نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الزخرف آية 36
وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ

التفسير الميسر ومن يُعْرِض عن ذكر الرحمن، وهو القرآن، فلم يَخَفْ عقابه، ولم يهتد بهدايته، نجعل له شيطانًا في الدنيا يغويه؛ جزاء له على إعراضه عن ذكر الله، فهو له ملازم ومصاحب يمنعه الحلال، ويبعثه على الحرام.

تفسير الجلالين
36 - (ومن يعش) يعرض (عن ذكر الرحمن) أي القرآن (نقيض) نسبب (له شيطانا فهو له قرين) لا يفارقه

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {ومن يعشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين} وقرأ ابن عباس وعكرمة {ومن يَعْشَ} بفتح الشين، ومعناه يعمى؛ يقال منه عشي يعشى عشا إذا عمي.
ورجل أعشى وامرأة عشواء إذا كان لا يبصر؛ ومنه قول الأعشى : رأت رجــلا غائب الوافدَيـْ ** ـن مختلفَ الخلق أعشى ضريرا وقوله : أأن رأت رجلا أعشى أضر به ** ريب المنون ودهر مفند خَبِلُ الباقون بالضم؛ من عشا يعشو إذا لحقه ما لحق الأعشى.
وقال الخليل : العشو هو النظر ببصر ضعيف؛ وأنشد : متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ** تجد خير نار عندها خير موقد وقال آخر : لنعم الفتى يعشو إلى ضوء ناره ** إذا الريح هبت والمكان جديب الجوهري : والعشا مقصور مصدر الأعشى وهو الذي لا يبصر بالليل ويبصر بالنهار.
والمرأة عشواء، وامرأتان عشواوان.
وأعشاه الله فعشِي بالكسر يعْشَى عَشًي، وهما يعشيان، ولم يقولوا يعشوان؛ لأن الواو لما صارت في الواحد ياء لكسرة ما قبلها تركت في التثنية على حالها.
وتعاشى إذا أرى من نفسه أنه أعشى.
والنسبة إلى أعشى أعشوي.
وإلى العشية عشوى.
والعشواء : الناقة التي لا تبصر أمامها فهي تخبط بيديها كل شيء.
وركب فلان العشواء إذا خبط أمره على غير بصيرة.
وفلان خابط خبط عشواء.
وهذه الآية تتصل بقول أول السورة: {أفنضرب عنكم الذكر صفحا} [الزخرف : 5] أي نواصل لكم الذكر؛ فمن يعش عن ذلك الذكر بالإعراض عنه إلى أقاويل المضلين وأباطيلهم {نقيض له شيطانا} أي نسبب له شيطانا جزاء له على كفره {فهو له قرين}قيل في الدنيا، يمنعه يمنعه من الحلال، ويبعثه على الحرام، وينهاه عن الطاعة، ويأمره بالمعصية؛ وهو معنى قول ابن عباس.
وقيل في الآخرة إذا قام من قبره؛ قال سعيد الجريري.
وفي الخبر : أن الكافر إذا خرج من قبره يشفع بشيطان لا يزال معه حتى يدخل النار.
وأن المؤمن يشفع بملك حتى يقضي الله بين خلقه؛ ذكره المهدوي.
وقال القشيري : والصحيح فهو له قرين في الدنيا والآخرة.
وقال أبو الهيثم والأزهري : عشوت إلى كذا أي قصدته.
وعشوت عن كذا أي أعرضت عنه، فتفرق بين {إلى} و{عن}؛ مثل : ملت إليه وملت عنه.
وكذا قال قتادة : يعش، يعرض؛ وهو قول الفراء.
النحاس : وهو غير معروف في اللغة.
وقال القرظي : يولي ظهره؛ والمعنى واحد.
وقال أبو عبيدة والأخفش : تظلم عينه.
وأنكر العتبي عشوت بمعنى أعرضت؛ قال : وإنما الصواب تعاشيت.
والقول قول أبي الهيثم والأزهري.
وكذلك قال جميع أهل المعرفة.
وقرأ السلمي وابن أبي إسحاق ويعقوب وعصمة عن عاصم وعن الأعمش {يقيض} بالياء لذكر {الرحمن} أولا؛ أي يقيض له الرحمن شيطانا.
الباقون بالنون.
وعن ابن عباس {يقيض له شيطان فهو له قرين} أي ملازم ومصاحب.
قيل: {فهو} كناية عن الشيطان؛ على ما تقدم.
وقيل عن الإعراض عن القرآن؛ أي هو قرين للشيطان.
{وإنهم ليصدونهم عن السبيل} أي وإن الشياطين ليصدونهم عن سبيل الهدى؛ وذكر بلفظ الجمع لأن {من} في قوله: {ومن يعش} في معنى الجمع.
{ويحسبون}أي ويحسب الكفار {أنهم مهتدون} وقيل : ويحسب الكفار إن الشياطين مهتدون فيطيعونهم.
قوله تعالى: {حتى إذا جاءنا} على التوحيد قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص يعني الكافر يوم القيامة.
الباقون {جاءانا} على التثنية، يعني الكافر وقرينه وقد جعلا في سلسلة واحدة؛ فيقول الكافر: {يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين} أي مشرق الشتاء ومشرق الصيف، كما قال تعالى: {رب المشرقين ورب المغربين} [الرحمن : 17] ونحوه قول مقاتل.
وقراءة التوحيد وإن كان ظاهرها الإفراد فالمعنى لهما جميعا؛ لأنه قد عرف ذلك بما بعده؛ كما قال : وعين لها حدرة بدرة ** شُقت مآقيهما من أخر قال مقاتل : يتمنى الكافر أن بينهما بعد المشرق أطول يوم في السنة إلى مشرق أقصر يوم في السنة، ولذلك قال: {بعد المشرقين}.
وقال الفراء : أراد المشرق والمغرب فغلب اسم أحدهما، كما يقال : القمران للشمس والقمر، والعمران لأبي بكر وعمر، والبصرتان للكوفة والبصرة، والعصران للغداة والعصر.
وقال الشاعر : أخذنا بآفاق السمــاء عليكم ** لنا قمراها والنجوم الطوالع وأنشد أبو عبيدة لجرير : ما كان يرضى رسول الله فعلهم ** والعمران أبو بكر ولا عمر وأنشد سيبويه : قَدْنيَ من نصر الخُـبَيبين قَدِي يريد عبدالله ومصعبا ابني الزبير،وإنما أبو خبيب عبدالله.
{فبئس القرين} أي فبئس الصاحب أنت؛ لأنه يورده إلى النار.
قال أبو سعيد الخدري : إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشياطين فلا يفارقه حتى يصير به إلى النار.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: {ومن يَعْشُ} أي يتعامى ويتغافل ويعرض {عن ذكر الرحمن}، والعشا في العين ضعف بصرها، والمراد ههنا عشا البصيرة، {نُقيّضْ له شيطاناً فهو له قرين} كقوله تعالى: {فلما أزاغوا أزاغ اللّه قلوبهم} ولهذا قال تبارك وتعالى ههنا: {وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون}، {حتى إذا جاءنا} أي هذا الذي تغافل عن الهدى، إذا وافى اللّه عزَّ وجلَّ يوم القيامة، يتبرم بالشيطان الذي وُكِّلَ به {قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين} والمراد بالمشرقين ههنا هو ما بين المشرق والمغرب، وإنما استعمل ههنا تغليباً كما يقال: القمران والعُمَران والأبوان، قاله ابن جرير وغيره، ثم قال تعالى: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} أي لا يغني عنكم اجتماعكم في النار واشتراككم في العذاب الأليم. وقوله جلَّت عظمته: {أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين}؟ أي ليس ذلك إليك، إنما عليك البلاغ، وليس عليك هداهم، ثم قال تعالى {فإمّا نذهبن بك فإنّا منهم منتقمون} أي لابد أن ننتقم منهم ونعاقبهم ولو ذهبت أنت، {أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون} أي نحن قادرون على هذا ولم يقبض اللّه تعالى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أقرّ عينه من أعدائه، وحكّمه في نواصيهم، واختاره ابن جرير، وقال قتادة: ذهب النبي صلى اللّه عليه وسلم وبقيت النقمة، ولن يُرِيَ اللّهُ تبارك وتعالى نبيَّه صلى اللّه عليه وسلم في أُمته شيئاً يكرهه، حتى مضى ولم يكن نبي قط إلا وقد رأى العقوبة في أُمته إلا نبيكم صلى اللّه عليه وسلم، قال: وذكر لنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أري ما يصيب أُمته من بعده، فما رئي ضاحكاً منبسطاً حتى قبضه اللّه عزَّ وجلَّ ""رواه ابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه""، ثم قال عزَّ وجلَّ: {فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم} أي خذ بالقرآن المنزل على قلبك، فإنه هو الحق وما يهدي إليه هو الحق، المفضي إلى صراط اللّه المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم. ثم قال جلَّ جلاله: {وإنه لذكر لك ولقومك}، قيل معناه لشرف لك ولقومك، وفي الحديث: (إن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم فيه أحد إلا أكبَّه اللّه تعالى على وجهه ما أقاموا الدين) ""أخرجه البخاري عن معاوية رضي اللّه عنه""، ومعناه أنه شرف لهم من حيث أنه أنزل بلغتهم، فهم أفهم الناس له، فينبغي أن يكونوا أقوم الناس به، وأعملهم بمقتضاه، وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخلّص، من المهاجرين السابقين الأولين ومن شابههم وتابعهم، وقيل معناه {وإنه لذكر لك ولقومك} أي لَتذكيرٌ لك ولقومك، وتخصيصهم بالذكر لا ينفي من سواهم، كقوله تعالى: {لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون}، وكقوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، {وسوف تسألون}، أي عن هذا القرآن وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له، وقوله سبحانه وتعالى: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون}؟ أي جميع الرسل دعوا إلى ما دعوت الناس إليه، من عبادة اللّه وحده لا شريك له، ونهوا عن عبادة الأصنام والأنداد، كما قال تعالى:{ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطاغوت}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি