نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الدخان آية 10
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ

التفسير الميسر فانتظر -أيها الرسول- بهؤلاء المشركين يوم تأتي السماء بدخان مبين واضح يعمُّ الناس، ويقال لهم: هذا عذاب مؤلم موجع، ثم يقولون سائلين رفعه وكشفه عنهم: ربنا اكشف عنا العذاب، فإن كشفته عنا فإنا مؤمنون بك.

تفسير الجلالين
10 - (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين) فأجدبت الأرض واشتد بهم الجوع إلى أن رأوا من شدله كهيئة الدخان بين السماء والأرض

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} ارتقب معناه انتظر يا محمد بهؤلاء الكفار يوم تأتي السماء بدخان مبين؛ قال قتادة.
وقيل : معناه احفظ قولهم هذا لتشهد عليهم يوم تأتي السماء بدخان مبين؛ ولذلك سمي الحافظ رقيبا.
وفي الدخان أقوال ثلاثة : الأول : أنه من أشراط الساعة لم يجئ بعد، وأنه يمكث في الأرض أربعين يوما يملأ ما بين السماء والأرض؛ فأما المؤمن فيصيبه مثل الزكام، وأما الكافر والفاجر فيدخل في أنوفهم فيثقب مسامعهم، ويضيق أنفاسهم؛ وهو من آثار جهنم يوم القيامة.
وممن قال إن الدخان لم يأت بعد : علي وابن عباس وابن عمرو وأبو هريرة وزيد بن علي والحسن وابن أبي مليكة وغيرهم.
وروى أبو سعيد الخدري مرفوعا أنه دخان يهيج بالناس يوم القيامة؛ يأخذ المؤمن منه كالزكمة.
وينفخ الكافر حتى يخرج من كل مسمع منه؛ ذكره الماوردي.
""وفي صحيح مسلم عن أبي الطفيل"" عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال : (ما تذكرون) ؟ قالوا : نذكر الساعة؛ قال : (إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات - فذكر - الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم وخروج يأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم).
في رواية عن حذيفة (إن الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب والدخان والدجال ودابة الأرض ويأجوج ومأجوج وطلوع الشمس من مغربها ونار تخرج من قعر عدن ترحل الناس).
وخرجه الثعلبي أيضا عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أول الآيات خروجا الدجال ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم إذا قالوا وتصبح معهم إذا أصبحوا وتمسي معهم إذا أمسوا).
قلت : يا نبي الله، وما الدخان ؟ قال هذه الآية {ارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوما وليلة أما المؤمن فيصيبه منه شبه الزكام والكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج الدخان من فمه ومنخره وعينيه وأذنه ودبره).
فهذا قول.
القول الثاني : أن الدخان هو ما أصاب قريشا من الجوع بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم.
حتى كان الرجل يرى بين السماء والأرض دخانا؛ قاله ابن مسعود.
قال وقد كشفه الله عنهم، ولو كان يوم القيامة لم يكشفه عنهم.
والحديث عنه بهذا في صحيح البخاري ومسلم والترمذي.
قال البخاري : حدثني يحيى قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق قال : قال عبدالله : إنما كان هذا لأن قريشا لما استعصت على النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد؛ فأنزل الله تعالى: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين.
يغشى الناس هذا عذاب أليم}.
قال : فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل : يا رسول الله، استسق الله لمضر فإنها قد هلكت.
قال : (لمضر! إنك لجريء) فاستسقى فسقوا؛ فنزلت {إنكم عائدون} [الدخان : 15].
فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية؛ فأنزل الله عز وجل: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} قال : يعني يوم بدر.
قال أبو عبيدة : والدخان الجدب.
القتبي سمي دخانا ليبس الأرض منه حين يرتفع منها كالدخان.
القول الثالث : إنه يوم.
فتح مكة لما حجبت السماء الغبرة؛ قاله عبدالرحمن الأعرج.
قوله تعالى: {يغشى الناس} في موضع الصفة للدخان، فإن كان قد مضى على ما قال ابن مسعود فهو خاص بالمشركين من أهل مكة، وإن كان من أشراط الساعة فهو عام على ما تقدم.
{هذا عذاب أليم} أي يقول الله لهم {هذا عذاب أليم}.
فمن قال : إن الدخان قد مضى فقوله: {هذا عذاب أليم} حكاية حال ماضية، ومن جعله مستقبلا.
فهو حكاية حال آتية.
وقيل: {هذا} بمعنى ذلك.
وقيل : أي يقول الناس لذلك الدخان: {هذا عذاب أليم}.
وقيل : هو إخبار عن دنو الأمر؛ كما تقول : هذا الشتاء فأعدّ له.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: بل هؤلاء المشركون في شك يلعبون أي قد جاءهم الحق اليقين، وهم يشكون فيه ويمترون ولا يصدقون به، ثم قال عزَّ وجلَّ متوعداً لهم ومهدداً: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} قال مسروق: دخلنا المسجد، يعني مسجد الكوفة، فإذا رجل يقص على أصحابه {يوم تأتي السماء بدخان مبين} تدرون ما ذلك الدخان؟ ذلك دخان يأتي يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمنين منه شبه الزكام، قال: فأتينا ابن مسعود رضي اللّه عنه فذكرنا ذلك له، وكان مضطجعاً ففزع منه فقعد، وقال: إن اللّه عزَّ وجلَّ قال لنبيكم صلى اللّه عليه وسلم: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}، إن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: اللّه أعلم، سأحدثكم عن ذلك: إن قريشاً لما أبطأت عن الإسلام واستعصت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، دعا عليهم بسنين كسني يوسف، فأصابهم من الجهد والجوع، حتى أكلوا العظام والميتة، وجعلوا يرفعون أبصارهم إلى السماء، فلا يرون إلا الدخان، وفي رواية: فجعل الرجل ينظر إلى السماء، فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد، قال اللّه تعالى: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين . يغشى الناس هذا عذاب أليم}، فَأُتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقيل: يا رسول اللّه، استسق اللّه لمضر، فإنها قد هلكت، فاستسقى صلى اللّه عليه وسلم لهم، فسقوا، فنزلت: {إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون}، قال ابن مسعود رضي اللّه عنه: أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة؟ فلما أصابهم الرفاهية عادوا إلى حالهم، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} قال: يعني يوم بدر. قال ابن مسعود رضي اللّه عنه، فقد مضى خمسة: الدخان والروم والقمر والبطشة واللزام ""الحديث مخرج في الصحيحين، ورواه أحمد والترمذي والنسائي"". وقال آخرون: لم يمض الدخان بعد، بل هو من أمارات الساعة، كما تقدم من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي اللّه عنه قال: أشرف علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من عرفة، ونحن نتذاكر الساعة، فقال: (لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى بن مريم، والدجال، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس - أو تحشر الناس - تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل حيث قالوا) ""أخرجه مسلم في صحيحه من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري"". وفي الصحيحين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لابن صياد: (إني خبأت لك خبأ)، قال: هو الدُّخ ـ والدَّخ: الدخان ـ فقال صلى اللّه عليه وسلم له: (إخسأ فلن تعدو قدرك) قال: وخبأ له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين}. وعن أبي مالك الأشعري رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن ربكم أنذركم ثلاثاً: الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر، فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية الدابة، والثالثة الدجال) ""أخرجه ابن جرير ورواه الطبراني، وإسناده جيد"". وعن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (يهيج الدخان بالناس، فأما المؤمن فيأخذه كالزكمة، وأما الكافر فينفخه حتى يخرج من كل مسمع منه)، وقال ابن أبي حاتم، عن علي رضي اللّه عنه قال: لم تمض آية الدخان بعد، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وتنفخ الكافر حتى ينفذ، وروى ابن جرير عن عبد اللّه ابن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عباس رضي اللّه عنهما ذات يوم فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت، قلت: لِمَ؟ قال، قالوا: طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق فما نمت حتى أصبحت، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس رضي اللّه عنهما حبر الأمة وترجمان القرآن، وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين رضي اللّه عنهم أجمعين من الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما التي أوردوها، مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة مع أنه ظاهر القرآن، قال اللّه تبارك وتعالى: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} أي بيِّن واضح يراه كل أحد، وعلى ما فسر به ابن مسعود رضي اللّه عنه إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد، وهكذا قوله تعالى: {يغشى الناس} أي يتغشاهم ويعمهم، ولو كان أمراً خيالياً يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه {يغشى الناس}، وقوله تعالى: {هذا عذاب أليم} أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً كقوله عزَّ وجلَّ: {يوم يُدَّعون إلى نار جهنم دَعًّا هذه النار التي كنتم بها تكذبون}، أو يقول بعضهم لبعض ذلك، وقوله سبحانه وتعالى: {ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} أي يقول الكافرون إذا عاينوا عذاب اللّه وعقابه سائلين رفعه عنهم كقوله جلت عظمته: {ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين}، وكذا قوله جلَّ وعلا: {وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل}، وهكذا قال جلَّ وعلا ههنا {أنَّى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين . ثم تولوا عنه وقالوا معَلّم مجنون} يقول: كيف لهم بالتذكر وقد أرسلنا إليهم رسولاً بين الرسالة والنذارة، ومع هذا تولوا عنه وما وافقوه، بل كذبوه وقالوا معلم مجنون، وهذا كقوله جلَّت عظمته: {يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى}؟ وقوله تعالى: {إنا كاشفو العذاب قليلاً إنكم عائدون} يحتمل معنيين: أحدهما : أنه يقول تعالى: ولو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى الدار الدنيا، لعدتم إلى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب، كقوله تعالى: {ولو رودوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون}. والثاني : أن يكون المراد: إنا مؤخرو العذاب عنكم قليلاً بعد انعقاد أسبابه ووصوله إليكم، وأنتم مستمرون فيما أنتم فيه من الطغيان والضلال، ولا يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم، كقوله تعالى: {إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين} ولم يكن العذاب باشرهم واتصل بهم بل كان قد انعقد سببه عليهم، ولا يلزم أيضاً أن يكونوا قد أقلعوا عن كفرهم ثم عادوا إليه، قال اللّه تعالى إخباراً عن شعيب عليه السلام أنه قال لقومه حين قالوا: {لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين . قد افترينا على اللّه كذباً إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا اللّه منها}، وشعيب عليه السلام لم يكن قط على ملتهم وطريقتهم. وقال قتادة: إنكم عائدون إلى عذاب اللّه. وقوله عزَّ وجلَّ: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون}: فسر ذلك ابن مسعود رضي اللّه عنه بيوم بدر، وروي أيضاً عن ابن عباس رضي اللّه عنهما وهو محتمل، والظاهر أن ذلك يوم القيامة وإن كان يوم بدر يوم بطشة أيضاً، روى عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال، قال ابن مسعود رضي اللّه عنه {البطشة الكبرى} يوم بدر، وأنا أقول هي يوم القيامة. وهذا إسناد صحيح عن ابن عباس، واللّه أعلم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি