نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأحقاف آية 18
أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ

التفسير الميسر أولئك الذين هذه صفتهم وجب عليهم عذاب الله، وحلَّت بهم عقوبته وسخطه في جملة أمم مضت مِن قبلهم مِنَ الجن والإنس على الكفر والتكذيب، إنهم كانوا خاسرين ببيعهم الهدى بالضلال، والنعيم بالعذاب.

تفسير الجلالين
18 - (أولئك الذين حق) وجب (عليهم القول) بالعذاب (في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين)

تفسير القرطبي
قوله تعالى {والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن اخرج } أي أن أبعث.
{وقد خلت القرون من قبلي} قراءة نافع وحفص وغيرهما {أف}مكسور منون.
وقرأ ابن كثير وابن محيصن وابن عامر والمفضل عن عاصم {أف} بالفتح من غير تنوين.
الباقون بالكسر غير منون، وكلها لغات، وقد مضى في {بني إسرائيل}.
وقراءة العامة {أتعدانني}بنونين مخففتين.
وفتح ياءه أهل المدينة ومكة.
وأسكن الباقون.
وقرأ أبو حيوة والمغيرة وهشام {أتعداني}بنون واحدة مشددة، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام.
والعامة على ضم الألف وفتح الراء من {أن أخرج}.
وقرأ الحسن ونصر وأبو العالية والأعمش وأبو معمر بفتح الألف وضم الراء.
قال ابن عباس والسدي وأبو العالية ومجاهد : نزلت في عبدالله بن أبي بكر رضي الله عنهما، وكان يدعوه أبواه إلى الإسلام فيجيبهما بما أخبر الله عز وجل.
وقال قتادة والسدي أيضا : هو عبدالرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه، وكان أبوه وأمه أم رومان يدعوانه إلى الإسلام ويعدانه بالبعث، فيرد عليهما بما حكاه الله عز وجل عنه، وكان هذا منه قبل إسلامه.
وروي أن عائشة رضي الله عنها أنكرت أن تكون نزلت في عبدالرحمن.
وقال الحسن وقتادة أيضا : هي نعت عبد كافر عاق لوالديه.
وقال الزجاج : كيف يقال نزلت في عبدالرحمن قبل إسلامه والله عز وجل يقول {أولئك الذين حق عليهم القول في أمم} أي العذاب، ومن ضرورته عدم الإيمان، وعبدالرحمن من أفاضل المؤمنين، فالصحيح أنها نزلت في عبد كافر عاق لوالديه.
وقال محمد بن زياد : كتب معاوية إلى مروان بن الحكم حتى يبايع الناس ليزيد، فقال عبدالرحمن بن أبي بكر : لقد جئتم بها هرقلية، أتبايعون لأبنائكم فقال مروان : هو الذي يقول الله فيه {والذي قال لوالديه أف لكما}الآية.
فقال : والله ما هو به.
ولو شئت لسميت، ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه، فأنت فَضَض من لعنة الله.
قال المهدوي : ومن جعل الآية في عبدالرحمن كان قوله بعد ذلك {أولئك الذين حق عليهم القول} يراد به من اعتقد ما تقدم ذكره، فأول الآية خاص وآخرها عام.
وقيل إن عبدالرحمن لما قال {وقد خلت القرون من قبلي } قال مع ذلك : فأين عبدالله بن جدعان، وأين عثمان بن عمرو، وأين عامر بن كعب ومشايخ قريش حتى أسألهم عما يقولون.
فقوله {أولئك الذين حق عليهم القول}يرجع إلى أولئك الأقوام.
قلت : قد مضى من خبر عبدالرحمن بن أبي بكر في سورة [الأنعام ] عند قوله {له أصحاب يدعونه إلى الهدى} [الأنعام:71] ما يدل على نزول هذه الآية فيه، إذ كان كافرا وعند إسلامه وفضله تعين أنه ليس المراد بقوله {أولئك الذين حق عليهم القول}.
{وهما}يعني والديه.
{يستغيثان الله} أي يدعوان الله له بالهداية.
أو يستغيثان بالله من كفره، فلما حذف الجار وصل الفعل فنصب.
وقيل : الاستغاثة الدعاء، فلا حاجة إلى الباء.
قال الفراء : أجاب الله دعاءه وغواثه.
{ويلك آمن} أي صدق بالبعث.
{إن وعد الله حق}أي صدق لا خلف فيه.
{فيقول ما هذا} أي ما يقوله والداه.
{إلا أساطير الأولين}أي أحاديثهم وما سطروه مما لا أصل له.
{أولئك الذين حق عليهم القول} يعني الذين أشار إليهم ابن أبي بكر في قوله أحيوا لي مشايخ قريش، وهم المعنيون بقوله {وقد خلت القرون من قبلي}.
فأما ابن أبي بكر عبدالله أو عبدالرحمن فقد أجاب الله فيه دعاء أبيه في {قوله وأصلح لي في ذريتي} [الأحقاف : 15] على ما تقدم.
ومعنى{حق عليهم القول}أي وجب عليهم العذاب، وهي كلمة الله : (هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي).
{في أمم}أي مع أمم {قد خلت من قبلهم} تقدمت ومضت.
{من الجن والإنس}الكافرين {إنهم} أي تلك الأمم الكافرة {كانوا خاسرين}لأعمالهم، أي ضاع سعيهم وخسروا الجنة.

تفسير ابن كثير لما ذكر تعالى حال الداعين للوالدين البارين بهما، وما لهم عنده من الفوز والنجاة، عطف بحال الأشقياء العاقين للوالدين فقال: {والذي قال لوالديه أفّ لكما} وهذا عام في كل من قال هذا، ومن زعم أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّه عنهما فقوله ضعيف، لأن عبد اللّه بن أبي بكر رضي اللّه عنهما أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه وكان من خيار أهل زمانه، وإنما هذا عام في كل من عق والديه وكذب بالحق فقال لوالديه: أف لكما. روى ابن أبي حاتم، عن عبد اللّه بن المديني قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال: إن اللّه تعالى قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأياً حسناً، وإن يستخلفه، فقد استخلف أبو بكر عمر رضي اللّه عنهما، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّه عنهما: أهرقلية؟ إن أبا بكر رضي اللّه عنه واللّه ما جعلها في أحد من ولده، ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية في ولده إلا رحمة وكرامة لولده، فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه: أُفٍ لكما؟ فقال عبد الرحمن رضي اللّه عنه: ألست ابن اللعين الذي لعن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أباك، قال وقد سمعتهما عائشة رضي اللّه عنها فقالت: يا مروان! أنت القائل لعبد الرحمن رضي اللّه عنه كذا وكذا؟ كذبت، ما فيه نزلت، ولكن نزلت في فلان بن فلان، ثم انتحب مروان، ثم نزل عن المنبر، حتى أتى باب حجرتها فجعل يكلمها حتى انصرف ""أخرجه ابن أبي حاتم، ورواه البخاري بإسناد آخر ولفظ آخر"". وروى النسائي، عن محمد بن زياد قال: قال لما بلغ معاوية رضي اللّه عنه لابنه قال مروان: سنة أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّه عنهما: سنة هرقل وقيصر، فقال مروان: هذا الذي أنزل اللّه تعالى فيه: {والذي قال لوالديه أُفٍ لكما}، فبلغ ذلك عائشة رضي اللّه عنها فقالت: كذب مروان، واللّه ما هو به، ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته، ولكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعن أبا مروان ومروان في صلبه، فمروانٌ فضَضٌ من لعنة اللّه ""أخرجه النسائي في سننه"". ومعنى فضض : قطعة . وقوله: {أتعداني أن أخرج}؟ أي أبعث، {وقد خلت القرون من قبلي} أي قد مضى الناس فلم يرجع منهم مخبر، {وهما يستغيثان اللّه} أي يسألان اللّه فيه أن يهديه ويقولان لولدهما: {ويلك آمن إن وعد اللّه حق، فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين}. قال اللّه تعالى: {أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين} أي دخلوا في زمرة أشباههم وأضرابهم من الكافرين الخاسرين أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، وقوله: {أولئك} بعد قوله {والذي قال} دليل على ما ذكرناه من أنه جنس يعم كل من كان كذلك، وقال الحسن وقتادة: هو الكافر الفاجر العاق لوالديه المكذب بالبعث، وقوله تبارك وتعالى: {ولكل درجات مما عملوا} أي لكل عذاب بحسب عمله، {وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون} أي لا يظلمهم مثقال ذرة فما دونها، قال عبد الرحمن بن زيد: درجات النار تذهب سَفَالاً، ودرجات الجنة تذهب علواً، وقوله عزَّ وجلَّ: {ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها}، أي يقال لهم ذلك تقريحاً وتوبيخاً، وقد تورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه عن كثير من طيبات المآكل والمشارب وتنزه عنها وقال: إني أخاف أن أكون من الذين قال اللّه لهم: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها}، وقوله عزَّ وجلَّ: {فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون} جُوزوا من جنس عملهم، فكما متعوا أنفسهم واستكبروا عن اتباع الحق، وتعاطوا الفسق والمعاصي، جازاهم اللّه تبارك وتعالى بعذاب الهون، وهو الإهانة والخزي والآلام الموجعة، والحسرات المتتابعة، والمنازل في الدركات المفظِعة، أجارنا اللّه سبحانه وتعالى من ذلك كله.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি