نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة لقمان آية 14
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ

التفسير الميسر وأَمَرْنا الإنسان ببرِّ والديه والإحسان إليهما، حَمَلَتْه أمه ضعفًا على ضعف، وحمله وفِطامه عن الرضاعة في مدة عامين، وقلنا له: اشكر لله، ثم اشكر لوالديك، إليَّ المرجع فأُجازي كُلا بما يستحق.

تفسير الجلالين
14 - (ووصينا الإنسان بوالديه) أمرناه أن يبرهما (حملته أمه) فوهنت (وهنا على وهن) ضعفت للحمل وضعفت للطلق وضعفت للولادة (وفصاله) أي فطامه (في عامين) وقلنا له (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير) أي المرجع

تفسير القرطبي
فيه ثمانية مسائل: الأولى: قوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه} هاتان الآيتان اعتراض بين أثناء وصية لقمان.
وقيل : إن هذا مما أوصى به لقمان ابنه؛ أخبر الله به عنه؛ أي قال لقمان لابنه : لا تشرك بالله ولا تطع في الشرك والديك، فإن الله وصى بهما في طاعتهما مما لا يكون شركا ومعصية لله تعالى.
وقيل : أي وإذ قال لقمان لابنه؛ فقلنا للقمان فيما آتيناه من الحكمة ووصينا الإنسان بوالديه؛ أي قلنا له اشكر لله، وقلنا له ووصينا الإنسان.
وقيل : وإذ قال لقمان لابنه، لا تشرك، ونحن وصينا الإنسان بوالديه حسنا، وأمرنا الناس بهذا، وأمر لقمان به ابنه؛ ذكر هذه الأقوال القشيري.
والصحيح أن هاتين الآيتين نزلتا في شأن سعد بن أبي وقاص؛ كما تقدم في "العنكبوت" وعليه جماعة المفسرين.
وجملة هذا الباب أن طاعة الأبوين لا تراعى في ركوب كبيرة ولا في ترك فريضة على الأعيان، وتلزم طاعتهما في المباحات، ويستحسن في ترك الطاعات الندب؛ ومنه أمر الجهاد الكفاية، والإجابة للأم في الصلاة مع إمكان الإعادة؛ على أن هذا أقوى من الندب؛ لكن يعلل بخوف هلكة عليها، ونحوه مما يبيح قطع الصلاة فلا يكون أقوى من الندب.
وخالف الحسن في هذا التفصيل فقال : إن منعته أمه من شهود العشاء شفقة فلا يطعها.
الثانية: لما خص تعالى الأم بدرجة ذكر الحمل وبدرجة ذكر الرضاع حصل لها بذلك ثلاث مراتب، وللأب واحدة؛ وأشبه ذلك قوله صلى الله عليه وسلم حين قال له رجل من أبّر؟ قال : (أمك) قال ثم من؟ قال : (أمك) قال ثم من؟ قال : (أمك) قال ثم من؟ قال : (أبوك) فجعل له الّربع من المبرة كما في هذه الآية؛ وقد مضى هذا كله في "الإسراء".
الثالثة: قوله تعالى: {وهنا على وهن} أي حملته في بطنها وهي تزداد كل يوم ضعفا على ضعف.
وقيل : المرأة ضعيفة الخلقة ثم يضعفها الحمل.
وقرأ عيسى الثقفّي {وهنا على وهن} بفتح الهاء فيهما؛ ورويت عن أبي عمرو، وهما بمعنى واحد.
قال قعنب بن أم صاحب : هل للعواذل من ناه فيزجرها ** إن العواذل فيها الأين والوهن يقال : وهن يهن، ووهن يوهن ووهن، يهن؛ مثل ورم يرم.
وانتصب {وهنا} على المصدر؛ ذكره القشيري.
النحاس : على المفعول الثاني بإسقاط حرف الجر؛ أي حملته بضعف على ضعف.
وقرأ الجمهور {وفصاله} وقرأ الحسن ويعقوب {وفصله} وهما لغتان، أي وفصاله في انقضاء عامين؛ والمقصود من الفصال الفطام، فعبّر بغايته ونهايته.
ويقال : انفصل عن كذا أي تميّز؛ وبه سمي الفصيل.
الرابعة: الناس مجمعون على العامين في مدة الرضاع في باب الأحكام والنفقات، وأما في تحريم اللبن فحّددت فرقة بالعام لا زيادة ولا نقص.
وقالت فرقة : العامان وما اتصل بهما من الشهر ونحوه إذا كان متصل الرضاع.
وقالت فرقة : إن فطم الصبّي قبل العامين وترك اللبن فإن ما شرب بعد ذلك في الحولين لا يحّرم؛ وقد مضى هذا في "البقرة" مستوفى.
الخامسة: قوله تعالى: {أن اشكر لي} {أن} في موضع نصب في قول الزجاج، وأن المعنى : ووصينا الإنسان بوالديه أن اشكر لي.
النحاس : وأجود منه أن تكون {أن} مفسرة، والمعنى : قلنا له أن اشكر لي ولوالديك.
قيل : الشكر لله على نعمة الإيمان، وللوالدين على نعمة التربية.
وقال سفيان بن عيينة : من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله تعالى، ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات فقد شكرهما.
السادسة: قوله تعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} قد بينا أن هذه الآية والتي قبلها نزلتا في شأن سعد بن أبي وقاص لما أسلم، وأن أمه وهي حمنة بنت أبي سفيان بن أمية حلفت ألا تأكل؛ كما تقدم في الآية قبلها.
السابعة: قوله تعالى: {وصاحبهما في الدنيا معروفا} نعت لمصدر محذوف؛ أي مصاحبا معروفا؛ يقال صاحبته مصاحبة ومصاحبا.
و{معروفا} أي ما يحسن.
والآية دليل على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين، وإلانة القول والدعاء إلى الإسلام برفق.
وقد قالت أسماء بنت أبي بكر الصديق للنبّي عليه الصلاة والسلام وقد قدمت عليه خالتها وقيل أمها من الرضاعة فقالت : يا رسول الله، إن أمي قدمت علّي وهي راغبة أفأصلها؟ قال : (نعم).
وراغبة قيل معناه : عن الإسلام.
قال ابن عطية : والظاهر عندي أنها راغبة في الصلة، وما كانت لتقدم على أسماء لولا حاجتها.
ووالدة أسماء هي قتيلة بنت عبد العّزى بن عبد أسد.
وأم عائشة وعبد الرحمن هي أم رومان قديمة الإسلام.
الثامنة: قوله تعالى: {واتبع سبيل من أناب إلي} وصية لجميع العالم؛ كأن المأمور الإنسان.
و{أناب} معناه مال ورجع إلى الشيء؛ وهذه سبيل الأنبياء والصالحين.
وحكى النقاش أن المأمور سعد، والذي أناب أبو بكر؛ وقال : إن أبا بكر لما أسلم أتاه سعد وعبد الرحمن بن عوف وعثمان وطلحة وسعيد والزبير فقالوا : آمنت! قال نعم؛ فنزلت فيه {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه} الزمر : 9] فلما سمعها الستة آمنوا؛ فأنزل الله تعالى فيهم: {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى} إلى قوله: {أولئك الذين هداهم الله} الزمر : 17 - 18].
قيل : الذي أناب النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عباس : ولما أسلم سعد أسلم معه أخواه عامر وعويمر؛ فلم يبق منهم مشرك إلا عتبة.
ثم توعد عز وجل ببعث من في القبور والرجوع إليه للجزاء والتوقيف على صغير الأعمال وكبيرها.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن وصية لقمان لولده، وقد ذكره اللّه تعالى بأحسن الذكر، وهو يوصي ولده الذي هو أشفق الناس عليه وأحبهم إليه، فهو حقيق أن يمنحه أفضل ما يعرف، ولهذا أوصاه أولاً بأن يعبد اللّه وحده ولا يشرك به شيئاً، ثم قال محذراً له ‏{‏إن الشرك لظلم عظيم‏}‏ أي هو أعظم الظلم‏. ‏ عن عبد اللّه بن مسعود قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ شق ذلك على أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقالوا‏:‏ أينا لم يلبس إيمانه بظلم‏؟‏ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنه ليس بذلك، ألا تسمع إلى قول لقمان ‏{‏يا بنيَّ لا تشرك باللّه إن الشرك لظلم عظيم‏}‏ ‏"‏أخرجه البخاري ومسلم عن عبد اللّه بن مسعود‏" ثم قرن بوصيته إياه بعبادة اللّه وحده، البر بالوالدين كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً‏}‏ وكثيراً ما يقرن تعالى بين ذلك في القرآن؛ وقال ههنا‏:‏ ‏{‏ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن‏}‏، قال مجاهد‏:‏ مشقة وهن الولد؛ وقال قتادة‏:‏ جهداً على جهد؛ وقال عطاء الخراساني‏:‏ ضعفاً على ضعف، وقوله‏:‏ ‏{‏وفصاله في عامين‏}‏ أي تربيته وإرضاعه بعد وضعه في عامين، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة‏}‏ الآية، ومن ههنا استنبط ابن عباس وغيره من الأئمة أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، لأنه قال في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏وحمله وفصاله ثلاثون شهراً‏}‏، وإنما يذكر تعالى تربية الوالدة، وتعبها ومشقتها في سهرها ليلاً ونهاراً، ليذكّر الولد بإحسانها المتقدم إليه، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً‏}‏، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير‏}‏ أي فإني سأجزيك على ذلك أوفر جزاء‏. ‏ عن شعيب بن وهب قال‏:‏ قدم علينا معاذ بن جبل وكان بعثه النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقام فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم قال‏:‏ إني رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إليكم أن تعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تطيعوني لا آلوكم خيراً، وإن المصير إلى اللّه إلى الجنة أو إلى النار، إقامة فلا ظعن، وخلود فلا موت ‏"‏أخرجه ابن أبي حاتم، وهذا القول من كلام معاذ بن جبل رضي اللّه عنه‏"‏‏. ‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمها‏}‏ أي إن حرصا عليك كل الحرص، على أن تتابعهما على دينهما فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعك ذلك أن تصاحبهما في الدنيا ‏{‏معروفاً‏}‏ أي محسناً إليهما، ‏{‏واتبع سبيل من أناب إليّ‏}‏ يعني المؤمنين، ‏{‏ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون‏}‏، روى الطبراني عن داود بن أبي هند أن سعد بن مالك (سعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي اللّه عنه) قال‏:‏ أنزلت فيّ هذه الآية‏:‏ ‏{‏وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما‏}‏ الآية، قال‏:‏ كنت رجلاً براً بأمي، فلما أسلمت قالت‏:‏ يا سعد ما هذا الذي أراك قد أحدثت‏؟‏ لتدعنَّ دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت، فتعيّر بي، فيقال‏:‏ يا قاتل أمه، فقلت‏:‏ لا تفعلي يا أمه، فإني لا أدع ديني هذا لشيء؛ فمكثت يوماً وليلة لم تأكل فأصبحت قد جهدت، فمكثت يوماً آخر وليلة لم تأكل، فأصبحت قد جهدت، فمكثت يوماً وليلة أخرى لا تأكل، فأصبحت قد اشتد جهدها، فلما رأيت ذلك قلت يا أمه تعلمين واللّه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نَفساً نَفْساً ما تركت ديني هذا لشيء؛ فإن شئت فكلي وإن شئت لا تأكلي، فأكلت‏.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি