نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة طه آية 7
وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى

التفسير الميسر وإن تجهر - أيها الرسول - بالقول، فتعلنه أو تخفه، فإن الله لا يخفى عليه شيء، يعلم السر وما هو أخفى من السر مما تحدِّث به نفسك.

تفسير الجلالين
7 - (وإن تجهر بالقول) في ذكر أو دعاء فالله غني عن الجهر به (فإنه يعلم السر وأخفى) منه أي ما حدثت به النفس وما خطر ولم تحدث به فلا تجهد نفسك بالجهر

تفسير القرطبي
قوله تعالى{طه} اختلف العلماء في معناه فقال الصديق رضي الله تعالى عنه هو من الأسرار ذكره الغزنوي ابن عباس معناه يا رجل ذكره البيهقي وقيل إنها لغة معروفة في عكل.
وقيل في عك قال الكلبي : لو قلت في عك لرجل يا رجل لم يجب حتى تقول طه وأنشد الطبري في ذلك فقال : دعوت بطه في القتال فلم يجب ** فخفت عليه أن يكون موائلا ويروى مزايلا وقال عبدالله بن عمر يا حبيبي بلغة عك ذكره الغزنوي وقال قطرب هو بلغة طيء وأنشد ليزيد بن المهلهل : إن السفاهة طه من شمائلكم ** لا بارك الله في القوم الملاعين وكذلك قال الحسن معنى {طه} يا رجل وقال عكرمة وقال هو بالسريانية كذلك ذكره المهدوي وحكاه الماوردي عن ابن عباس أيضا ومجاهد وحكى الطبري أنه بالنبطية يا رجل وهذا قول السدي وسعيد بن جبير وابن عباس أيضا قال : إن السفاهة طه من خلائقكم ** لا قدس الله أرواح الملاعين وقال عكرمة أيضا هو كقولك يا رجل بلسان الحبشة ذكره الثعلبي والصحيح أنها وإن وجدت في لغة أخرى فإنها من لغة العرب كما ذكرنا وأنها لغة يمنية في عك وطيء وعكل أيضا وقيل : هو اسم من أسماء الله تعالى وقَسَم أقسم به وهذا أيضا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقيل : هو اسم للنبي صلى الله عليه وسلم سماه الله تعالى به كما سماه محمدا وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لي عند ربي عشرة أسماء) فذكر أن فيها {طه} و{يس} وقيل هو اسم للسورة ومفتاح لها وقيل إنه اختصار من كلام الله خص الله تعالى رسول بعلمه وقيل إنها حروف مقطعة يدل كل حرف منها على معني واختلف في ذلك فقيل الطاء شجرة طوبى والهاء النار الهاوية والعرب تعبر عن الشيء كله ببعضه كأنه أقسم بالجنة والنار وقال سعيد بن جبير الطاء افتتاح اسمه طاهر وطيب والهاء افتتاح اسمه هادي وقيل {طاء} يا طامع الشفاعة للأمة {هاء} يا هادي الخلق إلى الله وقيل الطاء من الطهارة والهاء من الهداية كأنه يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام يا طاهرا من الذنوب يا هادي الخلق إلى علام الغيوب وقيل الطاء طبول الغزاة والهاء هيبتهم في قلوب الكافرين بيانه قوله تعالى {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب} وقوله {وقذف في قلوبهم الرعب} وقيل الطاء طرب أهل الجنة في الجنة والهاء هوان أهل النار في النار وقول سادس إن معنى {طه} طوبى لمن اهتدى قال مجاهد ومحمد بن الحنفية وقول سابع إن معنى {طه} طأ الأرض وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحمل مشقة الصلاة حتى كادت قدماه تتورم ويحتاج إلى الترويح بين قدميه فقيل له طأ الأرض أي لا تتعب حتى تحتاج إلى الترويح حكاه ابن الأنباري وذكر القاضي عياض في {الشفاء} أن الربيع بن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى فأنزل الله تعالى {طه} يعني طأ الأرض يا محمد الزمخشري وعن الحسن {طه} وفسر بأنه أمر بالوطء وأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقوم في تهجده على إحدى رجليه فأمر أن يطأ الأرض بقدميه معا وأن الأصل طأ فقلبت همزته هاء كما قلبت [ألفا] في (يطأ) فيمن قال : .
.
.
لا هناك المرتع ثم بنى عليه هذا الأمر والهاء للسكت وقال مجاهد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يربطون الحبال في صدورهم في الصلاة بالليل من طول القيام ثم نسخ ذلك بالفرض فنزلت هذه الآية وقال الكلبي : لما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بمكة اجتهد في العبادة واشتدت عبادته، فجعل يصلي الليل كله زمانا حتى نزلت هذه الآية فأمره الله تعالى أن يخفف عن نفسه فيصلي وينام، فنسخت هذه الآية قيام الليل فكان بعد هذه الآية يصلي وينام وقال مقاتل والضحاك فلما نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم قام وأصحابه فصلوا فقال كفار قريش ما أنزل الله هذا القرآن على محمد إلا ليشقى فأنزل الله تعالى {طه}يقول : رجل {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} أي لتتعب؛ على ما يأتي وعلى هذا القول إن {طه} (طاها) أي طأ الأرض فتكون الهاء والألف ضمير الأرض أي طأ الأرض برجليك في صلواتك وخففت الهمزة فصارت ألفا ساكنة وقرأت طائفة {طه} وأصله طأ بمعنى طأ الأرض فحذفت الهمزة أدخلت هاء السكت وقال زر بن حبيش قرأ رجل على عبدالله بن مسعود {طه، ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} فقال له عبدالله {طه} فقال : يا أبا عبدالرحمن أليس قد أمر أن يطأ الأرض برجله أو بقدميه فقال {طه} كذلك أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأمال أبو عمرو وأبو إسحاق الهاء وفتحا الطاء وأمالهما جميعا أبو بكر وحمزة والكسائي والأعمش وقرأهما أبو جعفر وشيبة ونافع بين اللفظين واختاره أبو عبيد الباقون بالتفخيم قال الثعلبي وهي كلها لغات صحيحة النحاس لا وجه للإمالة عند أكثر أهل العربية لعلتين إحداهما أنه ليس ههنا ياء ولا كسرة فتكون الإمالة والعلة الأخرى أن الطاء من الحروف الموانع للإمالة فهاتان علتان بينتان.
قوله تعالى {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} وقرئ {ما نُزِّل عليك القرآن لتشقى} قال النحاس بعض النحويين يقول هذه لام النفي وبعضهم يقول لام الجحود وقال أبو جعفر وسمعت أبا الحسن بن كيسان يقول إنها لام الخفض والمعنى ما أنزلنا عليك القرآن للشقاء والشقاء يمد ويقصر وهو من ذوات الواو وأصل الشقاء في اللغة العناء والتعب أي ما أنزلنا عليك القرآن لتتعب قال الشاعر : ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ** وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم فمعنى لتشقى {لتتعب} بفرط تأسفك وعلى كفرهم وتحسرك على أن يؤمنوا كقوله تعالى {فلعلك باخع نفسك على آثارهم}[الكهف : 6] أي ما عليك إلا أن تبلغ وتذكر ولم يكتب عليك أن يؤمنوا لا محالة بعد أن لم تفرط في أداء الرسالة والموعظة الحسنة وروى أن أبا جهل لعنه الله تعالى والنضر بن الحرث قالا للنبي صلى الله عليه وسلم إنك شقي لأنك تركت دين آبائك فأريد رد ذلك بأن دين الإسلام وهذا القرآن هو السلم إلى نيل كل فوز والسبب في درك كل سعادة وما فيه الكفرة هو الشقاوة بعينها وعلى الأقوال المتقدمة أنه عليه الصلاة والسلام صلى بالليل حتى تورمت قدماه فقال له جبريل أبق على نفسك فإن لها عليك حقا أي ما أنزلنا عليك القرآن لتنهك نفسك في العبادة وتذيقها المشقة الفادحة وما بعثت إلا بالحنيفية السمحة قوله تعالى{إلا تذكرة لمن يخشى} قال أبو إسحاق الزجاج هو بدل من {تشقى} أي ما أنزلناه إلا تذكرة النحاس وهذا وجه بعيد وأنكره أبو علي من أجل أن التذكرة ليست بشقاء وإنما هو منصوب على المصدر أي أنزلنا لتذكر به تذكرة أو على المفعول من أجله أي ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى به ما أنزلناه إلا للتذكرة وقال الحسن بن الفضل فيه تقديم وتأخير مجازه ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة لمن يخشى ولئلا تشقى.
{تنزيلا} مصدر أي نزلناه تنزيلا وقيل بدل من قوله {تذكرة} وقرأ أبو حيوة الشامي {تنزيل} بالرفع على معنى هذا تنزيل.
{ممن خلق الأرض والسماوات العلا} أي العالية الرفيعة وهى جمع العليا كقول كبرى وصغرى وكبر وصغر أخبر عن عظمته وجبروته وجلاله.

تفسير ابن كثير قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته. روي عن ابن عباس قال: {طه} يا رجل، وهكذا روي عن مجاهد وعكرمة والضحّاك، وأسند القاضي عياض في كتابه الشفاء عن الربيع بن أنَس، قال: كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع الأخرى، فأنزل اللّه تعالى: {طه} يعني طأ الأرض يا محمد هذا التفسير غريب ولم ينكره ابن كثير رحمه اللّه ولم يثبت في أحاديث صحيحة عنه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقوم على رجل واحدة وإنما ثبت أنه كان يقوم من الليل حتى تفطرت قدماه، فتفسير ـ طه ـ بمعنى طأها مستبعد، واللّه أعلم {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} ثم قال: ولا يخفى ما في هذا من الإكرام وحسن المعاملة، وقوله: {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} قال الضحّاك: لما أنزل اللّه القرآن على رسوله صلى اللّه عليه وسلم قام به هو وأصحابه، فقال المشركون من قريش: ما أنزل هذا القرآن على محمد إلا ليشقى، فأنزل اللّه تعالى: {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى} فليس الأمر كما زعمه المبطلون، بل من آتاه العلم فقد أراد به خيراً كثيراً، كما ثبت في الصحيحين عن معاوية قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (من يرد اللّه به خيراً يفقهه في الدين). وما أحسن الحديث الذي رواه الحافظ الطبراني، عن ثعلبة بن الحكم، قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (يقول اللّه تعالى للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لقضاء عباده، إني لم أجعل علمي وحكمتي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا أبالي) ""قال ابن كثير: إسناده جيد، وثعلبة بن الحكم هو الليثي، نزل البصرة ثم تحول إلى الكوفة"". وقال مجاهد في قوله {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} هي كقوله: {فاقرأوا ما تيسر منه} وكانوا يعلقون الحبال بصدروهم في الصلاة. وقال قتادة: لا واللّه ما جعله شقاء ولكن رحمة ونوراً، ودليلاً إلى الجنة {إلا تذكرة لمن يخشى} أن اللّه أنزل كتابه وبعث رسوله رحمة رحم بها عباده ليتذكر ذاكر، وينتفع رجل بما سمع من كتاب اللّه، وهو ذكر أنزل اللّه فيه حلاله وحرامه، وقوله: {تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى} أي هذا القرآن الذي جاءك يا محمد هو تنزيل من ربك، الذي خلق الأرض بانخفاضها وكثافتها، وخلق السماوات العلى في ارتفاعها ولطافتها، وقد جاء في الحديث الذي صححه الترمذي وغيره، أن سمك كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وبعد ما بينها، والتي تليها مسيرة خمسمائة عام. وقوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} المسلك الأسلم طريقة السلف، وهو إمرار ما جاء في ذلك من الكتاب والسنّة من غير تكييف ولا تحريف، ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تمثيل، وقوله: {له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى} أي الجميع ملكه وفي قبضته، وتحت تصرفه ومشيئته وإرادته وحكمه، وهو خالق ذلك ومالكه، وإلهه لا إله سواه، وقوله: {وما تحت الثرى} قال محمد بن كعب: أي ما تحت الأرض السابعة، {وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى} أي أنزل هذا القرآن الذي خلق الأرض والسماوات العلى الذي يعلم السر وأخفى، كما قال تعالى: {قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض، إنه كان غفوراً رحيماً}، قال ابن عباس {يعلم السر وأخفى} قال: السر ما أسره ابن آدم في نفسه، {وأخفى} ما أخفي على ابن آدم مما هو فاعله قبل أن يعلمه، فاللّه يعلم ذلك كله، فعلمه فيما مضى من ذلك، وما بقي علم واحد، وجميع الخلائق في ذلك عنده كنفس واحدة، وهو قوله: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة}. وقال الضحّاك {يعلم السر وأخفى} قال: السر ما تحدث به نفسك، وأخفى ما لم تحدث نفسك به بعد. وقال سعيد بن جبير: أنت تعلم ما تسر اليوم، ولا تعلم ما تسر غداً، واللّه يعلم ما تسر اليوم وما تسر غداً، وقال مجاهد {وأخفى} يعني الوسوسة، وقال أيضاً {وأخفى} أي ما هو عامله مما لم يحدث به نفسه، وقوله: {الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى} أي الذي أنزل عليك القرآن هو اللّه الذي لا إله إلا هو ذو الأسماء الحسنى، والصفات العلى، وقد تقدم بيان الأحاديث الواردة في الأسماء الحسنى في أواخر سورة الأعراف وللّه الحمد والمنة.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি