحيح مسلم عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين) ""أخرجه مسلم في صحيحه"". وفي الصحيح: (يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته) ""أخرجه أبو داود عن أبي الدرداء مرفوعاً""، والأحاديث في فضل الشهيد كثيرة جداً. وقوله تبارك وتعالى: {سيهديهم} أي إلى الجنة {ويصلح بالهم} أي أمرهم وحالهم، {ويدخلهم الجنة عرفها لهم} أي عرفهم بها وهداهم إليها، قال مجاهد: يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم، وحيث قسم اللّه لهم منها، لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا، وقال محمد بن كعب: يعرفون بيوتهم إذا دخلوا الجنة كما تعرفون بيوتكم إذا انصرفتم من الجمعة، وقال مقاتل: بلغنا أن الملك الذي كان وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة، ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له فيعرفه كل شيء أعطاه اللّه تعالى في الجنة، فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة دخل إلى منزله وأزواجه وانصرف الملك عنه، وقد ورد في الحديث الصحيح بذلك عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار يتقاضون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا ذهبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، والذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أهدى منه بمنزله الذي كان في الدنيا) ""أخرجه البخاري في صحيحه""، ثم قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا اللّه ينصركم ويثبت أقدامكم}، كقوله عزَّ وجلَّ: {ولينصرن اللّه من ينصره} فإن الجزاء من جنس العمل، ولهذا قال تعالى: {ويثبت أقدامكم}، كما جاء في الحديث: (من بلّغ ذا سلطان حاجة من لا يستطيع إبلاغها، ثّبت اللّه تعالى قدميه على الصراط يوم القيامة)، ثم قال تبارك وتعالى: {والذين كفروا فتعساً لهم} عكس تثبيت الأقدام للمؤمنين. وقد ثبت في الحديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد القطيفة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش) أي فلا شفاه اللّه عزَّ وجلَّ، وقوله سبحانه وتعالى: {وأضل أعمالهم} أي أحبطها وأبطلها، ولهذا قال: {ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل اللّه} أي لا يريدونه ولا يحبونه {فأحبط أعمالهم}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি