نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة سبأ آية 17
ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ

التفسير الميسر فأعرضوا عن أمر الله وشكره وكذبوا الرسل، فأرسلنا عليهم السيل الجارف الشديد الذي خرَّب السد وأغرق البساتين، وبدَّلناهم بجنتيهم المثمرتين جنتين ذواتَيْ أكل خمط، وهو الثمر المر الكريه الطعم، وأثْل وهو شجر شبيه بالطَّرْفاء لا ثمر له، وقليل من شجر النَّبْق كثير الشوك. ذلك التبديل من خير إلى شر بسبب كفرهم، وعدم شكرهم نِعَمَ الله، وما نعاقب بهذا العقاب الشديد إلا الجَحود المبالغ في الكفر، يجازى بفعله مثلا بمثل.

تفسير الجلالين
17 - (ذلك) التبديل (جزيناهم بما كفروا) بكفرهم (وهل نجازي إلا الكفور) بالياء والنون مع كسر الزاي ونصب الكفور أي ما يناقش إلا هو

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {ذلك جزيناهم بما كفروا} أي هذا التبديل جزاء كفرهم.
وموضع "ذلك" نصب؛ أي جزيناهم ذلك بكفرهم.
{وهل يجازى إلا الكفور} قراءة العامة "يجازى" بياء مضمومة وزاي مفتوحة، "الكفور" رفعا على ما لم يسم فاعله.
وقرأ يعقوب وحفص وحمزة والكسائي: "نجازي" بالنون وكسر الزاي، "الكفور" بالنصب، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، قالا : لأن قبله "جزيناهم" ولم يقل جوزوا.
النحاس : والأمر في هذا واسع، والمعنى فيه بين، ولو قال قائل : خلق الله تعالى آدم صلى الله عليه وسلم من طين، وقال آخر : خلق آدم من طين، لكان المعنى واحدا.
مسألة : في هذه الآية سؤال ليس في هذه السورة أشد منه، وهو أن يقال : لم خص الله تعالى المجازاة بالكفور ولم يذكر أصحاب المعاصي؟ فتكلم العلماء في هذا؛ فقال قوم : ليس يجازى بهذا الجزاء الذي هو الإصطلام والإهلاك إلا من كفر.
وقال مجاهد : يجازى بمعنى يعاقب؛ وذلك أن المؤمن يكفر الله تعالى عنه سيئاته، والكافر يجازى بكل سوء عمله؛ فالمؤمن يجزى ولا يجازى لأنه يئاب.
وقال طاوس : هو المناقشة في الحساب، وأما المؤمن فلا يناقش الحساب.
وقال قطرب خلاف هذا، فجعلها في أهل المعاصي غير الكفار، وقال : المعنى على من كفر بالنعم وعمل بالكبائر.
النحاس : وأولى ما قيل في هذه الآية وأجل ما روي فيها : أن الحسن قال مثلا بمثل.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من حوسب هلك) فقلت : يا نبي الله، فأين قوله جل وعز: {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} الإنشقاق : 8]؟ قال : (إنما ذلك العرض ومن نوقش الحساب هلك).
وهذا إسناد صحيح، وشرحه : أن الكافر يكافأ على أعماله ويحاسب عليها ويحبط ما عمل من خير؛ ويبين هذا قوله تعالى في الأول: {ذلك جزيناهم بما كفروا} وفي الثاني : "وهل يجازى إلا الكفور" ومعنى "يجازى" : يكافأ بكل عمل عمله، ومعنى "جزيناهم".
وفيناهم؛ فهذا حقيقة اللغة، وإن كان "جازى" يقع بمعنى "جزى".
مجازا.

تفسير ابن كثير كانت سبأ ملوك اليمن وأهلها، وكانوا في نعمة وغبطة في بلادهم وعيشهم، واتساع أرزاقهم وزروعهم وثمارهم، وبعث اللّه تبارك وتعالى إليهم الرسل تأمرهم أن يأكلوا من رزقه ويشكروه بتوحيده وعبادته، فكانوا كذلك ما شاء اللّه تعالى، ثم أعرضوا عما أمروا به، فعوقبوا بإرسال السيل والتفرق في البلاد أيدي سبأ شذر مذر، كما سيأتي قريباً، روى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن وعلة قال: سمعت ابن عباس يقول: إن رجلاً سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن سبأ ما هو أرجل أم امرأة أم أرض؟ قال صلى اللّه عليه وسلم: (بل هو رجل ولد له عشرة، فسكن اليمن منهم ستة، والشام منهم أربعة، فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير، وأما الشامية فلخم وجذام وعاملة وغسان) ""رواه الإمام أحمد وابن جرير والترمذي وقال: حسن غريب، قال ابن كثير: ورواه ابن عبد البر عن تميم الداري مرفوعاً فذكر مثله فقوي هذا الحديث وحسن""، قال علماء النسب: اسم سبأ عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان وإنما سمي سبأ، لأنه أول من سبأ في العرب، ومعنى قوله صلى اللّه عليه وسلم: (كان رجلاً من العرب) يعني من سلالة الخليل عليه السلام، وفي صحيح البخاري أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مر بنفر من أسلم ينتضلون فقال: (ارموا بني إسرائيل فإن أباكم كان رامياً) ""أخرجه البخاري""، فأسلم قبيلة من الأنصار والأنصار أوسها وخزرجها من غسان من عرب اليمن من سبأ، نزلوا بيثرب لما تفرقت سبأ في البلاد حين بعث اللّه عزَّ وجلَّ عليهم سيل العرم، ونزلت طائفة منهم بالشام، وإنما قيل لهم غسان بماء نزلوا عليه قريب من المشلل، كما قال حسان بن ثابت رضي اللّه عنه: إما سألت عنا فنحن معشر نجب ** الأزد نسبتنا والماء غسان ومعنى قوله صلى اللّه عليه وسلم: (ولد له عشرة) أي كان من نسله هؤلاء العشرة الذين يرجع إليهم أصول القبائل من عرب اليمن، لا أنهم ولدوا من صلبه، بل منهم من بينه وبينه الأبوان والثلاثة والأقل والأكثر كما هو مقرر مبين في مواضعه من كتب النسب، ومعنى قوله صلى اللّه عليه وسلم: (فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة) أي بعدما أرسل اللّه تعالى عليهم سيل العرم، منهم من أقام ببلادهم، ومنهم من نزح إلى غيرها، وكان من أمر السد أنه كان الماء يأتيهم من بين جبلين، وتجتمع إليه أيضاً سيول أمطارهم وأوديتهم، فعمد ملوكهم الأقادم، فبنوا بينهما سدا عظيماً محكماً، حتى ارتفع الماء، وحكم على حافات ذينك الجبلين، فغرسوا الأشجار، واستغلوا الثمار في غاية ما يكون من الكثرة والحسن، كما ذكر غير واحد من السلف، أن المرأة كانت تمشي تحت الأشجار وعلى رأسها مكتل أو زنبيل - وهو الذي تخترف فيه الثمار - فيتساقط من الأشجار في ذلك ما يملؤه، من غير أن يحتاج إلى كلفة ولا قطاف، لكثرته ونضجه واستوائه، وكان هذا السد بمأرب (مأرب بلدة بينها وبين اليمن ثلاث مراحل ويعرف هذا السد بسد مأرب) . ويذكر أنه لم يكن ببلدهم شيء من الذباب ولا البعوض ولا البراغيث ولا شيء من الهوام، وذلك لاعتدال الهواء وصحة المزاج، وعناية اللّه بهم ليوحدوه ويعبدوه، كما قال تبارك وتعالى: {لقد كان لسبأ في مسكنهم آية} ثم فسرها بقوله عزَّ وجلَّ {جنتان عن يمين وشمال} أي من ناحيتي الجبلين والبلدة بين ذلك، {كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور} أي غفور لكم إن استمررتم على التوحيد، وقوله تعالى: {فأعرضوا} أي عن توحيد اللّه وعبادته وشكره على ما أنعم به عليهم، وعدلوا إلى عبادة الشمس من دون اللّه كما قال الهدهد لسليمان عليه الصلاة والسلام: {وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم . وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون اللّه وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} قال السدي: أرسل اللّه عزَّ وجلَّ إليهم اثني عشر ألف نبي واللّه أعلم. وقوله تعالى: {فأرسلنا عليهم سيل العرم} المراد بالعرم المياه، وقيل: الوادي، وقيل: الماء الغزير، وذكر غير واحد منهم ابن عباس وقتادة والضحاك: أن اللّه عزَّ وجلَّ لما أراد عقوبتهم بإرسال العرم عليهم بعث على السد دابة من الأرض، يقال لها الجرذ، نقبته، وانساب الماء في أسفل الوادي، وخرب ما بين يديه من الأبنية والأشجار وغير ذلك، ونضب الماء عن الأشجار التي في الجبلين عن يمين وشمال فيبست وتحطمت، وتبدلت تلك الأشجار المثمرة الأنيقة النضرة، كما قال تبارك وتعالى: {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط} قال ابن عباس ومجاهد: هو الأراك وأكلة البربر ، {وأثل} هو الطرفاء، وقال غيره: هو شجر يشبه الطرفاء، وقيل: هو الثمر واللّه أعلم، وقوله: {وشيء من سدر قليل} لما كان أجود هذه الأشجار المبدل بها هو السدر، قال {وشيء من سدر قليل} فهذا الذي صار أمر تينك الجنتين إليه، بعد الثمار النضيجة والمناظر الحسنة والظلال العميقة والأنهار الجارية تبدلت إلى شجر الأراك والطرفاء والسدر ذي الشوك الكثير والثمر القليل، وذلك بسبب كفرهم وشركهم باللّه وتكذيبهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل، ولهذا قال تعالى: {ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور} أي عاقبناهم بكفرهم، قال مجاهد: ولا يعاقب إلا الكفور. وقال الحسن البصري: صدق اللّه العظيم لا يعاقب بمثل فعله إلا الكفور، وقال ابن أبي حاتم عن ابن خيرة وكان من أصحاب علي رضي اللّه عنه قال: جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والتعسر في اللذة، قيل: وما التعسر في اللذة؟ قال: لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصه إياها ""ذكره ابن أبي حاتم"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি