نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة سبأ آية 16
فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ

التفسير الميسر فأعرضوا عن أمر الله وشكره وكذبوا الرسل، فأرسلنا عليهم السيل الجارف الشديد الذي خرَّب السد وأغرق البساتين، وبدَّلناهم بجنتيهم المثمرتين جنتين ذواتَيْ أكل خمط، وهو الثمر المر الكريه الطعم، وأثْل وهو شجر شبيه بالطَّرْفاء لا ثمر له، وقليل من شجر النَّبْق كثير الشوك. ذلك التبديل من خير إلى شر بسبب كفرهم، وعدم شكرهم نِعَمَ الله، وما نعاقب بهذا العقاب الشديد إلا الجَحود المبالغ في الكفر، يجازى بفعله مثلا بمثل.

تفسير الجلالين
16 - (فأعرضوا) عن شكره وكفروا (فأرسلنا عليهم سيل العرم) جمع عرمة ما يمسك الماء من بناء وغيره إلى وقت حاجته أي سيل واديهم الممسوك بما ذكر فأغرق جنتيهم وأموالهم (وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي) تثنية ذوات مفرد على الأصل (أكل خمط) مر بإضافة أكل بمعنى مأكول وتركها وبعطف عليه (وأثل وشيء من سدر قليل)

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {فأعرضوا} يعني عن أمره واتباع رسله بعد أن كانوا مسلمين قال السدي ووهب : بعث إلى أهل سبأ ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم.
قال القشيري : وكان لهم رئيس يلقب بالحمار، وكانوا في زمن الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وقيل : كان له ولد فمات فرفع رأسه إلى السماء فبزق وكفر؛ ولهذا يقال : أكفر من حمار.
وقال الجوهري : وقولهم "أكفر من حمار" هو رجل، من عاد مات له أولاد فكفر كفرا عظيما، فلا يمر بأرضه أحد إلا دعاه إلى الكفر، فإن أجابه وإلا قتله.
ثم لما سال السيل بجنتيهم تفرقوا في البلاد؛ على ما يأتي بيانه.
ولهذا قيل في المثل: "تفرقوا أيادي سبا".
وقيل : الأوس والخزرج منهم.
{فأرسلنا عليهم سيل العرم} والعرم فيما روي عن ابن عباس : السد فالتقدير : سيل السد العرم.
وقال عطاء : العرم اسم الوادي.
قتادة : العرم وادي سبأ؛ كانت تجتمع إليه مسايل من الأودية، قيل من البحر وأودية اليمن؛ فردموا ردما بين جبلين وجعلوا في ذلك الردم ثلاثة أبواب بعضها فوق بعض، فكانوا يسقون من الأعلى ثم من الثاني ثم من الثالث على قدر حاجاتهم؛ فأخصبوا وكثرت أموالهم، فلما كذبوا الرسل سلط الله عليهم الفأر فنقب الردم.
قال وهب : كانوا يزعمون أنهم يجدون في علمهم وكهانتهم أنه يخرب سدهم فأرة فلم يتركوا فرجة بين صخرتين إلا ربطوا إلى جانبها هرة؛ فلما جاء ما أراد الله تعالى بهم أقبلت فأرة حمراء إلى بعض تلك الهرر فساورتها حتى استأخرت عن الصخرة ودخلت في الفرجة التي كانت عندها ونقبت السد حتى أوهنته للسيل وهم لا يدرون؛ فلما جاء السيل دخل تلك الخلل حتى بلغ السد وفاض الماء على أموالهم فغرقها ودفن بيوتهم.
وقال الزجاج : العرم اسم الجرذ الذي نقب السِّكر عليهم، وهو الذي يقال له الخلد - وقال قتادة أيضا - فنسب السيل إليه لأنه بسببه.
وقد قال ابن الأعرابي أيضا : العرم من أسماء الفأر.
وقال مجاهد وابن أبي : العرم ماء أحمر أرسله الله تعالى في السد فشقه وهدمه.
وعن ابن عباس أيضا أن العرم المطر الشديد.
وقيل العرم بسكون الراء.
وعن الضحاك كانوا في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام.
وقال عمرو بن شرحبيل : العرم المسناة؛ وقاله الجوهري، قال : ولا واحد لها من لفظها، ويقال واحدها عرمة.
وقال محمد بن يزيد : العرم كل شيء حاجز بين شيئين، وهو الذي يسمى السكر، وهو جمع عرمة.
النحاس : وما يجتمع من مطر بين جبلين وفي وجهه مسناة فهو العرم، والمسناة هي التي يسميها أهل مصر الجسر؛ فكانوا يفتحونها إذا شاءوا فإذا رويت جنتاهم سدوها.
قال الهروي : المسناة الضفيرة تبني للسيل ترده، سميت مسناة لأن فيها مفاتح الماء.
وروي أن العرم سد بنته بلقيس صاحبة سليمان عليه الصلاة والسلام، وهو المسناة بلغة حمير، بنته بالصخر والقار، وجعلت له أبوابا ثلاثة بعضها فوق بعض، وهو مشتق من العرامة وهي الشدة، ومنه : رجل عارم، أي شديد، وعرمت العظم أعرمه وأعرمه عرما إذا عرقته، وكذلك عرمت الإبل الشجر أي نالت منه.
والعرام بالضم : العراق من العظم والشجر.
وتعرمت العظم تعرقته.
وصبي عارم بين العرام (بالضم) أي شرس.
وقد عرم يعرم ويعرم عرامة (بالفتح).
والعرم العارم؛ عن الجوهري.
قوله تعالى: {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل خمط} وقرأ أبو عمرو (أكل خمط) بغير تنوين مضافا.
قال أهل التفسير والخليل : الخمط الأراك.
الجوهري : الخمط ضرب من الأراك له حمل يؤكل.
وقال أبو عبيدة : هو كل ذي شوك فيه مرارة.
الزجاج : كل نبت فيه مرارة لا يمكن أكله.
المبرد : الخمط كل ما تغير إلى ما لا يشتهي.
واللبن خمط إذا حمض.
والأولى عنده في القراءة {ذواتي أكل خمط} بالتنوين على أنه نعت لـ {أكل} أو بدل منه؛ لأن الأكل هو الخمط بعينه عنده، فأما الإضافة فباب جوازها أن يكون تقديرها ذواتي أكل حموضة أو أكل مرارة.
وقال الأخفش : والإضافة أحسن في كلام العرب؛ نحو قولهم : ثوب خز والخمط : اللبن الحامض وذكر أبو عبيد أن اللبن إذا ذهب عنه حلاوة الحلب ولم يتغير طعمه فهو سامط؛ وإن أخذ شيئا من الريح فهو خامط وخميط، فإن أخذ شيئا من طعم فهو ممحل، فإذا كان فيه طعم الحلاوة فهو فوهة.
وتخمط الفحل : هدر.
وتخمط فلان أي غضب وتكبر.
وتخمط البحر أي التطم.
وخمطت الشاة أخمطها خمطا : إذا نزعت جلدها وشويتها فهي خميط، فإن نزعت شعرها وشويتها فهي سميط.
والخمطة : الخمر التي قد أخذت ريح الإدراك كريح التفاح ولم تدرك بعد.
ويقال هي الحامضة؛ قاله الجوهري.
وقال القتبي في أدب الكاتب.
يقال للحامضة خمطة، ويقال : الخمطة التي قد أخذت شيئا من الريح؛ وأنشد : عقار كماء النيء ليست بخمطة ** ولا خلة يكوي الشروب شهابها قوله تعالى: {وأثل} قال الفراء : هو شبيه بالطرفاء إلا أنه أعظم منه طولا؛ (منه اتخذ منبر النبي صلى الله عليه وسلم، وللأثل أصول غليظة يتخذ منه الأبواب، وورقه كورق الطرفاء، الواحدة أثلة والجمع أثلاث.
وقال الحسن : الأثل الخشب.
قتادة : هو ضرب من الخشب يشبه الطرفاء رأيته بفيد.
وقيل هو السمر.
وقال أبو عبيدة : هو شجر النضار.
النضار : الذهب.
والنضار : خشب يعمل منه قصاع، ومنه : قدح نضار.
{وشيء من سدر قليل} قال الفراء : هو السمر؛ ذكره النحاس.
وقال الأزهري : السدر من الشجر سدران : بري لا ينتفع به ولا يصلح ورقه للغسول وله ثمر عفص لا يؤكل، وهو الذي يسمى الضال.
والثاني : سدر ينبت على الماء وثمره النبق وورقه غسول يشبه شجر العناب.
قال قتادة : بينما شجر القوم من خير شجر إذ صيره الله تعالى من شر الشجر بأعمالهم، فأهلك أشجارهم المثمرة وأنبت بدلها الأراك والطرفاء والسدر.
القشري : وأشجار البوادي لا تسمى جنة وبستانا ولكن لما وقعت الثانية في مقابلة الأولى أطلق لفظ الجنة، وهو كقوله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} الشورى : 40].
ويحتمل أن يرجع قوله {قليل} إلى جملة ما ذكر من الخمط والأثل والسدر.

تفسير ابن كثير كانت سبأ ملوك اليمن وأهلها، وكانوا في نعمة وغبطة في بلادهم وعيشهم، واتساع أرزاقهم وزروعهم وثمارهم، وبعث اللّه تبارك وتعالى إليهم الرسل تأمرهم أن يأكلوا من رزقه ويشكروه بتوحيده وعبادته، فكانوا كذلك ما شاء اللّه تعالى، ثم أعرضوا عما أمروا به، فعوقبوا بإرسال السيل والتفرق في البلاد أيدي سبأ شذر مذر، كما سيأتي قريباً، روى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن وعلة قال: سمعت ابن عباس يقول: إن رجلاً سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن سبأ ما هو أرجل أم امرأة أم أرض؟ قال صلى اللّه عليه وسلم: (بل هو رجل ولد له عشرة، فسكن اليمن منهم ستة، والشام منهم أربعة، فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير، وأما الشامية فلخم وجذام وعاملة وغسان) ""رواه الإمام أحمد وابن جرير والترمذي وقال: حسن غريب، قال ابن كثير: ورواه ابن عبد البر عن تميم الداري مرفوعاً فذكر مثله فقوي هذا الحديث وحسن""، قال علماء النسب: اسم سبأ عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان وإنما سمي سبأ، لأنه أول من سبأ في العرب، ومعنى قوله صلى اللّه عليه وسلم: (كان رجلاً من العرب) يعني من سلالة الخليل عليه السلام، وفي صحيح البخاري أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مر بنفر من أسلم ينتضلون فقال: (ارموا بني إسرائيل فإن أباكم كان رامياً) ""أخرجه البخاري""، فأسلم قبيلة من الأنصار والأنصار أوسها وخزرجها من غسان من عرب اليمن من سبأ، نزلوا بيثرب لما تفرقت سبأ في البلاد حين بعث اللّه عزَّ وجلَّ عليهم سيل العرم، ونزلت طائفة منهم بالشام، وإنما قيل لهم غسان بماء نزلوا عليه قريب من المشلل، كما قال حسان بن ثابت رضي اللّه عنه: إما سألت عنا فنحن معشر نجب ** الأزد نسبتنا والماء غسان ومعنى قوله صلى اللّه عليه وسلم: (ولد له عشرة) أي كان من نسله هؤلاء العشرة الذين يرجع إليهم أصول القبائل من عرب اليمن، لا أنهم ولدوا من صلبه، بل منهم من بينه وبينه الأبوان والثلاثة والأقل والأكثر كما هو مقرر مبين في مواضعه من كتب النسب، ومعنى قوله صلى اللّه عليه وسلم: (فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة) أي بعدما أرسل اللّه تعالى عليهم سيل العرم، منهم من أقام ببلادهم، ومنهم من نزح إلى غيرها، وكان من أمر السد أنه كان الماء يأتيهم من بين جبلين، وتجتمع إليه أيضاً سيول أمطارهم وأوديتهم، فعمد ملوكهم الأقادم، فبنوا بينهما سدا عظيماً محكماً، حتى ارتفع الماء، وحكم على حافات ذينك الجبلين، فغرسوا الأشجار، واستغلوا الثمار في غاية ما يكون من الكثرة والحسن، كما ذكر غير واحد من السلف، أن المرأة كانت تمشي تحت الأشجار وعلى رأسها مكتل أو زنبيل - وهو الذي تخترف فيه الثمار - فيتساقط من الأشجار في ذلك ما يملؤه، من غير أن يحتاج إلى كلفة ولا قطاف، لكثرته ونضجه واستوائه، وكان هذا السد بمأرب (مأرب بلدة بينها وبين اليمن ثلاث مراحل ويعرف هذا السد بسد مأرب) . ويذكر أنه لم يكن ببلدهم شيء من الذباب ولا البعوض ولا البراغيث ولا شيء من الهوام، وذلك لاعتدال الهواء وصحة المزاج، وعناية اللّه بهم ليوحدوه ويعبدوه، كما قال تبارك وتعالى: {لقد كان لسبأ في مسكنهم آية} ثم فسرها بقوله عزَّ وجلَّ {جنتان عن يمين وشمال} أي من ناحيتي الجبلين والبلدة بين ذلك، {كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور} أي غفور لكم إن استمررتم على التوحيد، وقوله تعالى: {فأعرضوا} أي عن توحيد اللّه وعبادته وشكره على ما أنعم به عليهم، وعدلوا إلى عبادة الشمس من دون اللّه كما قال الهدهد لسليمان عليه الصلاة والسلام: {وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم . وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون اللّه وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} قال السدي: أرسل اللّه عزَّ وجلَّ إليهم اثني عشر ألف نبي واللّه أعلم. وقوله تعالى: {فأرسلنا عليهم سيل العرم} المراد بالعرم المياه، وقيل: الوادي، وقيل: الماء الغزير، وذكر غير واحد منهم ابن عباس وقتادة والضحاك: أن اللّه عزَّ وجلَّ لما أراد عقوبتهم بإرسال العرم عليهم بعث على السد دابة من الأرض، يقال لها الجرذ، نقبته، وانساب الماء في أسفل الوادي، وخرب ما بين يديه من الأبنية والأشجار وغير ذلك، ونضب الماء عن الأشجار التي في الجبلين عن يمين وشمال فيبست وتحطمت، وتبدلت تلك الأشجار المثمرة الأنيقة النضرة، كما قال تبارك وتعالى: {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط} قال ابن عباس ومجاهد: هو الأراك وأكلة البربر ، {وأثل} هو الطرفاء، وقال غيره: هو شجر يشبه الطرفاء، وقيل: هو الثمر واللّه أعلم، وقوله: {وشيء من سدر قليل} لما كان أجود هذه الأشجار المبدل بها هو السدر، قال {وشيء من سدر قليل} فهذا الذي صار أمر تينك الجنتين إليه، بعد الثمار النضيجة والمناظر الحسنة والظلال العميقة والأنهار الجارية تبدلت إلى شجر الأراك والطرفاء والسدر ذي الشوك الكثير والثمر القليل، وذلك بسبب كفرهم وشركهم باللّه وتكذيبهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل، ولهذا قال تعالى: {ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور} أي عاقبناهم بكفرهم، قال مجاهد: ولا يعاقب إلا الكفور. وقال الحسن البصري: صدق اللّه العظيم لا يعاقب بمثل فعله إلا الكفور، وقال ابن أبي حاتم عن ابن خيرة وكان من أصحاب علي رضي اللّه عنه قال: جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والتعسر في اللذة، قيل: وما التعسر في اللذة؟ قال: لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصه إياها ""ذكره ابن أبي حاتم"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি