نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأحقاف آية 24
فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ

التفسير الميسر فلما رأوا العذاب الذي استعجلوه عارضًا في السماء متجهًا إلى أوديتهم قالوا: هذا سحاب ممطر لنا، فقال لهم هود عليه السلام: ليس هو بعارض غيث ورحمة كما ظننتم، بل هو عارض العذاب الذي استعجلتموه، فهو ريح فيها عذاب مؤلم موجع.

تفسير الجلالين
24 - (فلما رأوه) أي العذاب (عارضا) سحابا عرض في أفق السماء (مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا) أي ممطر إيانا قال تعالى (بل هو ما استعجلتم به) من العذاب (ريح) بدل من ما (فيها عذاب أليم) مؤلم

تفسير القرطبي
قوله تعالى {قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا} فيه وجهان : أحدهما : لتزيلنا عن عبادتها بالإفك.
الثاني : لتصرفنا عن آلهتنا بالمنع، قال الضحاك.
قال عروة بن أذينة : إن تك عن أحسن الصنيعة مأ ** فوكا ففي آخرين قد أفكوا يقول : إن لم توفق للإحسان فأنت في قوم قد صرفوا.
{فأتنا بما تعدنا}هذا يدل على أن الوعد قد يوضع موضع الوعيد.
{إن كنت من الصادقين}أنك نبي {قال إنما العلم}بوقت مجيء العذاب.
{عند الله}لا عندي {وأبلغكم ما أرسلت به}عن ربكم.
{ولكني أراكم قوما تجهلون} في سؤالكم استعجال العذاب.
{فلما رأوه عارضا} قال المبرد : الضمير في {رأوه} يعود إلى غير مذكور، وبينه قوله {عارضا} فالضمير يعود إلى السحاب، أي فلما رأوا السحاب عارضا.
فـ {عارضا} نصب على التكرير، سمي بذلك لأنه يبدو في عرض السماء.
وقيل : نصب على الحال.
وقيل : يرجع الضمير إلى قوله {فأتنا بما تعدنا}فلما رأوه حسبوه سحابا يمطرهم، وكان المطر قد أبطأ عنهم، فلما رأوه {مستقبل أوديتهم}استبشروا.
وكان قد جاءهم من واد جرت العادة أن ما جاء منه يكون غيثا، قال ابن عباس وغيره.
{قالوا هذا عارض ممطرنا} قال الجوهري : والعارض السحاب يعترض في الأفق، ومنه قوله تعالى{هذا عارض ممطرنا} أي ممطر لنا، لأنه معرفة لا يجوز أن يكون صفة لعارض وهو نكرة.
والعرب إنما تفعل مثل هذا في الأسماء المشتقة من الأفعال دون غيرها.
قال جرير : يا رب غابطنا لو كان يطلبكم ** لاقى مباعدة منكم وحرمانا ولا يجوز أن يقال : هذا رجل غلامنا.
وقال أعرابي بعد الفطر : رب صائمة لن تصومه، وقائمة لن تقومه، فجعله نعتا للنكرة وأضافه إلى المعرفة.
قلت : قوله : لا يجوز أن يكون صفة لعارض خلاف قول النحويين، والإضافة في تقدير الانفصال، فهي إضافة لفظية لا حقيقية، لأنها لم تفد الأول تعريفا، بل الاسم نكرة على حاله، فلذلك جرى نعتا على النكرة.
هذا قول النحويين في الآية والبيت.
ونعت النكرة نكرة.
و{رب }لا تدخل إلا على النكرة.
{بل هو}أي قال هود لهم.
والدليل عليه قراءة من قرأ {قال هود بل هو}وقرئ {قل بل ما استعجلتم به هي ريح}أي قال الله : قل بل هو ما استعجلتم به، ويعني قولهم {فأتنا بما تعدنا} ثم بين ما هو فقال{ريح فيها عذاب أليم} والريح التي عذبوا بها نشأت من ذلك السحاب الذي رأوه، وخرج هود من بين أظهرهم، فجعلت تحمل الفساطيط وتحمل الظعينة فترفعها كأنها جرادة، ثم تضرب بها الصخور.
قال ابن عباس : أول ما رأوا العارض قاموا فمدوا أيديهم، فأول ما عرفوا أنه عذاب رأوا ما كان خارجا من ديارهم من الرجال والمواشي تطير بهم الريح ما بين السماء والأرض مثل الريش، فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم، فقلعت الريح الأبواب وصرعتهم، وأمر الله الريح فأمالت عليهم الرمال، فكانوا تحت الرمال سبع ليال وثمانية أيام حسوما، ولهم أنين، ثم أمر الله الريح فكشف عنهم الرمال واحتملتهم فرمتهم في البحر، فهي التي قال الله تعالى فيها {تدمر كل شيء بأمر ربها} أي كل شيء مرت عليه من رجال عاد وأموالها.
قال ابن عباس : أي كل شيء بعثت إليه.
قوله تعالى {تدمر كل شيء بأمر ربها}والتدمير : الهلاك.
وكذلك الدمار.
وقرئ {يدمر كل شيء} من دمر دمارا.
يقال : دمره تدميرا ودمارا ودمر عليه بمعنى.
ودمر يدمر دمورا دخل بغير إذن.
وفي الحديث : (من سبق طرفه استئذانه فقد دمر) مخفف الميم.
وتدمر : بلد بالشام.
ويربوع تدمري إذا كان صغيرا قصيرا.
{بأمر ربها} بإذن ربها.
وفي البخاري عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم.
قالت : وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه.
قالت : يا رسول الله، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية؟ فقال : (يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرنا) خرجه مسلم والترمذي، وقال فيه : حديث حسن.
وفي صحيح مسلم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور).
وذكر الماوردي أن القائل {هذا عارض ممطرنا} من قوم عاد : بكر بن معاوية، ولما رأى السحاب قال : إني لأرى سحابا مرمدا، لا تدع من عاد أحدا.
فذكر عمرو بن ميمون أنها كانت تأتيهم بالرجل الغائب حتى تقذفه في ناديهم.
قال ابن إسحاق : واعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة، ما يصيبه ومن معه منها إلا ما يلين أعلى ثيابهم.
وتلتذ الأنفس به، لأنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة حتى هلكوا.
وحكى الكلبي أن شاعرهم قال في ذلك : فدعا هود عليهم ** دعوة أضحوا همودا عصفت ريح عليهم ** تركت عادا خمودا سخرت سبع ليال ** لم تدع في الأرض عودا وعمر هود في قومه بعدهم مائة وخمسين سنة.
{فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم } قرأ عاصم وحمزة {لا يرى إلا مساكنهم} بالياء غير مسمى الفاعل.
وكذلك روى حماد بن سلمة عن ابن كثير إلا أنه قرأ {ترى} بالتاء.
وقد روى ذلك عن أبي بكر عن عاصم.
الباقون {ترى} بتاء مفتوحة.
{مساكنهم} بالنصب، أي لا ترى يا محمد إلا مساكنهم.
قال المهدوي : ومن قرأ بالتاء غير مسمى الفاعل فعلى لفظ الظاهر الذي هو المساكن المؤنثة، وهو قليل لا يستعمل إلا في الشعر.
وقال أبو حاتم : لا يستقيم هذا في اللغة إلا أن يكون فيها إضمار، كما تقول في الكلام ألا ترى النساء إلا زينب.
ولا يجوز لا ترى إلا زينب.
وقال سيبويه : معناه لا ترى أشخاصهم إلا مساكنهم.
واختار أبو عبيد وأبو حاتم قراءة عاصم وحمزة.
قال الكسائي : معناه لا يرى شيء إلا مساكنهم، فهو محمول على المعنى، كما تقول : ما قام إلا هند، والمعنى ما قام أحد إلا هند.
وقال الفراء : لا يرى الناس لأنهم كانوا تحت الرمل، وإنما ترى مساكنهم لأنها قائمة.
{كذلك نجزي القوم المجرمين}أي مثل هذه العقوبة نعاقب بها المشركين.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مسلياً لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم، في تكذيب من كذبه من قومه {واذكر أخا عاد} وهو {هود} عليه الصلاة والسلام، بعثه اللّه عزَّ وجلَّ إلى عاد الأولى، وكانوا يسكنون الأحقاف، جمع حِقْف، وهو الجبل من الرمل، وقال عكرمة: الأحقاف: الجبل والغار، وقال قتادة: ذكر لنا أن عاداً كانوا حياً باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشِّحْر، وقوله تعالى: {وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه}، يعني وقد أرسل اللّه تعالى من حول بلادهم في القرى مرسلين ومنذرين، كقوله عزَّ وجلَّ: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا اللّه إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} أي قال لهم هود ذلك فأجاب قومه قائلين {أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا}؟ أي لتصدنا عن آلهتنا، {فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين} استعجلوا عذاب اللّه وعقوبته، استبعاداً منهم وقوعه، كقوله جلَّت عظمته: {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها}، {قال إنما العلم عند اللّه} أي اللّه أعلم بكم إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب فسيفعل ذلك بكم، وأما أنا فمن شأني أن أبلغكم ما أرسلت به {ولكني أراكم قوماً تجهلون} أي لا تعقلون ولا تفهمون، قال اللّه تعالى: {فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم} أي لما رأوا العذاب مستقبلهم، اعتقدوا أنه عارض ممطر ففرحوا واستبشروا به، وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر، قال اللّه تعالى: {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم} أي هو العذاب الذي قلتم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين، {تدمر} أي تخرب {كل شيء} من بلادهم مما من شأنه الخراب، {بأمر ربها} أي بإذن اللّه لها في ذلك، كقوله سبحانه وتعالى: {ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم} أي كالشيء البالي، ولهذا قال اللّه عزَّ وجلَّ: {فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم} أي قد بادوا كلهم عن آخرهم ولم تبق لهم باقية، {كذلك نجزي القوم المجرمين} أي هذا حكمنا فيمن كذَّب رسلنا وخالف أمرنا. يروى أن عاداً قحطوا فبعثوا وفداً يقال له قيل فمر بمعاوية بن بكر، فأقام عنده شهراً يسقيه الخمر، وتغنيه جاريتان، يقال لهما الجرادتان، فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة، فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه، ولا أسير فأفاديه، اللهم اسق عاداً ما كنت تسقيه، فمرت به سحابات سود، فنودي منها اختر، فأومأ إلى سحابة سوداء، فنودي منها خذها رماداً رِمْدَداً يقال: رِمْدِدُ ورِمْدَد ورِمْديد: أي كثير دقيق جداً ، لا تبقي من عاد أحداً، فما أرسل عليهم من الريح إلا قدر ما يجري في الخاتم حتى هلكوا، قال أبو وائل: وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافداً لهم، قالوا: لا تكن كوافد عاد ""أخرجه الإمام أحمد عن الحارث البكري. وهو حديث غريب كما قال ابن كثير من غرائب الحديث وأفراده"". وروى الإمام أحمد، عن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت: ما رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهواته، إنما كان يبتسم. وقالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه. قالت: يا رسول اللّه إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عُذَّب قوم بالريح، وقد أرى قوم العذاب وقالوا هذا عارض ممطرنا) ""أخرجه أحمد، ورواه الشيخان من حديث ابن وهب عن عائشة رضي اللّه عنها"". وعن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به؛ وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به). قالت: وإذا تخبَّلت السماء تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، وإذا أمطرت سري عنه، فعرفت ذلك عائشة رضي اللّه عنها، فسألته، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لعله يا عائشة كما قال قوم عاد: {فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا}) ""أخرجه مسلم في صحيحه""، وقد ذكرنا قصة هلاك قوم عاد في سورة الأعراف وهود بما أغنى عن إعادته ههنا، وللّه الحمد والمنة.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি