نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة مريم آية 71
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا

التفسير الميسر وما منكم - أيها الناس - أحد إلا وارد النار بالمرور على الصراط المنصوب على متن جهنم، كل بحسب عمله، كان ذلك أمرًا محتومًا، قضى الله - سبحانه - وحكم أنه لا بد من وقوعه لا محالة.

تفسير الجلالين
71 - (وإن) أي ما (منكم) أحد (إلا واردها) أي داخل جهنم (كان على ربك حتما مقضيا) حتمه وقضى به لا يتركه

تفسير القرطبي
فبه خمس مسائل: الأولى :قوله تعالى {وإن منكم} هذا قسم والواو ينضمنه ويفسره حديث النبي صلى الله عليه وسلم (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم) قال الزهري : كأنه يريد هذه الآية (وإن منكم إلا واردها) ذكره داود الطيالسي فقوله {إلا تحلة القسم} يخرج في التفسير المسند لأن القسم المذكور هذا الحديث معناه عند أهل العلم قوله تعالى {وإن منكم إلا واردها} وقد قيل إن المراد بالقسم قوله تعالى {والذاريات ذروا} إلى قوله {إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع} والأول أشهر؛ والمعنى متقارب الثانية: واختلف الناس في الورود فقيل الورد الدخول روي عن جابر بن عبدالله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (الورود الدخول لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} أسنده أبو عمر في كتاب (التمهيد) وهو قول ابن عباس وخالد بن معدان وابن جريج وغيرهم وروي عن يونس أنه كان يقرأ {وإن منكم إلا واردها} الورود الدخول على التفسير للورود فغلط فيه بعض الرواة فألحقه بالقرآن وفي الدارمي عن عبدالله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يرد الناس النار ثم يصدرون منها بأعمالهم فمنهم كلمح البصر ثم كالريح ثم كحضر الفرس ثم كالراكب المجد في رحله ثم كشد الرجل في مشيته) وروي عن ابن عباس أنه قال في هذه المسألة لنافع بن الأزرق الخارجي (أما أنا وأنت فلا بد أن نردها أما أنا فينجيني الله منها وأما أنت فما أظنه ينجيك لتكذيبك) وقد أشفق كثير من العلماء من تحقق الورود والجهل بالصدر وقد بيناه في (التذكرة) وقالت فرقة الورود الممر على الصراط وروي عن ابن عباس وابن مسعود وكعب الأحبار والسدي ورواه السدي ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وقاله الحسن أيضا قال (ليس الورود الدخول إنما تقول وردت البصرة ولم أدخلها قال فالورود أن يمروا على الصراط) قال أبو بكر الأنباري وقد بنى على مذهب الحسن قوم من أهل اللغة واحتجوا بقول الله تعالى{إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} قالوا : فلا يدخل النار من ضمن الله أن يبعده منها وكان هؤلاء يقرؤون {ثم} بفتح الثاء {ننجي الذين اتقوا} واحتج عليهم الآخرون أهل المقالة الأولى بأن معنى قوله{أولئك عنها مبعدون} عن العذاب فيها والإحراق بها قالوا فمن دخلها وهو لا يشعر بها ولا يحس منها وجعا ولا ألما فهو مبعد عنها في الحقيقة ويستدلون بقوله تعالى {ثم ننجي الذين اتقوا} بضم الثاء فـ {ثم} تدل على نجاء بعد الدخول.
قلت وفي صحيح مسلم (ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة فيقولون اللهم سلم سلم) قيل : يا رسول الله وما الجسر؟ قال : (دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسك تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم) الحديث وبه احتج من قال إن الجواز على الصراط هو الورود الذي تضمنه هذه الآية لا الدخول فيها وقالت فرقة بل هو ورود إشراف واطلاع وقرب وذلك أنه يحضرون موضع الحساب وهو بقرب جهنم فيرونها وينظرون إليها في حالة الحساب ثم ينجي الله الذين اتقوا مما نظروا إليه ويصار بهم إلى الجنة {ونذر الظالمين} أي يؤمر بهم إلى النار قال الله تعالى {ولما ورد ماء مدين} أي أشرف عليه لا أنه دخله وقال زهير : فلما وردن الماء زرقا جمامه ** وضعن عصي الحاضر المتخيم وروت حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يدخل النار أحد من أهل بدر والحديبية) قالت فقلت يا رسول الله وأين قول الله تعالى {وإن منكم إلا واردها} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فَمَهْ {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا}) أخرجه مسلم من حديث أم مبشر قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم عند حفصة الحديث ورجح الزجاج هذا القول بقوله تعالى {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} وقال مجاهد : ورود المؤمنين النار هو الحمى التي تصيب المؤمن في دار الدنيا، وهي حظ المؤمن من النار فلا يردها.
روى أبو هريرة أن رسول الله صلى عليه وسلم عاد مريضا من وعك به فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (أبشر فإن الله تبارك وتعالى يقول {هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار}) أسنده أبو عمر قال : حدثنا عبدالوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر عن إسماعيل بن عبيدالله (عن أبي صالح) الأشعري عن أبي هريرة عن النبي عاد مريضا وفي كره وفي الحديث (الحمى حظ المؤمن من النار) وقالت فرقة الورود النظر إليها في القبر فينجي منها الفائز ويصلاها من قدر عليه دخولها، ثم يخرج منها بالشفاعة أو بغيرها من رحمة الله تعالى واحتجوا بحديث ابن عمر : (إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة والعشي) الحديث وروى وكيع عن شعبة عن عبدالله بن السائب عن رجل عن ابن عباس أنه قال في قول الله تعالى : (وإن منكم إلا واردها) قال : هذا خطاب للكفار.
وروي عنه أنه كان يقرأ {وإن منهم} ردا على الآيات التي قبلها في الكفار : قوله {فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا وإن منهم} [مريم : 68] وكذلك قرأ عكرمة وجماعة وعليها فلا شعب في هذه القراءة وقالت فرقة المراد بـ (منكم) الكفرة والمعنى قل لهم يا محمد وهذا التأويل أيضا سهل التناول والكاف في (منكم) راجحة إلى الهاء في (لنحشرنهم والشياطين.
ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا) فلا ينكر رجوع الكاف إلى الهاء؛ فقد عرف ذلك في قوله عز وجل {وسقاهم ربهم شرابا طهورا.
إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا}[الإنسان : 21 - 22] معناه كان لهم فرجعت الكاف إلى الهاء.
وقال الأكثر : المخاطب العالم كله ولا بد من ورود الجميع وعليه نشأ الخلاف في الورود وقد بينا أقوال العلماء فيه وظاهر الورود الدخول لقول عليه الصلاة والسلام (فتمسه النار) لأن المسيس حقيقته في اللغة المماسة إلا أنها تكون بردا وسلاما على المؤمنين وينجون منها سالمين قال خالد بن معدان : إذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا ألم يقل ربنا إنا نرد النار؟ فيقال لقد وردتموها فألقيتموها رمادا.
قلت : وهذا القول يجمع شتات لأقوال فإن من وردها ولم تؤذه بلهبها وحرها فقد أبعد عنها ونجي منها نجانا الله تعالى منها وكرمه وجعلنا ممن وردها فدخلها سالما وخرج منها غانما.
فان قيل : فهل يدخل الأنبياء النار؟ قلنا لانطلق هذا ولكن نقول : إن الخلق جميعا يردونها كما دل عليه حديث جابر أول الباب فالعصاة يدخلونها بجرائمهم، والأولياء والسعداء لشفاعتهم فبين الدخولين بون وقال ابن الأنباري محتجا لمصحف عثمان وقراءة العامة جائز في اللغة أن يرجع من خطاب الغيبة إلى لفظ المواجهة بالخطاب كما قال (وسقاهم ربهم شرابا طهورا.
إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا) فأبدل الكاف من الهاء.
وقد تقدم هذا المعنى في (يونس).
الثالثة: الاستثناء في قوله عليه السلام (إلا تحلة القسم) يحتمل أن يكون استثناء منقطعا لكن تحلة القسم وهذا معروف في كلام العرب والمعنى ألا تمسه النار أصلا وتم الكلام هنا ثم ابتدأ (إلا تحلة القسم) أي لكن تحلة القسم لابد منها في قوله تعالى {وإن منكم إلا واردها} وهو الجواز على الصراط أو الرؤية أو الدخول دخول سلامة، فلا يكون في ذلك شيء من مسيس لقوله عليه الصلاة والسلام (لا يموت لأحدكم ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من النار) والجنة الوقاية والستر ومن وقي النار ستر عنها فلن تمسه أصلا ولو مسته لما كان موقى الرابعة: هذا الحديث يفسر الأول لأن فيه ذكر الحسبة؛ ولذلك جعله مالك بأثره مفسرا له ويقيد هذا الحديث الثاني أيضا مارواه البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كان له حجابا من النار أو دخل الجنة) فقوله عليه السلام (لم يبلغوا الحنث) ومعناه عند أهل العلم لم يبلغوا الحلم ولم يبلغوا أن يلزمهم حنث دليل على أن أطفال المسلمين في الجنة والله أعلم لأن الرحمة إذا نزلت بآبائهم استحال أن يرحموا من أجل (من) ليس بمرحوم.
وهذا إجماع من العلماء في أن أطفال المسلمين في الجنة ولم يخالف في ذلك إلا فرقة شذت من الجبرية فجعلتهم المشيئة وهو قول مهجور مردود بإجماع الحجة الذين لا تجوز مخالفتهم، ولا يجوز على مثلهم إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أخبار الآحاد الثقات العدول؛ وأن قوله عليه الصلاة والسلام (الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه وأن الملك ينزل فيكتب أجله وعمله ورزقه) الحديث مخصوص، وأن من مات من أطفال المسلمين قبل الاكتساب فهو ممن سعد في بطن أمه ولم يشق بدليل الأحاديث والإجماع وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله تعالى عنها : (يا عائشة إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم وخلق النار وخلق لها أهلا وهم في أصلاب آبائهم) ساقط ضعيف مردود بالإجماع والآثار, وطلحة بن يحيى الذي يرويه ضعيف لا يحتج به وهذا الحديث مما انفرد به فلا يعرج عليه.
وقد روى شعبة عن معاوية بن قرة بن إياس المزني عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من الأنصار مات له ابن صغير فوجد عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما يسرك ألا تأتى بابا من أبواب الجنة إلا وجدته يستفتح لك) فقالوا يا رسول الله أله خاصة أم للمسلمين عامة؟ قال (بل للمسلمين عامة) قال أبو عمر هذا حديث ثابت صحيح يعني ما ذكرناه مع إجماع الجمهور؛ وهو يعارض حديث يحيى ويدفعه قال أبو عمر : الوجه عندي في هذا الحديث وما أشبهه من الآثار أنها لمن حافظ على أداء فرائضه واجتنب الكبائر، وصبر واحتسب في مصيبته؛ فإن الخطاب لم يتوجه في ذلك العصر إلا إلى قوم الأغلب من أمرهم ما وصفنا وهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين وذكر النقاش عن بعضهم أنه قال : نسخ قوله تعالى {وإن منكم إلا واردها} قوله {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}[الأنبياء : 101] وهذا ضعيف، وهذا ليس موضع نسخ.
وقد بينا أنه إذا لم تمسه النار فقد أبعد عنها وفي الخبر : (تقول النار للمؤمن يوم القيامة جُز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي).
الخامسة : قوله تعالى{كان على ربك حتما مقضيا} الحتم إيجاب القضاء أي كان ذلك حتما.
{مقضيا} أي قضاه الله تعالى عليكم وقال ابن مسعود أي قسما واجبا} ثم ننجي الذين اتقوا} أي نخلصهم {ونذر الظالمين فيها جثيا} وهذا مما يدل على أن الورود الدخول لأنه لم يقل وندخل الظالمين وقد مضى هذا المعنى مستوفى.
والمذهب أن صاحب الكبيرة وإن دخلها فإنه يعاقب بقدر ذنبه ثم ينجو وقالت المرجئة لا يدخل.
وقالت الوعيدية : يخلد وقد مضى بيان هذا في غير موضع وقرأ عاصم الجحدري ومعاوية بن قرة {ثم ننجي} مخففة من أنجى وهي قراءة حميد ويعقوب والكسائي وثقل الباقون وقرأ ابن أبي ليلى {ثمه} بفتح الثاء أي هناك و{ثم} ظرف إلا أنه مبني لأنه غير محصل فبني كما بني ذا؛ والهاء يجوز أن تكون لبيان الحركة فتحذف في الوصل ويجوز أن تكون لتأنيث البقعة فتثبت في الوصل تاء.

تفسير ابن كثير روى الإمام أحمد، عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضهم يدخلونها جميعاً، ثم ينجي اللّه الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد اللّه فقلت له: إنا اختلفنا في الورود، فقال: يردونها جميعاً، وأهوى بإصبعه إلى أذنيه، وقال: صُمَّتَا إن لم أكن سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن برداً وسلاماً كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار ضجيجاً من بردهم، ثم ينجي اللّه الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيًّا). وعن قيس ابن أبي حازم قال: كان عبد اللّه بن رواحة واضعاً رأسه في حجر امرأته فبكى، فبكت امرأته، قال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال إني ذكرت قول اللّه عزَّ وجلَّ {وإن منكم إلا واردها} فلا أدري أنجو منها أم لا؟ وكان مريضاً ""أخرجه عبد الرزاق"". وقال ابن جرير عن أبي إسحاق: كان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال: يا ليت أمي لم تلدني، ثم يبكي، فقيل له: ما يبكيك يا أبا ميسرة؟ فقال: أخبرنا أنا واردوها ولم نخبر أنا صادرون عنها، وعن الحسن البصري قال، قال رجل لأخيه: هل أتاك أنك وارد النار؟ قال: نعم، قال: فهل أتاك أنك صادر عنها؟ قال: لا، قال: ففيم الضحك، قال: فما رئي ضاحكاً حتى لحق باللّه، وقال عبد الرزاق خاصم ابن عباس نافع بن الأزرق، فقال ابن عباس: الورود الدخول، فقال نافع: لا، فقرأ ابن عباس {إنكم وما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم، أنتم لها واردون} وردوا أم لا؟ وقال: {يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار} أوردهم أم لا؟ أمّا أنا وأنت فسندخلها، فانظر هل نخرج منها أم لا؟ وما أرى اللّه مخرجك منها بتكذيبك، فضحك نافع. وقال: عن مجاهد قال: كنت عند ابن عباس فأتاه رجل يقال له أبو راشد، وهو نافع بن الأزرق. فقال له: يا ابن عباس، أرأيت قول اللّه: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا}، قال: أما أنا وأنت يا أبا راشد فسنردها فانظر هل نصدر عنها أم لا؟ وعن عبد اللّه بن مسعود {وإن منكم إلا واردها} قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (يرد الناس كلهم ثم يصدون عنها بأعمالهم) ""رواه أحمد والترمذي"". وقد رواه أسباط عن السدي، عن مرة عن عبد اللّه بن مسعود قال: يرد الناس جميعاً الصراط، وورودهم قيامهم حول النار، ثم يصدون عن الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الطير، ومنهم من يمر كأجود الخيل، ومنهم من يمر كأجود الإبل، ومنهم من يمر كعدو الرجُل، حتى إن آخرهم مراً رجل نوره على موضع إبهامي قدميه يمر فيتكفأ به الصراط، والصراط دحض مزلة، عليه حسك كحسك القتاد، حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس ""أخرجه ابن أبي حاتم""، وقال ابن جرير، عن عبد اللّه قوله {وإن منكم إلا واردها} قال: الصراط على جهنم مثل حد السيف، فتمر الطبقة الأولى كالبرق، والثانية كالريح، والثالثة كأجود الخيل، والرابعة كأجود البهائم، ثم يمرون والملائكة يقولون اللهم سلم سلم، ولهذا شواهد في الصحيحين وغيرهما. عن أم مبشر امرأة زيد بن حارثة، قالت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بيت حفصة فقال: (لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية)، قالت حفصة: أليس اللّه يقول: {وإن منكم إلا واردها}؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ({ثم ننجي الذين اتقوا} الآية، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد تمسه النار إلا تحلة القسم) يعني الورود. وقال قتادة قوله: {وإن منكم إلا واردها} هو الممر عليها. وقال عبد الرحمن بن زيد. ورود المسلمين المرور على الجسر بين ظهرانيها، وورود المشركين أن يدخلوها، والزالون والزالات يومئذ كثير، وقد أحاط يومئذ سماطان من الملائكة دعاؤهم يا اللّه سلم سلم وقال السدي، عن ابن مسعود في قوله {كان على ربك حتما مقضيا} قال: قسماً واجباً، وقال مجاهد: حتماً، قال قضاء، وقوله: {ثم ننجي الذين اتقوا} أي إذا مر الخلائق كلهم إلى النار، وسقط من سقط من الكفار، والعصاة، نجى اللّه تعالى المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم، فجوازهم على الصراط وسرعتهم بقدر أعمالهم التي كانت في الدنيا، ثم يشفعون في أصحاب الكبائر من المؤمنين، فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون، فيخرجون خلقاً كثيراً قد أكلتهم النار إلا دارات وجوههم ـ وهي مواضع السجود ـ ولا يبقى في النار إلا من وجب عليه الخلود، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ولهذا قال تعالى: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيًّا}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি