نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الفرقان آية 27
وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا

التفسير الميسر واذكر - أيها الرسول - يوم يَعَضُّ الظالم لنفسه على يديه ندمًا وتحسرًا قائلا يا ليتني صاحبت رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم واتبعته في اتخاذ الإسلام طريقًا إلى الجنة، ويتحسَّر قائلا يا ليتني لم أتخذ الكافر فلانًا صديقًا أتبعه وأوده. لقد أضلَّني هذا الصديق عن القرآن بعد إذ جاءني. وكان الشيطان الرجيم خذولا للإنسان دائمًا. وفي هذه الآيات التحذير من مصاحبة قرين السوء؛ فإنه قد يكون سببًا لإدخال قرينه النار.

تفسير الجلالين
27 - (ويوم يعض الظالم) المشرك عقبة بن أبي معيط كان نطق بالشهادتين ثم رجع إرضاء لأبي ابن خلف (على يديه) ندما وتحسرا في يوم القيامة (يقول يا) للتنبيه (ليتني اتخذت مع الرسول) محمد (سبيلا) طريقا إلى الهدى

تفسير القرطبي
قوله {ويوم يعض الظالم على يديه} الماضي عضضت.
وحكى الكسائي عضضت بفتح الضاد الأولى.
وجاء التوقيف عن أهل التفسير، منهم ابن عباس وسعيد بن المسيب أن الظالم ههنا يراد به عقبة بن أبي معيط، وأن خليله أمية بن خلف؛ فعقبة قتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ وذلك أنه كان في الأسارى يوم بدر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله؛ فقال : أأقتل دونهم؟ فقال: نعم، بكفرك وعتوك.
فقال : من للصبية؟ فقال : النار.
فقام علي رضي الله عنه فقتله.
وأمية قتله النبي صلى الله عليه وسلم، فكان هذا من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه خبر عنهما بهذا فقتلا على الكفر.
ولم يسميا في الآية لأنه أبلغ في الفائدة، ليعلم أن هذا سبيل كل ظالم قبل من غيره في معصية الله عز وجل : قال ابن عباس وقتادة وغيرهما : وكان عقبة قد هم بالإسلام فمنعه منه أبي بن خلف وكانا خدنين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قتلهما جميعا : قتل عقبة يوم بدر صبرا، وأبي بن خلف في المبارزة يوم أحد؛ ذكره القشيري والثعلبي، والأول ذكره النحاس.
وقال السهيلي {ويوم يعض الظالم على يديه} هو عقبة بن أبي معيط، وكان صديقا لأمية بن خلف الجمحي ويروى لأبي بن خلف أخ أمية، وكان قد صنع وليمة فدعا إليها قريشا، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأتيه إلا أن يسلم.
وكره عقبة أن يتأخر عن طعامه من أشراف قريش أحد فأسلم ونطق بالشهادتين، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل من طعامه، فعاتبه خليله أمية بن خلف، أو أبي بن خلف وكان غائبا.
فقال عقبة : رأيت عظيما ألا يحضر طعامي رجل من أشراف قريش.
فقال له خليله : لا أرضى حتى ترجع وتبصق في وجهه وتطأ عنقه وتقول كيت وكيت.
ففعل عدو الله ما أمره به خليله؛ فأنزل الله عز وجل {ويوم يعض الظالم على يديه}.
قال الضحاك : لما بصق عقبة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع بصاقه في وجهه وشوى وجهه وشفتيه، حتى أثر في وجهه وأحرق خديه، فلم يزل أثر ذلك في وجهه حتى قتل.
وعضه يديه فعل النادم الحزين لأجل طاعته خليله.
{يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا} في الدنيا، يعني طريقا إلى الجنة.
{يا ويلتا}دعاء بالويل والثبور على محالفة الكافر ومتابعته.
{ليتني لم أتخذ فلانا خليلا} يعني أمية، وكنى عنه ولم يصرح باسمه لئلا يكون هذا الوعد مخصوصا به ولا مقصورا، بل يتناول جميع من فعل مثل فعلهما.
وقال مجاهد وأبو رجاء : الظالم عام في كل ظالم، وفلان : الشيطان.
واحتج لصاحب هذا القول بأن بعده {وكان الشيطان للإنسان خذولا}.
وقرأ الحسن {يا ويلتي}.
والخليل : الصاحب والصديق.
{لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني} أي يقول هذا النادم : لقد أضلني من اتخذته في الدنيا خليلا عن القرآن والإيمان به.
وقيل {عن الذكر} أي عن الرسول.
{وكان الشيطان للإنسان خذولا} قيل : هذا من قول الله لا من قول الظالم.
وتمام الكلام على هذا عند قوله {بعد إذ جاءني}.
والخذل الترك من الإعانة؛ ومنه خذلان إبليس للمشركين لما ظهر لهم في صورة سراقة بن مالك، فلما رأى الملائكة تبرأ منهم.
وكل من صد عن سبيل الله وأطيع في معصية الله فهو شيطان للإنسان، خذولا عند نزول العذاب والبلاء.
ولقد أحسن من قال : تجنب قرين السوء واصرم حباله ** فإن لم تجد عنه محيصا فداره وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه ** تنل منه صفو الود ما لم تماره وفي الشيب ما ينهى الحليم عن الصبا ** إذا اشتعلت نيرانه في عذاره آخر : اصحب خيار الناس حيث لقيتهم ** خير الصحابة من يكون عفيفا والناس مثل دراهم ميزتها ** فوجدت منها فضة وزيوفا وفي الصحيح من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة (?"" لفظ مسلم"".
""وأخرجه أبو داود من حديث أنس"".
وذكر أبو بكر البزار عن ابن عباس قال : قيل يا رسول الله؛ أي جلسائنا خير؟ قال : (من ذكركم بالله رؤيته وزاد في علمكم منطقه وذكركم بالآخرة عمله).
وقال مالك بن دينار : إنك إن تنقل الأحجار مع الأبرار خير لك من أن تأكل الخبيص مع الفجار.
وأنشد : وصاحب خيار الناس تنج مسلما ** وصاحب شرار الناس يوما فتندما

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن هول يوم القيامة وما يكون فيه من الأمور العظيمة، فمنها انشقاق السماء وتفطرها، وانفراجها بالغمام وهو ظلل النور العظيم الذي يبهر الأبصار، ونزول ملائكة السماوات يومئذ، فيحيطون بالخلائق في مقام المحشر، ثم يجيء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء، قال مجاهد: وهذا كما قال تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأيتهم اللّه في ظلل من الغمام والملائكة} الآية. قال شهر بن حوشب: حملة العرش ثمانية، أربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على حلمك بعد علمك، وأربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك. وقوله تعالى: {الملك يومئذ الحق للرحمن} الآية، كما قال تعالى: {لمن الملك اليوم. للّه الواحد القهار} وفي الصحيح: أن اللّه تعالى يطوي السماوات بيمينه، ويأخذ الأرضين بيده الأخرى ثم يقول: أنا الملك، أنا الديان، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟. وقوله: {وكان يوما على الكافرين عسيرا} أي شديداً صعباً لأنه يوم عدل وقضاء فصل، كما قال تعالى: {فذلك يومئذ يوم عسير * على الكافرين غير يسير} فهذا حال الكافرين في هذا اليوم، وأما المؤمنون فكما قال تعالى: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} الآية، وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال، قيل: يا رسول اللّه {يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} ما أطول هذا اليوم! فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا). وقوله: {ويوم يعض الظالم على يديه} الآية، يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وما جاء به من عند اللّه من الحق المبين الذي لا مرية فيه، وسلك طريقاً أخرى غير سبيل الرسول، فإذا كان يوم القيامة ندم حيث لا ينفعه الندم، وعض على يديه حسرة وأسفاً، وسواء كان سبب نزولها في عقبة بن معيط ((أخرج ابن جرير: كان أبي بن خلف يحضر النبي صلى اللّه عليه وسلم، فيزجره عقبة بن أبي معيط، فنزلت هذه الآية، كما في اللباب )) أو غيره من الأشقياء، فإنها عامة في كل ظالم كما قال اللّه تعالى: {يوم تقلب وجوههم في النار} الآيتين، فكل ظالم يندم يوم القيامة، غاية الندم، ويعض على يديه قائلاً {يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا} يعني من صرَفه عن الهدى وعدَل به إلى طريق الضلال من دعاة الضلالة، وسواء في ذلك أمية بن خلف""أو أخوه أُبي بن خلف""أو غيرهما {لقد أضلني عن الذكر} وهو القرآن {بعد إذ جاءني} أي بعد بلوغه إليَّ، قال اللّه تعالى: {وكان الشيطان للإنسان خذولا} أي يخذله عن الحق ويصرفه عنه ويستعمله في الباطل ويدعوه إليه.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি