نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة مريم آية 22
فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا

التفسير الميسر فحملت مريم بالغلام بعد أن نفخ جبريل في جَيْب قميصها، فوصلت النفخة إلى رَحِمِها، فوقع الحمل بسبب ذلك، فتباعدت به إلى مكان بعيد عن الناس.

تفسير الجلالين
22 - (فحملته فانتبذت) تنحت (به مكانا قصيا) بعيدا عن أهلها

تفسير القرطبي
قوله تعالى{فانتبذت به مكانا قصيا} أي تنحت بالحمل إلى مكان بعيد؛ قال ابن عباس : إلى أقصى الوادي، وهو وادي بيت لحم بينه وبين إيلياء أربعة أميال؛ وإنما بعدت فرارا من تعيير قومها إياها بالولادة من غير زوج.
قال ابن عباس : ما هو إلا أن حملت فوضعت في الحال وهذا هو الظاهر؛ لأن الله تعالى ذكر الانتباذ الحمل.
وقيل : غير ذلك على ما يأتي : قوله تعالى{فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة} {أجاءها} اضطرها؛ وهو تعدية جاء بالهمز.
يقال : جاء به وأجاءه إلى موضع كذا، كما يقال : ذهب به وأذهبه.
وقرأ شبيل ورويت عن عاصم {فاجأها} من المفاجأة.
وفي مصحف أبي {فلما أجاءها المخاض}.
وقال زهير : وجار سار معتمدا إلينا ** أجاءته المخافة والرجاء وقرأ الجمهور {المخاض} بفتح الميم.
ابن كثير فيما روي عنه بكسرها وهو الطلق وشدة الولادة وأوجاعها.
مخضت المرأة تمخض مخاضا ومخاضا.
وناقة ماخض أي دنا ولادها.
{إلى جذع النخلة} كأنها طلبت شيئا تستند إليه وتتعلق به، كما تتعلق الحامل لشدة وجع الطلق.
والجذع ساق النخلة اليابسة في الصحراء الذي لا سعف عليه ولا غصن؛ ولهذا لم يقل إلى النخلة.
{قالت يا ليتني مت قبل هذا} تمنت مريم عليها السلام الموت من جهة الدين لوجهين : أحدهما : أنها خافت أن يظن بها الشر في دينها وتعير فيفتنها ذلك.
الثاني : لئلا يقع قوم بسببها في البهتان والنسبة إلى الزنى وذلك مهلك.
وعلى هذا الحد يكون تمني الموت جائزا، وقد مضى هذا المعنى مبينا في سورة [يوسف] عليه السلام والحمد لله.
قلت : وقد سمعت أن مريم عليها السلام سمعت نداء من يقول : اخرج يا من يعبد من دون الله فحزنت لذلك، و{قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا} النسي في كلام العرب الشيء الحقير الذي شأنه أن ينسى ولا يتألم لفقده كالوتد والحبل للمسافر ونحوه.
وحكي عن العرب أنهم إذا أرادوا الرحيل عن منزل قالوا : احفظوا أنساءكم؛ الأنساء جمع نسي وهو الشيء الحقير يغفل فينسى.
ومنه قول الكميت رضي الله تعالى عنه : أتجعلنا جسرا لكلب قضاعة ** ولست بنسي في مَعَد ولا دخل وقال الفراء : النسي ما تلقيه المرأة من خرق اعتلالها؛ فقول مريم{نسيا منسيا} أي حيضة ملقاة.
وقرئ {نسيا} بفتح النون وهما لغتان مثل الحجر والحجر والوتر والوتر.
وقرأ محمد بن كعب القرظي بالهمز {نسئا} بكسر النون.
وقرأ نوف البكالي {نسئا} بفتح النون من نسأ الله تعالى في أجله أي أخره.
وحكاها أبو الفتح والداني عن محمد بن كعب.
وقرأ بكر بن حبيب {نسا} بتشديد السين وفتح النون دون همز.
وقد حكى الطبري في قصصها أنها لما حملت بعيسى عليه السلام حملت أيضا أختها بيحيى، فجاءتها أختها زائرة فقالت : يا مريم أشعرت أنت أني حملت؟ فقالت لها : وإني أجد ما في بطني يسجد لما في بطنك؛ فذلك أنه روي أنها أحست بجنينها يحر برأسه إلى ناحية بطن مريم؛ قال السدي فذلك قوله{مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين}[آل عمران : 39] وذكر أيضا من قصصها أنها خرجت فارة رجل من بني إسرائيل يقال له يوسف النجار، كان يخدم معها في المسجد وطول في ذلك.
قال الكلبي : قيل ليوسف - وكانت سميت له أنها حملت من الزنى - فالآن يقتلها الملك، فهرب بها، فهم في الطريق بقتلها، فأتاه جبريل عليه السلام وقال له : إنه من روح القدس؛ قال ابن عطية : وهذا كله ضعيف.
وهذه القصة تقتضي أنها حملت، واستمرت حاملا على عرف النساء، وتظاهرت الروايات بأنها ولدته لثمانية أشهر قال عكرمة؛ ولذلك قيل : لا يعيش ابن ثمانية أشهر لخاصة عيسى.
وقيل : ولدته لتسعة.
وقيل : لستة.
وما ذكرناه عن ابن عباس أصح وأظهر.
والله أعلم.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن مريم، أنها لما قال لها جبريل ما قال، استسلمت لقضاء اللّه تعالى، فذكر غير واحد من علماء السلف، أن الملك وهو جبرائيل عليه السلام عند ذلك نفخ في جيب درعها، فنزلت النفخة حتى ولجت في الفرج فحملت بالولد، بإذن اللّه تعالى، فلما حملت به ضاقت ذرعاً، ولم تدر ماذا تقول للناس، فإنها لم تعلم أن الناس لا يصدقونها فيما تخبرهم به، غير أنها أفشت سرها وذكرت أمرها لأختها امرأة زكريا، وذلك أن زكريا عليه السلام كان قد سأل اللّه الولد فأجيب إلى ذلك، فحملت امرأته، فدخلت عليها مريم، فقامت إليها فاعتنقتها وقالت: أشعرت يا مريم أني حبلى؟ فقالت لها مريم: وهل علمت أيضاً أني حبلى، وذكرت لها شأنها، وما كان من خبرها، وكانوا بيت إيمان وتصديق، قال مالك رحمه اللّه: بلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام ابنا خالة، وكان حملهما جميعاً معاً، فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم: إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك، قال مالك: أرى ذلك لتفضيل عيسى عليه السلام، لأن اللّه جعله يحيي الموتى ويبرئ الأكمة والأبرص ""أخرجه ابن أبي حاتم"". ثم اختلف المفسرون في مدة حمل عيسى عليه السلام، فالمشهور عن الجمهور أنها حملت به تسعة أشهر، وقال عكرمة: ثمانية أشهر، وقال ابن جريج، عن ابن عباس، وسئل عن حمل مريم، قال: لم يكن إلا أن حملت فوضعت قال ابن كثير: هذا القول عن ابن عباس غريب، وكأنه مأخوذ من ظاهر قوله تعالى: {فحملته فانتبذت به مكانا قصيا . فأجاءها المخاض} فالفاء للتعقيب ولكن تعقيب كل شيء بسببه . والمشهور الظاهر - واللّه على كل شيء قدير - أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن، ولهذا لما ظهرت مخايل الحمل بها، وكان معها في المسجد رجل صالح من قراباتها يخدم معها البيت المقدس، يقال له يوسف النجار، فلما رأى ثقل بطنها وكبره أنكر ذلك من أمرها، ثم صرفه ما يعلم من براءتها ونزاهتها ودينها وعبادتها، ثم تأمل ما هي فيه فجعل أمرها يجوس في فكره لا يستطيع صرفه عن نفسه، فحمل نفسه على أن عرَّض لها في القول، فقال: يا مريم إني سائلك عن أمر فلا تعجلي عليَّ، قالت: وما هو؟ قال: هل يكون قط شجر من غير حبّ؟ وهل يكون زرع من غير بذر؟ وهل يكون ولد من غير أب؟ فقالت: نعم، وفهمت ما أشار إليه، أما قولك هل يكون شجر من غير حب وزرع من غير بذر، فإن اللّه قد خلق الشجر والزرع أول ما خلقهما من غير حب ولا بذر، وهل يكون ولد من غير أب، فإن اللّه تعالى قد خلق آدم من غير أب ولا أم فصدقها، وسلم لها حالها، ولما استشعرت مريم من قومها اتهامها بالريبة، انتبذت منهم مكاناً قصياً، أي قاصيا منهم بعيداً عنهم لئلا تراهم ولا يروها. قال محمد بن إسحاق: فلما حملت به وملأت قلتها ورجعت، استمسك عنها الدم وأصابها ما يصيب الحامل على الولد من الوصب والتوحم، وتغير اللون، حتى فطر لسانها، فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل زكريا وشاع الحديث في بني إسرائيل، فقالوا: إنما صاحبها يوسف، ولم يكن معها في الكنسية غيره، وتوارت من الناس، واتخذت من دونهم حجاباً، فلا يراها أحد ولا تراه. وقوله تعالى: {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة} أي فاضطرها وألجأها إلى جذع النخلة، في المكان الذي تنحت إليه. وقد اختلفوا فيه، فقال السدي: كان شرقي محرابها الذي تصلي فيه من بيت المقدس، وقال وهب بن منبه: كان ذلك على ثمانية أميال من بيت المقدس، في قرية يقال لها بيت لحم، وهذا هو المشهور، الذي تلقاه الناس بعضهم عن بعض، ولا يشك فيه النصارى أنه ببيت لحم، وقوله تعالى إخباراً عنها: {قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا} فيه دليل على جواز تمني الموت عند الفتنة، فإنها عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود الذي لا يحمل الناس فيه أمرها على السداد ولا يصدقونها في خبرها، وبعد ما كانت عندهم عابدة ناسكة تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية، فقال {يا ليتني مت قبل هذا} أي قبل هذا الحمل {وكنت نسيا منسيا} أي لم أُخلق ولم أك شيئاَ قاله ابن عباس، وقال قتادة {وكنت نسيا منسيا} أي شيئاً لا يعرف ولا يذكر، ولا يدري الناس من أنا، وقال ابن زيد: لم أكن شيئاً قط، وقد قدمنا الأحاديث الدالة على النهي عن تمني الموت إلا عند الفتنة عند قوله: {وتوفني مسلما وألحقني بالصالحين}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি