نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة طه آية 25
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي

التفسير الميسر قال موسى: رب وسِّع لي صدري، وسَهِّل لي أمري، وأطلق لساني بفصيح المنطق؛ ليفهموا كلامي. واجعل لي معينا من أهلي، هارون أخي. قَوِّني به وشدَّ به ظهري، وأشركه معي في النبوة وتبليغ الرسالة؛ كي ننزهك بالتسبيح كثيرًا، ونذكرك كثيرا فنحمدك. إنك كنت بنا بصيرًا، لا يخفى عليك شيء من أفعالنا.

تفسير الجلالين
25 - (قال رب اشرح لي صدري) وسعه لتحمل الرسالة

تفسير القرطبي
قوله تعالى{اذهب إلى فرعون إنه طغى} لما آنسه بالعصا واليد، وأراه ما يدل على أنه رسول، أمره بالذهاب إلى فرعون، وأن يدعوه.
و{طغى} معناه عصى وتكبر وكفر وتجبر وجاوز الحد.
{قال رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني، يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي} طلب الإعانة لتبليغ الرسالة.
ويقال إن الله أعلمه بأنه ربط على قلب فرعون وأنه لا يؤمن؛ فقال موسى : يا رب فكيف تأمرني أن آتيه وقد ربطت على قلبه؛ فأتاه ملك من خزان الريح فقال يا موسى انطلق إلى ما أمرك الله به.
فقال موسى عند ذلك{رب اشرح لي صدري} أي وسعه ونوره بالإيمان والنبوة.
{ويسر لي أمري} أي سهل علي ما أمرتني به من تبليغ الرسالة إلى فرعون.
{واحلل عقدة من لساني} يعني العجمة التي كانت فيه من جمرة النار التي أطفأها في فيه وهو طفل.
قال ابن عباس : كانت في لسانه رتة.
وذلك أنه كان في حجر فرعون ذات يوم وهو طفل فلطمه لطمة، وأخذ بلحيته فنتفها فقال فرعون لآسية : هذا عدوي فهات الذباحين.
فقالت آسية : على رسلك فإنه صبي لا يفرق بين الأشياء.
ثم أتت بطستين فجعلت في أحدهما جمرا وفي الآخر جوهرا فأخذ جبريل بيد موسى فوضعها على النار حتى رفع جمرة ووضعها في فيه على لسانه، فكانت الرتة وروي أن يده احترقت وأن فرعون اجتهد في علاجها فلم تبرأ.
ولما دعاه قال إي رب تدعوني؟ قال : إلى الذي أبرأ يدي وقد عجزت عنها.
وعن بعضهم : إنما لم تبرأ يده لئلا يدخلها مع فرعون في قصعة واحدة فتنعقد بينهما حرمة المؤاكلة.
ثم اختلف هل زالت تلك الرتة؛ فقيل : زالت بدليل قوله{ قد أوتيت سؤلك يا موسى}[طه : 36] وقيل : لم تزل كلها؛ بدليل قوله حكاية عن فرعون{ولا يكاد يبين}[الزخرف : 52].
ولأنه لم يقل : احلل كل لساني، فدل على أنه بقي في لسانه شيء من الاستمساك.
وقيل : زالت بالكلية بدليل قوله {أوتيت سؤلك}[طه : 36] وإنما قال فرعون{ولا يكاد يبين}[الزخرف : 52] لأنه عرف منه تلك العقدة في التربية، وما ثبت عنده أن الآفة زالت.
قلت : وهذا فيه نظر؛ لأنه لو كان ذلك لما قال فرعون{ولا يكاد يبين} حين كلمه موسى بلسان ذلق فصيح.
والله أعلم.
وقيل : إن تلك العقدة حدثت بلسانه عند مناجاة ربه، حتى لا يكلم غيره إلا بإذنه.
{يفقهوا قولي} أي يعملون ما أقوله لهم ويفهموه.
والفقه في كلام العرب الفهم.
قال أعرابي لعيسى بن عمر : شهدت عليك بالفقه.
تقول منه : فقه الرجل بالكسر.
وفلان لا يفقه ولا ينقه.
وأفقهتك الشيء ثم خص به الشريعة، والعالم به فقيه.
وقد فقه بالضم فقاهة وفقهه الله وتفقه إذا تعاطى ذلك.
وفاقهته إذا باحثته في العلم؛ قاله الجوهري.
والوزير المؤازر كالأكيل للمؤاكل؛ لأنه يحمل عن السلطان وزره أي ثقله.
في كتاب النسائي عن القاسم بن محمد : سمعت عمتي تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من ولي منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه).
ومن هذا المعنى قوله عليه الصلاة والسلام : (ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله) رواه البخاري.
فسأل موسى الله تعالى أن يجعل له وزيرا، إلا أنه لم يرد أن يكون مقصورا على الوزارة حتى لا يكون شريكا له في النبوة، ولولا ذلك لجاز أن يستوزره من غير مسألة.
وعين فقال {هارون} وانتصب على البدل من قوله {وزيرا}.
ويكون منصوبا بـ {اجعل} على التقديم والتأخير، والتقدير : واجعل لي هارون أخي وزيرا.
وكان هارون أكبر من موسى بسنة، وقيل : بثلاث.
{اشدد به أزري} أي ظهري والأزر الظهر من موضع الحقوين، ومعناه تقوى به نفسي؛ والأزر القوة وأزره قواه.
ومنه قوله تعالى {فآزره فاستغلظ}[الفتح : 29] وقال أبو طالب : أليس أبونا هاشم شد أزره ** وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب وقيل : الأزر العون، أي يكون عونا يستقيم به أمري.
قال الشاعر : شددت به أزري وأيقنت أنه ** أخو الفقر من ضاقت عليه مذاهبه وكان هارون أكثر لحما من موسى، وأتم طولا، وأبيض جسما، وأفصح لسانا.
ومات قبل موسى بثلاث سنين وكان في جبهة هارون شامة، وعلى أرنبة أنف موسى شامة، وعلى طرف لسانه شامة، ولم تكن على أحد قبله ولا تكون على أحد بعده، وقيل : إنها كانت سبب العقدة التي في لسانه.
والله أعلم.
{وأشركه في أمري} أي في النبوة وتبليغ الرسالة.
قال المفسرون كان هارون يومئذ بمصر، فأمر الله موسى أن يأتي هو هارون، وأوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى، فتلقاه إلى مرحلة وأخبره بما أوحى إليه؛ فقال له موسى : إن الله أمرني أن آتي فرعون فسألت ربي أن يجعلك معي رسولا.
وقرأ العامة {أخي اشدد} بوصل الألف {وأشركه} بفتح الهمزة على الدعاء، أي أشدد يا رب أزري وأشركه معي في أمري.
وقرأ ابن عامر ويحيى بن الحرث وأبو حيوة والحسن وعبدالله بن أبي إسحاق {أشد} بقطع الألف {وأشركه} أي أنا يا رب {في أمري}.
قال النحاس : جعلوا الفعلين في موضع جزم جوابا لقوله{أجعل لي وزيرا} وهذه القراءة شاذة بعيدة؛ لأن جواب مثل هذا إنما يتخرج بمعنى الشرط والمجازاة؛ فيكون المعنى : إن تجعل لي وزيرا من أهلي أشدد به أزري، وأشركه في أمري.
وأمره النبوة والرسالة، وليس هذا إليه صلى الله عليه وسلم فيخبر به، إنما سأل الله عز وجل أن يشركه معه في النبوة.
وفتح الياء من {أخي} ابن كثير وأبو عمر.
{كي نسبحك كثيرا} قيل : معنى {نسبحك} نصلي لك.
ويحتمل أن يكون التسبيح باللسان.
أي ننزهك عما لا يليق بجلالك.
{وكثيرا} نعت لمصدر محذوف.
ويجوز أن يكون نعتا لوقت.
والإدغام حسن.
وكذا {ونذكرك كثيرا}.
{إنك كنت بنا بصيرا} قال الخطابي : البصير المبصر، والبصير العالم بخفيات الأمور، فالمعنى؛ أي عالما بنا، ومدركا لنا في صغرنا فأحسنت إلينا، فأحسن إلينا كذلك يا رب.

تفسير ابن كثير وهذا برهان ثان لموسى عليه السلام، وهو أن اللّه أمره أن يدخل يده في جيبه، كما صرح به في الآية الأخرى. وههنا عبر عن ذلك بقوله: {واضمم يدك إلى جناحك}، وقال في مكان آخر: {واضمم إليك جناحك من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملئه}، وقال مجاهد: {واضمم يدك إلى جناحك} كفك تحت عضدك؛ وذلك أن موسى عليه السلام كان إذا أدخل يده في جيبه ثم أخرجها، تخرج تتلألأ كأنها فلقة قمر، وقوله: {تخرج بيضاء من غير سوء} أي من غير برص ولا أذى، ومن غير شين قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك وغيرهم ، وقال الحسن البصري: أخرجها واللّه كأنها مصباح، فعلم موسى أنه قد لقي ربه عزَّ وجلَّ، ولهذا قال تعالى: {لنريك من آياتنا الكبرى}، وقال وهب، قال له ربه: أدنه، فلم يزل يدنيه حتى أسند ظهره بجذع الشجرة فاستقر، وذهبت عنه الرعدة، وجمع يده في العصا وخضع برأسه وعنقه. وقوله {اذهب إلى فرعون إنه طغى} أي اذهب إلى فرعون ملك مصر، الذي خرجت فارًّا منه وهارباً، فادعه إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، ومره فليحسن إلى بني إسرائيل ولا يعذبهم، فإنه قد طغى وبغى وآثر الحياة الدنيا ونسي الرب الأعلى. قال وهب بن منبه: قال اللّه لموسى: انطلق برسالتي فإنك بسمعي وعيني، وقد ألبستك جنة من سلطاني لتستكمل بها القوة في أمري، فأنت جند عظيم من جندي، بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي، بطر نعمتي وأمن مكري، وغرته الدنيا عني، حتى جحد حقي وأنكر ربوبيتي، وزعم أنه لا يعرفني فإني أقسم بعزتي لولا القدر الذي وضعت بيني وبين خلقي، لبطشت به بطشة جبار، يغضب لغضبه السماوات والأرض والجبال والبحار، فإن أمرت السماء حصبته، وإن أمرت الأرض ابتلعته، وإن أمرت الجبال دمرته، وإن أمرت البحار غرقته، ولكنه هان عليّ وسقط من عيني، ووسعه حلمي واستغنيت بما عندي وحقي، إني أنا الغني لا غني غيري، فبلغه رسالتي، وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاصي، وذكره أيامي، وحذره من نقمتي وبأسي، وقل له فيما بين ذلك قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى، وأخبره أني إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة، ولا يروعنك ما ألبسته من لباس الدنيا، فإن ناصيته بيدي، أفيظن الذي يحاربني أن يقوم لي، أم يظن الذي يعاديني أن يعجزني، أم يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني ""أخرجه ابن أبي حاتم من كلام وهب بن منبه، وهو طويل اقتصرنا على بعضه"". {قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري} هذا سؤال من موسى عليه السلام لربه عزّ وجلّ، أن يشرح له صدره فيما بعثه به، فإنه قد أمره بأمر عظيم، وخطب جسيم، بعثه إلى أعظم ملك على وجه الأرض إذ ذاك، وأجبرهم وأشدهم كفراً وأكثرهم جنوداً، وأبلغهم تمرداً، هذا وقد مكث موسى في داره مدة وليداً عندهم في حجر فرعون على فراشه، ثم قتل منهم نفساً فخافهم أن يقتلوه فهرب منهم، هذه المدة بكمالها، ثم بعد هذا بعثه ربه عزَّ وجلَّ إليهم نذيراً يدعوهم إلى اللّه عزَّ وجلَّ أن يعبدوه وحده لا شريك له، ولهذا قال: {رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري} أي إن لم تكن أنت عوني ونصيري وعضدي وظهيري وإلا فلا طاقة لي بذلك {واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي}. وما سأل أن يزول ذلك بالكلية، بل بحيث يزول العي ويحصل لهم فهم ما يريد منه، وهو قدر الحاجة، ولو سأل الجميع لزال ولكن الأنبياء لا يسألون إلا بحسب الحاجة، ولهذا بقيت. قال اللّه تعالى إخباراً عن فرعون أنه قال {أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين} أي يفصح بالكلام، وقال الحسن البصري {واحلل عقدة من لساني} قال: حلّ عقدة واحدة، ولو سأل أكثر من ذلك أعطي، وقال ابن عباس: شكا موسى إلى ربه ما يتخوف من آل فرعون في القتيل، وعقدة لسانه فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير الكلام، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون، يكون له ردءاً ويتكلم عنه بكثير مما يفصح به لسانه، فآتاه سؤله، فحل عقدة من لسانه. وقوله تعالى: {واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي}، وهذا أيضاً سؤال من موسى عليه السلام في أمر خارجي عنه، وهو مساعدة أخيه هارون له، قال ابن عباس: نبئ هارون ساعتئذ وحين نبئ موسى عليهما السلام. روي عن عائشة أنها خرجت فيما كانت تعتمر، فنزلت ببعض الأعراب فسمعت رجلاً يقول: أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه؟ قالوا: لا ندري، قال أنا واللّه أدري! قالت، فقلت في نفسي في حلفه لا يستثني، إنه ليعلم أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه، قال: موسى حين سأل لأخيه النبوة، فقلت: صدق واللّه ""أخرجه ابن أبي حاتم"". وقوله: {اشدد به أزري} قال مجاهد: ظهري، {وأشركه في أمري} أي في مشاورتي، {كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا} قال مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين اللّه كثيراً حتى يذكر اللّه قائماً ومضطجعاً، وقوله: {إنك كنت بنا بصيرا} أي في اصطفائك لنا وإعطائك إيانا النبوة وبعثك لنا إلى عدوك فرعون، فلك الحمد على ذلك.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি