نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأحزاب آية 10
إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا

التفسير الميسر اذكروا إذ جاؤوكم مِن فوقكم من أعلى الوادي من جهة المشرق، ومن أسفل منكم من بطن الوادي من جهة المغرب، وإذ شخصت الأبصار من شدة الحَيْرة والدهشة، وبلغت القلوب الحناجر من شدة الرعب، وغلب اليأس المنافقين، وكثرت الأقاويل، وتظنون بالله الظنون السيئة أنه لا ينصر دينه، ولا يعلي كلمته.

تفسير الجلالين
10 - (إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم) من أعلى الوادي وأسفله من المشرق والمغرب (وإذ زاغت الأبصار) مالت عن كل شيء إلى عدوها من كل جانب (وبلغت القلوب الحناجر) جمع حنجرة وهي منتهى الحلقوم من شدة الخوف (وتظنون بالله الظنونا) المختلفة بالنصر واليأس

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم} "إذ" في موضع نصب بمعنى واذكر.
وكذا {وإذ قالت طائفة منهم}.
{من فوقكم} يعني من فوق الوادي، وهو أعلاه من قبل المشرق، جاء منه عوف بن مالك في بني نصر، وعيينه بن حصن في أهل نجد، وطليحة بن خويلد الأسدي في بني أسد.
{ومن أسفل منكم} يعني من بطن الوادي من قبل المغرب، جاء منه أبو سفيان بن حرب على أهل مكة، ويزيد بن جحش على قريش، وجاء أبو الأعور السلمي ومعه حيي بن أخطب اليهودي في يهود بني قريظة مع عامر بن الطفيل من وجه الخندق.
{وإذ زاغت الأبصار} أي شخصت.
وقيل : مالت؛ فلم تلتفت إلا إلى عدوها دهشا من فرط الهول.
{وبلغت القلوب الحناجر} أي زالت عن أماكنها من الصدور حتى بلغت الحناجر وهي الحلاقيم، واحدها حنجرة؛ فلولا أن الحلوق ضاقت عنها لخرجت؛ قاله قتادة.
وقيل : هو على معنى المبالغة على مذهب العرب على إضمار كاد؛ قال : إذا ما غضبنا غضبة مضرية ** هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما أي كادت تقطر.
ويقال : إن الرئة تنفتح عند الخوف فيرتفع القلب حتى يكاد يبلغ الحنجرة مثلا؛ ولهذا يقال للجبان : انتفخ سحره.
وقيل : إنه مثل مضروب في شدة الخوف ببلوغ القلوب الحناجر وإن لم تزل عن أماكنها مع بقاء الحياة.
قال معناه عكرمة.
روى حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال : بلغ فزعها.
والأظهر أنه أراد اضطراب القلب وضربانه، أي كأنه لشدة اضطرابه بلغ الحنجرة.
والحنجرة والحنجور (بزيادة النون) حرف الحلق.
{وتظنون بالله الظنونا} قال الحسن : ظن المنافقون أن المسلمين يستأصلون، وظن المؤمنون أنهم ينصرون.
وقيل : هو خطاب للمنافقين؛ أي قلتم هلك محمد وأصحابه.
واختلف القراء في قوله تعالى: "الظنونا، والرسولا، والسبيلا" آخر السورة؛ فأثبت ألفاتها في الوقف والوصل نافع وابن عامر.
وروي عن أبي عمرو الكسائي تمسكا بخط المصحف، مصحف عثمان، وجميع المصاحف في جميع البلدان.
واختاره أبو عبيد؛ إلا أنه قال : لا ينبغي للقارئ أن يدرج القراءة بعدهن لكن يقف عليهن.
قالوا : ولأن العرب تفعل ذلك في قوافي أشعارهم ومصاريعها؛ قال : نحن جلبنا القرح القوافلا ** تستنفر الأواخر الأوائلا وقرأ أبو عمرو والجحدري ويعقوب وحمزة بحذفها في الوصل والوقف معا.
قالوا : هي زائدة في الخط كما زيدت الألف في قوله تعالى: {ولأوضعوا خلالكم} التوبة : 47] فكتبوها كذلك، وغير هذا.
وأما الشعر فموضع ضرورة، بخلاف القرآن فإنه أفصح اللغات ولا ضرورة فيه.
قال ابن الأنباري : ولم يخالف المصحف من قرأ.
"الظنون.
والسبيل.
والرسول" بغير ألف في الحروف الثلاثة، وخطهن في المصحف بألف لأن الألف التي في {أطعنا} والداخلة في أول "الرسول.
والظنون.
والسبيل" كفى من الألف المتطرفة المتأخرة كما كفت ألف أبي جاد من ألف هواز.
وفيه حجة أخرى : أن الألف أنزلت منزلة الفتحة وما يلحق دعامة للحركة التي تسبق والنية فيه السقوط؛ فلما عمل على هذا كانت الألف مع الفتحة كالشيء الواحد يوجب الوقف سقوطهما ويعمل على أن صورة الألف في الخط لا توجب موضعا في اللفظ، وأنها كالألف في "سحران" وفي "فطر السموات والأرض" وفي "وعدنا موسى" وما يشبههن مما يحذف من الخط وهو موجود في اللفظ، وهو مسقط من الخط.
وفيه حجة ثالثة هي أنه كتب على لغة من يقول لقيت الرجلا.
وقرئ على لغة من يقول : لقيت الرجل، بغير ألف.
أخبرنا أحمد بن يحيى عن جماعة من أهل اللغة أنهم رووا عن العرب قام الرجلو، بواو، ومررت بالرجلي، بياء، في الوصل والوقف.
ولقيت الرجلا؛ بألف في الحالتين كلتيهما.
قال الشاعر : أسائلة عميرة عن أبيها ** خلال الجيش تعترف الركابا فأثبت الألف في "الركاب" بناء على هذه اللغة.
وقال الآخر : إذا الجوزاء أردفت الثريا ** ظننت بآل فاطمة الظنونا وعلى هذه اللغة بنى نافع وغيره.
وقرأ ابن كثير وابن محيصن والكسائي بإثباتها في الوقف وحذفها في الوصل.
قال ابن الأنباري : ومن وصل بغير ألف ووقف بألف فجائز أن يحتج بأن الألف احتاج إليها عند السكت حرصا على بقاء الفتحة، وأن الألف تدعمها وتقويها.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن نعمته وفضله وإحسانه، إلى عباده المؤمنين في صرفه أعداءهم وهزمه إياهم، عام تألبوا عليهم وتحزبوا، وذلك عام الخندق، وكان سبب قدوم الأحزاب أن نفرا من أشراف يهود بني النضير، الذين كانوا قد أجلاهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من المدينة إلى خيبر، منهم سلام بن أبي الحقيق وسلام بن مشكم وكنانة بن الربيع خرجوا إلى مكة، فاجتمعوا بأشراف قريش، وألبوهم على حرب النبي صلى اللّه عليه وسلم، ووعدوهم من أنفسهم النصر والإعانة، فأجابوهم إلى ذلك، ثم خرجوا إلى غطفان فدعوهم فاستجابوا لهم أيضاً، وخرجت قريش في أحابيشها ومن تابعها وقائدهم أبو سفيان صخر بن حرب، وعلى غطفان عيينة بن حصن بن بدر، والجميع قريب من عشرة آلاف، فلما سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمسيرهم أمر المسلمين بحفر الخندق حول المدينة مما يلي الشرق، وذلك بإشارة سلمان الفارسي رضي اللّه عنه، فعمل المسلمون فيه واجتهدوا ونقل معهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التراب وحفر، وجاء المشركون فنزلوا شرقي المدينة قريباً من أحد، ونزلت طائفة منهم في أعالي أرض المدينة، كما قال اللّه تعالى: {إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم}، وخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومن معه من المسلمين وهم نحو من ثلاثة آلاف، فأسندوا ظهورهم إلى سلع ووجوههم نحو العدو، والخندق حفير ليس فيه ماء بينهم وبينهم، يحجب الخيالة والرجالة أن تصل إليهم وجعل النساء والذراري في آطام المدينة، وكانت بنو قريظة وهم طائفة من اليهود لهم حصن شرقي المدينة، ولهم عهد من النبي صلى اللّه عليه وسلم وذمة، وهم قريب من ثمانمائة مقاتل، فذهب إليهم حيي بن أخطب فلم يزل بهم حتى نقضوا العهد، ومالؤوا الأحزاب على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فعظم الخطب واشتد الأمر، وضاق الحال، كما قال اللّه تبارك وتعالى: {هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً} ومكثوا محاصرين للنبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه قريباً من شهر، إلا أنهم لا يصلون إليهم، ولم يقع بينهم قتال، ثم أرسل اللّه عزَّ وجلَّ على الأحزاب ريح شديدة الهبوب قوية حتى لم يبق لهم خيمة ولا شيء، ولا توقد لهم نار ولا يقر لهم قرار، حتى ارتحلوا خائبين خاسرين، كما قال اللّه عزَّ وجلَّ: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً} قال مجاهد: وهي الصَّبا، ويؤيده الحديث الشريف: (نصرت بالصَّبا وأهلكت عاد بالدَّبُور). وقوله تعالى: {وجنوداً لم تروها} هم الملائكة زلزلتهم وألقت في قلوبهم الرعب والخوف، فكان رئيس كل قبيلة يقول: يا بني فلان إليّ ، فيجتمعون إليه فيقول: النجاء لما ألقى اللّه عزَّ وجلَّ في قلوبهم من الرعب، روى مسلم في صحيحه عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال: كنا عند حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه فقال له رجل: لو أدركت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قاتلت معه وأبليت، فقال له حذيفة: أنت كنت تفعل ذلك؟ لقد رأيتنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة الأحزاب في ليلة ذات ريح شديدة وَقرّ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ألا رجل يأتي بخبر القوم يكون معي يوم القيامة) فلم يجبه منّا أحد، ثم الثانية، ثم الثالثة مثله، ثم قال صلى اللّه عليه وسلم: (يا حذيفة قم فأتنا بخبر من القوم) فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم فقال: (ائتني بخبر القوم ولا تذعرهم عليَّ، قال فمضيت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم، فإذا أبو سفيان يصلي ظهره بالنار، فوضعت سهماً في كبد قوسي وأردت أن أرميه، ثم ذكرت قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لا تذعرهم عليّ ولو رميته لأصبته، قال: فرجعت كأنما أمشي في حمام فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم أصابني البرد حين فرغت وقررت، فأخبرت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وألبسني من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها فلم أزل نائماً حتى الصبح، فلما أن أصبحت قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (قم يا نومان) ""أخرجه مسلم في صحيحه"". وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة قال: ذكر حذيفة رضي اللّه عنه مشاهدهم مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال جلساؤه: أما واللّه لو شهدنا ذلك لكنا فعلنا وفعلنا، فقال حذيفة: لا تمنوا ذلك لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعوداً وأبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة لليهود أسفل منا نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا قط أشد ظلمة ولا أشد ريحاً في أصوات ريحها أمثال الصواعق وهي ظلمة ما يرى أحدنا أصبعه، فجعل المنافقون يستأذنون النبي صلى اللّه عليه وسلم ويقولون: إن بيوتنا عورة وما هي بعورة، فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له، ويأذن لهم فيتسللون ونحن ثلاثمائة أو نحو ذلك إذا استقبلنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلاً رجلاً، حتى أتى علي وما عليَّ جنة من العدو ولا من البرد إلا مرط لامرأتي ما يجاوز ركبتي، قال فأتاني صلى اللّه عليه وسلم، وأنا جاث على ركبتي فقال: (من هذا؟) فقلت: حذيفة، قال: (حذيفة؟) فتقاصرت الأرض فقلت: بلى يا رسول اللّه كراهية أن أقوم فقمت، فقال: (إنه كائن في القوم خبر فأتني بخبر القوم) قال: وأنا من أشد الناس فزعاً وأشدهم قرًّا قال: فخرجت فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته)، قال: فواللّه ما خلق اللّه تعالى فزعاً ولا قرا في جوفي إلا خرج من جوفي، فما أجد فيه شيئاً، قال: فلما وليت قال صلى اللّه عليه وسلم: (يا حذيفة لا تحدثن في القوم شيئاً حتى تأتيني) قال: فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضوء نار لهم توقد، فإذا رجل أدهم ضخم يقول بيده على النار ويمسح خاصرته ويقول: الرحيل الرحيل ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك، فانتزعت سهماً من كنانتي أبيض الريش، فأضعه في كبد قوسي لأرميه به في ضوء النار، فذكرت قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لا تحدثن فيهم شيئاً حتى تأتيني)، قال: فأمسكت ورددت سهمي إلى كنانتي ثم إني شجعت نفسي حتى دخلت المعسكر، فإذا أدنى الناس مني بنو عامر يقولون: يا آل عامر الرحيل الرحيل لا مقام لكم، وإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبراً، فواللّه إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم الريح تضربهم بها، ثم خرجت نحو النبي صلى اللّه عليه وسلم، فلما انتصفت في الطريق أو نحواً من ذلك، إذا أنا بنحو من عشرين فارساً أو نحو ذلك معتمين فقالوا: أخبر صاحبك أن اللّه تعالى كفاه القوم، فرجعت إلى رسول اللّه صلى للّه عليه وسلم وهو مشتمل في شملة يصلي فواللّه ما عدا أن رجعت راجعني القر وجعلت أقرقف، فأومأ إلي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيده وهو يصلي، فدنوت منه، فأسبل علي شملة، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى، فأخبرته خبر القوم وأخبرته أني تركتهم يرتحلون، وأنزل اللّه تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان اللّه بما تعملون بصيراً} ""أخرجه الحاكم والبيهقي في دلائل النبوة""ولأبي داود: وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى ""أخرجه أبو داود في سننه""؛ وقوله تعالى: {إذا جاءوكم من فوقكم} أي الأحزاب {ومن أسفل منكم} تقدم عن حذيفة رضي اللّه عنه أنهم بنو قريظة، {وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر} أي من شدة الخوف والفزع، {وتظنون باللّه الظنونا} ظن بعض من كان مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن الدائرة على المؤمنين، وقال محمد بن إسحاق: ظن المؤمنون كل ظن ونجم النفاق، حتى قال معتب بن قشير : كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يقدر على أن يذهب إلى الغائط. وقال الحسن في قوله عز وجل: {وتظنون باللّه الظنونا} ظنون مختلفة ظن المنافقون أن محمداً صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه يستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعد اللّه ورسوله حق وأنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وعن أبي سعيد رضي اللّه عنه قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول اللّه هل من شيء نقول، فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (نعم، قولوا: اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا قال: فضرب وجوه أعدائه بالريح، فهزمهم بالريح ""أخرجه ابن أبي حاتم ورواه الإمام أحمد بمثله"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি