نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة غافر آية 69
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ

التفسير الميسر ألا تعجب -أيها الرسول- من هؤلاء المكذِّبين بآيات الله يخاصمون فيها، وهي واضحة الدلالة على توحيد الله وقدرته، كيف يعدلون عنها مع صحتها؟ وإلى أيِّ شيء يذهبون بعد البيان التام؟

تفسير الجلالين
69 - (ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله) القرآن (أنى) كيف (يصرفون) عن الإيمان

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون} قال ابن زيد : هم المشركون بدليل قوله: {الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا}.
وقال أكثر المفسرين : نزلت في القدرية.
قال ابن سيرين : إن لم تكن هذه الآية نزلت في القدرية فلا أدري فيمن نزلت.
قال أبو قبيل : لا أحسب المكذبين بالقدر إلا الذين يجادلون الذين آمنوا.
وقال عقبة بن عامر : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (نزلت هذه الآية في القدرية) ذكره المهدوي.
قوله تعالى: {إذ الأغلال في أعناقهم} أي عن قريب يعلمون بطلان ما هم فيه إذا دخلوا النار وغلت أيديهم إلى أعناقهم.
قال التيمي : لوأن غلا من أغلال جهنم وضع على جبل لوهصه حتى يبلغ الماء الأسود.
{والسلاسل يسحبون} بالرفع قراءة العامة عطفا على الأغلال.
قال أبو حاتم: {يسحبون} مستأنف على هذه القراءة.
وقال غيره : هو في موضع نصب على الحال، والتقدير: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل} مسحوبين.
وقرأ ابن عباس وأبو الجوزاء وعكرمة وابن مسعود: {والسلاسل} بالنصب {يَسحبون} بفتح الياء والتقدير في هذه القراءة ويسحبون السلاسل.
قال ابن عباس : إذا كانوا يجرونها فهو أشد عليهم وحكي عن بعضهم {والسلاسل} بالجر ووجهه أنه محمول على المعنى؛ لأن المعنى أعناقهم في الأغلال والسلاسل؛ قال الفراء.
وقال الزجاج : ومن قرأ {والسلاسل يسحبون} بالخفض فالمعنى عنده وفي {السلاسل يسحبون}.
قال ابن الأنباري : والخفض على هذا المعنى غير جائز؛ لأنك إذا قلت زيد في الدار لم يحسن أن تضمر {في} فتقول زيد الدار، ولكن الخفض جائز.
على معنى إذ أعناقهم في الأغلال والسلاسل، فتخفض السلاسل على النسق على تأويل الأغلال؛ لأن الأغلال في تأويل الخفض؛ كما تقول : خاصم عبدالله زيدا العاقلين فتنصب العاقلين.
ويجوز رفعهما؛ لأن أحدهما إذا خاصم صاحبه فقد خاصمه صاحبه؛ أنشد الفراء : قد سالم الحيات منه القدما ** الأفعوان والشجاع الشجعما فنصب الأفعوان على الإتباع للحيات إذا سالمت القدم فقد سالمتها القدم.
فمن نصب السلاسل أو خفضها لم يقف عليها.
{في الحميم} المتناهي في الحر.
وقيل : الصديد المغلي.
{ثم في النار يسجرون} أي يطرحون فيها فيكونون وقودا لها؛ قال مجاهد.
يقال : سجرت التنور أي أوقدته، وسجرته ملأته؛ ومنه {والبحر المسجور} [الطور : 6] أي المملوء.
فالمعنى على هذا تملأ بهم النار وقال الشاعر يصف وعلا : إذا شاء طالع مسجورة ** ترى حولها النبع والسمسما أي عينا مملوءة.
{ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون، من دون الله} وهذا تقريع وتوبيخ.
{قالوا ضلوا عنا} أي هلكوا وذهبوا عنا وتركونا في العذاب؛ من ضل الماء في اللبن أي خفي.
وقيل : أي صاروا بحيث لا نجدهم.
{بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا} أي شيئا لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع.
وليس هذا إنكارا لعبادة الأصنام، بل هو اعتراف بأن عبادتهم الأصنام كانت باطلة؛ قال الله تعالى: {كذلك يضل الله الكافرين} أي كما فعل بهؤلاء من الإضلال يفعل بكل كافر.
قوله تعالى: {ذلكم} أي ذلكم العذاب {بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق} بالمعاصي يقال لهم ذلك توبيخا.
أي إنما نالكم هذا بما كنتم تظهرون في الدنيا من السرور بالمعصية وكثرة المال والأتباع والصحة.
وقيل إن فرحهم بها عندهم أنهم قالوا للرسل : نحن نعلم أنا لا نبعث ولا نعذب.
وكذا قال مجاهد في قوله جل وعز: {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم} [غافر : 83].
{وبما كنتم تمرحون} قال مجاهد وغيره : أي تبطرون وتأشرون.
وقد مضى في {سبحان} بيانه.
وقال الضحاك : الفرح السرور، والمرح العدوان.
وروى خالد عن ثور عن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله يبغض البذخين الفرحين ويحب كل قلب حزين ويبغض أهل بيت لحمين ويبغض كل حبر سمين) فأما أهل بيت لحمين : فالذين يأكلون لحوم الناس بالغيبة.
وأما الحبر السمين : فالمتحبر بعلمه ولا يخبر بعلمه الناس؛ يعني المستكثر من علمه ولا ينتفع به الناس.
ذكره الماوردي.
وقد قيل في اللحمين : أنهم الذين يكثرون أكل اللحم؛ ومنه قول عمر : اتقوا هذه المجازر فإن لها ضراوة كضراوة الخمر؛ ذكره المهدوي.
والأول قول سفيان الثوري.
{ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها} أي يقال لهم ذلك اليوم، وقد قال الله تعالى: {لها سبعة أبواب} [الحجر : 44].
{فبئس مثوى المتكبرين} تقدم جميعه.
قوله تعالى: {فاصبر إن وعد الله حق} هذا تسلية للنبي عليه السلام، أي إنا لننتقم لك منهم إما في حياتك أو في الآخرة.
{فإما نرينك} في موضع جزم بالشرط وما زائدة للتوكيد وكذا النون وزال الجزم وبني الفعل على الفتح.
{أو نتوفينك} عطف عليه {فإلينا يرجعون} الجواب.
قوله تعالى: {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك} عزاه أيضا بما لقيت الرسل من قبل.
{منهم من قصصنا عليك} أي أنبأناك بأخبارهم وما لقوا من قومهم.
{ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية} أي من قبل نفسه {إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله} أي إذا جاء الوقت المسمى لعذابهم أهلكهم الله، وإنما التأخير لإسلام من علم الله إسلامه منهم، ولمن في أصلابهم من المؤمنين.
وقيل : أشار بهذا إلى القتل ببدر.
{قضي بينهم؟؟ بالحق وخسر هنالك المبطلون} أي الذين يتبعون الباطل والشرك.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: ألا تعجب يا محمد من هؤلاء المكذبين بآيات اللّه، ويجادلون في الحق بالباطل، كيف تصرف عقولهم عن الهدى إلى الضلال؟ {الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا} أي من الهدى والبيان {فسوف يعلمون} هذا تهديد شديد، ووعيد أكيد، من الرب جل جلاله لهؤلاء، كما قال تعالى: {ويل يومئذ للمكذبين}، وقوله عزَّ وجلَّ: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل} أي متصلة بالأغلال بأيدي الزبانية يسحبونهم على وجوهم تارة إلى الحميم، وتارة إلى الجحيم، ولهذا قال تعالى: {يسحبون في الحميم، ثم في النار يسجرون}، كما قال تبارك وتعالى: {يطوفون بينها وبين حميم آن}، وقال تعالى: {ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم}، وقال عزَّ وجلَّ: {خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم، ثم صبّوا فوق رأسه من عذاب الحميم، ذق إنك أنت العزيز الكريم} أي يقال لهم ذلك على وجه التقريع والتوبيخ، والتهكم والاستهزاء بهم، وقوله تعالى: {ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون اللّه}؟ أي قيل لهم أين الأصنام التي كنتم تعبدونها من دون اللّه هل ينصرونكم اليوم؟ {قالوا ضلوا عنا} أي ذهبوا فلم ينفعونا، {بل لم نكن ندعوا من قبل شيئاً} أي جحدوا عبادتهم، كقوله جلَّت عظمته: {ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا واللّه ربنا ما كنا مشركين}، ولهذا قال عزَّ وجلَّ: {كذلك يضل اللّه الكافرين}، وقوله: {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون} أي تقول لهم الملائكة: هذا الذي أنتم فيه جزاء على فرحكم في الدنيا بغير الحق، ومرحكم وأشركم وبطركم، {ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين}، أي فبئس المنزل والمقيل الذي فيه الهوان والعذاب الشديد، لمن استكبر عن آيات اللّه، واتباع دلائله وحججه، واللّه أعلم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি