نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة لقمان آية 18
وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ

التفسير الميسر ولا تُمِلْ وجهك عن الناس إذا كلَّمتهم أو كلموك؛ احتقارًا منك لهم واستكبارًا عليهم، ولا تمش في الأرض بين الناس مختالا متبخترًا، إن الله لا يحب كل متكبر متباه في نفسه وهيئته وقوله.

تفسير الجلالين
18 - (ولا تصعر) وفي قراءة تصاعر (خدك للناس) لا تمل وجهك عنهم تكبرا (ولا تمش في الأرض مرحا) خيلاء (إن الله لا يحب كل مختال) متبختر في مشيه (فخور) على الناس

تفسير القرطبي
فيه ثلاث مسائل: الأولى: قرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وابن محيصن: "تصاعر" بالألف بعد الصاد.
وقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر والحسن ومجاهد: "تُصَعّر" وقرأ الجحدري: "تُصْعر" بسكون الصاد؛ والمعنى متقارب.
والصعر : الميل؛ ومنه قول الأعرابي : وقد أقام الدهر صعري، بعد أن أقمت صعره.
ومنه قول عمرو بن حنّي التغلبي : وكنا إذا الجبار صعر خده ** أقمنا له من ميله فتقومِ وأنشده الطبري: {فتقوما}.
قال ابن عطية : وهو خطأ؛ لأن قافية الشعر مخفوضة.
وفي بيت آخر : أقمنا له من خّده المتصعر قال الهروي: "لا تصاعر" أي لا تعرض عنهم تكبرا عليهم؛ يقال : أصاب البعير صعر وصيد إذ أصابه داء يلوي منه عنقه.
ثم يقال للمتكبر : فيه صعر وصيد؛ فمعنى: {لا تصعر} أي لا تلزم خّدك الصعر.
وفي الحديث : (يأتي على الناس زمان ليس فيهم إلا أصعر أو أبتر) والأصعر : المعرض بوجهه كبرا؛ وأراد رذالة الناس الذين لا دين لهم.
وفي الحديث : (كل صعار ملعون) أي كل ذي أبهة وكبر.
الثانية: معنى الآية : ولا تمل خّدك للناس كبرا عليهم وإعجابا واحتقارا لهم.
وهذا تأويل ابن عباس وجماعة.
وقيل : هو أن تلوي شدقك إذا ذكر الرجل عندك كأنك تحتقره؛ فالمعنى : أقبل عليهم متواضعا مؤنسا مستأنسا، وإذا حدثك أصغرهم فاصغ إليه حتى يكمل حديثه.
وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.
قلت : ومن هذا المعنى ما رواه مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا تباغضوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث).
فالتدابر الإعراض وترك الكلام والسلام ونحوه.
وإنما قيل للإعراض تدابر لأن من أبغضته أعرضت عنه ووليته دبرك؛ وكذلك يصنع هو بك.
ومن أحببته أقبلت عليه بوجهك وواجهته لتسره ويسرك؛ فمعنى التدابر موجود فيمن صعر خده، وبه فسر مجاهد الآية.
وقال ابن خويز منداد : قوله: {ولا تصاعر خّدك للناس} كأنه نهى أن يذل الإنسان نفسه من غير حاجة؛ ونحو ذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ليس للإنسان أن يذل نفسه).
الثالثة: قوله تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحا} أي متبخترا متكبرا، مصدر في موضع الحال، وقد مضى في "الإسراء".
وهو النشاط والمشي فرحا في غير شغل وفي غير حاجة.
وأهل هذا الخلق ملازمون للفخر والخيلاء؛ فالمرح مختال في مشيته.
روى يحيى بن جابر الطائي عن ابن عائذ الأزدي عن غضيف بن الحارث قال : أتيت بيت المقدس أنا وعبدالله بن عبيد بن عمير قال : فجلسنا إلى عبدالله بن عمرو بن العاصي فسمعته يقول : إن القبر يكلم العبد إذا وضع فيه فيقول : يا ابن آدم ما غرك بي! ألم تعلم أني بيت الوحدة! ألم تعلم أني بيت الظلمة! ألم تعلم أني بيت الحق! يا ابن آدم ما غّرك بي! لقد كنت تمشي حولي فّدادا.
قال ابن عائذ قلت لغُضيف : ما الفدّاد يا أبا أسماء؟ قال : كبعض مشيتك يا ابن أخي أحيانا.
قال أبو عبيد : والمعنى ذا مال كثير وذا خيلاء.
وقال صلى الله عليه وسلم : (من جّر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة).
والفخور : هو الذي يعدد ما أعطي ولا يشكر الله تعالى؛ قاله مجاهد.
وفي اللفظة الفخر بالنسب وغير ذلك.

تفسير ابن كثير هذه وصايا نافعة حكاها اللّه سبحانه عن لقمان الحكيم ليمتثلها الناس ويقتدوا بها، فقال: {يا بنيّ إنها إن تك مثقال حبة من خردل} أي إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة خردل، وكانت مخفية في السماوات أو في الأرض {يأت بها اللّه} أي أحضرها اللّه يوم القيامة حين يضع الموازين القسط، وجازى عليها إن خيراً فخير، وإن شرا فشر، كما قال تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً} الآية، ولو كانت تلك الذرة محصنة محجبة في داخل صخرة صماء، أو ذاهبة في أرجاء السماوات والأرض، فإن اللّه يأتي بها لأنه لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض، ولهذا قال تعالى: {إن اللّه لطيف خبير} أي لطيف العلم فلا تخفى عليه الأشياء، وإن دقّت ولطفت وتضاءلت، {خبير} بدبيب النمل في الليل البهيم، وقد زعم بعضهم أن المراد بقوله: {فتكن في صخرة} أنها صخرة تحت الأرضين السبع، والظاهر - واللّه أعلم - أن المراد أن هذه الحبة في حقارتها لو كانت داخل صخرة فإن اللّه سيبديها ويظهرها بلطيف عمله، كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة، لخرج عمله للناس كائناً ما كان) ""أخرجه أحمد عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً""، ثم قال: {يا بنيَّ أقم الصلاة} أي بحدودها وفروضها وأوقاتها، {وأمر بالمعروف وانه عن المنكر} أي بحسب طاقتك وجهدك، {واصبر على ما أصابك} لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، لا بد أن يناله من الناس أذى فأمره بالصبر، وقوله: {إن ذلك من عزم الأمور} أي أن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور. وقوله تعالى: {ولا تصعر خدك للناس} يقول: لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم أو كلموك، احتقاراً منك لهم واستكباراً عليهم، ولكن أََلِنْ جانبك وابسط وجهك إليهم، كما جاء في الحديث: (ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط)، قال ابن عباس يقول: لا تتكبر فتحتقر عباد اللّه وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك، وقال زيد بن أسلم {ولا تصعر خدك للناس}: لا تتكلم وأنت معرض، وقال إبراهيم النخعي: يعني بذلك التشدق في الكلام، والصواب القول الأول، قال الشاعر (هو عمرو بن حيي التغلبي ): وكنا إذا الجبار صعَّر خده ** أقمنا له من ميله فتقوما وقوله تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحاً} أي خيلاء متكبراً جباراً عنيداً، لا تفعل ذلك يبغضك اللّه، ولهذا قال: {إن اللّه لا يحب كل مختال فخور} أي مختال معجب في نفسه {فخور} أي على غيره، وقال تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً}. عن ثابت بن قيس بن شماس قال: ذكر الكبر عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فشدد فيه فقال: (إن اللّه لا يحب كل مختال فخور) فقال رجل من القوم: واللّه يا رسول اللّه إني لأغسل ثيابي فيعجبني بياضها ويعجبني شراك نعلي وعلاقة سوطي، فقال: (ليس ذلك الكبر، إنما الكبر أن تسفه الحق، وتغمط الناس) ""أخرجه الطبراني عن ثابت بن قيس وفيه قصة طويلة""، وقوله: {واقصد في مشيك} أي امش مقتصدا مشياً ليس بالبطيء المتثبط، ولا بالسريع المفرط بل عدلاً وسطاً بين بين وقوله: {واغضض من صوتك} أي لا تبالغ في الكلام ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه، ولهذا قال: {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} قال مجاهد: إن أقبح الأصوات لصوت الحمير، أي غاية من رفع صوته أنه يشبه بالحمير في علوه ورفعه، ومع هذا هو بغيض إلى اللّه تعالى، وهذا التشبيه بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم، لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)، وروى النسائي عند تفسير هذه الآية عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا اللّه من فضله، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا باللّه من الشيطان، فإنها رأت شيطاناً) ""أخرجه النسائي وبقية الجماعة سوى ابن ماجه"". فهذه وصايا نافعة جدا، وهي من قصص القرآن العظيم، عن لقمان الحكيم، وقد روي عنه من الحكم والمواعظ أشياء كثيرة.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি