نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الشعراء آية 186
وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ

التفسير الميسر قالوا: إنما أنت- يا شعيب- مِنَ الذين أصابهم السحر إصابة شديدة، فذهب بعقولهم، وما أنت إلا واحد مثلنا في البشرية، فكيف تختص دوننا بالرسالة؟ وإن أكبر ظننا أنك من الكاذبين فيما تدَّعيه من الرسالة. فإن كنت صادقًا في دعوى النبوة، فادع الله أن يسقط علينا قطع عذاب من السماء تستأصلنا.

تفسير الجلالين
186 - (وما أنت إلا بشر مثلنا وإن) مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي إنه (نظنك لمن الكاذبين)

تفسير القرطبي
قوله تعالى: {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} الأيك الشجر الملتف الكثير الواحدة أيكة.
ومن قرأ {أصحاب الأيكة} فهي الغيضة.
ومن قرأ {لَيكة} فهو اسم القرية.
ويقال : هما مثل بكة ومكة؛ قال الجوهري.
وقال النحاس : وقرأ أبو جعفر ونافع {كذب أصحاب ليكة المرسلين} وكذا قرأ : في "ص" وأجمع القراء على الخفض في التي في سورة "الحجر" والتي في سورة "ق" فيجب أن يرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه إذ كان المعنى واحدا.
وأما ما حكاه أبو عبيد من أن {ليكة} هي اسم القرية التي كانوا فيها وأن {الأيكة}اسم البلد فشيء لا يثبت ولا يعرف من قاله فيثبت علمه، ولو عرف من قاله لكان فيه نظر؛ لأن أهل العلم جميعا من أهل التفسير والعلم بكلام العرب على خلافه.
وروى عبدالله بن وهب عن جرير بن حازم عن قتادة قال : أرسل شعيب عليه السلام إلى أمتين : إلى قومه من أهل مدين، وإلى أصحاب الأيكة؛ قال : والأيكة غيضة من شجر ملتف.
وروى سعيد عن قتادة قال : كان أصحاب الأيكة أهل غيضة وشجر وكانت عامة شجرهم الدوم وهو شجر المقل.
وروى ابن جبير عن الضحاك قال : خرج أصحاب الأيكة - يعني حين أصابهم الحر - فانضموا إلى الغيضة والشجر، فأرسل الله عليهم سحابة فاستظلوا تحتها، فلما تكاملوا تحتها أحرقوا.
ولو لم يكن هذا إلا ما روي عن ابن عباس قال : و{الأيكة} الشجر.
ولا نعلم بين أهل اللغة اختلافا أن الأيكة الشجر الملتف، فأما احتجاج بعض من احتج بقراءة من قرأ في هذين الموضعين بالفتح أنه في السواد {ليكة} فلا حجة له؛ والقول فيه : إن أصله الأيكة ثم خففت الهمزة فألقيت حركتها على اللام فسقطت واستغنت عن ألف الوصل؛ لأن اللام قد تحركت فلا يجوز على هذا إلا الخفض؛ كما تقول بالأحمر تحقق الهمزة ثم تخفضها بلحمر؛ فإن شئت كتبته في الخط على ما كتبته أولا، وإن شئت كتبته بالحذف؛ ولم يجز إلا الخفض؛ قال سيبويه : وأعلم أن ما لا ينصرف إذا دخلت عليه الألف واللام أو أضيف أنصرف؛ ولا نعلم أحدا خالف سيبويه في هذا.
وقال الخليل {الأيكة} غيضة تنبت السدر والأراك ونحوهما من ناعم الشجر.
{إذ قال لهم شعيب} ولم يقل أخوهم شعيب؛ لأنه لم يكن أخا لأصحاب الأيكة في النسب، فلما ذكر مدين قال {أخاهم شعيبا} الأعراف 85 ؛ لأنه كان منهم.
وقد مضى في الأعراف القول في نسبه.
قال ابن زيد : أرسل الله شعيبا رسولا إلى قومه أهل مدين، وإلى أهل البادية وهم أصحاب الأيكة؛ وقال قتادة.
وقد ذكرناه.
{ألا تتقون} تخافون الله {إني لكم رسول أمين.
فاتقوا الله وأطيعون} الآية.
وإنما كان جواب هؤلاء الرسل واحدا على صيغة واحدة؛ لأنهم متفقون على الأمر بالتقوى، والطاعة والإخلاص في العبادة، والامتناع من أخذ الأجر على تبليغ الرسالة.
{أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين} الناقصين للكيل والوزن.
{وزنوا بالقسطاس المستقيم} أي أعطوا الحق.
وقد مضى في {سبحان} وغيرها.
{ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين}تقدم في {سبحان} وغيرها.
قوله تعالى: {واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين} قال مجاهد : الجبلة هي الخليقة.
وجبل فلان على كذا أي خلق؛ فالخُلُق جِبِلَّة وجُبُلَّة وجِبْلة وجُبْلة وجَبْلة ذكره النحاس في (معاني القرآن).
{والجبلة} عطف على الكاف والميم.
قال الهروي : الجِبِلَّة والجُبْلَة والجِبِلّ والجُبُلّ والجَبْلُ لغات؛ وهو الجمع ذو العدد الكثير من الناس؛ ومنه قوله {جبلا كثيرا} يس 62 .
قال النحاس في كتاب (إعراب القرآن) له : ويقال جُبُلَّة والجمع فيهما جَبَّال، وتحذف الضمة والكسرة من الباء، وكذلك التشديد من اللام؛ فيقال : جُبْلة وجُبَل، ويقال : جِبْلة وجِبال؛ وتحذف الهاء من هذا كله.
وقرأ الحسن باختلاف عنه {والجُبُلَّة الأولين} بضم الجيم والباء؛ وروي عن شيبة والأعرج.
الباقون بالكسر.
قال : والموت أعظم حادث ** فيما يمر على الجِبِلّه {قالوا إنما أنت من المسحرين} الذين يأكلون الطعام والشراب على ما تقدم.
{وإن نظنك لمن الكاذبين} أي ما نظنك إلا من الكاذبين في أنك رسول الله تعالى.
{فأسقط علينا كِسْفا من السماء} أي جانبا من السماء وقطعة منه، فننظر إليه؛ كماقال {وإن يروا كِسْفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم} الطور 44 .
وقيل : أرادوا أنزل علينا العذاب.
وهو مبالغة في التكذيب.
قال أبو عبيدة : الكسف جمع كسفة مثل سدر وسدرة.
وقرأ السلمي وحفص {كِسَفا} جمع كسْفة أيضا وهي القطعة والجانب تقديره كِسْرة وكسَر.
قال الجوهري : الكسفة القطعة من الشيء، يقال أعطني كسفة من ثوبك والجمع كسَف وكسْف.
ويقال : الكسف والكسفة واحد.
وقال الأخفش : من قرأ {كسفا} جعله واحدا ومن قرأ {كسفا} جعله جمعا.
وقد مضى هذا في سورة {سبحان} وقال الهروي : ومن قرأ{كسفا} على التوحيد فجمعه أكساف وكسوف، كأنه قال أو تسقطه علينا طبقا واحدا، وهو من كسفت الشيء كسفا إذا غطيته.
{إن كنت من الصادقين، قال ربي أعلم بما تعملون} تهديد؛ أي إنما علي التبليغ وليس العذاب الذي سألتم وهو يجازيكم.
{فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة} قال ابن عباس : أصابهم حر شديد، فأرسل الله سبحانه سحابة فهربوا إليها ليستظلوا بها، فلما صاروا تحتها صيح بهم فهلكوا.
وقيل : أقامها الله فوق رؤوسهم، وألهبها حرا حتى ماتوا من الرمد.
وكان من أعظم يوم في الدنيا عذابا.
وقيل : بعث الله عليهم سموما فخرجوا إلى الأيكة يستظلون بها فأضرمها الله عليهم نارا فاحترقوا.
وعن ابن عباس أيضا وغيره : إن الله تعالى فتح عليهم بابا من أبواب جهنم، وأرسل عليهم هدة وحرا شديدا فأخذ بأنفاسهم، فدخلوا بيوتهم فلم ينفعهم ظل ولا ماء فأنضجهم الحر، فخرجوا هربا إلى البرية، فبعث الله عز وجل سحابة فأظلتهم فوجدوا لها بردا وروحا وريحا طيبة، فنادى بعضهم بعضا، فلما اجتمعوا تحت السحابة ألهبها الله تعالى عليهم نارا، ورجفت بهم الأرض، فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى، فصاروا رمادا؛ فذلك قوله {فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
كأن لم يغنوا فيها} هود 68 وقوله {فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم}.
وقيل : إن الله تعالى حبس عنهم الريح سبعة أيام، وسلط عليهم الحر حتى أخذ بأنفاسهم، ولم ينفعهم ظل ولا ماء فكانوا يدخلون الأسراب، ليتبردوا فيها فيجدوها أشد حرا من الظاهر.
فهربوا إلى البرية، فأظلتهم سحابة وهي الظلة، فوجدوا لها بردا ونسيما، فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا.
وقال يزيد الجريري : سلط الله عليهم الحر سبعة أيام ولياليهن ثم رفع لهم جبل من بعيد}فأتاه رجل فإذا تحته أنهار وعيون وشجر وماء بارد، فاجتمعوا كلهم تحته، فوقع عليهم الجبل وهو الظلة.
وقال قتادة : بعث الله شعيبا إلى أمتين : أصحاب مدين وأصحاب الأيكة فأهلك الله أصحاب الأيكة بالظلة، وأما أصحاب مدين فصاح بهم جبريل صيحة فهلكوا أجمعين.
{إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين} قيل : آمن بشعيب من الفئتين تسعمائة نفر.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن جواب قومه له بمثل ما أجابت به ثمود لرسولها تشابهت قلوبهم حيث قالوا: {إنما أنت من المسحرين} يعنون من المسحورين كما تقدم، {وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين} أي تتعمد الكذب فيما تقوله لا أن اللّه أرسلك إلينا، {فأسقط علينا كسفا من السماء} قال قتادة: قطعاً من السماء، وقال السدي: عذاباً من السماء، وهذا شبيه بما قالت قريش فيما أخبر اللّه عنهم في قوله تعالى: {أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي باللّه والملائكة قبيلا}. وقوله: {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء} الآية. وهكذا قال هؤلاء الكفار الجهلة {فأسقط علينا كسفا من السماء} الآية، {قال ربي أعلم بما تعملون} يقول: اللّه أعلم بكم، فإن كنتم تستحقون ذلك جازاكم به وهو غير ظالم لكم، وهكذا وقع بهم كما سألوا جزاء وفاقاً، ولهذا قال تعالى: {فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم} وهذا من جنس ما سألوه من إسقاط الكسف عليهم، فإن اللّه سبحانه وتعالى جعل عقوبتهم أن أصابهم حر عظيم مدة سبعة أيام لا يكنهم منه شيء، ثم أقبلت إليهم سحابة أظلتهم فجعلوا ينطلقون إليها يستظلون بظلها من الحر، فلما اجتمعوا كلهم تحتها أرسل اللّه تعالى عليهم منها شرراً من نار ولهباً ووهجاً عظيماً، ورجفت بهم الأرض، وجاءتهم صيحة عظيمة أزهقت أرواحهم، ولهذا قال تعالى: {إنه كان عذاب يوم عظيم}. قال قتادة: قال عبيد اللّه بن عمر رضي اللّه عنه: إن اللّه سلط عليهم الحر سبعة أيام حتى ما يظلهم منه شيء، ثم إن اللّه تعالى أنشأ لهم سحابة، فانطلق إليها أحدهم فاستظل بها، فأصاب تحتها برداً وراحة، فأعلم بذلك قومه، فأتوها جميعاً، فاستظلوا تحتها، فأججت عليهم ناراً، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: بعث اللّه إليهم الظلة، حتى إذا اجتمعوا كلهم كشف اللّه عنهم الظلة وأحمى عليهم الشمس، فاحترقوا كما يحترق الجراد في المقلى، وقال محمد بن جرير عن يزيد الباهلي سألت ابن عباس عن هذه الآية {فأخذهم عذاب يوم الظلة} الآية، قال: بعث اللّه عليهم رعدة وحراً شديداً، فأخذ بأنفاسهم، فخرجوا من البيوت هرباً إلى البرية، فبعث اللّه عليهم سحابة فأظلتهم من الشمس، فوجدوا لها برداً ولذة، فنادى بعضهم بعضاً، حتى إذا اجتمعوا تحتها أرسل اللّه عليهم ناراً. قال ابن عباس: فذلك عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم {إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم} أي العزيز في انتقامه من الكافرين، الرحيم بعباده المؤمنين.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি