نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة سبأ آية 13
يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ

التفسير الميسر يعمل الجن لسليمان ما يشاء من مساجد للعبادة، وصور من نحاس وزجاج، وقِصَاع كبيرة كالأحواض التي يجتمع فيها الماء، وقدور ثابتات لا تتحرك من أماكنها لعظمهن، وقلنا يا آل داود: اعملوا شكرًا لله على ما أعطاكم، وذلك بطاعته وامتثال أمره، وقليل من عبادي من يشكر الله كثيرًا، وكان داود وآله من القليل.

تفسير الجلالين
13 - (يعملون له ما يشاء من محاريب) أبنية مرتفعة يصعد إليها بدرج (وتماثيل) جمع تمثال وهو كل شيء مثلته بشيء أي صور من نحاس وزجاج ورخام ولم يكن اتخاذ الصور حراما في سريعته (وجفان) جمع جفنة (كالجواب) جمع جابية وهو حوض كبير يجتمع على الجفنة ألف رجل يأكلون منها (وقدور راسيات) ثابتات لها قوائم لا تتحرك عن أماكنها تتخذ من الجبال باليمن يصعد إليها بالسلالم وقلنا (اعملوا) يا (آل داود) بطاعة الله (شكرا) له على ما آتاكم (وقليل من عبادي الشكور) العامل بطاعتي شكرا لنعمتي

تفسير القرطبي
فيه ثماني مسائل: الأولى: قوله تعالى: {من محاريب وتماثيل } المحراب في اللغة : كل موضع مرتفع.
وقيل للذي يصلي فيه : محراب؛ لأنه يجب أن يرفع ومعظم.
وقال الضحاك: "من محاريب" أي من مساجد.
وكذا قال قتادة.
وقال مجاهد : المحاريب دون القصور.
وقال أبو عبيدة : المحراب أشرف بيوت الدار.
قال : وماذا عليه أن ذكرت أوانسا ** كغزلان رمل في محاريب أقيال وقال عدي بن زيد : كدمى العاج في المحاريب أوكالـ ** ـبيض في الروض زهره مستنير وقيل : هو ما يرقى إليه بالدرج كالغرفة الحسنة؛ كما قال: {إذ تسوروا المحراب} ص : 21] وقوله: {فخرج على قومه من المحراب} مريم : 11] أي أشرف عليهم.
وفي الخبر (أنه أمر أن يعمل حول كرسيه ألف محراب فيها ألف رجل عليهم المسوح يخرجون إلى الله دائبا، وهو على الكرسي في موكبه والمحاريب حوله، ويقول لجنوده إذا ركب : سبحوا الله إلى ذلك العلم، فإذا بلغوه قال : هللوه إلى ذلك العلم فإذا بلغوه قال : كبروه إلى ذلك العلم الآخر، فتلج الجنود بالتسبيح والتهليل لجة واحدة.
الثانية: قوله تعالى: {وتماثيل} جمع تمثال.
وهو كل ما صور على مثل صورة من حيوان أو غير حيوان.
وقيل : كانت من زجاج ونحاس ورخام تماثيل أشياه.
ليست بحيوان.
وذكر أنها صور الأنبياء والعلماء، وكانت تصور في المساجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة واجتهادا، قال صلى الله عليه وسلم : (إن أولئك كان إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور).
أي ليتذكروا عبادتهم فيجتهدوا في العبادة.
وهذا يدل على أن التصوير كان مباحا في ذلك الزمان، ونسخ ذلك بشرع محمد صلى الله عليه وسلم.
وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة "نوح" عليه السلام.
وقيل : التماثيل طلسمات كان يعملها، ويحرم على كل مصور أن يتجاوزها فلا يتجاوزها، فيعمل تمثالا للذباب أو للبعوض أو للتماسيح في مكان، ويأمرهم ألا يتجاوزه فلا يتجاوزه واحد أبدا ما دام ذلك التماثل قائما.
وواحد التماثيل تمثال بكسر التاء.
قال : ويا رب يوم قد لهوت وليلة ** بآنسة كأنها خط تمثال وقيل : إن هذه التماثيل رجال اتخذهم من نحاس وسأل ربه أن ينفخ فيها الروح ليقاتلوا في سبيل الله ولا يحيك فيهم السلاح.
ويقال : إن اسفنديار كان منهم؛ والله أعلم.
وروي أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما، وإذا قعد أطلق النسران أجنحتهما.
الثالثة: حكى مكي في الهداية له : أن فرقة تجوز التصوير، وتحتج بهذه الآية.
قال ابن عطية : وذلك خطأ، وما أحفظ عن أحد من أئمة العلم من يجوزه.
قلت : ما حكاه مكي ذكره النحاس قبله، قال النحاس : قال قوم عمل الصور جائز لهذه الآية، ولما أخبر الله عز وجل عن المسيح.
وقال قوم : قد صح النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم عنها والتوعد لمن عملها أو أتخذها، فنسخ الله عز وجل بهذا ما كان مباحا قبله، وكانت الحكمة في ذلك لأنه بعث عليه السلام والصور تعبد، فكان الأصلح إزالتها.
الرابعة: التمثال على قسمين : حيوان وموات.
والموات على قسمين : جماد ونام؛ وقد كانت الجن تصنع لسليمان جميعه؛ لعموم قوله: {وتماثيل}.
وفي الإسرائيليات : أن التماثيل من الطير كانت على كرسي سليمان.
فإن قيل : لا عموم لقوله: {وتماثيل} فإنه إثبات في نكره، والإثبات في النكرة لا عموم له، إنما العموم في النفي النكرة.
قلنا : كذلك هو، بيد أنه قد اقترن بهذا الإثبات في النكرة ما يقتضي حمله على العموم، وهو قوله: {ما يشاء} فاقتران المشيئة به يقتضي العموم له.
فإن قيل : كيف استجاز الصور.
المنهي عنها؟ قلنا : كان ذلك جائزا في شرعه ونسخ ذلك بشرعنا كما بينا، والله أعلم.
وعن أبي العالية : لم يكن اتخاذ الصور إذ ذاك محرما.
الخامسة: مقتضى الأحاديث يدل أن الصور ممنوعة، ثم جاء (إلا ما كان رقما في ثوب) فخص من جملة الصور، ثم ثبتت الكراهية فيه بقوله عليه السلام لعائشة في الثوب : (أخريه عني فإني كلما رأيته ذكرت الدنيا).
ثم بهتكه الثوب المصور على عائشة منع منه، ثم بقطعها له وسادتين تغيرت الصورة وخرجت عن هيئتها، فإن جواز ذلك إذا لم تكن الصورة فيه متصلة الهيئة، ولو كانت متصلة الهيئة لم يجز، لقولها في النمرقة المصورة : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها، فمنع منه وتوعد عليه.
وتبين بحديث الصلاة إلى الصور أن ذلك جائز في الرقم في الثوب ثم نسخه المنع منه.
فهكذا استقر الأمر فيه والله أعلم؛ قال ابن العربي.
السادسة: ""روى مسلم عن عائشة"" قالت : كان لنا ستر فيه تمثال طائر وكان الداخل إذا دخل استقبله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم : (حولي هذا فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا).
قالت : وكانت لنا قطيفة كنا نقول علمها حرير، فكنا نلبسها.
وعنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مستترة بقرام فيه صورة، فتلون وجهه، ثم تناول الستر فهتكه، ثم قال : (إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله عز وجل).
وعنها : أنه كان لها ثوب فيه تصاوير ممدود إلى سهوة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه فقال : (أخريه عني) قالت : فأخرته فجعلته وسادتين.
قال بعض العلماء : ويمكن أن يكون تهتيكه عليه السلام الثوب وأمره بتأخيره ورعا؛ لأن محل النبوة والرسالة الكمال.
فتأمله.
السابعة: قال المزني عن الشافعي : إن دعي رجل إلى عرس فرأى صورة ذات روح أو صورا ذات أرواح، لم يدخل إن كانت منصوبة.
وإن كانت توطأ فلا بأس، وإن كانت صور الشجر.
ولم يختلفوا أن التصاوير في الستور المعلقة مكروهة غير محرمة.
وكذلك عندهم ما كان خرطا أو نقشا في البناء.
واستثنى بعضهم (ما كان رقما في ثوب)، لحديث سهل بن حنيف.
قلت : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المصورين ولم يستثن.
وقوله : (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم) ولم يستثن.
وفي الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم : (يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول : إني وكلت بثلاث : بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين) قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب صحيح.
وفي البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم : (أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون).
يدل على المنع من تصوير شيء، أي شيء كان.
وقد قال جل وعز: {ما كان لكم أن تنبتوا شجرها} النمل : 60] على ما تقدم بيانه فأعلمه.
الثامنة: وقد استثني من هذا الباب لعب البنات، لما ثبت، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي تزوجها وهي بنت سبع سنين، وزفت إليه وهي بنت تسع ولعبها معها، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة.
وعنها أيضا قالت : كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي خرجهما مسلم.
قال العلماء : وذلك للضرورة إلى ذلك وحاجة البنات حتى يتدربن على تربية أولادهن.
ثم إنه لا بقاء لذلك، وكذلك ما يصنع من الحلاوة أو من العجين لا بقاء له، فرخص في ذاك، والله أعلم.
قوله تعالى: {وجفان كالجواب} قال ابن عرفة : الجوابي جمع الجابية، وهي حفيرة كالحوض.
وقال : كحياض الإبل.
وقال ابن القاسم عن مالك : كالجوبة من الأرض، والمعنى متقارب.
وكان يقعد على الجفنة الواحدة ألف رجل.
النحاس: {وجفان كالجواب} الأولى أن تكون بالياء، ومن حذف الياء قال سبيل الألف واللام أن تدخل على النكرة فلا يغيرها عن حالها، فلما كان يقال جواب ودخلت الألف واللام أقر على حال فحذف الياء.
وواحد الجوابي جابية، وهي القدر العظيمة، والحوض العظيم الكبير الذي يجبى فيه الشيء أي يجمع؛ ومنه جبيت الخراج، وجبيت الجراد؛ أي جعلت الكساء فجمعته فيه.
إلا أن ليثا روى عن مجاهد قال : الجوابي جمع جوبة، والجوبة الحفرة الكبيرة تكون في الجبل فيها ماء المطر.
وقال الكسائي : جبوت الماء في الحوض وجبيته أي جمعته، والجابية : الحوض الذي يجبى فيه الماء للإبل، قال : تروج على آل الملحق جفنة ** كجابية الشيخ العراقي تفهق ويروى أيضا : نفي الذم عن آل المحلق جفنة ** كجابية السيح.
.
.
.
.
.
.
.
.
ذكره النحاس.
قوله تعالى: {وقدور راسيات} قال سعيد بن جبير : هي قدور النحاس تكون بفارس.
وقال الضحاك : هي قدور تعمل من الجبال.
غيره : قد نحتت من الجبال الصم مما عملت له الشياطين، أثافيها منها منحوتة هكذا من الجبال.
ومعنى {راسيات} ثوابت، لا تحمل ولا تحرك لعظمها.
قال ابن العربي : وكذلك كانت قدور عبد الله بن الله بن جدعان، يصعد إليها في الجاهلية بسلم.
وعنها عبر طرفة بن العبد بقول : كالجوابي لا تني مترعة ** لقرى الأضياف أو للمحتضر قال ابن العربي : ورأيت برباط أبي سعيد قدور الصوفية على نحو ذلك، فإنهم يطبخون جميعا ويأكلون جميعا من غير استئثار واحد منهم على أحد.
قوله تعالى: {اعملوا آل داود شكرا} قد مضى معنى الشكر في "البقرة" وغيرها.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فتلا هذه الآية ثم قال : (ثلاث من أوتيهن فقد أوتي مثل ما أوتي آل داود) قال فقلنا : ما هن.
فقال : (العدل في الرضا والغضب.
والقصد في الفقر والغنى.
وخشية الله في السر والعلانية).
خرجه الترمذي الحكيم أبو عبد الله عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة.
وروي أن داود عليه السلام قال : (يا رب كيف أطيق شكرك على نعمك.
وإلهامي وقدرتي على شكرك نعمة لك) فقال : (يا داود الآن عرفتني).
وقد مضى هذا المعنى في سورة "إبراهيم".
وأن الشكر حقيقته الاعتراف بالنعمة للمنعم واستعمالها في طاعته، والكفران استعمالها في المعصية.
وقليل من يفعل ذلك؛ لأن الخير أقل من الشر، والطاعة أقل من المعصية، بحسب سابق التقدير.
وقال مجاهد : لما قال الله تعالى: {أعملوا آل داود شكرا} قال داود لسليمان : أن الله عز وجل قد ذكر الشكر فاكفني صلاة النهار أكفك صلاة الليل، قال : لا أقدر، قال : فاكفني - قال الفاريابي، أراه قال إلى صلاة الظهر - قال نعم، فكفاه.
وقال الزهري: {أعملوا آل داود شكرا} أي قولوا الحمد لله.
و"شكرا" نصب على جهة المفعول؛ أي اعملوا عملا هو الشكر.
وكأن الصلاة والصيام والعبادات كلها هي في نفسها الشكر إذ سدت مسدة، ويبين هذا قوله تعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم} ص : 24] وهو المراد بقوله {وقليل من عبادي الشكور}.
وقد قال سفيان بن عينة في تأويل قوله تعالى: {أن اشكر لي} لقمان : 14] أن المراد بالشكر الصلوات الخمس.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تفطر قدماه؛ فقالت له عائشة رضي الله عنها : أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال : (أفلا أكون عبدا شكورا).
انفرد بإخراجه مسلم.
فظاهر القرآن والسنة أن الشكر بعمل الأبدان دون الاقتصار على عمل اللسان؛ فالشكر بالأفعال عمل الأركان، والشكر بالأقوال عمل اللسان.
والله أعلم.
قوله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} يحتمل أن يكون، مخاطبة لآل داود، ويحتمل أن يكون مخاطبة لمحمد صلى الله الله عليه وسلم قال ابن عطية : وعلى كل وجه ففيه تنبيه وتحريض.
وسمع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رجلا يقول : اللهم اجعلني من القليل؛ فقال عمر : ما هذا الدعاء؟ فقال الرجل : أردت قوله تعالى {وقليل من عبادي الشكور}.
فقال عمر رضي الله عنه : كل الناس أعلم منك يا عمر! وروي أن سليمان عليه السلام كان يأكل الشعير ويطعم أهله الخشكار ويطعم المساكين الدرمك.
وقد قيل : إنه كان يأكل الرماد ويتوسده، والأول أصح، إذ الرماد ليس بقوت.
وروي أنه ما شبع قط، فقيل له في ذلك فقال : أخاف إن شبعت أن أنسى الجياع.
وهذا من الشكر ومن القليل، فتأمله، والله أعلم.

تفسير ابن كثير لما ذكر تعالى ما أنعم به على داود عطف بذكره ما أعطى ابنه سليمان عليهما الصلاة والسلام، من تسخير الريح له تحمل بساطه غدوها شهر ورواحها شهر، قال الحسن البصري: كان يغدو على بساطه من دمشق فينزل بإصطخر يتغدى بها، ويذهب رائحاً من إصطخر فيبيت بكابل، وبين دمشق وإصطخر شهر كامل للمسرع، وبين إصطخر وكابل شهر كامل للمسرع، وقوله تعالى: {وأسلنا له عين القطر} قال ابن عباس رضي اللّه عنهما ومجاهد وغير واحد: القطر النحاس، قال قتادة: وكانت باليمن فكل ما يصنع الناس مما أخرج اللّه تعالى لسليمان عليه السلام، قال السدي: وإنما أسيلت له ثلاثة أيام، وقوله تعالى: {ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه} أي وسخرنا له الجن يعملون بين يديه {بإذن ربه} أي بقدره وتسخيره لهم بمشيئته، ما يشاء من البنايات وغير ذلك {ومن يزغ منهم عن أمرنا} أي ومن يعدل ويخرج منهم عن الطاعة {نذقه من عذاب السعير} وهو الحريق، وقوله تعالى: {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل} أما المحاريب فهي البناء الحسن وهو أشرف شيء في المسكن وصدره، وقال مجاهد: المحاريب بنيان دون القصور، وقال الضحاك: هي المساجد، وقال قتادة: هي القصور والمساجد، وقال ابن زيد: هي المساكن، وأما التماثيل، فقال الضحاك والسدي: التماثيل الصور، قال مجاهد: وكانت من نحاس، وقال قتادة: من طين وزجاج. وقوله تعالى: {وجفان كالجواب وقدور راسيات} الجواب جمع جابية وهي الحوض الذي يجبى فيه الماء، قال الأعشى: تروح على آل المحلق جفنة ** كجابية الشيخ العراقي تفهق وقال ابن عباس {كالجواب} كالحياض (وكذا قال مجاهد والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم) ، والقدور الراسيات أي الثابتات في أماكنها لا تتحرك ولا تتحول عن أماكنها لعظمها، وقال عكرمة: أثافيها منها، وقوله تعالى: {اعملوا آل داود شكراً} أي وقلنا لهم اعملوا شكراً على ما أنعم به عليكم في الدين والدنيا، قال السلمي: الصلاة شكر، والصيام شكر، وكل خير تعمله للّه عزَّ وجلَّ شكر، وأفضل الشكر الحمد ""رواه ابن جرير عن أبي عبد الرحمن السلمي"". وقال القرظي: الشكر تقوى اللّه تعالى والعمل الصالح، وهذا يقال لمن هو متلبس بالفعل، وقد كان آل داود عليهم السلام كذلك قائمين بشكر اللّه تعالى قولاً وعملاً، قال ابن أبي حاتم عن ثابت البناني قال: كان داود عليه السلام قد جزءا على أهله وولده ونسائه الصلاة، فكان لا تأتي عليهم ساعة من الليل والنهار إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي فغمرتهم هذه الآية {اعملوا آل داود شكراً وقليل من عبادي الشكور}. وفي الصحيحين عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (إن أحب الصلاة إلى اللّه تعالى صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وأحب الصيام إلى اللّه تعالى صيام داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ولا يفر إذا لاقى). وقد روي عن جابر رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (قالت أم سليمان بن داود عليهم السلام لسليمان: يا بني لا تكثر النوم بالليل فإن كثرة النوم بالليل تترك الرجل فقيراً يوم القيامة) ""أخرجه ابن ماجه في سننه"". وقال فضيل في قوله تعالى: {اعملوا آل داود شكراً} قال: داود يا رب كيف أشكرك والشكر نعمة منك؟ قال: (الآن شكرتني حين علمت أن النعمة مني)، وقوله تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} إخبار عن الواقع.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি