نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة العنكبوت آية 21
يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ ۖ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ

التفسير الميسر يعذب مَن يشاء مِن خلقه على ما أسلف مِن جرمه في أيام حياته، ويرحم مَن يشاء منهم ممن تاب وآمن وعمل صالحًا، وإليه ترجعون، فيجازيكم بما عملتم.

تفسير الجلالين
21 - (يعذب من يشاء) تعذيبه (ويرحم من يشاء) رحمته (وإليه تقلبون) تردون

تفسير القرطبي
قوله ‏{‏قل سيروا في الأرض‏} ‏أي قل لهم يا محمد سيروا في الأرض ‏{‏فانظروا كيف بدأ الخلق‏} ‏على كثرتهم وتفاوت هيئاتهم واختلاف ألسنتهم وألوانهم وطبائعهم وانظروا إلى مساكن القرون الماضية وديارهم وآثارهم كيف أهلكهم؛ لتعلموا بذلك كمال قدرة الله ‏{‏ثم الله ينشئ النشأة الآخرة‏} ‏وقرأ أبو عمرو وابن كثير النشاءة بفتح الشين وهما لغتان مثل الرأفة والرآفة وشبهه .
الجوهري‏:‏ أنشأه الله خلقه ، والاسم النشأة والنشاءة بالمد عن أبي عمرو بن العلاء ‏{‏إن الله على كل شيء قدير‏.
‏ يعذب من يشاء‏} ‏أي بعدله ‏{‏ويرحم من يشاء‏} ‏أي بفضله ‏{‏وإليه تقلبون‏} ‏ترجعون وتردون‏.
‏ ‏{‏وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء‏} ‏قال الفراء‏:‏ معناه ولا من في السماء بمعجزين الله وهو غامض في العربية؛ للضمير الذي لم يظهر في الثاني وهو كقول حسان‏:‏ فمن يهجو رسول الله منكم ** ويمدحه وينصره سواء أراد ومن يمدحه وينصره سواء؛ فأضمر من؛ وقال عبدالرحمن بن زيد ونظيره قوله سبحانه ‏{‏وما منا إلا له مقام معلوم‏}‏ أي من له والمعنى إن الله لا يعجزه أهل الأرض في الأرض ولا أهل السماء إن عصوه وقال قطرب‏:‏ ولا في السماء لو كنتم فيها كما تقول‏:‏ لا يفوتني فلان بالبصرة ولا ههنا بمعنى لا يفوتني بالبصرة لو صار إليها وقيل‏:‏ لا يستطيعون هربا في الأرض ولا في السماء وقال المبرد‏:‏ والمعنى ولا من في السماء على أن من ليست موصولة ولكن تكون نكرة و‏{‏في السماء‏} ‏صفة لها فأقيمت الصفة مقام الموصوف ورد ذلك علي بن سليمان وقال‏:‏ لا يجوز وقال‏:‏ إن "من" إذا كانت نكرة فلا بد من وصفها فصفتها كالصلة ولا يجوز حذف الموصول وترك الصلة؛ قال‏:‏ والمعنى إن الناس خوطبوا بما يعقلون؛ والمعنى لو كنتم في السماء ما أعجزتم الله؛ كما قال ‏{‏ولو كنتم في بروج مشيدة‏}‏ ‏.
‏ ‏{‏وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير‏} ‏ويجوز ‏{‏نصير‏}‏بالرفع على الموضع وتكون ‏{‏من‏} ‏زائدة‏.
‏ ‏{‏والذين كفروا بآيات الله ولقائه‏} ‏أي بالقرآن أو بما نصب من الأدلة والأعلام‏.
‏ ‏{‏أولئك يئسوا من رحمتي‏} ‏أي من الجنة ونسب اليأس إليهم والمعنى أويسوا وهذه الآيات اعتراض من الله تعالى تذكيرا وتحذيرا لأهل مكة‏.
‏ ثم عاد الخطاب إلى قصة إبراهيم فقال ‏{‏فما كان جواب قومه‏} ‏حين دعاهم إلى الله ‏{‏إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه‏} ‏اتفقوا على تحريقه ‏{‏فأنجاه الله من النار‏} ‏أي من إذايتها ‏{‏إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون‏} ‏أي إنجائه من النار العظيمة حتى لم تحرقه بعد ما ألقي فيها ‏{‏لآيات‏}‏‏.
‏ وقراءة العامة‏ {‏جواب‏} ‏بنصب الباء على أنه خبر كان و‏{‏أن قالوا‏} ‏في محل الرفع اسم كان وقرأ سالم الأفطس وعمرو بن دينار‏ {‏جواب‏} ‏بالرفع على أنه اسم ‏{‏كان‏}‏و‏{‏أن‏} ‏في موضع الخبر نصبا‏.
‏ قوله ‏{‏وقال‏} ‏إبراهيم ‏{‏إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا‏} ‏وقرأ حفص وحمزة‏ {‏مودةَ بينكم‏} ‏وابن كثير وأبو عمرو والكسائي‏ {‏مودةٌ بينِكم‏} ‏والأعشى عن أبي بكر عن عاصم وابن وثاب والأعمش‏ {‏مودة بينَكم‏} ‏الباقون ‏{‏مودةُ بينَكم‏} ‏فأما قراءة ابن كثير ففيها ثلاثة أوجه؛ ذكر الزجاج منها وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ أن المودة ارتفعت على خبر إن وتكون ‏{‏ما‏} ‏بمعنى الذي والتقدير إن الذي أتخذتموه من دون الله أوثانا مودة بينكم والوجه الآخر أن يكون على إضمار مبتدأ أي وهي مودة أو تلك مودة بينكم والمعنى ألهتكم أو جماعتكم مودة بينكم قال ابن الأنباري‏ {‏أوثانا‏} ‏وقف حسن لمن رفع المودة بإضمار ذلك مودة بينكم ومن رفع المودة على أنها خبر إن لم يقف والوجه الثالث الذي لم يذكره أن يكون ‏{‏مودة‏} ‏رفعا بالابتداء و‏{‏في الحياة الدنيا‏} ‏خبره؛ فأما إضافة ‏{‏مودة‏} ‏إلى ‏{‏بينكم‏}‏ فإنه جعل ‏{‏بينكم‏} ‏اسما غير ظرف والنحويون يقولون جعله مفعولا على السعة وحكى سيبويه‏:‏ يا سارق الليلة أهل الدار ولا يجوز أن يضاف إليه وهو ظرف؛ لعلةٍ ليس هذا موضع ذكرها ومن رفع ‏{‏مودة‏} ‏ونونها فعلى معنى ما ذكر و‏{‏بينكم‏} ‏بالنصب ظرفا ومن نصب ‏{‏مودة‏} ‏ولم ينونها جعلها مفعولة بوقوع الاتخاذ عليها وجعل ‏{‏إنما‏} ‏حرفا واحدا ولم يجعلها بمعنى الذي ويجوز نصب المودة على أنه مفعول من أجله كما تقول‏:‏ جئتك ابتغاء الخير وقصدت فلانا مودة له ‏{‏بينكم‏} ‏بالخفض ومن نون ‏{‏مودة‏} ‏ونصبها فعلى ما ذكر ‏{‏بينكم‏} ‏بالنصب من غير إضافة قال ابن الأنباري‏:‏ ومن قرأ‏ {‏مودةً بينكم‏}‏و ‏{‏مودة بينكم‏} ‏لم يقف على الأوثان ووقف على الحياة الدنيا ومعنى الآية جعلتم الأوثان تتحابون عليها وعلى عبادتها في الحياة الدنيا ‏{‏ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا‏} ‏تتبرأ الأوثان من عبادها والرؤساء من السفلة كما قال الله عز وجل ‏{‏الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين‏}‏ ‏.
‏ ‏{‏ومأواكم النار وما لكم من ناصرين‏} ‏هو خطاب لعبدة الأوثان الرؤساء منهم والأتباع وقيل‏:‏ تدخل فيه الأوثان كقوله ‏{‏إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم‏}‏ ‏.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن الخليل عليه السلام، أنه أرشدهم إلى إثبات المعاد الذي ينكرونه، بما يشاهدونه في أنفسهم من خلق اللّه إياهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً، ثم وجدوا وصاروا أناساً سامعين مبصرين، فالذي بدأ هذا قادر على إعادته، فإنه سهل عليه يسير لديه، ثم أرشدهم إلى الاعتبار بما في الآفاق من الآيات المشاهدة من خلق اللّه الأشياء: السماوات وما فيها من الكواكب المنيرة، والأرضين وما فيها من مهاد وجبال، وأودية وبراري وقفار، وأشجار وأنهار، وثمار وبحار، كل ذلك دال على حدوثها في أنفسها، وعلى وجود صانعها الفاعل المختار، الذي يقول للشيء كن فيكون، ولهذا قال: {أولم يروا كيف يبدئ اللّه الخلق ثم يعيده إن ذلك على اللّه يسير}، كقوله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}، ثم قال تعالى: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم اللّه ينشئ النشأة الآخرة} أي يوم القيامة، {إن اللّه على كل شيء قدير}، وهذا المقام شبيه بقوله تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}، وكقوله تعالى: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون؟ . أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون}، وقوله تعالى: {يعذب من يشاء ويرحم من يشاء} أي هو الحاكم المتصرف الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فله الخلق والأمر لأنه المالك الذي لا يظلم مثقال ذرة، كما جاء في الحديث: (إن اللّه لو عذب أهل سماواته وأهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم) ""أخرجه أصحاب السنن""، ولهذا قال تعالى: {يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون} أي ترجعون يوم القيامة، وقوله تعالى: {وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء} أي لا يعجزه أحد من أهل سماواته وأرضه، بل هو القاهر فوق عباده، فكل شيء خائف منه فقير إليه وهو الغني عما سواه {وما لكم من دون اللّه من ولي ولا نصير . والذين كفروا بآيات اللّه ولقائه} أي جحدوها وكفروا بالمعاد، {أولئك يئسوا من رحمتي} أي لا نصيب لهم فيها، {وأولئك لهم عذاب أليم} أي موجع شديد في الدنيا والآخرة.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি