نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة المؤمنون آية 13
ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ

التفسير الميسر ثم خلقنا بنيه متناسلين مِن نطفة: هي مني الرجال تخرج من أصلابهم، فتستقر متمكنة في أرحام النساء.

تفسير الجلالين
13 - (ثم جعلناه) أي الإنسان نسل آدم (نطفة) منيا (في قرار مكين) هو الرحم

تفسير القرطبي
فيه خمس مسائل: الأولى: قوله {ولقد خلقنا الإنسان} الإنسان هنا آدم عليه الصلاة والسلام؛ قاله قتادة وغيره، لأنه استل من الطين.
ويجيء الضمير في قوله {ثم جعلناه} عائدا على ابن آدم، وإن كان لم يذكر لشهرة الأمر؛ فإن المعنى لا يصلح إلا له.
نظير ذلك {حتى توارت بالحجاب } [ص- 32] .
وقيل : المراد بالسلالة ابن آدم؛ قاله ابن عباس وغيره.
والسلالة على هذا صفوة الماء، يعني المني.
والسلالة فعالة من السل وهو استخراج الشيء من الشيء؛ يقال : سللت الشعر من العجين، والسيف من الغمد فانسل؛ ومنه قوله : فسلي ثيابي من ثيابك تنسل فالنطفة سلالة، والولد سليل وسلالة؛ عنى به الماء يسل من الظهر سلا.
قال الشاعر : فجاءت به عضب الأديم غضنفرا ** سلالة فرج كان غير حصين وقال آخر : وما هند إلا مهرة عربية ** سليلة أفراس تجللها بغل وقوله {من طين} أي أن الأصل آدم وهو من طين.
قلت : أي من طين خالص؛ فأما ولده فهو من طين ومني، حسبما بيناه في أول سورة الأنعام.
وقال الكلبي : السلالة الطين إذا عصرته انسل من بين أصابعك؛ فالذي يخرج هو السلالة.
الثانية: قوله تعالى:{نطفة} قد مضى القول فيالنطفة والعلقة والمضغة وما في ذلك من الاحكام في أول الحج، والحمد لله على ذلك.
الثالثة:قوله تعالى:{ثم أنشأناه خلقا آخر} اختلف الناس في الخلق الآخر؛ فقال ابن عباس والشعبي وأبو العالية والضحاك وابن زيد : هو نفخ الروح فيه بعد أن كان جمادا.
وعن ابن عباس : خروج إلى الدنيا.
وقال قتادة عن فرقة : نبات شعره.
الضحاك : خروج الأسنان ونبات الشعر.
مجاهد : كمال شبابه؛ وروي عن ابن عمر : والصحيح أنه عام في هذا وفي غيره من النطق والإدراك وحسن المحاولة وتحصيل المعقولات إلى أن يموت.
الرابعة: قوله {فتبارك الله أحسن الخالقين} يروى أن عمر بن الخطاب لما سمع صدر الآية إلى قوله {خلقا آخر} قال فتبارك الله أحسن الخالقين؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هكذا أنزلت).
"" وفي مسند الطيالسي"" : ونزلت {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} الآية؛ فلما نزلت قلت أنا : تبارك الله أحسن الخالقين؛ فنزلت {تبارك الله أحسن الخالقين}.
ويروى أن قائل ذلك معاذ ابن جبل.
وروي أن قائل ذلك عبدالله بن أبي سرح، وبهذا السبب ارتد وقال : أتي بمثل ما يأتي محمد؛ وفيه نزل {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله } [الانعام- 93]على ما تقدم بيانه في -الأنعام-.
وقوله {فتبارك} تفاعل من البركة.
{أحسن الخالقين} أتقن الصانعين.
يقال لمن صنع شيئا خلقه؛ ومنه قول الشاعر : ولأنت تقري ما خلقت وبعـ ** ـض القوم يخلق ثم لا يفري وذهب بعض الناس إلى نفي هذه اللفظة عن الناس وإنما يضاف الخلق إلى الله تعالى.
وقال ابن جريج : إنما قال {أحسن الخالقين} لأنه تعالى قد أذن لعيسى عليه السلام أن يخلق؛ واضطرب بعضهم في ذلك.
ولا تنفى اللفظة عن البشر في معنى الصنع؛ وإنما هي منفية بمعنى الاختراع وإيجاد من العدم.
مسألة : من هذه الآية قال ابن عباس لعمر حين سأل مشيخة الصحابة عن ليلة القدر فقالوا : الله أعلم؛ فقال عمر : ما تقول يا ابن عباس؟ فقال : يا أمير المؤمنين إن الله تعالى خلق السموات سبعا والأرضين سبعا، وخلق ابن آدم من سبع وجعل رزقه في سبع، فأراها في ليلة سبع وعشرين.
فقال عمر رضي الله عنه : أعجزكم أن تأتوا بمثل ما أتى هذا الغلام الذي لم تجتمع شؤون رأسه.
وهذا الحديث بطوله في مسند ابن أبي شيبة.
فأراد ابن عباس -خلق ابن آدم من سبع- بهذه الآية، وبقوله -وجعل رزقه في سبع- قوله {فأنبتنا فيها حبا.
وعنبا وقضبا.
وزيتونا ونخلا.
وحدائق غلبا.
وفاكهة وأبا} [عبس 27 : 31] الآية.
السبع منها لابن آدم، والأب للأنعام.
والقضب يأكله ابن آدم ويسمن منه النساء؛ هذا قول.
وقيل : القضب البقول لأنها تقضب؛ فهي رزق ابن آدم.
وقيل : القضب والأب للأنعام، والست الباقية لابن آدم، والسابعة هي للأنعام؛ إذ هي من أعظم رزق ابن آدم.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن ابتداء خلق الإنسان من سلالة من طين، وهو آدم عليه السلام خلقه اللّه من صلصال من حمإ مسنون، وقال ابن عباس {من سلالة من طين} قال: من صفوة الماء، وقال مجاهد: من سلالة أي من مني بني آدم، وقال ابن جرير: إنما سمي طيناً لأنه مخلوق منه، وقال قتادة: استل آدم من الطين، وهذا أظهر في المعنى وأقرب إلى السياق، فإن آدم عليه السلام خلق من طين لازب،وهو الصلصال الحمإ المسنون، وذلك مخلوق من التراب، كما قال تعالى:{ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون}، وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (إن اللّه خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك) ""أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح"". {ثم جعلناه نطفة} هذا الضمير عائد على جنس الإنسان، كما قال في الآية الأخرى: {وبدأ خلق الإنسان من طين * ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين} أي ضعيف كما قال: {ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين} يعني الرحم معد لذلك مهيأ له {إلى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون} أي مدة معلومة وأجل معين، حتى استحكم ونقل من حال إلى حال وصفة إلى صفة، ولهذا قال ههنا {ثم خلقنا النطفة علقة} أي ثم صيّرنا النطفة وهي الماء الدافق الذي يخرج من صلب الرجل وهو ظهره، وترائب المرأة وهي عظام صدرها ما بين الترقوة إلى السرة، فصارت علقة حمراء على شكل العلقة مستطيلة، قال عكرمة، وهي دم {فخلقنا العلقة مضغة} وهي قطعة كالبضعة من اللحم لا شكل فيها ولا تخطيط {فخلقنا المضغة عظاما} يعني شكلناها ذات رأس ويدين ورجلين بعظامها وعصبها وعروقها. وفي الصحيح: (كل جسد ابن آدم يبلى إلا عَجْب ما استدق في مؤخره الذَّنَب، منه خلق وفيه يركب). {فكسونا العظام لحما} أي جعلنا على ذلك ما يستره ويشده ويقويه، {ثم أنشأناه خلقا آخر} أي ثم نفخنا فيه الروح فتحرك وصار خلقاً آخر ذا سمع وبصر وإدراك وحركة واصظراب {فتبارك اللّه أحسن الخالقين}. عن ابن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: إذا أتت على النطفة أربعة أشهر بعث اللّه إليها ملكاً فنفخ فيها الروح في ظلمات ثلاث، فذلك قوله: {ثم أنشأناه خلقا آخر} يعني نفخنا فيه الروح، وقال ابن عباس: يعني فنفخنا فيه الروح وكذا روي عن أبي سعيد الخدري، ومجاهد، وعكرمة، والشعبي، والضحاك، والحسن البصري""؛ واختاره ابن جرير، وقال العوفي عن ابن عباس {ثم أنشأناه خلقا آخر}: يعني ننقله من حال إلى حال، إلى أن خرج طفلاً، ثم نشأ صغيراً، ثم احتلم، ثم صار شاباً، ثم كهلاً، ثم شيخاً، ثم هرماً، وفي الصحيح: (إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: رزقه وأجله وعمله وهل هو شقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها) ""أخرجاه في الصحيحين عن عبد اللّه بن مسعود ورواه الإمام أحمد"". وقال عبد اللّه بن مسعود: إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في كل شعر وظفر، فتمكث أربعين يوماً، ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة ""رواه ابن أبي حاتم عن ابن مسعود موقوفاً""، وفي الصحيح: (يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين ليلة فيقول يا رب ماذا؟ شقي أم سعيد، أذكر أم أنثى؟ فيقول اللّه فيكتبان، ويكتب عمله وأثره ومصيبته ورزقه، ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد على ما فيها ولا ينقص) ""الحديث رواه مسلم والإمام أحمد عن حذيفة بن أسيد الغفاري مرفوعاً"". وروى الحافظ أبو بكر البزار عن أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (إن اللّه وكل بالرحم ملكاً فيقول: أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا أراد اللّه خلقها قال: أي رب ذكر أو أنثى؟ شقي أو سعيد؟ فما الرزق والأجل؟ قال: فذلك يكتب في بطن أمه) ""الحديث أخرجاه في الصحيحين ورواه الحافظ البزار واللفظ له"". وقوله: {فتبارك اللّه أحسن الخالقين}: يعني حين ذكر قدرته ولطفه في خلق هذه النطفة من حال إلى حال، ومن شكل إلى شكل، حتى تصورت إلى ما صارت إليه من الإنسان السوي الكامل الخلق، قال: {فتبارك اللّه أحسن الخالقين}، وقوله: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون} يعني بعد هذه النشأة الأولى من العدم تصيرون إلى الموت {ثم إنكم يوم القيامة تبعثون} يعني النشأة الآخرة، {ثم اللّه ينشئ النشأة الآخرة} يعني يوم المعاد، وقيام الأرواح إلى الأجساد، فيحاسب الخلائق، ويوفي كل عامل عمله إن كان خيراً فخير وإن كان شراً فشر.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি