نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة يوسف آية 92
قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

التفسير الميسر قال لهم يوسف: لا تأنيب عليكم اليوم، يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين لمن تاب من ذنبه وأناب إلى طاعته.

تفسير الجلالين
92 - (قال لا تثريب) عتب (عليكم اليوم) خصَّه بالذكر لأنه مظنة التثريب فغيره أولى (يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين) وسألهم عن أبيه فقالوا ذهبت عيناه فقال :

تفسير القرطبي
قوله تعالى {قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه} استفهام بمعنى التذكير والتوبيخ، وهو الذي قال الله {لتنبئنهم بأمرهم هذا} الآية [يوسف : 15] .
{إذ أنتم جاهلون} دليل على أنهم كانوا صغارا في وقت أخذهم ليوسف، غير أنبياء؛ لأنه لا يوصف بالجهل إلا من كانت هذه صفته؛ ويدل على أنه حسنت حالهم الآن؛ أي فعلتم ذلك إذ أنتم صغار جهال؛ قال معناه ابن عباس والحسن؛ ويكون قولهم {وإن كنا لخاطئين} على هذا، لأنهم كبروا ولم يخبروا أباهم بما فعلوا حياء وخوفا منه.
وقيل : جاهلون بما تؤول إليه العاقبة.
والله أعلم.
قوله تعالى {قالوا أئنك لأنت يوسف} لما دخلوا عليه فقالوا {مسنا وأهلنا الضر} فخضعوا له وتواضعوا رق لهم، وعرفهم بنفسه، فقال {هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه} فتنبهوا فقالوا {أئنك لأنت يوسف} قاله ابن إسحاق.
وقيل : إن يوسف تبسم فشبهوه بيوسف واستفهموا قال ابن عباس لما قال لهم {هل علمتم ما فعلتم بيوسف} الآية، ثم تبسم يوسف - وكان إذا تبسم كأن ثناياه اللؤلؤ المنظوم - فشبهوه بيوسف، فقالوا له على جهة الاستفهام {أئنك لأنت يوسف}.
وعن ابن عباس أيضا : أن إخوته لم يعرفوه حتى وضع التاج عنه، وكان في قرنه علامة، وكان ليعقوب مثلها شبه الشامة، فلما قال لهم {هل علمتم ما فعلتم بيوسف} رفع التاج عنه فعرفوه، فقالوا {أئنك لأنت يوسف}.
وقال ابن عباس : كتب يعقوب إليه يطلب رد ابنه، وفي الكتاب : من يعقوب صفي الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر - أما بعد - فإنا أهل بيت بلاء ومحن، ابتلى الله جدي إبراهيم بنمروذ وناره، ثم ابتلى أبي إسحاق بالذبح، ثم ابتلاني بولد كان لي أحب أولادي إلي حتى كف بصري من البكاء، وإني لم أسرق ولم ألد سارقا والسلام.
فلما قرأ يوسف الكتاب ارتعدت مفاصله، واقشعر جلده، وأرخى عينيه بالبكاء، وعيل صبره فباح بالسر.
وقرأ ابن كثير {إنك} على الخبر، ويجوز أن تكون هذه القراءة استفهاما كقوله {وتلك نعمة} [الشعراء : 22].
{قال أنا يوسف} أي أنا المظلوم والمراد قتله، ولم يقل أنا هو تعظيما للقصة.
{قد من الله علينا} أي بالنجاة والملك.
{إنه من يتق ويصبر} أي يتق الله ويصبر على المصائب، وعن المعاصي.
{فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} أي الصابرين في بلائه، القائمين بطاعته.
وقرأ ابن كثير {إنه من يتقي} بإثبات الياء؛ والقراءة بها جائزة على أن تجعل {من} بمعنى الذي، وتدخل {يتقي} في الصلة، فتثبت الياء لا غير، وترفع {ويصبر}.
وقد يجوز أن تجزم {ويصبر} على أن تجعل {يتقي} في موضع جزم و{من} للشرط، وتثبت الياء، وتجعل علامة الجزم حذف الضمة التي كانت في الياء على الأصل؛ كما قال : ثم نادي إذا دخلت دمشقا ** يا يزيدُ بن خالد بن يزيد وقال آخر : ألم يأتيك والأنباء تنمي ** بما لاقت لبون بني زياد وقراءة الجماعة ظاهرة، والهاء في {إنه} كناية عن الحديث، والجملة الخبر.
قوله تعالى‏ {‏قالوا تالله لقد آثرك الله علينا‏}‏ الأصل همزتان خففت الثانية، ولا يجوز تحقيقها، واسم الفاعل مؤثر، والمصدر إيثار‏.
‏ ويقال‏:‏ أثرت التراب إثارة فإنا مثير؛ وهو أيضا على أفعل ثم أعل، والأصل أثير نقلت حركة الياء على الثاء، فانقلبت الياء ألفا، ثم حذفت لالتقاء الساكنين‏.
‏ وأثرت الحديث على فعلت فأنا اثر؛ والمعنى‏:‏ لقد فضلك الله علينا، واختارك بالعلم والحلم والحكم والعقل والملك‏.
‏ {‏وإن كنا لخاطئين‏}‏ أي مذنبين من خطئ يخطأ إذا أتى الخطيئة، وفي ضمن هذا سؤال العفو‏.
‏ وقيل لابن عباس‏:‏ كيف قالوا ‏{‏وإن كنا لخاطئين‏}‏ وقد تعمدوا لذلك‏؟‏ قال‏:‏ وإن تعمدوا لذلك، فما تعمدوا حتى أخطؤوا الحق، وكذلك كل من أتى ذنبا تخطى المنهاج الذي عليه من الحق، حتى يقع في الشبهة والمعصية‏.
‏ قوله تعالى‏ {‏لا تثريب عليكم اليوم‏}‏ أي قال يوسف - وكان حليما موفقا‏ {‏لا تثريب عليكم اليوم‏}‏ وتم الكلام‏.
‏ ومعنى {‏اليوم‏}‏‏:‏ الوقت‏.
‏ والتثريب التعيير والتوبيخ، أي تعيير ولا توبيخ ولا لوم عليكم اليوم؛ قال سفيان الثوري وغيره؛ ومنه قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏إذا زنت أمه أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها‏)‏ أي لا يعيرها؛ وقال بشر‏:‏ فعفوت عنهم عفو مثرب ** وتركتهم لعقاب يوم سرمد وقال الأصمعي‏:‏ ثربت عليه وعربت عليه بمعنى إذا قبحت عليه فعله‏.
‏ وقال الزجاج‏:‏ المعنى لا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة، وحق الإخوة، ولكم عندي العفو والصفح؛ وأصل التثريب الإفساد، وهي لغة أهل الحجاز‏.
‏ وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بعضادتي الباب يوم فتح مكة، وقد لاذ الناس بالبيت فقال‏:‏ ‏(‏الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده‏)‏ ثم قال‏:‏ ‏(‏ماذا تظنون يا معشر قريش‏)‏ قالوا‏:‏ خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم وقد قدرت؛ قال‏:‏ ‏(‏وأنا أقول كما قال أخي يوسف ‏{‏لا تثريب عليكم اليوم‏}‏ فقال عمر رضي الله عنه‏:‏ ففضت عرقا من الحياء من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ذلك أني قد كنت قلت لهم حين دخلنا مكة‏:‏ اليوم ننتقم منكم ونفعل، فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال استحييت من قولي‏.
‏ ‏{‏يغفر الله لكم‏}‏ مستقبل فيه معنى الدعاء؛ سأل الله أن يستر عليهم ويرحمهم‏.
‏ وأجاز الأخفش الوقت على {‏عليكم‏}‏ والأول هو المستعمل؛ فإن في الوقف على ‏{‏عليكم‏}‏ والابتداء بـ {‏اليوم يغفر الله لكم‏}‏ جزم بالمغفرة في اليوم، وذلك لا يكون إلا عن وحي، وهذا بين‏.
‏ وقال عطاء الخراساني‏:‏ طلب الحوائج من الشباب أسهل منه من الشيوخ؛ ألم تر قول يوسف‏ {‏لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم‏}‏ وقال يعقوب‏ {‏سوف أستغفر لكم ربي‏}‏‏.
‏ قوله تعالى‏ {‏اذهبوا بقميصي هذا‏}‏ نعت للقميص، والقميص مذكر، فأما قول الشاعر‏:‏ تدعو هوازن والقميص مفاضة ** فوق النطاق تشد بالأزرار فتقديره‏:‏ ‏[‏والقميص‏]‏ درع مفاضة‏.
‏ قاله النحاس‏.
‏ وقال ابن السدي عن أبيه عن مجاهد‏:‏ قال لهم يوسف‏ {‏اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا‏}‏ قال‏:‏ كان يوسف أعلم بالله من أن يعلم أن قميصه يرد على يعقوب بصره، ولكن ذلك قميص إبراهيم الذي البسه الله في النار من حرير الجنة، وكان كساه إسحاق، وكان إسحاق كساه يعقوب، وكان يعقوب أدرج ذلك القميص في قصبة من فضة وعلقة في عنق يوسف، لما كان يخاف عليه من العين، وأخبره جبريل بأن أرسل قميصك فإن فيه ريح الجنة، وإن ريح الجنة لا يقع على سقيم ولا مبتلى إلا عوفي‏.
‏ وقال قميصه يهوذا، قال يوسف‏:‏ أنا الذي حملت إليه قميصك بدم كذب فأحزنته، وأنا الذي أحمله الآن لأسره، وليعود إليه بصره، فحمله؛ حكاه السدي‏.
‏ {‏وأتوني بأهلكم أجمعين‏}‏ لتتخذوا مصر دارا‏.
‏ قال مسروق‏:‏ فكانوا ثلاثة وتسعين، ما بين رجل وامرأة‏.
‏ وقد قيل‏:‏ إن القميص الذي بعثه هو القميص الذي قد من دبره، ليعلم يعقوب أنه عصم من الزنى؛ والقول الأول أصح، وقد روى مرفوعا من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ذكره القشيري والله أعلم‏.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن يوسف عليه السلام أنه لما ذكر له إخوته ما أصابهم من الجهد والضيق وقلة الطعام وعموم الجدب، وتذكر أباه، وما هو فيه من الحزن لفقد ولديه مع ما هو فيه من الملك والتصرف والسعة، فعند ذلك أخذته رقة ورأفة ورحمة وشفقة على أبيه وإخوته، وبدره البكاء فتعرف إليهم، والظاهر - واللّه أعلم - أن يوسف عليه السلام إنما تعرف إليهم بنفسه بإذن اللّه تعالى له في ذلك، كما أنه أخفى منهم نفسه في المرتين الأوليين بأمر اللّه تعالى له في ذلك، واللّه أعلم، ولكن لما ضاق الحال واشتد الأمر فرج اللّه تعالى من ذلك الضيق فعند ذلك قالوا: {أئنك لأنت يوسف}؟ والاستفهام يدل على الاستعظام، أي أنهم تعجبوا من ذلك أنهم يترددون إليه من سنتين وأكثر، وهم لا يعرفونه، وهو مع هذا يعرفهم ويكتم نفسه، فلهذا قالوا على سبيل الاستفهام: {أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي}، وقوله: {قد منّ اللّه علينا} أي بجمعه بيننا بعد التفرقة وبعد المدة، {إنه من يتق ويصبر فإن اللّه لا يضيع أجر المحسنين قالوا تالله لقد آثرك اللّه علينا} الآية، يقولون معترفين له بالفضل والأثرة عليهم في الخلق والخلق والسعة والملك وأقروا له بأنهم أساءوا إليه وأخطأوا في حقه، {قال لا تثريب عليكم} يقول أي لا تأنيب عليكم ولا عتب عليكم اليوم، ثم زادهم الدعاء لهم بالمغفرة، قال: {يغفر اللّه لكم وهو أرحم الراحمين} قال السدي: اعتذروا إلى يوسف فقال: {لا تثريب عليكم اليوم} يقول: لا أذكر لكم ذنبكم، وقال ابن إسحاق والثوري: أي لا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم، {يغفر اللّه لكم} أي يستر عليكم فيما فعلتم {وهو أرحم الراحمين}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি