نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الزخرف آية 65
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ

التفسير الميسر فاختلفت الفرق في أمر عيسى عليه السلام، وصاروا فيه شيعًا: منهم مَن يُقِرُّ بأنه عبد الله ورسوله، وهو الحق، ومنهم مَن يزعم أنه ابن الله، ومنهم مَن يقول: إنه الله، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا، فهلاك ودمار وعذاب أليم يوم القيامة لمن وصفوا عيسى بغير ما وصفه الله به.

تفسير الجلالين
65 - (فاختلف الأحزاب من بينهم) في عيسى أهو الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة (فويل) كلمة عذاب (للذين ظلموا) كفروا بما قالوه في عيسى (من عذاب يوم أليم) مؤلم

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {فاختلف الأحزاب من بينهم} قال قتادة : يعني ما بينهم، وفيهم قولان : أحدهما : أنهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، خالف بعضهم بعضا، قال مجاهد والسدي.
الثاني : فرق النصارى من النسطورية والملكية واليعاقبة، اختلفوا في عيسى؛ فقال النسطورية : هو ابن الله.
وقالت اليعاقبة : هو الله.
وقالت الملكية : ثالث ثلاثة أحدهم الله؛ قال الكلبي ومقاتل، وقد مضى هذا في سورة {مريم}.
{فويل للذين ظلموا} أي كفروا وأشركوا؛ كما في سورة {مريم}.
{من عذاب يوم أليم} أي أليم عذابه؛ مثله : ليل نائم؛ أي ينام فيه.
{هل ينظرون} يريد الأحزاب لا ينتظرون.
{إلا الساعة أن تأتيهم بغتة}{إلا الساعة} يريد القيامة.
{أن تأتيهم بغتة} أي فجأة.
{وهم لا يشعرون} يفطنون.
وقد مضى في غير موضع.
وقيل : المعنى لا ينتظر مشركو العرب إلا الساعة.
ويكون {الأحزاب} على هذا، الذين تحزبوا على النبي صلى الله عليه وسلم وكذبوه من المشركين.
ويتصل هذا بقوله تعالى: {ما ضربوه لك إلا جدلا} [الزخرف : 58].

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن تعنت قريش في كفرهم وتعمدهم العناد والجدل: {ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون}. قال ابن عباس أي يضحكون أعجبوا بذلك، وقال قتادة: يجزعون ويضحكون، وقال النخعي: يعرضون، وكان السبب في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة حيث قال: وجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما بلغني يوماً مع الوليد بن المغيرة في المسجد، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فعرض له النضر بن الحارث، فكلمه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليه وعليهم: {إنكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم أنتم لها واردون} الآيات؛ ثم قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأقبل عبد اللّه بن الزبعري حتى جلس فقال الوليد بن المغيرة له: واللّه ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب، وما قعد، وقد زعم محمد أنَّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم، فقال عبد اللّه بن الزبعري: أما واللّه لو وجدته لخصمته، سلوا محمداً أكل ما يعبد من دون اللّه في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيراً، والنصارى تعبد المسيح بن مريم؛ فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد اللّه بن الزبعري، ورأوا أنه قد احتج وخاصم، فذكر ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: (كل من أحب أن يعبد من دون اللّه فهو مع من عبده، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته) فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} أي عيسى وعزير ومن عبد معهما من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة اللّه عزَّ وجلَّ، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلالة أرباباً من دون اللّه، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه الصلاة والسلام وأنه يعبد من دون اللّه {ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون} أي يصدون عن أمرك بذلك من قوله، ثم ذكر عيسى عليه الصلاة والسلام فقال: {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل . ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون . وإنه لعلم للساعة} أي ما وضع على يديه من الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام فكفى به دليلاً على علم الساعة يقول: {فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم} ""ذكره ابن أبي إسحاق في السيرة، ورواه ابن جرير بنحوه"". عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (يا معشر قريش إنه ليس أحد يعبد من دون اللّه فيه خير) فقالوا له: ألست تزعم أن عيسى كان نبياً وعبداً من عباد اللّه صالحاً فقد كان يعبد من دون اللّه؟ فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون} ""أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما""، وقال مجاهد في قوله تعالى: {ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون}، قالت قريش: إنما يريد محمد أن نعبده كما عبد قوم عيسى عيسى عليه السلام، وقوله: {وقالوا أآلهتنا خير أم هو}؟ قال قتادة: يقولون آلهتنا خير منه، وقال قتادة: قرأ ابن مسعود رضي اللّه عنه: {وقالوا أآلهتنا خير أم هذا}؟ يعنون محمداً صلى اللّه عليه وسلم. وقوله تبارك وتعالى: {ما ضربوه لك إلا جدلاً} أي مِراءً وهم يعلمون أنه ليس بوارد على الآية لأنها لما لا يعقل مراده أن (ما) في اللغة العربية لما لا يعقل، وقد قال تعالى: {إنكم وما تعبدون} ولم يقل: ومن تعبدون وهي قوله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم} ثم هي خطاب لقريش، وهم إنما كانوا يعبدون الأصنام والأنداد، ولم يكونوا يعبدون المسيح حتى يورده فتعين أن مقالتهم إنما كانت جدلاً منهم ليسوا يعتقدون صحتها، وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أورثوا الجدل) ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية: {ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم قوم خصمون} ""أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي: حسن صحيح"". وروى ابن جرير، عن أبي أمامة رضي اللّه عنه قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خرج على الناس وهم يتنازعون في القرآن، فغضب غضباً شديداً حتى كأنما صب على وجهه الخل، ثم قال صلى اللّه عليه وسلم: (لا تضربوا كتاب اللّه بعضه ببعض، فإنه ما ضل قوم قط إلا أوتوا الجدل)، ثم تلا صلى اللّه عليه وسلم: (ما ضربوه لك إلا جدلاً بل هم خصمون}، وقوله تعالى: {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه} يعني عيسى عليه الصلاة والسلام ما هو إلا عبد من عباد اللّه عزَّ وجلَّ أنعم اللّه عليه بالنبوة والرسالة {وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل} أي دلالة وحجة وبرهاناً على قدرتنا على ما نشاء، وقوله عزَّ وجلَّ: {ولو نشاء لجعلنا منكم} أي بدلكم {ملائكة في الأرض يخلفون}، وقال السدي: يخلفونكم فيها، وقال ابن عباس وقتادة: يخلف بعضهم بعضاً كما يخلف بعضكم بعضاً، وهذا القول يستلزم الأول، وقال مجاهد: يعمرون الأرض بدلكم. وقوله سبحانه وتعالى: {وإنه لعلم للساعة} تقدم تفسير ابن إسحاق أن المراد من ذلك ما بعث به عيسى عليه الصلاة والسلام من إحياء الموتى وإبراء الأكمه وغير ذلك من الأسقام وفيه نظر. والصحيح أنه عائد على عيسى عليه الصلاة والسلام، فإن السياق في ذكره، ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة، كما قال تبارك وتعالى: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} أي قبل موت عيسى عليه الصلاة والسلام، {ثم يوم القيامة يكون عليهم شهيداً} ويؤيد هذا المعنى القراءة الأُخْرى {وإنه لعَلَمٌ للساعة} أي أمارة ودليل على وقوع الساعة، قال مجاهد: {وإنه لعلم الساعة} أي آية للساعة خروج عيسى بن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة وهكذا روي عن أبي هريرة وابن عباس وعكرمة والحسن وقتادة والضحّاك وغيرهم ، وقد تواترت الأحاديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماماً عادلاً وحكماً مقسطاً، وقوله تعالى: {فلا تمترن بها} أي لا تشكوا فيها إنها واقعة وكائنة لا محالة، {واتبعونِ} أي فيما أخبركم به {هذا صراط مستقيم . ولا يصدنكم الشيطان} أي عن اتباع الحق، {إنه لكم عدو مبين . ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة} أي بالنبوة، {ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه} قال ابن جرير: يعني من الأمور الدينية لا الدنيوية، وهذا الذي قاله حسن جيد، وقوله عزَّ وجلَّ {فاتقوا اللّه} أي فيما أمركم به {وأطيعونِ} فيما جئتكم به، {إن اللّه هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم} أي وأنا وأنتم عبيد له فقراء إليه مشتركون في عبادته وحده لا شريك له، {هذا صراط مستقيم} أي هذا الذي جئتكم به هو الصراط المستقيم وهو عبادة الرب جلَّ وعلا وحده، وقوله سبحانه وتعالى: {فاختلف الأحزاب من بينهم} أي اختلف الفرق وصاروا شيعاً فيه، منهم من يقر بأنه عبد اللّه ورسوله وهو الحق، ومنهم من يدعي أنه ولد اللّه، ومنهم من يقول إنه اللّه، تعالى اللّه عن قولهم علواً كبيراً، ولهذا قال تعالى: {فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি