نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة سبأ آية 15
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ

التفسير الميسر لقد كان لقبيلة سبأ بـ "اليمن" في مسكنهم دلالة على قدرتنا: بستانان عن يمين وشمال، كلوا من رزق ربكم، واشكروا له نعمه عليكم؛ فإن بلدتكم كريمة التربة حسنة الهواء، وربكم غفور لكم.

تفسير الجلالين
15 - (لقد كان لسبأ) بالصرف وعدمه قبيلة سميت بإسم جد لهم من العرب (في مسكنهم) باليمن (آية) دالة على قدرة الله تعالى (جنتان) بدل (عن يمين وشمال) عن يمين واديهم وشماله وقيل لهم (كلوا من رزق ربكم واشكروا له) على ما رزقكم من النعمة في ارض سبأ (بلدة طيبة) ليس فيها سباخ ولا بعوضة ولا ذبابة ولا برغوث ولا عقرب ولا حية ويمر الغريب فيها وفي ثيابه قمل فيموت لطيب هوائها (ورب غفور)

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {لقد كان لسبأ في مسكنهم آية} قرأ نافع وغيره بالصرف والتنوين على أنه اسم حي، وهو في الأصل اسم رجل؛ جاء بذلك التوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم ""روى الترمذي"" قال : حدثنا أبو كريب وعبد بن حميد قالا حدثنا أبو أسامة عن الحسن بن الحكم النخعي قال حدثنا أبو سبرة النخعي عن فروة بن مسيك المرادي قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله، ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم؛ فأذن لي في قتالهم وأمر؛ فلما خرجت من عنده سأل عني : (ما فعل الغطيفي)؟ فأخبر أني قد سرت، قال : فأرسل في أثري فردني فأتيته وهو في نفر من أصحابه فقال : (ادع القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث إليك؛ قال : وأنزل في سبأ ما أنزل؛ فقال رجل : يا رسول الله، وما سبأ؟ أرض أو امرأة؟ قال : ليس بأرض ولا بامرأة ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة.
فأما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة.
وأما الذين تيامنوا فالأزد والأشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار.
فقال رجل : يا رسول الله وما أنمار؟ قال : (الذين منهم خثعم وبجيلة).
وروي هذا عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو "لسبأَ" بغير صرف، جعله اسما للقبيلة، وهو اختيار أبي عبيد، واستدل على أنه اسم قبيلة بأن بعده "في مساكنهم".
النحاس : ولو كان كما قال لكان في مساكنها.
وقد مضى في "النمل" زيادة بيان لهذا المعنى.
وقال الشاعر في الصرف : الواردون وتم في ذرى سبأ ** قد عض أعناقهم جلد الجواميس وقال آخر في غير الصرف : من سبأ الحاضرين مأرب إذ ** يبنون من دون سيلها العرما وقرأ قنبل وأبو حيوة والجحدري "لسبأْ" بإسكان الهمزة.
{في مساكنهم} قراءة العامة على الجمع، وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم؛ لأن لهم مساكن كثيرة وليس بمسكن واحد.
وقرأ إبراهيم وحمزة وحفص "مسكنهم" موحدا، إلا أنهم فتحوا الكاف.
وقرأ يحيى والأعمش والكسائي موحدا كذلك، إلا أنهم كسروا الكاف.
قال النحاس : والساكن في هذا أبين؛ لأنه يجمع اللفظ والمعنى، فإذا قلت "مسكنهم" كان فيه تقديران : أحدهما : أن يكون واحدا يؤدي عن الجمع.
والأخر : أن يكون مصدرا لا يثني ولا يجمع؛ كما قال الله تعالى: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم} البقرة : 7] فجاء بالسمع موحدا.
وكذا {مقعد صدق} القمر : 55] و"مسكن" مثل مسجد، خارج عن القياس، ولا يوجد مثله إلا سماعا.
{آية} اسم كان، أي علامة دالة على قدرة الله تعالى على أن لهم خالقا خلقهم، وأن كل الخلائق لو اجتمعوا على أن يخرجوا من الخشبة ثمرة لم يمكنهم ذلك، ولم يهتدوا إلى اختلاف أجناس الثمار وألوانها وطعومها وروائحها وأزهارها، وفي ذلك ما يدل على أنها لا تكون إلا من عالم قادر.
{جنتان عن يمين وشمال} يجوز أن يكون بدلا من {آية}، ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف،فوقف على هذا الوجه على {آية} وليس بتمام.
قال الزجاج : أي الآية جنتان، فجنتان رفع لأنه خبر ابتداء محذوف.
وقال الفراء : رفع تفسيرا للآية، ويجوز أن تنصب {آية} على أنها خبر كان، ويجوز أن تنصب الجنتين على الخبر أيضا في غير القرآن.
وقال عبد الرحمن بن زيد : إن الآية التي كانت لأهل سبأ في مساكنهم أنهم لم يروا فيها بعوضة قط ولا ذبابا ولا برغوثا ولا قملة ولا عقربا ولا حية ولا غيرها من الهوام، وإذا جاءهم الركب في ثيابهم القمل والدواب فإذا نظروا إلى بيوتهم ماتت الدواب.
وقيل : إن الآية هي الجنتان، كانت المرأة تمشي فيهما وعلى رأسها مكتل فيمتلئ من أنواع الفواكه من غير أن تمسها بيدها؛ قال قتادة.
وروى أن الجنتين كانتا بين جبلين باليمن.
قال سفيان : وجد فيهما قصران مكتوب على أحدهما : نحن بنينا سلحين في سبعين خريفا دائبين، وعلى الآخر مكتوب : نحن بنينا صروح، مقيل ومراح؛ فكانت إحدى الجنتين عن يمين الوادي والأخرى عن شماله قال القشيري : ولم يرد جنتين اثنين بل أراد من الجنتين يمنة ويسرة؛ أي كانت بلادهم ذات بساتين وأشجار وثمار؛ تستتر الناس بظلالها.
{كلوا من رزق ربكم}أي قيل لهم كلوا، ولم يكن ثم أمر، ولكنهم تمكنوا من تلك النعم.
وقيل : أي قالت الرسل لهم قد أباح الله تعالى لهم ذلك؛ أي أباح لكم هذه النعم فاشكروه بالطاعة.
{كلوا من رزق ربكم} أي من ثمار الجنتين.
{واشكروا له} يعني على ما رزقكم.
{بلدة طيبة} هذا كلام مستأنف؛ أي هذه بلدة طيبة أي كثيرة الثمار.
وقيل : غير سبخة.
وقيل : طيبة ليس فيها هوام لطيب هوائها.
قال مجاهد : هي صنعاء.
{ورب غفور} أي والمنعم بها عليكم رب غفور يستر ذنوبكم، فجمع لهم بين مغفرة ذنوبهم وطيب بلدهم ولم يجمع ذلك لجميع خلقه.
وقيل : إنما ذكر المغفرة مشيرا إلى أن الرزق قد يكون فيه حرام.
وقد مضى القول في هذا في أول "البقرة".
وقيل : إنما امتن عليهم بعفوه عن عذاب الاستئصال بتكذيب من كذبوه من سالف الأنبياء إلى أن استداموا الإصرار فاستؤصلوا.

تفسير ابن كثير كانت سبأ ملوك اليمن وأهلها، وكانوا في نعمة وغبطة في بلادهم وعيشهم، واتساع أرزاقهم وزروعهم وثمارهم، وبعث اللّه تبارك وتعالى إليهم الرسل تأمرهم أن يأكلوا من رزقه ويشكروه بتوحيده وعبادته، فكانوا كذلك ما شاء اللّه تعالى، ثم أعرضوا عما أمروا به، فعوقبوا بإرسال السيل والتفرق في البلاد أيدي سبأ شذر مذر، كما سيأتي قريباً، روى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن وعلة قال: سمعت ابن عباس يقول: إن رجلاً سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن سبأ ما هو أرجل أم امرأة أم أرض؟ قال صلى اللّه عليه وسلم: (بل هو رجل ولد له عشرة، فسكن اليمن منهم ستة، والشام منهم أربعة، فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير، وأما الشامية فلخم وجذام وعاملة وغسان) ""رواه الإمام أحمد وابن جرير والترمذي وقال: حسن غريب، قال ابن كثير: ورواه ابن عبد البر عن تميم الداري مرفوعاً فذكر مثله فقوي هذا الحديث وحسن""، قال علماء النسب: اسم سبأ عبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان وإنما سمي سبأ، لأنه أول من سبأ في العرب، ومعنى قوله صلى اللّه عليه وسلم: (كان رجلاً من العرب) يعني من سلالة الخليل عليه السلام، وفي صحيح البخاري أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مر بنفر من أسلم ينتضلون فقال: (ارموا بني إسرائيل فإن أباكم كان رامياً) ""أخرجه البخاري""، فأسلم قبيلة من الأنصار والأنصار أوسها وخزرجها من غسان من عرب اليمن من سبأ، نزلوا بيثرب لما تفرقت سبأ في البلاد حين بعث اللّه عزَّ وجلَّ عليهم سيل العرم، ونزلت طائفة منهم بالشام، وإنما قيل لهم غسان بماء نزلوا عليه قريب من المشلل، كما قال حسان بن ثابت رضي اللّه عنه: إما سألت عنا فنحن معشر نجب ** الأزد نسبتنا والماء غسان ومعنى قوله صلى اللّه عليه وسلم: (ولد له عشرة) أي كان من نسله هؤلاء العشرة الذين يرجع إليهم أصول القبائل من عرب اليمن، لا أنهم ولدوا من صلبه، بل منهم من بينه وبينه الأبوان والثلاثة والأقل والأكثر كما هو مقرر مبين في مواضعه من كتب النسب، ومعنى قوله صلى اللّه عليه وسلم: (فتيامن منهم ستة وتشاءم منهم أربعة) أي بعدما أرسل اللّه تعالى عليهم سيل العرم، منهم من أقام ببلادهم، ومنهم من نزح إلى غيرها، وكان من أمر السد أنه كان الماء يأتيهم من بين جبلين، وتجتمع إليه أيضاً سيول أمطارهم وأوديتهم، فعمد ملوكهم الأقادم، فبنوا بينهما سدا عظيماً محكماً، حتى ارتفع الماء، وحكم على حافات ذينك الجبلين، فغرسوا الأشجار، واستغلوا الثمار في غاية ما يكون من الكثرة والحسن، كما ذكر غير واحد من السلف، أن المرأة كانت تمشي تحت الأشجار وعلى رأسها مكتل أو زنبيل - وهو الذي تخترف فيه الثمار - فيتساقط من الأشجار في ذلك ما يملؤه، من غير أن يحتاج إلى كلفة ولا قطاف، لكثرته ونضجه واستوائه، وكان هذا السد بمأرب (مأرب بلدة بينها وبين اليمن ثلاث مراحل ويعرف هذا السد بسد مأرب) . ويذكر أنه لم يكن ببلدهم شيء من الذباب ولا البعوض ولا البراغيث ولا شيء من الهوام، وذلك لاعتدال الهواء وصحة المزاج، وعناية اللّه بهم ليوحدوه ويعبدوه، كما قال تبارك وتعالى: {لقد كان لسبأ في مسكنهم آية} ثم فسرها بقوله عزَّ وجلَّ {جنتان عن يمين وشمال} أي من ناحيتي الجبلين والبلدة بين ذلك، {كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور} أي غفور لكم إن استمررتم على التوحيد، وقوله تعالى: {فأعرضوا} أي عن توحيد اللّه وعبادته وشكره على ما أنعم به عليهم، وعدلوا إلى عبادة الشمس من دون اللّه كما قال الهدهد لسليمان عليه الصلاة والسلام: {وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم . وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون اللّه وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} قال السدي: أرسل اللّه عزَّ وجلَّ إليهم اثني عشر ألف نبي واللّه أعلم. وقوله تعالى: {فأرسلنا عليهم سيل العرم} المراد بالعرم المياه، وقيل: الوادي، وقيل: الماء الغزير، وذكر غير واحد منهم ابن عباس وقتادة والضحاك: أن اللّه عزَّ وجلَّ لما أراد عقوبتهم بإرسال العرم عليهم بعث على السد دابة من الأرض، يقال لها الجرذ، نقبته، وانساب الماء في أسفل الوادي، وخرب ما بين يديه من الأبنية والأشجار وغير ذلك، ونضب الماء عن الأشجار التي في الجبلين عن يمين وشمال فيبست وتحطمت، وتبدلت تلك الأشجار المثمرة الأنيقة النضرة، كما قال تبارك وتعالى: {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط} قال ابن عباس ومجاهد: هو الأراك وأكلة البربر ، {وأثل} هو الطرفاء، وقال غيره: هو شجر يشبه الطرفاء، وقيل: هو الثمر واللّه أعلم، وقوله: {وشيء من سدر قليل} لما كان أجود هذه الأشجار المبدل بها هو السدر، قال {وشيء من سدر قليل} فهذا الذي صار أمر تينك الجنتين إليه، بعد الثمار النضيجة والمناظر الحسنة والظلال العميقة والأنهار الجارية تبدلت إلى شجر الأراك والطرفاء والسدر ذي الشوك الكثير والثمر القليل، وذلك بسبب كفرهم وشركهم باللّه وتكذيبهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل، ولهذا قال تعالى: {ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور} أي عاقبناهم بكفرهم، قال مجاهد: ولا يعاقب إلا الكفور. وقال الحسن البصري: صدق اللّه العظيم لا يعاقب بمثل فعله إلا الكفور، وقال ابن أبي حاتم عن ابن خيرة وكان من أصحاب علي رضي اللّه عنه قال: جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والتعسر في اللذة، قيل: وما التعسر في اللذة؟ قال: لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصه إياها ""ذكره ابن أبي حاتم"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি