نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة طه آية 18
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ

التفسير الميسر قال موسى: هي عصاي أعتمد عليها في المشي، وأهزُّ بها الشجر؛ لترعى غنمي ما يتساقط من ورقه، ولي فيها منافع أخرى.

تفسير الجلالين
18 - (قال هي عصاي أتوكأ) أعتمد (عليها) عند الوثوب والمشي (وأهش) أخبط ورق الشجر (بها) ليسقط (على غنمي) فتأكله (ولي فيها مآرب) جمع مأربة مثلث الراء أي حوائج (أخرى) كحمل الزاد والسقاء وطرد الهوان وزاد في الجواب بيان حاجاته بها

تفسير القرطبي
فيه خمس مسائل: الأولى: قوله تعالى{وما تلك بيمينك} قيل : كان هذا الخطاب من الله تعالى لموسى وحيا؛ لأنه قال : (فاستمع لما يوحى) ولابد للنبي في نفسه من معجزة يعلم بها صحة نبوة نفسه، فأراه في العصا وفي نفسه ما أراه لذلك.
ويجوز أن يكون ما أراه في الشجرة آية كافية له في نفسه، ثم تكون اليد والعصا زيادة توكيد، وبرهانا يلقى به قومه.
واختلف في {ما} في قوله (وما تلك) فقال الزجاج والفراء : هي اسم ناقص وصلت بـ {ـيمينك} أي ما التي بيمينك؟ وقال أيضا{تلك} بمعنى هذه؛ ولو قال : ما ذلك لجاز؛ أي ما ذلك الشيء : ومقصود السؤال تقرير الأمر حتى يقول موسى : هي عصاي؛ ليثبت الحجة عليه بعد ما اعترف، وإلا فقد علم الله ما هي في الأزل.
وقال ابن الجوهري وفي بعض الآثار أن الله تعالى عتب على موسى إضافة العصا إلى نفسه في ذلك الموطن، فقيل له : ألقها لترى منها العجب فتعلم أنه لا ملك عليها ولا تنضاف إليك.
وقرأ ابن أبي إسحاق {عصي} على لغة هذيل؛ ومثله {يا بشرى} و{محيي} وقد تقدم.
وقرأ الحسن {عصاي}بكسر الياء لالتقاء الساكنين.
ومثل هذا قراءة حمزة {وما أنتم بمصرخي}[إبراهيم : 22].
وعن ابن أبي إسحاق سكون الياء.
الثانية: في هذه الآية دليل على جواب السؤال بأكثر مما سئل؛ لأنه لما قال {وما تلك بيمينك يا موسى} ذكر معاني أربعة وهي إضافة العصا إليه، وكان حقه أن يقول عصا؛ والتوكؤ؛ والهش، والمآرب المطلقة.
فذكر موسى من منافع عصاه عظمها وجمهورها وأجمل سائر ذلك.
وفي الحديث سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر فقال (هو الطهور ماؤه الحل ميتته).
وسألته امرأة عن الصغير حين رفعته إليه فقالت : ألهذا حج؟ قال (نعم ولك أجر).
ومثله في الحديث كثير.
الثالثة: قوله تعالى{أتوكأ عليها} أي أتحامل عليها في المشي والوقوف؛ ومنه الاتكاء {وأهش بها} {وأهش} أيضا؛ ذكره النحاس.
وهي قراءة النخعي، أي أخبط بها الورق، أي أضرب أغصان الشجر ليسقط ورقها، فيسهل على غنمي تناوله فتأكله.
قال الراجز : أهش بالعصا على أغنامي ** من ناعم الأراك والبشام يقال : هش على غنمه يهش الهاء في المستقبل.
وهش إلى الرجل يهش بالفتح وكذلك هش للمعروف يهش وهششت أنا : وفي حديث عمر : هششت يوما فقبلت وأنا صائم.
قال شمر : أي فرحت واشتهيت.
قال : ويجوز هاش بمعنى هش.
قال الراعي فكبر للرؤيا وهاش فؤاده ** وبشر نفسا كان قبل يلومها أي طرب.
والأصل في الكلمة الرخاوة.
يقال رجل هش وزوج هش.
وقرأ عكرمة {وأهس} بالسين غير معجمة؛ قيل : هما لغتان بمعنى واحد.
وقيل : معناهما مختلف؛ فالهش بالإعجام خبط الشجر؛ والهس بغير إعجام زجر الغنم؛ ذكره الماوردي؛ وكذلك ذكر الزمخشري.
وعن عكرمة{وأهس} بالسين أي أنحي عليها زاجرا لها والهس زجر الغنم.
الرابعة :قوله تعالى{ولي فيها مآرب أخرى} أي حوائج.
واحدها مأربة ومأربة ومأربة.
وقال{أخرى} على صيغة الواحد؛ لأن مآرب في معنى الجماعة، لكن المهيع في توابع جمع ما لا يعقل الإفراد والكناية عنه بذلك؛ فإن ذلك يجري مجرى الواحدة المؤنثة؛ كقوله تعالى {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}[الأعراف : 180] وكقولك {يا جبال أوبي معه}[سبأ : 10] وقد تقدم هذا في {الأعراف}.
الخامسة: تعرض قوم لتعديد منافع العصا منهم ابن عباس، قال : إذا انتهيت إلى رأس بئر فقصر الرشا وصلته بالعصا، وإذا أصابني حر الشمس غرزتها في الأرض وألقيت عليها ما يظلني، وإذا خفت شيئا من هوام الأرض قتلته بها، وإذا مشيت ألقيتها على عاتقي وعلقت عليها القوس والكنانة والمخلاة، وأقاتل بها السباع عن الغنم.
وروى عنه ميمون بن مهران قال : إمساك العصا سنة للأنبياء، وعلامة للمؤمن.
وقال الحسن البصري : فيها ست خصال؛ سنة للأنبياء، وزينة الصلحاء، وسلاح على الأعداء، وعون للضعفاء، وغم المنافقين، وزيادة في الطاعات.
ويقال : إذا كان مع المؤمن العصا يهرب منه الشيطان، ويخشع منه المنافق والفاجر، وتكون قبلته إذا صلى، وقوة إذا أعيا.
ولقي الحجاج أعرابيا فقال : من أين أقبلت يا أعرابي؟ قال : من البادية.
قال : وما في يدك؟ قال : عصاي أركزها لصلاتي، وأعدها لعداتي، وأسوق بها دابتي، وأقوى بها على سفري، وأعتمد بها في مشيتي لتتسع خطوتي، وأثب بها النهر، وتؤمنني من العثر، وألقي عليها كسائي فيقيني الحر، ويدفئني من القر، وتدني إلي ما بعد مني، وهي محمل سفرتي، وعلاقة إداوتي، أعصي بها عند الضراب، وأقرع بها الأبواب، وأتقي بها عقور الكلاب؛ وتنوب عن الرمح في الطعان؛ وعن السيف عند منازلة الأقران؛ ورثتها عن أبي، وأورثها بعدي ابني، وأهش بها على غنمي، ولي فيها مآرب أخرى، كثيرة لا تحصى.
قلت : منافع العصا كثيرة، ولها مدخل في مواضع من الشريعة : منها أنها تتخذ قبلة في الصحراء؛ وقد كان للنبي عليه الصلاة والسلام عنزة تركز له فيصلي إليها، وكان إذا خرج يوم العيد أم بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها؛ وذلك ثابت في الصحيح.
والحربة والعنزة والنيزك والآلة اسم لمسمى واحد.
وكان له محجن وهو عصا معوجة الطرف يشير به إلى الحجر إذا لم يستطع أن يقبله؛ ثابت في الصحيح أيضا.
وفي الموطأ عن السائب بن يزيد أنه قال : أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، وكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في بزوغ الفجر.
وفي الصحيحين : أنه عليه الصلاة والسلام كان له مخصرة.
والإجماع منعقد على أن الخطيب يخطب متوكئا على سيف أو عصا، فالعصا مأخوذة من أصل كريم، ومعدن شريف، ولا ينكرها إلا جاهل.
وقد جمع الله لموسى في عصاه من البراهين العظام، والآيات الجسام، ما آمن به السحرة المعاندون.
واتخذها سليمان لخطبته وموعظته وطول صلاته.
وكان ابن مسعود صاحب عصا النبي صلى الله عليه وسلم وعنزته؛ وكان يخطب بالقضيب - وكفى بذلك فضلا على شرف حال العصا - وعلى ذلك الخلفاء وكبراء الخطاء، وعادة العرب العرباء، الفصحاء اللسن البلغاء أخذ المخصرة والعصا والاعتماد عليها عند الكلام، وفي المحافل والخطب.
وأنكرت الشعوبية على خطباء العرب أخذ المخصرة والإشارة بها إلى المعاني.
والشعوبية تبغض العرب وتفضل العجم.
قال مالك : كان عطاء بن السائب يمسك المخصرة يستعين بها.
قال مالك : والرجل إذا كبر لم يكن مثل الشباب يقوى بها عند قيامه.
قلت : وفي مشيته كما قال بعضهم : قد كنت أمشي على رجلين معتمدا ** فصرت أمشي على أخرى من الخشب قال مالك رحمه الله ورضي عنه : وقد كان الناس إذا جاءهم المطر خرجوا بالعصي يتوكؤون عليها، حتى لقد كان الشباب يحبسون عصيهم، وربما أخذ ربيعة العصا من بعض من يجلس إليه حتى يقوم.
ومن منافع العصا ضرب الرجل نساءه بها فيما يصلحهم، ويصلح حاله وحالهم معه.
ومنه قوله عليه السلام (وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه) في إحدى الروايات.
وقد روي عنه عليه السلام أنه قال لرجل أوصاه : (لا ترفع عصاك عن أهلك أخفهم في الله) رواه عبادة بن الصامت؛ خرجه النسائي.
ومن هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم : (علق سوطك حيث يراه أهلك ) وقد تقدم هذا في {النساء} ومن فوائدها التنبيه على الانتقال من هذه الدار؛ كما قيل لبعض الزهاد : مالك تمشي على عصا ولست بكبير ولا مريض؟ قال إني أعلم أني مسافر، وأنها دار قلعة، وأن العصا من آلة السفر؛ فأخذه بعض الشعراء فقال : حملت العصا لا الضعف أوجب حملها ** علي ولا أني تحنيت من كبر ولكنني ألزمت نفسي حملها ** لأعلمها أن المقيم على سفر

تفسير ابن كثير هذا برهان من اللّه تعالى لموسى عليه السلام، ومعجزة عظيمة وخرق للعادة باهر دال على أنه لا يقدر على مثل هذا إلا اللّه عزَّ وجلَّ، وأنه لا يأتي به إلا نبي مرسل، وقوله: {وما تلك بيمينك يا موسى} قال بعض المفسرين إنما قال له ذلك على سبيل الإيناس له؛ وقيل وإنما قال له ذلك على وجه التقرير، أي أما هذه التي في يمينك عصاك التي تعرفها؟ فسترى ما نصنع بها الآن، {وما تلك بيمينك يا موسى}؟ استفهام تقرير، {قال هي عصاي أتوكأ عليها} أي اعتمد عليها، في حال المشي، {وأهش بها على غنمي} أي أهز بها الشجرة ليتساقط ورقها لترعاه غنمي، قال الإمام مالك: الهش أن يضع الرجل المحجن في الغصن ثم يحركه حتى يسقط ورقه وثمره ولا يكسر العود، فهذا الهش ولا يخبط، وقوله: {ولي فيها مآرب أخرى} أي مصالح ومنافع وحاجات أُخر غير ذلك. وقوله تعالى: {ألقها يا موسى} أي هذه العصا التي في يدك يا موسى ألقها، {فألقاها فإذا هي حية تسعى} أي صارت في الحال حية عظيمة، ثعباناً طويلاً يتحرك حركة سريعة، فإذا هي تهتز كأنها جان، وهو أسرع الحيات حركة، ولكنه صغير، فهذه في غاية الكبر، وفي غاية سرعة الحركة، {تسعى} أي تمشي وتضطرب. عن ابن عباس {فألقاها فإذا هي حية تسعى}، ولم تكن قبل ذلك حية، فمرت بشجرة فأكلتها، ومرت بصخرة فابتلعتها، فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها، فولى مدبراً، ونودي أن يا موسى خذها، ثم نودي الثانية أن خذها ولا تخف، فقيل له في الثالثة إنك من الآمنين، فأخذها. وقال وهب بن منبه: ألقاها على وجه الأرض، ثم حانت منه نظرة فإذا بأعظم ثعبان نظر إليه الناظرون، يدب يلتمس كأنه يبتغي شيئاً يريد أخذه، يمر بالصخرة فيلتقمها، ويطعن بالناب من أنيابه في أصل الشجرة العظيمة فيجتثها، عيناه تتقدان ناراً، وقد عاد المحجن منها عرفاً، فلما عاين ذلك موسى ولَّى مدبراً ولم يعقب، فذهب حتى أمعن، ورأى أنه قد أعجز الحية، ثم ذكر به فوقف استحياء منه، ثم نودي يا موسى أن ارجع حيث كنت، فرجع موسى وهو شديد الخوف، فقال {خذها} بيمينك {ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى} وعلى موسى حينئذ مدرعة من صوف، فدخلها بخلال من عيدان، فلما أمره بأخذها لف طرف المدرعة على يده، ثم وضعها على فم الحية حتى سمع حس الأضراس والأنياب، ثم قبض فإذا هي عصاه التي عهدها وإذا يده في موضعها الذي كان يضعها، إذا توكأ بين الشعبتين ولهذا قال تعالى: {سنعيدها سيرتها الأولى} أي إلى حالها التي تعرف قبل ذلك.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি