نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة فصلت آية 16
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ

التفسير الميسر فأرسلنا عليهم ريحًا شديدة البرودة عالية الصوت في أيام مشؤومات عليهم؛ لنذيقهم عذاب الذل والهوان في الحياة الدنيا، ولَعذاب الآخرة أشد ذلا وهوانًا، وهم لا يُنْصَرون بمنع العذاب عنهم.

تفسير الجلالين
16 - (فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا) باردة شديدة الصوت بلا مطر (في أيام نحسات) بكسر الحاء وسكونها مشئومات عليهم (لنذيقهم عذاب الخزي) الذل (في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى) أشد (وهم لا ينصرون) بمنعه عنهم

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {فإن أعرضوا} يعني كفار قريش عما تدعوهم إليه يا محمد من الإيمان.
{فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} أي خوفتكم هلاكا مثل هلاك عاد وثمود.
{إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم} يعني من أرسل إليهم وإلى من قبلهم {ألا تعبدوا إلا الله} موضع {أن} نصب بإسقاط الخافض أي بـ {ألا تعبدوا} {قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة} بدل الرسل {فإنا بما أرسلتم به كافرون} من الإنذار والتبشير.
قيل : هذا استهزاء منهم.
وقيل : إقرار منهم بإرسالهم ثم بعده جحود وعناد.
قوله تعالى: {فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق} استكبروا على عباد الله هود ومن آمن معه {وقالوا من أشد منا قوة} اغتروا بأجسامهم حين تهددهم بالعذاب، وقالوا : نحن نقدر على دفع العذاب عن أنفسنا بفضل قوتنا.
وذلك أنهم كانوا ذوي أجسام طوال وخلق عظيم.
وقد مضى في {الأعراف} عن ابن عباس : أن أطولهم كان مائة ذراع وأقصرهم كان ستين ذراعا.
فقال الله تعالى ردا عليهم {أولم يروا أن الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} وقدرة، وإنما يقدر العبد بإقدار الله؛ فالله أقدر إذا.
{وكانوا بآياتنا يجحدون} أي بمعجزاتنا يكفرون.
قوله تعالى: {فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا} هذا تفسير الصاعقة التي أرسلها عليهم، أي ريحا باردة شديدة البرد وشديدة الصوت والهبوب.
ويقال : أصلها صرر من الصر وهو البرد فأبدلوا مكان الراء الوسطى فاء الفعل؛ كقولهم كبكبوا أصله كببوا، وتجفجف الثوب أصله تجفف.
أبو عبيدة : معنى صرصر : شديدة عاصفة.
عكرمة وسعيد بن جبير : شديد البرد.
وأنشد قطرب قول الحطيئة : المطعمون إذا هبت بصرصرة ** والحاملون إذا استودوا على الناس استودوا : إذا سئلوا الدية.
مجاهد : الشديدة السموم.
وروى معمر عن قتادة قال : باردة.
وقاله عطاء؛ لأن {صرصرا} مأخوذ من صر والصر في كلام العرب البرد كما قال : لها عذر كقرون النسا ** ء ركبن في يوم ريح وصر وقال السدي : الشديدة الصوت.
ومنه صر القلم والباب يصر صريرا أي صوت.
ويقال : درهم صري وصري للذي له صوت إذا نقد.
قال ابن السكيت : صرصر يجوز أن يكون من الصر وهو البرد، ويجوز أن يكون من صرير الباب، ومن الصرة وهي الصيحة.
ومنه {فأقبلت امرأته في صرة} [الذاريات : 29].
وصرصر اسم نهر بالعراق.
{في أيام نحسات} أي مشئومات؛ قال مجاهد وقتادة.
كن آخر شوال من يوم الأربعاء إلى يوم الأربعاء وذلك {سبع ليال وثمانية أيام حسوما} [الحاقة : 7] قال ابن عباس : ما عذب قوم إلا في يوم الأربعاء.
وقيل: {نحسات} باردات؛ حكاه النقاش.
وقيل : متتابعات؛ عن ابن عباس وعطية.
الضحاك : شداد.
وقيل : ذات غبار؛ حكاه ابن عيسى.
ومنه قول الراجز : قد اغتدى قبل طلوع الشمس ** للصيد في يوم قليل النحس قال الضحاك وغيره : أمسك الله عنهم المطر ثلاث سنين، ودرت الرياح عليهم في غير مطر، وخرج منهم قوم إلى مكة يستسقون بها للعباد، وكان الناس في ذلك الزمان إذا نزل بهم بلاء أو جهد طلبوا إلى الله تعالى الفرج منه، وكانت طلبتهم ذلك من الله تعالى عند بيته الحرام مكة مسلمهم وكافرهم، فيجتمع بمكة ناس كثير شتي، مختلفة أديانهم، وكلهم معظم لمكة، عارف حرمتها ومكانها من الله تعالى.
وقال جابر بن عبدالله والتيمي : إذا أراد الله بقوم خيرا أرسل عليهم المطر وحبس عنهم كثرة الرياح، وإذا أراد الله بقوم شرا حبس عنهم المطر وسلط عليهم كثرة الرياح.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو {نحسات} بإسكان الحاء على أنه جمع نحس الذي هو مصدر وصف به.
الباقون {نحسات} بكسر الحاء أي ذوات نحس.
ومما يدل على أن النحس مصدر قوله: {في يوم نحس مستمر} [القمر : 19] ولو كان صفة لم يضف اليوم إليه؛ وبهذا كان يحتج أبو عمرو على قراءته؛ واختاره أبو حاتم.
واختار أبو عبيد القراءة الثانية وقال : لا تصح حجة أبي عمرو؛ لأنه أضاف اليوم إلى النحس فأسكن، وإنما كان يكون حجة لو نون اليوم ونعت وأسكن؛ فقال: {في يوم نحس} [القمر : 19] وهذا لم يقرأ به أحد نعلمه.
وقال المهدوي : ولم يسمع في {نحس} إلا الإسكان.
قال الجوهري : وقرئ في قوله: {في يوم نحس} [القمر : 19] على الصفة، والإضافة أكثر وأجود.
وقد نحس الشيء بالكسر فهو نحس أيضا؛ قال الشاعر : أبلغ جذاما ولخما أن إخوتهم ** طيا وبهراء قوم نصرهم نحس ومنه قيل : أيام نحسات.
{لنذيقهم} أي لكي نذيقهم {عذاب الخزي في الحياة الدنيا} أي العذاب بالريح العقيم.
{ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون} أي أعظم وأشد.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بما جئتهم به من الحق، إن أعرضتم عما جئتكم به من عند اللّه تعالى، فإني أنذركم حلول نقمة اللّه بكم، كما حلَّت بالأُمم الماضين من المكذبين بالمرسلين {صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود} أي ومن شاكلهما ممن فعل كفعلهما، {إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم}، كقوله تعالى: {وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه} أي ما أحل اللّه بأعدائه من النقم، وما ألبس أولياءه من النعم، ومع هذا ما آمنوا ولا صدقوا بل كذبوا وجحدوا وقالوا: {لو شاء ربنا لأنزل ملائكة} أي لو أرسل اللّه رسلاً لكانوا ملائكة من عنده {فإنا بما أرسلتم به} أي أيها البشر {كافرون} أي لا نتبعكم وأنتم بشر مثلنا، قال اللّه تعالى: {فأما عاد فاستكبروا في الأرض} أي بغوا وعتوا وعصوا {وقالوا من أشد منا قوة}؟ أي منوا بشدة تركبيهم وقواهم واعتقدوا أنهم يمتنعون بها من بأس اللّه، {أولم يروا أن اللّه الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} أي أفما يتفكرون فيمن يبارزون بالعدواة، فإنه العظيم الذي خلق الأشياء وركب فيها قواها الحاملة لها، وأن بطشه شديد فلهذا قال: {فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً} قال بعضهم: وهي شديدة الهبوب، وقيل الباردة، وقيل: هي التي لها صوت، والحق أنها متصفة بجميع ذلك، فإنها كانت ريحاً شديدة قوية، وكانت باردة شديدة البرد جداً، وكانت ذات صوت مزعج، وقوله تعالى: {في أيام نحسات} أي متتابعات كقوله: {في يوم نحس مستمر} أي ابتُدِئوا بهذا العذاب في يوم نحس عليهم واستمر بهم هذا النحس {سبع ليال وثمانية أيام حسوماً} حتى أبادهم عن آخرهم، واتصل بهم خزي الدنيا بعذاب الآخرة، ولهذا قال: {لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى} أشد خزياً لهم، {وهم لا ينصرون} أي في الأُخرى كما لم ينصروا في الدنيا، وقوله عزَّ وجلَّ: {وأما ثمود فهديناهم} قال ابن عباس: بيّنّا لهم وهو قول سعيد بن جبير وقتادة والسدي وابن زيد ، وقال الثوري: دعوناهم {فاستحبوا العمى على الهدى} أي بصرناهم وبيّنّا لهم ووضَّحنا لهم الحق على لسان نبيّهم صالح عليه الصلاة والسلام، فخالفوه وكذبوه وعقروا ناقة اللّه تعالى التي جعلها آية وعلامة على صدق نبيّهم، {فأخذتهم صاعقة العذاب الهون} أي بعث اللّه عليهم صيحة ورجفة، وذلا وهواناً، وعذاباً ونكالاً {بما كانوا يكسبون} أي من التكذيب والجحود، {ونجينا الذين آمنوا} أي من بين أظهرهم لم يمسهم سوء، ولا نالهم من ذلك ضرر، بل نجاهم اللّه تعالى مع نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام بإيمانهم وتقواهم للّه عزَّ وجلَّ.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি