نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة ص آية 7
مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ

التفسير الميسر وانطلق رؤساء القوم وكبراؤهم يحرِّضون قومهم على الاستمرار على الشرك والصبر على تعدد الآلهة، ويقولون إن ما جاء به هذا الرسول شيء مدبَّر يقصد منه الرئاسة والسيادة، ما سمعنا بما يدعو إليه في دين آبائنا من قريش، ولا في النصرانية، ما هذا إلا كذب وافتراء.

تفسير الجلالين
7 - (ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة) ملة عيسى (إن) ما (هذا إلا اختلاق) كذب

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {وانطلق الملأ منهم أن امشوا} {الملأ} الأشراف، والانطلاق الذهاب بسرعة؛ أي انطلق هؤلاء الكافرون من عند الرسول عليه السلام يقول بعضهم لبعض {أن امشوا} أي امضوا على ما كنتم عليه ولا تدخلوا في دينه.
{واصبروا على آلهتكم} وقيل : هو إشارة إلى مشيهم إلى أبي طالب في مرضه كما سبق.
وفي رواية محمد بن إسحاق أنهم أبو جهل بن هشام، وشيبة وعتبة أبناء ربيعة بن عبد شمس، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، وأبو معيط؛ وجاءوا إلى أبي طالب فقالوا : أنت سيدنا وأنصفنا في أنفسنا، فاكفنا أمر ابن أخيك وسفهاء معه، فقد تركوا آلهتنا وطعنوا في ديننا؛ فأرسل أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : إن قومك يدعونك إلى السواء والنصفة.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إنما أدعوهم إلى كلمة واحدة) فقال أبو جهل وعشرا.
قال : (تقولون لا إله إلا الله) فقاموا وقالوا: {أجعل الآلهة إلها واحد} الآيات.
{أن امشوا} {أن} في موضع نصب والمعنى بأن امشوا.
وقيل: {أن} بمعنى أي؛ أي {وانطلق الملأ منهم} أي امشوا؛ وهذا تفسير انطلاقهم لا أنهم تكلموا بهذا اللفظ.
وقيل : المعنى انطلق الأشراف منهم فقالوا للعوام: {امشوا واصبروا على آلهتكم} أي على عبادة آلهتكم.
{إن هذا} أي هذا الذي جاء به محمد عليه السلام {لشيء يراد} أي يراد بأهل الأرض من زوال نعم قوم وغِيَر تنزل بهم.
وقيل: {إن هذا لشيء يراد} كلمة تحذير؛ أي إنما يريد محمد بما يقول الانقياد له ليعلو علينا، ونكون له أتباعا فيتحكم فينا بما يريد، فاحذروا أن تطيعوه.
وقال مقاتل : إن عمر لما أسلم وقوي به الإسلام شق ذلك على قريش فقالوا : إن إسلام عمر في قوة الإسلام لشيء يراد.
قوله تعالى: {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال ابن عباس والقرظي وقتادة ومقاتل والكلبي والسدي : يعنون ملة عيسى النصرانية وهي آخر الملل.
والنصارى يجعلون مع الله إلها.
وقال مجاهد وقتادة أيضا : يعنون ملة قريش.
وقال الحسن : ما سمعنا أن هذا يكون في آخر الزمان.
وقيل : أي ما سمعنا من أهل الكتاب أن محمدا رسول حق.
{إن هذا إلا اختلاق} أي كذب وتخرص؛ عن ابن عباس وغيره.
يقال : خلق واختلق أي ابتدع.
وخلق الله عز وجل الخلق من هذا؛ أي ابتدعهم على غير مثال.
قوله تعالى: {أؤنزل عليه الذكر من بيننا} هو استفهام إنكار، والذكر ها هنا القرآن.
أنكروا اختصاصه بالوحي من بينهم.
{بل هم في شك من ذكري} أي من وحيي وهو القرآن.
أي قد علموا أنك لم تزل صدوقا فيما بينهم، وإنما شكوا فيما أنزلته عليك هل هو من عندي أم لا.
{بل لما يذوقوا عذاب} أي إنما اغتروا بطول الإمهال، ولو ذاقوا عذابي على الشرك لزال عنهم الشك، ولما قالوا ذلك؛ ولكن لا ينفع الإيمان حينئذ.
و{لما} بمعنى لم وما زائدة كقوله: {عما قليل} المؤمنون : 40] وقوله: {فبما نقضهم ميثاقهم} [النساء : 155].
قوله تعالى: {أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب} قيل : أم لهم هذا فيمنعوا محمدا عليه السلام مما أنعم الله عز وجل به عليه من النبوة.
و{أم} قد ترد بمعنى التقريع إذا كان الكلام متصلا بكلام قبله؛ كقوله تعالى: {الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه} [السجدة : 1] وقد قيل إن قوله: {أم عندهم خزائن رحمة ربك} متصل بقوله: {وعجبوا أن جاءهم منذر منهم} [ص : 4] فالمعنى أن الله عز وجل يرسل من يشاء؛ لأن خزائن السموات والأرض له {أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما} أي فإن ادعوا ذلك {فليرتقوا في الأسباب} قوله تعالى: {فليرتقوا في الأسباب} أي فليصعدوا إلى السموات، وليمنعوا الملائكة من إنزال الوحي على محمد.
يقال : رقي يرقى وارتقى إذا صعد.
ورقى يرقي رقيا مثل رمى يرمي رميا من الرقية.
قال الربيع بن أنس : الأسباب أرق من الشعر وأشد من الحديد ولكن لا ترى.
والسبب في اللغة كل ما يوصل به إلى المطلوب من حبل أو غيره.
وقيل : الأسباب أبواب السموات التي تنزل الملائكة منها؛ قاله مجاهد وقتادة.
قال زهير : ولو رام أسباب السماء بسلم وقيل : الأسباب السموات نفسها؛ أي فليصعدوا سماء سماء.
وقال السدي: {في الأسباب} في الفضل والدين.
وقيل : أي فليعلوا في أسباب القوة إن ظنوا أنها مانعة.
وهو معنى قول أبي عبيدة.
وقيل : الأسباب الحبال؛ يعني إن وجدوا حبلا أو سببا يصعدون فيه إلى السماء فليرتقوا؛ وهذا أمر توبيخ وتعجيز.
ثم وعد نبيه صلى النصر عليهم فقال: {جند ما هنالك} {ما} صلة وتقديره هم جند، فـ {جند} خبر ابتداء محذوف.
{مهزوم} أي مقموع ذليل قد انقطعت حجتهم؛ لأنهم لا يصلون إلى أن يقولوا هذا لنا.
ويقال : تهزمت القربة إذا انكسرت، وهزمت الجيش كسرته.
والكلام مرتبط بما قبل؛ أي{بل الذين كفروا في عزة وشقاق} وهم جند من الأحزاب مهزومون، فلا تغمك عزتهم وشقاقهم، فإني أهزم جمعهم وأسلب عزهم.
وهذا تأنيس للنبي صلى الله عليه وسلم؛ وقد فعل بهم هذا في يوم بدر.
قال قتادة : وعد الله أنه سيهزمهم وهم بمكة فجاء تأويلها يوم بدر.
و{هنالك} إشارة لبدر وهو موضع تحزبهم لقتال محمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل : المراد بالأحزاب الذين أتوا المدينة وتحزبوا على النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد مضى ذلك في {الأحزاب}.
والأحزاب الجند، كما يقال : جند من قبائل شتى.
وقيل : أراد بالأحزاب القرون الماضية من الكفار.
أي هؤلاء جند على طريقة أولئك كقوله تعالى: {فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني: {البقرة : 249] أي على ديني ومذهبي.
وقال الفراء : المعنى هم جند مغلوب؛ أي ممنوع عن أن يصعد إلى السماء.
وقال القتبي : يعني أنهم جند لهذه الآلهة مهزوم، فهم لا يقدرون على أن يدعوا لشيء من آلهتهم، ولا لأنفسهم شيئا من خزائن رحمة الله، ولا من ملك السموات والأرض.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن المشركين في تعجبهم من بعثة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بشيراً ونذيراً، كما قال عزَّ وجلَّ: {أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس} الآية، وقال جلَّ وعلا ههنا: {وعجبوا أن جاءهم منذر منهم} أي بشر مثلهم، وقال الكافرون {هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلهاً واحداً} أي أزعم أن المعبود واحد لا إله إلا هو؟ أنكر المشركون ذلك قبحهم اللّه تعالى وتعجبوا من ترك الشرك باللّه، فإنهم كانوا قد تلقوا عن آبائهم عبادة الأوثان وأشربته قلووبهم، فلما دعاهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى خلع ذلك من قلوبهم وإفراد الإله بالوحدانية، أعظموا ذلك وتعجبوا، وقالوا: {أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب وانطلق الملأ منهم} وهم سادتهم وقادتهم ورؤساؤهم وكبراؤهم قائلين {امشوا} أي استمروا على دينكم، {واصبروا على آلهتكم}، ولا تستجيبوا لما يدعوكم إليه محمد من التوحيد، وقوله تعالى {إن هذا لشيء يراد} قال ابن جرير: إن هذا الذي يدعونا إليه محمد صلى اللّه عليه وسلم من التوحيد لشيء يريد به الشرف عليكم والاستعلاء، وأن يكون له منكم أتباع ولسنا نجيبه إليه. ذكر سبب نزول هذه الآيات الكريمات. روى ابن جرير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويفعل ويفعل ويقول ويقول، فلو بعثت إليه فنهيته، فبعث إليه، فجاء النبي صلى اللّه عليه وسلم، فدخل البيت، وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجُل، قال: فخشي أبو جهل، لعنه اللّه، إن جلس إلى جنب أبي طالب أن يكون أرق له عليه، فوثب فجلس في ذلك المجلس، ولم يجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مجلساً قرب عمه، فجلس عند الباب، فقال له أبو طالب: أي ابن أخي، ما بال قومك يشكونك ويزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول؟ قال: وأكثروا عليه من القول، وتكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: (يا عم، إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية، ففزعوا لكلمته ولقوله، فقال القوم: كلمة واحدة نعم وأبيك عشراً أي نعطيك بدل الكلمة الواحدة عشر كلمات ، فقالوا: وما هي؟ وقال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي؟ قال صلى اللّه عليه وسلم: (لا إله إلا اللّه)، فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم، وهم يقولون: {أجعل الآلهة إلهاً واحداً! إن هذا لشيء عجاب} ونزلت من هذا الموضع إلى قوله: {بل لما يذوقوا عذاب} "أخرجه ابن جرير ورواه أحمد والنسائي والترمذي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما" وقولهم: {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} أي ما سمعنا بهذا الذي يدعونا إليه محمد من التوحيد في الملة الآخرة، قال مجاهد وقتادة: يعنون دين قريش، وقال السدي: يعنون النصرانية، وقال ابن عباس: {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} يعني دين النصرانية، قالوا: لو كان هذا القرآن حقاً لأخبرتنا به النصارى {إن هذا إلا اختلاق} قال مجاهد: كذب، وقال ابن عباس: تخرص، وقولهم: {أأنزل عليه الذكر من بيننا} يعني أنهم يستبعدون تخصيصه بإنزال القرآن عليه من بينهم كما قال في الآية الأخرى: {لولا نزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم}، ولهذا لما قالوا هذا الذي دل على جهلهم وقلة عقلهم، في استبعادهم إنزال القرآن على الرسول من بينهم، قال اللّه تعالى: {بل لَّما يذوقوا عذاب} أي إنما يقولون هذا، لأنهم ما ذاقوا عذاب اللّه تعالى ونقمته، وسيعلمون غِبَّ ما قالوا وما كذبوا به. ثم قال تعالى مبيناً أنه المتصرف في ملكه، الفعال لما يشاء، الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وينزل الروح من أمره على من يشاء من عباده، وأنَّ العباد لا يملكون شيئاً من الأمر وليس إليهم من التصرف في الملك ولا مثقال ذرة، ولهذا قال تعالى منكراً عليهم: {أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب} أي العزيز الذي لا يرام جنابه، الوهاب الذي يعطي ما يريد لمن يريد، وهذه الآية الكريمة شبيهة بقوله تعالى: {أم لهم نصيب من الملك فإذاً لا يؤتون الناس نقيراً أم يحسدون الناس على ما آتاهم اللّه من فضله} الآية، كما أخبر عزَّ وجلَّ عن قوم صالح عليه السلام حين قالوا: {أألقي الذكر عليه من بيننا، بل هو كذاب أشر سيعلمون غداً من الكذاب الأشر} وقوله تعالى: {أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب} أي إن كان لهم ذلك فليصعدوا في الأسباب، قال ابن عباس: يعني طرق السماء، وقال الضحاك: فليصعدوا إلى السماء السابعة، ثم قال عزَّ وجلَّ: {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} أي هؤلاء الجند المكذبون سيهزمون ويغلبون، ويكبتون كما كبت الذين من قبلهم من الأحزاب المكذبين، وهذه الآية كقوله جلَّت عظمته: {أم يقولون نحن جميع منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر} كان ذلك يوم بدر {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি