نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الفرقان آية 7
وَقَالُوا مَالِ هَٰذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ ۙ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا

التفسير الميسر وقال المشركون: ما لهذا الذي يزعم أنه رسول الله (يعنون محمدًا صلى الله عليه وسلم) يأكل الطعام مثلنا، ويمشي في الأسواق لطلب الرزق؟ فهلا أرسل الله معه مَلَكًا يشهد على صدقه، أو يهبط عليه من السماء كنز من مال، أو تكون له حديقة عظيمة يأكل من ثمرها، وقال هؤلاء الظالمون المكذبون: ما تتبعون أيها المؤمنون إلا رجلا به سحر غلب على عقله.

تفسير الجلالين
7 - (وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا) هلا (أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا) يصدقه

تفسير القرطبي
قوله {وقالوا} ذكر شيئا آخر من مطاعنهم.
والضمير في {قالوا} لقريش؛ وذلك أنهم كان لهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلس مشهور، ذكره ابن إسحاق في السيرة وغيره.
مضمنه - أن سادتهم عتبة بن ربيعة وغيره اجتمعوا معه فقالوا : يا محمد! إن كنت تحب الرياسة وليناك علينا، وإن كنت تحب المال جمعنا لك من أموالنا؛ فلما أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك رجعوا في باب الاحتجاج معه فقالوا : ما بالك وأنت رسول الله تأكل الطعام، وتقف بالأسواق! فعيروه بأكل الطعام؛ لأنهم أرادوا أن يكون الرسول ملكا، وعيروه بالمشي في الأسواق حين رأوا الأكاسرة والقياصرة والملوك الجبابرة يترفعون عن الأسواق، وكان عليه السلام يخالطهم في أسواقهم، ويأمرهم وينهاهم؛ فقالوا : هذا يطلب أن يتملك علينا، فماله يخالف سيرة الملوك؛ فأجابهم الله بقوله، وأنزل على نبيه {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق} الفرقان 20 فلا تغتم ولا تحزن، فإنها شكاة ظاهر عنك عارها.
الثانية : دخول الأسواق مباح للتجارة وطلب المعاش.
وكان عليه السلام يدخلها لحاجته، ولتذكرة الخلق بأمر الله ودعوته، ويعرض نفسه فيها على القبائل، لعل الله أن يرجع بهم إلى الحق.
وفي البخاري في صفته عليه السلام " ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق " وقد تقدم.
وذكر السوق مذكور في غير ما حديث، ذكره أهل الصحيح.
وتجارة الصحابة فيها معروفة، وخاصة المهاجرين؛ كما قال أبو هريرة : وإن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق؛ خرجه البخاري.
وسيأتي لهذه المسألة زيادة بيان في هذه السورة إن شاء الله.
قوله {لولا أنزل إليه ملك} أي هلا.
{فيكون معه نذيرا} جواب الاستفهام.
{أو يلقى إليه كنز} في موضع رفع؛ والمعنى : أو هلا يلقى {إليه كنز} {أو} هلا {تكون له جنة يأكل منها} {يأكل} بالياء قرأ المدنيون وأبو عمرو وعاصم.
وقرأ سائر الكوفيين بالنون، والقراءتان حسنتان تؤديان عن معنى، وإن كانت القراءة بالياء أبين؛ لأنه قد تقدم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحده فأن يعود الضمير عليه أبين؛ ذكره النحاس.
{وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا} تقدم في {سبحان} والقائل عبدالله بن الزبعرى فيما ذكره الماوردي.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن تعنت الكفار وعنادهم، وتكذيبهم للحق بلا حجة ولا دليل منهم، وإنما تعللوا بقولهم: {ما لهذا الرسول يأكل الطعام} يعنون كما نأكله، ويحتاج إليه كما نحتاج إليه {ويمشي في الأسواق} أي يتردد فيها وإليها طلباً للتكسب والتجارة {لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا} يقولون: هلا أنزل إليه ملك من عند اللّه فيكون له شاهداً على صدق ما يدعيه؟ وهذا كما قال فرعون: {فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين} وكذلك قال هؤلاء على السواء تشابهت قلوبهم، ولهذا قالوا {أو يلقى إليه كنز} أي علم كنز ينفق منه {أو تكون له جنة يأكل منها} أي تسير معه حيث سار، وهذا كله سهل يسير على اللّه ولكن له الحكمة في ترك ذلك، وله الحجة البالغة، {وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا}، قال اللّه تعالى: {انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا} أي جاءوا بما يقذفونك به ويكذبون به عليك، من قولهم ساحر، مجنون، كذاب، شاعر؛ وكلها أقوال باطلة، كل أحد ممن له أدنى فهم وعقل يعرف كذبهم وافتراءهم في ذلك، ولهذا قال: {فضلوا} عن طريق الهدى {فلا يستطيعون سبيلا}، وذلك أن كل من خرج عن الحق وطريق الهدى فإنه ضال حيثما توجه، لأن الحق واحد ومنهجه متحد يصدق بعضه بعضاً؛ ثم قال تعالى مخبراً نبيه أنه إن شاء لآتاه خيراً مما يقولون في الدنيا وأفضل وأحسن، فقال: {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} الآية. قال مجاهد: يعني في الدينا، قال: وقريش يسمون كل بيت من حجارة قصراً، كبيراً كان أو صغيراً. قال سفيان الثوري عن خيثمة قيل للنبي صلى اللّه عليه وسلم: إن شئت أن نعطيك خزائن الأرض ومفاتيحها لم نعطه نبياً قبلك، ولا نعطي أحداً من بعدك، ولا ينقص ذلك مما لك عند اللّه. فقال: (اجمعوها لي في الآخرة)، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ في ذلك: {تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك} الآية. وقوله تعالى: {بل كذبوا بالساعة} أي إنما يقول هؤلاء هكذا تكذيباً وعناداً، لا أنهم يطلبون ذلك تبصراً واسترشاداً، بل تكذيبهم بيوم القيامة يحملهم على قول ما يقولونه من هذه الأقوال، {وأعتدنا} أي أرصدنا {لمن كذب بالساعة سعيرا} أي عذاباً أليماً حاراً لا يطاق في نار جهنم، وقوله: {إذا رأتهم} أي جهنم {من مكان بعيد} يعني في مقام المحشر، قال السدي: من مسيرة مائة عام {سمعوا لها تغيظا وزفيرا} أي حنقاً عليهم، كما قال تعالى: {إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور * تكاد تميّز من الغيظ} أي يكاد ينفصل بعضها من بعض من شدة غيظها على من كفر باللّه. عن أبي وائل قال: خرجنا مع عبد اللّه بن مسعود ومعنا الربيع بن خيثم، فمروا على حداد، فقام عبد اللّه ينظر إلى حديدة في النار، وينظر الربيع بن خيثم إليها، فتمايل الربيع ليسقط، فمر عبد اللّه على أتون على شاطئ الفرات، فلما رآه عبد اللّه والنار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية: {إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا} فصعق، يعني الربيع، وحملوه إلى أهل بيته، فرابطه عبد اللّه إلى الظهر، فلم يفق رضي اللّه عنه. وعن مجاهد بإسناده إلى ابن عباس قال: إن الرجل ليجر إلى النار فتنزوي وتنقبض بعضها إلى بعض فيقول لها الرحمن: ما لك؟ قالت: إنه يستجير مني، فيقول أرسلوا عبدي؛ وإن الرجل ليجر إلى النار فيقول: يا رب ما كان هذا الظن بك، فيقول: فما كان ظنك؟ فيقول: أن تسعني رحمتك، فيقول: أرسلوا عبدي؛ وإن الرجل ليجر إلى النار فتشهق إليه النار شهقة البغلة إلى الشعير، وتزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف ((ذكره ابن جرير رحمه اللّه في تفسيره وقال ابن كثير: إسناده صحيح)). وقال عبيد بن عمير في قوله: {سمعوا لها تغيظا وزفيرا} قال: إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خرَّ لوجهه، ترتعد فرائصه، حتى إن إبراهيم عليه السلام ليجثو على ركبتيه، ويقول: رب لا أسألك اليوم إلا نفسي ((أخرجه عبد الرزاق عن مجاهد عن عبيد بن عمير))، وقوله: {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين} قال قتادة: مثل الزج في الرمح أي من ضيقه، وسئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قول اللّه: {وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين} قال: (والذي نفسي بيده إنهم ليستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط). وقوله: {مقرنين} يعني مكتفين {دعوا هنالك ثبورا} أي بالويل والحسرة والخيبة، {لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا} الآية. روى الإمام أحمد عن أنس بن مالك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (أول من يكسى حلة من النار إبليس، فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلقه، وذريته من بعده، وهو ينادي: يا ثبوراه، وينادون: يا ثبورهم، حتى يقفوا على النار، فيقول: يا ثبوراه، ويقولون: يا ثبورهم، فيقال لهم: {لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا}. عن ابن عباس: أي لا تدعوا اليوم ويلاً واحداً وادعوا ويلاً كثيراً، وقال الضحاك: الثبور الهلاك، والأظهر أن الثبور يجمع الهلاك والويل والخسار والدمار، كما قال موسى لفرعون: {وإني لأظنك يا فرعون مثبورا} أي هالكاً.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি