نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة مريم آية 70
ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَىٰ بِهَا صِلِيًّا

التفسير الميسر ثم لنحن أعلم بالذين هم أَوْلى بدخول النار ومقاساة حرها.

تفسير الجلالين
70 - (ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها) أحق بجهنم الأشد وغيره منهم (صليا) دخولا واحتراقا فتبدأ بهم وأصله صلوي من صلي بكسر اللام وفتحها

تفسير القرطبي
قوله تعالى{فوربك لنحشرنهم} أقسم بنفسه بعد إقامة الحجة بأنه يحشرهم من قبورهم إلى المعاد كما يحشر المؤمنين.
{والشياطين} أي ولنحشرن الشياطين قرناء لهم قيل يحشر كل كافر مع شيطان في سلسلة كما قال {احشروا الذين ظلموا وأزواجهم}[الصافات : 22] الزمخشري والواو في {والشياطين} يجوز أن تكون للعطف وبمعنى مع وهي بمعنى مع أوقع والمعنى أنهم يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذي أغووهم؛ يقرنون كل كافر مع شيطان في سلسلة.
فإن قلت هذا إذا أريد بالإنسان الكفرة خاصة فإن أريد الأناسي على العموم فكيف يستقيم حشرهم مع الشياطين؟ قلت إذا حشر جميع الناس حشرا واحدا وفيهم الكفرة مقرونين بالشياطين فقد حشروا مع الشياطين كما حشروا مع الكفرة فإن قلت هلا عزل السعداء عن الأشقياء في الحشر كما عزلوا عنهم في الجزاء؟ قلت لم يفرق بينهم في المحشر وأحضروا حيث تجاثوا حول جهنم وأوردوا معهم النار ليشاهد السعداء الأحوال التي نجاهم الله منها وخلصهم، فيزدادوا لذلك غبطة وسرورا إلى سرور ويشمتوا بأعداء الله تعالى وأعدائهم فتزداد مساءتهم وحسرتهم وما يغيظهم من سعادة أولياء الله وشماتتهم بهم فإن قلت ما معنى إحضارهم جثيا؟ قلت أما إذا فسر الإنسان بالخصوص فالمعنى أنهم يعتلون من المحشر إلى شاطئ جهنم علا على حالهم التي كانوا عليها في الموقف جثاة على ركبهم غير مشاة على أقدامهم وذلك أن أهل الموقف وصفوا بالجثو قال الله تعالى {وترى كل أمة جاثية} على الحالة المعهودة في مواقف المقاولات والمناقلات من تجاثي أهلها على الركب لما في ذلك من الاستيفاز والقلق وإطلاق الحبا خلاف الطمأنينة أولما يدهمهم من شدة الأمر التي لا يطيقون معها القيام على أرجلهم فيجثون على ركبهم جثوا وإن فسر بالعموم فالمعنى أنهم يتجاثون عند موافاة شاطئ جهنم أن {جثيا} حال مقدرة كما كانوا في الموقف متجاثين لأنه من توابع التواقف للحساب، قبل التواصل إلى الثواب والعقاب ويقال : إن معنى {ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا} أي جثيا على ركبهم عن مجاهد وقتادة أي أنهم لشدة ما هم فيه لا يقدرون على القيام {وحول جهنم} يجوز أن يكون داخلها كما تقول : جلس القوم حول البيت أي داخله مطيفين به فقوله (حول جهنم) على هذا يجوز أن يكون بعد الدخول ويجوز أن يكون قبل الدخول و{جثيا} جمع جاث.
يقال جثا على ركبتيه يجثو ويجثي جثوا وجثيا على فعول فيهما وأجثاه غيره وقوم جثي أيضا مثل جلس جلوسا وقوم جلوس وجثي أيضا بكسر الجيم لما بعدها من الكسر وقال ابن عباس{جثيا} جماعات وقال مقاتل : جمعا جمعا وهو على هذا التأويل جمع وجثوة ثلاث لغات وهي الحجارة المجموعة والتراب المجموع فأهل الخمر على حدة وأهل الزنى على حدة وهكذا قال طرفة : ترى جثوتين من تراب عليها ** صفائح صم من صفيح منضد وقال الحسن والضحاك جاثية الركب وهو على هذا التأويل جمع جاث على ما تقدم وذلك لضيق المكان أي لا يمكنهم أن يجلسوا جلوسا تاما وقيل جثيا على ركبهم للتخاصم كقوله تعالى {ثم إنكم يوم لقيامة عند ربكم تختصمون} وقال الكميت : هم تركوا سراتهم جثيا ** وهم دون السراة مقرنينا قوله تعالى{ثم لننزعن من كل شيعة} أي لنستخرجن من كل أمة وأهل دين.
{أيهم أشد على الرحمن عتيا} النحاس : وهذه آية مشكلة في الإعراب لأن القراء كلهم يقرؤون {أيهم} بالرفع إلا هارون القارئ الأعور فإن سيبويه حكى عنه {ثم لننزعن من كل شيعة أيهم} بالنصب أوقع على أيهم لننزعن.
قال أبو إسحاق في رفع {أيهم} ثلاثة أقوال؛ قال الخليل بن أحمد حكاه عنه سيبويه : إنه مرفوع على الحكاية والمعنى ثم لننزعن من كل شيعة الذي يقال من أجل عتوه أيهم أشد على الرحمن عتيا وأنشد الخليل فقال : ولقد أبيت من الفتاة بمنزل ** فأبيت لا حرج ولا محروم أي فأبيت بمنزلة الذي يقال له لا هو حرج ولا محروم.
وقال أبو جعفر النحاس : ورأيت أبا إسحاق يختار هذا القول ويستحسنه قال لأنه معنى قول أهل التفسير وزعم أن معنى {ثم لننزعن من كل شيعة} ثم لننزعن من كل فرقة الأعتى فالأعتى.
كأنه يبتدأ بالتعذيب بأشدهم عتيا ثم الذي يليه وهذا نص كلام أبي إسحاق في معنى الآية.
وقال يونس{لننزعن} بمنزلة الأفعال التي تلغى ورفع {أيهم} على الابتداء المهدوي والفعل هو {لننزعن} عند يونس معلق قال أبو علي : معنى ذلك أنه يعمل في موضع {أيهم أشد} لا أنه ملغى.
ولا يعلق عند الخليل وسيبويه مثل {لننزعن} إنما يعلق بأفعال الشك وشبهها ما لم يتحقق وقوعه وقال سيبويه{أيهم} مبني على الضم لأنها خالفت أخواتها في الحذف؛ لأنك لو قلت : رأيت الذي أفضل ومن أفضل كان قبيحا، حتى تقول من هو أفضل، والحذف في {أيهم} جائز.
قال أبو جعفر : وما علمت أحدا من النحويين إلا وقد خطأ سيبويه في هذا وسمعت أبا إسحاق يقول : ما يبين لي أن سيبويه غلط في كتابه إلا في موضعين هذا أحدهما؛ قال وقد علمنا أن سيبويه أعرب أيا وهى مفردة لأنها تضاف، فكيف يبنيها وهي مضافة؟ ! ولم يذكر أبو إسحاق فيما علمت إلا هذه الثلاثة الأقوال أبو علي إنما وجب البناء على مذهب سيبويه لأنه حذف منه ما يتعرف به وهو الضمير مع افتقار إليه كما حذف في {من قبل ومن بعد} ما يتعرفان به مع افتقار المضاف إلى المضاف إليه لأن الصلة تبين الموصول وتوضحه كما أن المضاف إليه يبين المضاف ويخصصه قال أبو جعفر وفيه أربعة أقوال سوى هذه الثلاثة التي ذكرها أبو إسحاق قال الكسائي {لننزعن} واقعة على المعنى كما تقول لبست من الثياب وأكلت من الطعام، ولم يقع {لننزعن} على {أيهم} فينصبها.
زاد المهدوي : وإنما الفعل عنده واقع على موضع {من كل شيعة} وقوله{أيهم أشد} جملة مستأنفة مرتفعة بالابتداء ولا يرى سيبويه زيادة {من} في الواجب وقال الفراء المعنى ثم لننزعن بالنداء ومعنى {لننزعن} لننادين المهدى ونادى فعل يعلق إذا كان بعده جملة كظننت فتعمل في المعنى ولا تعمل في اللفظ قال أبو جعفر وحكى أبو بكر بن شقير أن بعض الكوفيين يقول في {أيهم} معنى الشرط والمجازاة فلذلك لم يعمل فيها ما قبلها والمعنى ثم لننزعن من كل فرقة إن تشايعوا أو لم يتشايعوا كما تقول ضربت القوم أيهم غضب والمعنى إن غضبوا أو لم يغضبوا قال أبو جعفر فهذه ستة أقوال وسمعت علي بن سليمان يحكي عن محمد بن يزيد قال {أيهم} متعلق {بشيعة} فهو مرفوع بالابتداء والمعنى ثم لننزعن من الذين تشايعوا أيهم أي من الذين تعاونوا فنظروا أيهم أشد على الرحمن عتيا وهذا قول حسن وقد حكى الكسائي أن التشايع التعاون و{عتيا} نصب على البيان قوله تعالى{ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا} أي أحق بدخول النار يقال صلى يصلى صليا ونحو مضى الشيء يمضي مضيا إذا ذهب وهوى يهوي هويا وقال الجوهري ويقال صليت الرجل نارا إذا أدخلته النار وجعلته يصلاها فإن ألقيته فيها إلقاء كأنك تريد الإحراق قلت : أصليته بالألف وصليته تصلية وقرئ {ويصلى سعيرا} ومن خفف فهو من قولهم : صلي فلان بالنار (بالكسر) يصلى صليا أحترق قال الله تعالى {هم أولى بها صليا} قال العجاج والله لولا النار أن نصلاها ويقال أيضا صلي بالأمر إذا قاسى حره وشدته قال الطهوي ولا تبلى بسالتهم وإن هم ** صلوا بالحرب حينا بعد حين واصطليت بالنار وتصليت بها قال أبو ربيد : وقد تصليت حر حربهم ** كما تصلى المقرور من قرس وفلان لا يصطلى بناره إذا كان شجاعا لا يطاق.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن الإنسان، أنه يتعجب ويستبعد إعادته بعد موته، كما قال تعالى: {وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد}، وقال: {أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين . وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم}، وقال ههنا: {ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حيا أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا}، يستدل تعالى بالبداءة على الإعادة، يعني أنه تعالى قد خلق الإنسان ولم يك شيئاً، أفلا يعيده؟ وقد صار شيئاً، كما قال تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}، وفي الصحيح: (يقول اللّه تعالى كذبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني، وآذاني ابن آدم ولم يكن له أن يؤذيني، أما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليّ من آخره، وأما أذاه إياي فقوله: إن لي ولداً وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد) ""أخرجه البخاري في صحيحه""، وقوله: {فوربك لنحشرنهم والشياطين} أقسم الرب تبارك وتعالى بنفسه الكريمة، أنه لا بدّ أن يحشرهم جميعاً، وشياطينهم الذي كانوا يعبدون من دون اللّه، {ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا}، قال ابن عباس: يعني قعوداً كقوله: {وترى كل أمة جاثية} وقال السدي في قوله {جثيا} يعني قياماً، وروي عن ابن مسعود مثله. وقوله: {ثم لننزعن من كل شيعة} يعني من كل أمة قاله مجاهد، {أيهم أشد على الرحمن عتيا} قال الثوري عن ابن مسعود قال: يحبس الأول على الآخر، حتى إذا تكاملت العدة أتاهم جميعاً، ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرماً، وهو قوله: {ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا}، وقال قتادة: ثم لننزعن من أهل كل دين قادتهم ورؤساءهم في الشر، وكذا قال ابن جريج وغير واحد من السلف، وهذا كقوله تعالى، {حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار}، وقوله: {ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا} المراد أنه تعالى أعلم بمن يستحق من العباد أن يصلى بنار جهنم ويخلد فيها، وبمن يستحق تضيف العذاب كما قال في الآية المتقدمة: {قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি