نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة البقرة آية 153
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ

التفسير الميسر يا أيها المؤمنون اطلبوا العون من الله في كل أموركم: بالصبر على النوائب والمصائب، وترك المعاصي والذنوب، والصبر على الطاعات والقربات، والصلاة التي تطمئن بها النفس، وتنهى عن الفحشاء والمنكر. إن الله مع الصابرين بعونه وتوفيقه وتسديده. وفي الآية: إثبات معيَّة الله الخاصة بالمؤمنين، المقتضية لما سلف ذكره؛ أما المعية العامة، المقتضية للعلم والإحاطة فهي لجميع الخلق.

تفسير الجلالين
153 - (يا أيها الذين آمنوا استعينوا) على الآخرة (بالصبر) على الطاعة والبلاء (والصلاة) خصها بالذكر لتكررها وعظمها (إن الله مع الصابرين) بالعون

تفسير القرطبي
قوله تعالى {فاذكروني أذكركم} أمر وجوابه، وفيه معنى المجازاة فلذلك جزم.
وأصل الذكر التنبه بالقلب للمذكور والتيقظ له.
وسمي الذكر باللسان ذكرا لأنه دلالة على الذكر القلبي، غير أنه لما كثر إطلاق الذكر على القول اللساني صار هو السابق للفهم.
ومعنى الآية : اذكروني بالطاعة أذكركم بالثواب والمغفرة، قاله سعيد بن جبير.
وقال أيضا : الذكر طاعة الله، فمن لم يطعه لم يذكره وإن أكثر التسبيح والتهليل وقراءة القرآن، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : (من أطاع الله فقد ذكر الله وإن أقل صلاته وصومه وصنيعه للخير ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثر صلاته وصومه وصنيعه للخير)، ذكره أبو عبدالله محمد بن خويز منداد في أحكام القرآن له.
وقال أبو عثمان النهدي : إني لأعلم الساعة التي يذكرنا الله فيها، قيل له : ومن أين تعلمها؟ قال يقول الله عز وجل {فاذكروني أذكركم}.
وقال السدي : ليس من عبد يذكر الله إلا ذكره الله عز وجل، لا يذكره مؤمن إلا ذكره الله برحمته، ولا يذكره كافر إلا ذكره الله بعذاب.
وسئل أبو عثمان فقيل له : نذكر الله ولا نجد في قلوبنا حلاوة؟ فقال : احمدوا الله تعالى على أن زين جارحة من جواركم بطاعته.
وقال ذو النون المصري رحمه الله : من ذكر الله تعالى ذكرا على الحقيقة نسي في جنب ذكره كل شيء، وحفظ الله عليه كل شيء، وكان له عوضا من كل شيء.
وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه : ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله.
والأحاديث في فضل الذكر وثوابه كثيرة خرجها الأئمة.
روى ابن ماجة عن عبدالله بن بسر أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأنبئني منها بشيء أتشبث به، قال : (لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل).
وخرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله عز وجل يقول أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه).
وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان عند قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا} [الأحزاب : 41] وأن المراد ذكر القلب الذي يجب استدامته في عموم الحالات.
قوله تعالى {واشكروا لي ولا تكفرون} قال الفراء يقال : شكرتك وشكرت لك، ونصحتك ونصحت لك، والفصيح الأول.
والشكر معرفة الإحسان والتحدث به، وأصله في اللغة الظهور، وقد تقدم.
فشكر العبد لله تعالى ثناؤه عليه بذكر إحسانه إليه، وشكر الحق سبحانه للعبد ثناؤه عليه بطاعته له، إلا أن شكر العبد نطق باللسان وإقرار بالقلب بإنعام الرب مع الطاعات.
قوله تعالى {ولا تكفرون} نهي، ولذلك حذفت منه نون الجماعة، وهذه نون المتكلم.
وحذفت الياء لأنها رأس آية، وإثباتها أحسن في غير القرآن، أي لا تكفروا نعمتي وأيادي.
فالكفر هنا ستر النعمة لا التكذيب.
وقد مضى القول في الكفر لغة.
ومضى القول في معنى الاستعانة بالصبر والصلاة، فلا معنى للإعادة.

تفسير ابن كثير لما فرغ تعالى من بيان الأمر بالشكر، شرع في بيان الصبر والإرشاد والاستعانة بالصبر والصلاة، فإن العبد إما أن يكون في نعمة فيشكر عليها، أو في نقمة فيصبر عليها، كما جاء في الحديث: (عجبا للمؤمن لا يقضي اللّه له قضاء إلا كان خيراً له: إن أصابته سراء فشكر كان خيراً له، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيراً له). وبيَّن تعالى أن أجود ما يستعان به على تحمل المصائب الصبر والصلاة كما تقدم في قوله: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} وفي الحديث: (إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا حزّبه أمر صلّى) والصبر صبران: فصبرك على ترك المحارم والمآثم، وصبر على فعل الطاعات والقربات، والثاني أكثر ثواباً لأنه المقصود، وأما الصبر الثالث وهو الصبر على المصائب والنوائب فذاك أيضا واجب كالاستغفار من المعايب. قال زين العابدين: إذا جمع اللّه الأولين والآخرين ينادي مناد أين الصابرون ليدخلوا الجنة قبل الحساب؟ قال: فيقوم عُنُق ""جماعة متقدمة، وزين العابدين هو ""علي بن الحسين""رضي اللّه عنه""من الناس فتتلقاهم الملائكة فيقولون: إلى أين يا بني آدم؟ فيقولون: إلى الجنة، فيقولون: قبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا: مَن أنتم؟ قالوا: نحن الصابرون، قالوا: وما كان صبركم؟ قالوا: صبرنا على طاعة اللّه وصبرنا عن معصية اللّه حتى توفانا اللّه، قالو: أنتم كما قلتم ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين. قلت: ويشهد لهذا قوله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، وقال سعيد بن جبير: الصبر اعتراف العبد للّه بما أصاب منه، واحتسابه عند الّله رجاء ثوابه، وقد يجزع الرجل وهو متجلد لا يرى منه إلا الصبر. وقوله تعالى: {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء} يخبر تعالى أن الشهداء في برزخهم أحياء يرزقون كما جاء في صحيح مسلم: ( أن أرواح الشهداء في حواصل طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش، فاطلع عليهم ربك اطلاعة فقال: ماذا تبغون؟ قالوا: يا ربنا وأي شيء نبغي وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك؟ ثم عاد عليهم بمثل هذا فلما رأوا أنهم لا يتركون من أن يسألوا، قالو: نريد أن تردنا إلى الدار الدنيا فنقاتل في سبيلك حتى نقتل فيك مرة أُخرى - لما يرون من ثواب الشهادة - فيقول الرب جلّ جلاله: إني كتبت أنهم إليها لا يرجعون) وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (نسمة المؤمن طائر تعلق في شجر الجنة حتى يرجعه اللّه إلى جسده يوم يبعثه) ففيه دلالة لعموم المؤمنين أيضاً وإن كان الشهداء قد خصصوا بالذكر في القرآن تشريفاً لهم وتكريماً وتعظيماً.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি