نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة ص آية 20
وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ

التفسير الميسر وقوَّينا له ملكه بالهيبة والقوة والنصر، وآتيناه النبوة، والفصل في الكلام والحكم.

تفسير الجلالين
20 - (وشددنا ملكه) قويناه بالحرس والجنود وكان يحرس محرابه في كل ليلة ثلاثون ألف رجل (وآتيناه الحكمة) النبوة والإصابة في الأمور (وفصل الخطاب) البيان الشافي في كل قصد

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {والطير محشورة} معطوف على الجبال.
قال الفراء : ولو قرئ: {والطير محشورة} لجاز؛ لأنه لم يظهر الفعل.
قال ابن عباس : كان داود عليه السلام إذا سبح جاوبته الجبال واجتمعت إليه الطير فسبحت معه.
فاجتماعها إليه حشرها.
فالمعنى وسخرنا الطير مجموعة إليه لتسبح الله معه.
وقيل : أي وسخرنا الريح لتحشر الطيور إليه لتسبح معه.
أو أمرنا الملائكة تحشر الطيور.
{كل له} أي لداود {أواب} أي مطيع؛ أي تأتيه وتسبح معه.
وقيل : الهاء لله عز وجل.
قوله تعالى: {وشددنا ملكه} أي قويناه حتى ثبت.
قيل : بالهيبة وإلقاء الرعب منه في القلوب.
وقيل : بكثرة الجنود.
وقيل : بالتأييد والنصر.
وهذا اختيار ابن العربي.
فلا ينفع الجيش الكثير التفافه على غير منصور وغير معان.
وقال ابن عباس رضي الله عنه : كان داود أشد ملوك الأرض سلطانا.
كان يحرس محرابه كل ليلة نيف وثلاثون ألف رجل فإذا أصبح قيل : ارجعوا فقد رضي عنكم نبي الله.
والملك عبارة عن كثرة الملك، فقد يكون للرجل ملك ولكن لا يكون ملكا حتى يكثر ذلك؛ فلو ملك الرجل دارا وامرأة لم يكن ملكا حتى يكون له خادم يكفيه مؤنة التصرف في المنافع التي يفتقر إليها لضرورته الآدمية.
وقد مضى هذا المعنى في {براءة} وحقيقة الملك في {النمل} مستوفى.
قوله تعالى: {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: {وآتيناه الحكمة} أي النبوة؛ قال السدي.
مجاهد : العدل.
أبو العالية : العلم بكتاب الله تعالى.
قتادة : السنة.
شريح : العلم والفقه.
{وفصل الخطاب} قال أبو عبدالرحمن السلمي وقتادة : يعني الفصل في القضاء.
وهو قول ابن مسعود والحسن والكلبي ومقاتل.
وقال ابن عباس : بيان الكلام.
علي بن أبي طالب : هو البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
وقاله شريح والشعبي وقتادة أيضا.
وقال أبو موسى الأشعري والشعبي أيضا : هو قوله أما بعد، وهو أول من تكلم بها.
وقيل: {فصل الخطاب} البيان الفاصل بين الحق والباطل.
وقيل : هو الإيجاز بجعل المعنى الكثير في اللفظ القليل.
والمعنى في هذه الأقوال متقارب.
وقول علي رضي الله عنه يجمعه؛ لأن مدار الحكم عليه في القضاء ما عدا قول أبي موسى.
الثانية: قال القاضي أبو بكر بن العربي : فأما علم القضاء فلعمر إلهك إنه لنوع من العلم مجرد، وفصل منه مؤكد، غير معرفة الأحكام والبصر بالحلال والحرام؛ ففي الحديث : (أقضاكم علي وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل).
وقد يكون الرجل بصيرا بأحكام الأفعال، عارفا بالحلال والحرام، ولا يقوم بفصل القضاء.
يروى أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن حفر قوم زبية للأسد؛ فوقع فيها الأسد؛ وازدحم الناس على الزبية فوقع فيها رجل وتعلق بآخر، وتعلق الآخر بآخر، حتى صاروا أربعة، فجرحهم الأسد فيها فهلكوا، وحمل القوم السلاح وكاد يكون بينهم قتال؛ قال فأتيتهم فقلت : أتقتلون مائتي رجل من أجل أربعة أناس! تعالوا أقض بينكم بقضاء؛ فإن رضيتموه فهو قضاء بينكم، وإن أبيتم رفعتم ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أحق بالقضاء.
فجعل للأول ربع الدية، وجحل للثاني ثلث الدية، وجعل للثالث نصف الدية، وجعل للرابع الدية، وجعل الديات على حفر الزبية على قبائل الأربعة؛ فسخط بعضهم ورضي بعضهم، ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصوا عليه القصة؛ فقال : (أنا أقضي بينكم) فقال قائل : إن عليا قد قضى بيننا.
فأخبروه بما قضى علي؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (القضاء كما قضى علي) في رواية : فأمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاء علي.
وكذلك يروى في المعرفة بالقضاء أن أبا حنيفة جاء إليه رجل فقال : إن ابن أبي ليلى - وكان قاضيا بالكوفة - جلد امرأة مجنونة قالت لرجل يا ابن الزانيين حدين في المسجد وهي قائمة.
فقال : أخطأ من ستة أوجه.
قال ابن العربي : وهذا الذي قال أبو حنيفة بالبديهة لا يدركه أحد بالرؤية إلا العلماء.
فأما قضية علي فلا يدركها الشادي، ولا يلحقها بعد التمرن في الأحكام إلا العاكف المتمادي.
وتحقيقها أن هؤلاء الأربعة المقتولين خطأ بالتدافع على الحفرة من الحاضرين عليها، فلهم الديات على من حضر على وجه الخطأ، بيد أن الأول مقتول بالمدافعة قاتل ثلاثة بالمجاذبة، فله الدية بما قُتِل، وعليه ثلاثة أرباع الدية بالثلاثة الذين قتلهم.
وأما الثاني فله ثلث الدية وعليه الثلثان بالاثنين اللذين قتلهما بالمجاذبة.
وأما الثالث فله نصف الدية وعليه النصف؛ لأنه قتل واحدا بالمجاذبة فوقعت المحاصة وغرمت العواقل هذا التقدير بعد القصاص الجاري فيه.
وهذا من بديع الاستنباط.
وأما أبو حنيفة فإنه نظر إلى المعاني المتعلقة فرآها ستة : الأول أن المجنون لا حد عليه؛ لأن الجنون يسقط التكليف.
وهذا إذا كان القذف في حالة الجنون، وأما إذا كان يجن مرة ويفيق أخرى فإنه يحد بالقذف في حالة إفاقته.
والثاني قولها يا ابن الزانيين فجلدها حدين لكل أب حد، فإنما خطأه أبو حنيفة على مذهبه في أن حد القذف يتداخل، لأنه عنده حق لله تعالى كحد الخمر والزنى، وأما الشافعي ومالك فإنهما يريان أن الحد بالقذف حق للآدمي، فيتعدد بتعدد المقذوف.
الثالث أنه جلد بغير مطالبة المقذوف، ولا تجوز إقامة حد القذف بإجماع من الأمة إلا بعد المطالبة بإقامته ممن يقول إنه حق لله تعالى، ومن يقول إنه حق الآدمي.
وبهذا المعنى وقع الاحتجاج لمن يرى أنه حق للآدمي؛ إذ لو كان حقا لله لما توقف على المطالبة كحد الزنى.
الرابع أنه والى بين الحدين، ومن وجب عليه حدان لم يوال بينهما، بل يحد لأحدهما ثم يترك حتى يندمل الضرب، أو يستبل المضروب ثم يقام عليه الحد الآخر.
الخامس أنه حدها قائمة، ولا تحد المرأة إلا جالسة مستورة، قال بعض الناس : في زنبيل.
السادس أنه أقام الحد في المسجد ولا تقام الحدود فيه إجماعا.
وفي القضاء في المسجد والتعزير فيه خلاف.
قال القاضي : فهذا هو فصل الخطاب وعلم القضاء، الذي وقعت الإشارة إليه على أحد التأويلات في الحديث المروي (أقضاكم علي).
وأما من قال : إنه الإيجاز فذلك للعرب دون العجم، ولمحمد صلى الله عليه وسلم دون العرب؛ وقد بين هذا بقوله : (وأوتيت جوامع الكلم).
وأما من قال : إنه قوله أما بعد؛ فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته : (أما بعد).
ويروى أن أول من قالها في الجاهلية سحبان بن وائل، وهو أول من آمن بالبعث، وأول من توكأ على عصا، وعمر مائة وثمانين سنة.
ولو صح أن داود عليه السلام قالها، لم يكن ذلك منه بالعربية على هذا النظم، وإنما كان بلسانه.
والله أعلم.

تفسير ابن كثير يذكر تعالى عن عبده ورسوله داود عليه الصلاة والسلام أنه كان ذا أيد، والأيد القوة في العلم والعمل، قال ابن عباس: الأيد القوة، وقرأ ابن زيد: {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون} وقال مجاهد: الأيد، القوة في الطاعة. وقال قتادة: أعطي داود عليه الصلاة والسلام قوة في العبادة وفقهاً في الإسلام، وقد ذكر لنا أنه عليه الصلاة والسلام كان يقوم ثلث الليل، ويصوم نصف الدهر، وهذا ثابت في الصحيحين عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (أحب الصلاة إلى اللّه تعالى صلاة داود، وأحب الصيام إلى اللّه عزَّ وجلَّ صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ولا يفر إذا لاقى" أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة" "وأنه كان أوَّاباً وهو الرَّجاع إلى اللّه عزَّ وجلَّ في جميع أموره وشؤونه، وقوله تعالى: {إنا سخرنا الجبال معه يسبَّحن بالعشي والإشراق} أي أنه تعالى سخر الجبال تسبّح معه عند إشراق الشمس وآخر النهار، كما قال عزَّ وجلَّ: {يا جبال أوبي معه والطير وكذلك كانت الطير تسبح بتسبيحه وترجّع بترجيعه، إذا مر به الطير وهو سابح في الهواء، فسمعه وهو يترنم بقراءة الزبور لا يستطيع الذهاب بل يقف في الهواء، ويسبح معه وتجيبه الجبال الشامخات ترجّع معه وتسبح تبعاً له. ولهذا قال عزَّ وجلَّ: {والطير محشورة} أي محبوسة في الهواء، {كل له أواب} أي مطيع يسبح تبعاً له، قال سعيد بن جبير وقتادة {كل له أواب} أي مطيع، وقوله تعالى: {وشددنا ملكه} أي جعلنا له ملكاً كاملاً من جميع ما يحتاج إليه الملوك، قال مجاهد: كان أشد أهل الدنيا سلطاناً، وقال السدي: كان يحرسه كل يوم أربعة آلاف، وقوله جلَّ وعلا: {وآتيناه الحكمة} قال مجاهد: يعني الفهم والعقل والفطنة، وعنه: {الحكمة} العدل، وقال قتادة: كتاب اللّه واتباع ما فيه، وقال السدي: {الحكمة} النبوة، وقوله جلَّ جلاله: {وفصل الخطاب}. قال شريح القاضي والشعبي: فصل الخطاب: الشهود والأيمان، وقال قتادة: شاهدان على المدعي أو يمين المدعى عليه، وقال مجاهد والسدي: هو إصابة القضاء وفهم ذلك، وقال مجاهد أيضاً: هو الفصل في الكلام وفي الحكم، وهذا يشمل كل ذلك، وهو المراد واختاره ابن جرير، وعن أبي موسى رضي اللّه عنه، أول من قال: أما بعد داود عليه السلام، وهو فصل الخطاب، وكذا قال الشعبي: فصل الخطاب: أما بعد.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি