نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة فاطر آية 20
وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ

التفسير الميسر وما يستوي الأعمى عن دين الله، والبصير الذي أبصر طريق الحق واتبعه، وما تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان، ولا الظل ولا الريح الحارة، وما يستوي أحياء القلوب بالإيمان، وأموات القلوب بالكفر. إن الله يسمع مَن يشاء سماع فَهْم وقَبول، وما أنت -أيها الرسول- بمسمع مَن في القبور، فكما لا تُسمع الموتى في قبورهم فكذلك لا تُسمع هؤلاء الكفار لموت قلوبهم، إن أنت إلا نذير لهم غضب الله وعقابه. إنا أرسلناك بالحق، وهو الإيمان بالله وشرائع الدين، مبشرًا بالجنة مَن صدَّقك وعمل بهديك، ومحذرًا مَن كذَّبك وعصاك النار. وما من أمة من الأمم إلا جاءها نذير يحذرها عاقبة كفرها وضلالها.

تفسير الجلالين
20 - (ولا الظلمات) الكفر (ولا النور) الإيمان

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {وما يستوي الأعمى والبصير} أي الكافر والمؤمن والجاهل والعالم.
مثل: {قل لا يستوي الخبيث والطيب} المائدة : 100].
{ولا الظلمات ولا النور} قال الأخفش سعيد "لا" زائدة؛ والمعنى ولا الظلمات والنور، ولا الظل والحرور.
قال الأخفش : والحرور لا يكون إلا مع شمس النهار، والسموم يكون بالليل، أو قيل بالعكس.
وقال رؤبة بن العجاج : الحرور تكون بالنهار خاصة، والسموم يكون بالليل خاصة، حكاه المهدوي.
وقال الفراء : السموم لا يكون إلا بالنهار، والحرور يكون فيهما.
النحاس : وهذا أصح؛ لأن الحرور فعول من الحر، وفيه معنى التكثير، أي الحر المؤذي.
قلت : وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (قالت النار رب أكل بعضي بعضا فأذن لي أتنفس فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فما وجدتم من برد أو زمهرير فمن نفس جهنم وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم).
وروي من حديث الزهري عن سعيد عن أبي هريرة : (فما تجدون من الحر فمن سمومها وشدة ما تجدون من البرد فمن زمهريرها) وهذا يجمع تلك الأقوال، وأن السموم والحرور يكون بالليل والنهار؛ فتأمله.
وقيل : المراد بالظل والحرور الجنة والنار؛ فالجنة ذات ظل دائم، كما قال تعالى: {أكلها دائم وظلها} الرعد : 35] والنار ذات حرور، وقال معناه الذي.
وقال ابن عباس : أي ظل الليل، وحر السموم بالنهار.
قطرب : الحرور الحر، والظل البرد.
قوله تعالى: {وما يستوي الأحياء ولا الأموات} قال ابن قتيبة : الأحياء العقلاء، والأموات الجهال.
قال قتادة : هذه كلها أمثال؛ أي كما لا تستوي هذه الأشياء كذلك لا يستوي الكافر والمؤمن.
{إن الله يسمع من يشاء} أي يسمع أولياءه الذين خلقهم لجنته.
{وما أنت بمسمع من في القبور} أي الكفار الذين أمات الكفر قلوبهم؛ أي كما لا تسمع من مات، كذلك لا تسمع من مات قلبه.
وقرأ الحسن وعيسى الثقفي وعمرو بن ميمون: "بمسمع من في القبور" بحذف التنوين تخفيفا؛ أي هم بمنزلة أهل القبور في أنهم لا ينتفعون بما يسمعونه ولا يقبلونه.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة كالأعمى والبصير، لا يستويان بل بينهما فرق وبون كثير، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور، كذلك لا تستوي الأحياء ولا الأموات، وهذا مثل ضربه اللّه تعالى للمؤمنين وهم الأحياء، وللكافرين وهم الأموات، كقوله تعالى: {أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}. وقال عزَّ وجلَّ: {مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلاً}؟ فالمؤمن بصير سميع في نور يمشي على صراط مستقيم، في الدنيا والآخرة حتى يستقر به الحال في الجنات ذات الظلال والعيون، والكافر أعمى وأصم في ظلمات يمشي لا خروج له منها، بل هو يتيه في غيه وضلاله في الدنيا والآخرة، حتى يفضي به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم {وظل من يحموم لا بارد ولا كريم}، وقوله تعالى: {إن اللّه يسمع من يشاء} أي يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها {وما أنت بمسمع من في القبور} أي كما لا ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم وهم كفار بالهداية والدعوة إليها، كذلك هؤلاء المشركون الذين كتب عليهم الشقاوة لا حيلة لك فيهم، ولا تستطيع هدايتهم {إن أنت إلا نذير}، أي إنما عليك البلاغ والإنذار واللّه يضل من يشاء ويهدي من يشاء، {إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً} أي بشيراً للمؤمنين ونذيراً للكافرين، {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} أي وما من أمة خلت من بني آدم إلا وقد بعث اللّه تعالى إليهم النذر وأزاح عنهم العلل، كما قال تعالى: {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد}، وكما قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطاغوت} الآية، والآيات في هذا كثيرة. وقوله تبارك وتعالى: {وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات} وهي المعجزات الباهرات والأدلة القاطعات، {وبالزبر} وهي الكتب، {وبالكتاب المنير} أي الواضح البين، {ثم أخذت الذين كفروا}، أي ومع هذا كله كذب أولئك رسلهم فيما جاءوهم به فأخذتهم أي بالعقاب والنكال، {فكيف كان نكير} أي فكيف رأيت إنكاري عليهم عظيماً شديداً بليغاً؟ واللّه أعلم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি