نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الشعراء آية 152
الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ

التفسير الميسر فخافوا عقوبة الله، واقبلوا نصحي، ولا تنقادوا لأمر المسرفين على أنفسهم المتمادين في معصية الله الذين دأبوا على الإفساد في الأرض إفسادًا لا إصلاح فيه.

تفسير الجلالين
152 - (الذين يفسدون في الأرض) بالمعاصي (ولا يصلحون) بطاعة الله

تفسير القرطبي
قوله {كذبت ثمود المرسلين} ذكر قصة صالح وقومه وهم ثمود؛ وكانوا يسكنون الحجر كما تقدم في الحجر وهي ذوات نخل وزروع ومياه.
{أتتركون في ما ههنا آمنين} يعني في الدنيا آمنين من الموت والعذاب.
قال ابن عباس : كانوا معمرين لا يبقى البنيان مع أعمارهم.
ودل على هذا قوله {واستعمركم فيها} هود 61 فقرعهم صالح ووبخهم وقال : أتظنون أنكم باقون في الدنيا بلا موت {في جنات وعيون، وزروع ونخل طلعها هضيم}.
الزمخشري : فإن قلت لمقال {ونخل} بعد قوله : و{جنات} والجنات تتناول النخل أول شيء كما يتناول النعم الإبل كذلك من بين الأزواج حتى إنهم ليذكرون الجنة ولا يقصدون إلا النخل كما يذكرون النعم ولا يريدون إلا الإبل قال زهير : كأن عيني في غربي مقتلة ** من النواضح تسقي جنة سحقا يعني النخل؛ والنخلة السحوق البعيدة الطول.
قلت : فيه وجهان؛ أحدهما : أن يخص النخل بإفراده بعد دخوله في جملة سائر الشجر تنبيها على انفراده عنها بفضله عنها.
والثاني : أن يريد بالجنات غيرها من الشجر؛ لأن اللفظ يصلح لذلك ثم يعطف عليها النخل.
والطلعة هي التي تطلع من النخلة كنصل السيف؛ في جوفه شماريخ القنو، والقنو اسم للخارج من الجذع كما هو بعرجونه وشماريخه.
و{هضيم} قال ابن عباس : لطيف ما دام في كفراه.
والهضيم اللطيف الدقيق؛ ومنه قول امرئ القيس : علي هضيم الكشح ريا المخلخل الجوهري : ويقال للطلع هضيم ما لم يخرج من كفراه؛ لدخول بعضه في بعض.
والهضيم من النساء اللطيفة الكشحين.
ونحوه حكى الهروي؛ قال : هو المنضم في وعائه قبل أن يظهر؛ ومنه رجل هضيم الجنبين أي منضمهما؛ هذا قول أهل اللغة.
وحكى الماوردي وغيره في ذلك اثني عشر قولا : أحدها : أنه الرطب اللين؛ قال عكرمة.
الثاني : هو المذنب من الرطب؛ قاله سعيد بن جبير.
قال النحاس : وروى أبو إسحاق عن يزيد - هو ابن أبي زياد كوفي ويزيد بن أبي مريم شامي - {ونخل طلعها هضيم}قال : منه ما قد أرطب ومنه مذنب.
الثالث : أنه الذي ليس فيه نوى؛ قاله الحسن.
الرابع : أنه المتهشم المتفتت إذا مس تفتت؛ قال مجاهد.
وقال أبو العالية : يتهشم في الفم.
الخامس : هو الذي قد ضمر بركوب بعضه بعضا؛ قاله الضحاك ومقاتل.
السادس : أنه المتلاصق بعضه ببعض؛ قاله أبو صخر.
السابع : أنه الطلع حين يتفرق ويخضر؛ قاله الضحاك أيضا.
الثامن : أنه اليانع النضيج؛ قاله ابن عباس.
التاسع : أنه المكتنز قبل أن ينشق عنه القشر؛ حكاه ابن شجرة؛ قال : كأن حمولة تجلى عليه ** هضيم ما يحس له شقوق العاشر : أنه الرخو؛ قاله الحسن.
الحادي عشر : أنه الرخص اللطيف أول ما يخرج وهو الطلع النضيد؛ قاله الهروي.
الثاني عشر : أنه البرني؛ قاله ابن الأعرابي؛ فعيل بمعنى فاعل أي هنيء مريء من انهضام الطعام.
والطلع اسم مشتق من الطلوع وهو الظهور؛ ومنه طلوع الشمس والقمر والنبات.
قوله تعالى: {وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين} النحت النجر والبري؛ نحته ينحته {بالكسر} نحتا إذا براه والنحاتة البراية.
والمنحت ما ينحت به.
وفي {والصافات} قال {أتعبدون ما تنحتون} الصافات 95 .
وكانوا ينحتونها من الجبال لما طالت أعمارهم وتهدم بناؤهم من المدر.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع {فرهين} بغير ألف.
الباقون{فارهين}بألف وهما بمعنى واحد في قول أبي عبيدة وغيره؛ مثل {عظاما نخرة} النازعات 11 و{ناخرة}.
وحكاه قطرب.
وحكى فره يفره فهو فاره وفره يفره فهو فره وفاره إذا كان نشيطا.
وهو نصب على الحال.
وفرق بينهما قوم فقالوا {فارهين} حاذقين بنحتها؛ قاله أبو عبيدة ؛ وروي عن ابن عباس وأبي صالح وغيرهما.
وقال عبدالله بن شداد {فارهين} متجبرين.
وروي عن ابن عباس أيضا أن معنى {فرهين} بغير ألف أشرين بطرين؛ وقاله مجاهد.
وروى عنه شرهين.
الضحاك : كيسين.
قتادة : معجبين؛ قاله الكلبي؛ وعنه : ناعمين.
وعنه أيضا آمنين؛ وهو قول الحسن.
وقيل : متخيرين؛ قاله الكلبي والسدي.
ومنه قال الشاعر : إلى فره يماجد كل أمر ** قصدت له لأختبر الطباعا وقيل : متعجبين؛ قال خصيف.
وقال ابن زيد : أقوياء.
وقيل : فرهين فرحين؛ قاله الأخفش.
والعرب تعاقب بين الهاء والحاء؛ تقول : مدهته ومدحته؛ فالفره الأشر الفرح ثم الفرح بمعنى المرح مذموم؛ قال الله {ولا تمش في الأرض مرحا} الإسراء 37 وقال {إن الله لا يحب الفرحين} القصص 76 .
{فاتقوا الله وأطيعون، ولا تطيعوا أمر المسرفين} قيل : المراد الذين عقروا الناقة.
وقيل : التسعة الرهط الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
قال السدي وغيره : أوحى الله تعالى إلى صالح : إن قومك سيعقرون ناقتك؛ فقال لهم ذلك، فقالوا : ما كنا لنفعل.
فقال لهم صالح : إنه سيولد في شهركم هذا غلام يعقرها ويكون هلاككم على يديه؛ فقالوا : لا يولد في هذا الشهر ذكر إلا قتلناه.
فولد لتسعة منهم في ذلك الشهر فذبحوا أبناءهم، ثم ولد للعاشر فأبى أن يذبح ابنه وكان لم يولد له قبل ذلك.
وكان ابن العاشر أزرق أحمر فنبت نباتا سريعا؛ وكان إذا مر بالتسعة فرأوه قالوا : لو كان أبناؤنا أحياء لكانوا مثل هذا.
وغضب التسعة على صالح؛ لأنه كان سبب قتلهم أبناءهم فتعصبوا وتقاسموا بالله لنبيتنه وأهله.
قالوا : نخرج إلى سفر فترى الناس سفرنا فنكون في غار، حتى إذا كان الليل وخرج صالح إلى مسجده أتيناه فقتلناه، ثم قلنا ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون؛ فيصدقوننا ويعلمون أنا قد خرجنا إلى سفر.
وكان صالح لا ينام معهم في القرية وكان يأوي إلى مسجده، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم، فلما دخلوا الغار أرادوا أن يخرجوا فسقط عليهم الغار فقتلهم، فرأى ذلك ناس ممن كان قد أطلع على ذلك، فصاحوا في القرية : يا عباد الله! أما رضي صالح أن أمر بقتل أولادهم حتى قتلهم؛ فأجمع أهل القرية على قتل الناقة.
وقال ابن إسحاق : إنما اجتمع التسعة على سب صالح بعد عقرهم الناقة وإنذارهم بالعذاب على ما يأتي بيانه في سورة النمل إن شاء الله تعالى.
{قالوا إنما أنت من المسحرين} هو من السحر في قول مجاهد وقتادة على ما قال المهدوي.
أي أصبت بالسحر فبطل عقلك ؛ لأنك بشر مثلنا فلم تدع الرسالة دوننا.
وقيل : من المعللين بالطعام والشراب؛ قاله ابن عباس والكلبي وقتادة ومجاهد أيضا فيما ذكر الثعلبي.
وهو على هذا القول من السحر وهو الرئة أي بشر لك سحر أي رئة تأكل وتشرب مثلنا كما قال لبيد : فإن تسألينا فيم نحن فإننا ** عصافير من هذا الأنام المسحر وقال امرؤ القيس : ونسحر بالطعام وبالشراب {فأت بآية إن كنت من الصادقين} في قولك.
{قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} قال ابن عباس : قالوا إن كنت صادقا فادع الله يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء عشراء فتضع ونحن ننظر، وترد هذا الماء فتشرب وتغدو علينا بمثله لبنا.
فدعا الله وفعل الله ذلك فـ {قال هذه ناقة لها شرب} أي حظ من الماء؛ أي لكم شرب يوم ولها شرب يوم؛ فكانت إذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله أول النهار وتسقيهم اللبن آخر النهار، وإذا كان يوم شربهم كان لأنفسهم ومواشيهم وأرضهم، ليس لهم في يوم ورودها أن يشربوا من شربها شيئا، ولا لها أن تشرب في يومهم من مائهم شيئا.
قال الفراء : الشرب الحظ من الماء.
قال النحاس : فأما المصدر فيقال فيه شرب شربا وشربا وشربا وأكثرها المضمومة؛ لأن المكسورة والمفتوحة يشتركان مع شيء آخر فيكون الشرب الحظ من الماء، ويكون الشرب جمع شارب كما قال : فقلت للشَّرب في دُرْنا وقد ثملوا إلا أن أبا عمرو بن العلاء والكسائي يختاران الشَّرب بالفتح في الصدر، ويحتجان برواية بعض العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إنها أيام أكل وشَرب).
{ولا تمسوها بسوء} لا يجوز إظهار التضعيف ها هنا؛ لأنهما حرفان متحركان من جنس واحد.
{فيأخذكم} جواب النهي، ولا يجوز حذف الفاء منه، والجزم كما جاء في الأمر إلا شيئا روي عن الكسائي أنه يجيزه.
{فعقروها فأصبحوا نادمين} أي على عقرها لما أيقنوا بالعذاب.
وذلك أنه أنظرهم ثلاثا فظهرت عليهم العلامة في كل يوم، وندموا ولم ينفعهم الندم عند معاينة العذاب.
وقيل : لم ينفعهم الندم لأنهم لم يتوبوا، بل طلبوا صالحا عليه السلام ليقتلوه لما أيقنوا بالعذاب.
وقيل : كانت ندامتهم على ترك الولد إذ لم يقتلوه معها.
وهو بعيد.
{إن في ذلك لآية} إلى آخره تقدم.
ويقال : إنه ما آمن به من تلك الأمم إلا ألفان وثمانمائة رجل وامرأة.
وقيل : كانوا أربعة آلاف.
وقال كعب : كان قوم صالح اثني عشر ألف قبيل كل قبيل نحو اثني عشر ألفا من سوى النساء والذرية، ولقد كان قوم عاد مثلهم ست مرات.

تفسير ابن كثير يقول لهم واعظاً لهم ومحذرهم نقم اللّه أن تحل بهم، ومذكراً بأنعم اللّه عليهم فيما رزقهم من الأرزاق الدارة، وأنبت لهم من الجنات، وفجر لهم من العيون الجاريات، وأخرج لهم من الزروع والثمرات، ولهذا قال: {ونخل طلعها هضيم} قال ابن عباس: أينع وبلغ فهو هضيم، وعنه يقول: معشبة، وقال مجاهد: هو الذي إذا يبس تهشم وتفتت وتناثر، وقال ابن جريج عن مجاهد {ونخل طلعها هضيم} قال: حين يطلع تقبض عليه فتهضمه، فهو من الرطب الهضيم، ومن اليابس الهشيم، تقبض عليه فتهشمه، وقال عكرمة وقتادة: الهضيم الرطب اللين، وقال الضحاك: إذا كثر حمل الثمرة وركب بعضها بعضاً فهو هضيم، وقال الحسن البصري: هو الذي لا نوى له، وقال أبو صخر: ما رأيت الطلع حين ينشق عنه الكم فترى الطلع قد لصق بعضه ببعض فهو الهضيم. وقوله: {وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين} قال ابن عباس وغير واحد: يعني حاذقين، وفي رواية عنه: شرهين أشرين، وهو اختيار مجاهد وجماعة، ولا منافاة بينهما، فإنهم كانوا يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشراً وبطراً وعبثاً من غير حاجة إلى سكناها، وكانوا حاذقين متقين لنحتها ونقشها، كما هو المشاهد من حالهم لمن رأى منازلهم، ولهذا قال: {فاتقوا اللّه وأطيعون} أي أقبلوا على ما يعود نفعه عليكم في الدنيا والآخرة، من عبادة ربكم الذي خلقكم ورزقكم، لتعبدوه وتوحده وتسبحوه بكرة وأصيلاً {ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون} يعني رؤساءهم وكبراءهم الدعاة لهم إلى الشرك والكفر ومخالفة الحق.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি