نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة مريم آية 17
فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا

التفسير الميسر فجعلت مِن دون أهلها سترًا يسترها عنهم وعن الناس، فأرسلنا إليها الملَك جبريل، فتمثَّل لها في صورة إنسان تام الخَلْق.

تفسير الجلالين
17 - (فاتخذت من دونهم حجابا) أرسلت سترا تستتر به لتفلي رأسها أو ثيابها أو تغتسل من حيضها (فأرسلنا إليها روحنا) جبريل (فتمثل لها) بعد لبسها ثيابها (بشرا سويا) تام الخلق

تفسير القرطبي
قوله تعالى{فأرسلنا إليها روحنا} قيل : هو روح عيسى عليه السلام؛ لأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد، فركب الروح في جسد عيسى عليه السلام الذي خلقه في بطنها.
وقيل : هو جبريل وأضيف الروح إلى الله تعالى تخصيصا وكرامة.
والظاهر أنه جبريل عليه السلام؛ لقوله{فتمثل لها} أي تمثل الملك لها.
{بشرا} تفسير أو حال.
{سويا} أي مستوي الخلقة؛ لأنها لم تكن لتطيق أو تنظر جبريل في صورته.
ولما رأت رجلا حسن الصورة في صورة البشر قد خرق عليها الحجاب ظنت أنه يريدها بسوء.
فـ {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} أي ممن يتقي الله.
البكالي : فنكص جبريل عليه السلام فزعا من ذكر الرحمن تبارك وتعالى.
الثعلبي كان رجلا صالحا فتعوذت به تعجبا.
وقيل : تقي فعيل بمعنى مفعول أي كنت ممن يتقى منه.
في البخاري قال أبو وائل : علمت مريم أن التقي ذو نهية حين قالت{إن كنت تقيا}.
وقيل : تقي اسم فاجر معروف في ذلك الوقت قاله وهب بن منبه؛ حكاه مكي وغيره ابن عطية وهو ضعيف ذاهب مع التخرص.
فقال لها جبريل عليه السلام{إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} جعل الهبة من قبله لما كان الإعلام بها من قبله.
وقرأ ورش عن نافع {ليهب لك{ على معنى أرسلني الله ليهب لك.
وقيل : معنى {لأهب} بالهمز محمول على المعنى؛ أي قال : أرسلته لأهب لك.
ويحتمل {ليهب} بلا همز أن يكون بمعنى المهموز ثم خففت الهمزة.
فلما سمعت مريم ذلك من قوله استفهمت عن طريقه فـ {قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر} أي بنكاح.
{ولم أكن بغيا} أي زانية.
وذكرت هذا تأكيدا؛ لأن قولها لم يمسسني بشر يشمل الحلال والحرام.
وقيل : ما استبعدت من قدرة الله تعالى شيئا ولكن أرادت كيف يكون هذا الولد؟ من قبل الزوج في المستقبل أم يخلقه الله ابتداء؟ وروي أن جبريل عليه السلام حين قال لها هذه المقالة نفخ في جيب درعها وكمها؛ قال ابن جريج.
ابن عباس : أخذ جبريل عليه السلام ردن قميصها بإصبعه فنفخ فيه فحملت من ساعتها بعيسى.
قال الطبري : وزعمت النصارى أن مريم حملت بعيسى ولها ثلاث عشرة سنة، وأن عيسى عاش إلى أن رفع اثنتين وثلاثين سنة وأياما، وأن مريم بقيت بعد رفعه ست سنين، فكان جميع عمرها نيفا وخمسين سنة.
وقوله{ولنجعله} متعلق بمحذوف؛ أي ونخلقه لنجعله{آية} دلالة على قدرتنا عجيبة {ورحمة منا} لمن أمن به.
{وكان أمرا مقضيا} مقدرا في اللوح مسطورا.

تفسير ابن كثير لما ذكر تعالى قصة زكريا عليه السلام، وأنه أوجد منه في حال كبره وعقم زوجته ولداً زكياً طاهراً، مباركاً، عطف بذكر قصة مريم في إيجاد ولدها عيسى عليه السلام منها من غير أب، فإن بين القصتين مناسبة ومشابهة، لتقارب ما بينهما في المعنى، ليدل عباده على قدرته وعظمة سلطانه، وأنه على ما يشاء قادر، فقال: {واذكر في الكتاب مريم} وهي مريم بنت عمران، من سلالة داود عليه السلام، وكانت من بيت طاهر طيب في بني إسرائيل وقد ذكر اللّه تعالى قصة ولادة أمها لها في سورة آل عمران، وأنها نذرتها محررة أي تخدم مسجد بيت المقدس، وكانوا يتقربون بذلك ذكر السهيلي: أن القرآن لم يذكر امرأة باسمها إلا مريم ابنة عمران فإنه ذكر اسمها في نحو من ثلاثين موضعاً، لحكمة ذكرها بعض الأشياخ، وذكر أن الملوك والأشراف لا يذكرون حرائرهم في ملأ ولا يبتذلون أسماءهن، بل يكنون عن الزوجة بالعرس والأهل والعيال، ولم يصونوا أسماء الإماء عن الذكر، فصرح اللّه باسم مريم لما قالت النصارى في مريم تأكيداً لعبوديتها، وإجراء الكلام على عادة العرب من ذكر إمائها، وتكرر ذكر عيسى منسوباً إلى أمه لتشعر القلوب بنفي أبوة اللّه وبنزاهة أمه الطاهرة عن مقالة اليهود {فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا} ونشأت في بني إسرئيل نشأة عظيمة، فكانت إحدى العابدات الناسكات، المشهورات بالعبادة العظيمة والتبتل الدؤوب، وكانت في كفالة زوج أختها زكريا نبيّ بني إسرئيل إذ ذاك وعظيمهم الذي يرجعون إليه في دينهم، ورأى لها زكريا من الكرامات الهائلة ما بهره {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنّى لك هذا؟ قالت هو من عند اللّه إن اللّه يرزق من يشاء بغير حساب}، فذكر أنه كان يجد عندها ثمر الشتاء في الصيف، وثمر الصيف في الشتاء كما تقدم بيانه في سورة آل عمران، فلما أراد اللّه تعالى - وله الحكمة البالغة - أن يوجد منها عبده ورسوله عيسى عليه السلام، أحد الرسل أولي العزم الخمسة العظام {انتبذت من أهلها مكانا شرقيا} أي اعتزلتهم، وتنحت عنهم وذهبت إلى شرقي المسجد المقدس عن ابن عباس، قال: إن أهل الكتاب كتب عليهم الصلاة إلى البيت والحج إليه، وما صرفهم عنه إلا قِيل ربك {فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا} قال: خرجت مريم مكاناً شرقياً فصلوا قبل مطلع الشمس ""رواه ابن أبي حاتم وابن جرير، وهذه هي العلة في توجه النصارى جهة المشرق"". وعنه قال: إني لأعلم خلق اللّه لأي شيء اتخذت النصارى المشرق قبلة، لقول اللّه تعالى: {فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا} واتخذوا ميلاد عيسى قبلة، وقال قتادة: {مكانا شرقيا} شاسعاً متنحياً، وقوله: {فاتخذت من دونهم حجابا} أي استترت منهم وتوارت، فأرسل اللّه تعالى إليها جبريل عليه السلام {فتمثل لها بشرا سويا} أي على صورة إنسان تام كامل. قال مجاهد والضحّاك {فأرسلنا إليها روحنا}: يعني جبرائيل عليه السلام، وهذا هو ظاهر القرآن، قال تعالى: {نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين}، {قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} أي لما تبدى لها الملك في صورة بشر، وهي في مكان منفرد وبينها وبين قومها حجاب خافته وظنت أنه يريدها على نفسها، فقالت {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا} أي إن كنت تخاف اللّه تذكيراً له باللّه، قال أبو وائل: قد علمت أن التقي ذو نهية، حين قالت: {إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا . قال إنما أنا رسول ربك} أي فقال لها الملك مجيباً لها ومزيلاً لما حصل عندها من الخوف على نفسها، لست مما تظنين، ولكني رسول ربك أي بعثني اللّه إليك {لأهب لك غلاما زكيا}، {قالت أنى يكون لي غلام} أي فتعجبت مريم من هذا، وقالت كيف يكون لي غلام، أي على أي صفة يوجد هذا الغلام مني ولست بذات زوج، ولا يتصور مني الفجور، ولهذا قالت: {ولم يمسسني بشر ولم أكُ بغيا} والبغي هي الزانية، {قال كذلك قال ربك هو علي هيّن} أي فقال لها الملك مجيباً لها عما سألت، إن اللّه قد قال إنه سيوجد منك غلاماً، وإن لم يكن لك بعل ولا يوجد منك فاحشة، فإنه على ما يشاء قادر، ولهذا قال: {ولنجعله آية للناس} أي دلالة وعلامة للناس على قدرة بارئهم وخالقهم {ورحمة منا} أي ونجعل هذا الغلام رحمة من اللّه، نبياً من الأنبياء يدعو إلى عبادة اللّه تعالى وتوحيده، كما قال تعالى في الآية الأخرى {إن اللّه يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين} أي يدعو إلى عبادة ربه في مهده وكهولته. قال ابن أبي حاتم، عن مجاهد قال، قالت مريم عليها السلام: كنت إذا خلوت حدثني عيسى وكلمني وهو في بطني وإذا كنت مع الناس، سبّح في بطني وكبّر، وقوله: {وكان أمرا مقضيا} يحتمل أن هذا من تمام كلام جبريل لمريم، يخبرها أن هذا أمر مقدر في علم اللّه تعالى وقدره ومشيئته، ويحتمل أن يكون من خبر اللّه تعالى لرسوله محمد صلى اللّه عليه وسلم وأنه كنى بهذا عن النفخ في فرجها، كما قال تعالى: {ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا}، وقال: {والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا}، قال محمد بن إسحاق {وكان أمرا مقضيا}: أي إن اللّه قد عزم على هذا فليس منه بد، واختار هذا أيضاً ابن جرير في تفسيره ولم يحك غيره، واللّه أعلم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি