نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة هود آية 8
وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ۗ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ

التفسير الميسر ولئن أخَّرنا عن هؤلاء المشركين العذاب إلى أجل معلوم فاستبطؤوه، ليقولُنَّ استهزاء وتكذيبًا: أي شيء يمنع هذا العذاب من الوقوع إن كان حقًا؟ ألا يوم يأتيهم ذلك العذاب لا يستطيع أن يصرفه عنهم صارف، ولا يدفعه دافع، وأحاط بهم من كل جانب عذاب ما كانوا يستهزئون به قبل وقوعه بهم.

تفسير الجلالين
8 - (ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى) مجيء (أمة) أوقات (معدودة ليقولُن) استهزاء (ما يحبسه) ما يمنعه من النزول قال تعالى : (ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً) مدفوعاً (عنهم وحاق) نزل (بهم ما كانوا به يستهزئون) من العذاب

تفسير القرطبي
قوله تعالى ‏{‏وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها‏}‏ ‏{‏ما‏}‏ نفي و{‏من‏}‏ زائدة و{‏دابة‏}‏ في موضع رفع؛ التقدير‏:‏ وما دابة‏.
‏ ‏{‏إلا على الله رزقها‏}‏ ‏{على} بمعنى‏ {من‏}‏، أي من الله رزقها؛ يدل عليه قول، مجاهد‏:‏ كل ما جاءها من رزق فمن الله‏.
‏ وقيل‏{‏على الله‏}‏ أي فضلا لا وجوبا‏.
‏ وقيل‏:‏ وعدا منه حقا‏.
‏ وقد تقدم بيان هذا المعنى في {‏النساء‏}‏ وأنه سبحانه لا يجب عليه شيء‏.
‏ ‏{‏رزقها‏}‏ رفع بالابتداء، وعند الكوفيين بالصفة؛ وظاهر الآية العموم ومعناها الخصوص؛ لأن كثيرا من الدواب هلك قبل أن يرزق‏.
‏ وقيل‏:‏ هي عامة في كل دابة‏:‏ وكل دابة لم ترزق رزقا تعيش به فقد رزقت روحها؛ ووجه النظم بما قبل‏:‏ أنه سبحانه أخبر برزق الجميع، وأنه لا يغفل عن تربيته، فكيف تخفى عليه أحوالكم يا معشر الكفار وهو يرزقكم‏؟‏!‏ والدابة كل حيوان يدب‏.
‏ والرزق حقيقته ما يتغذى به الحي، ويكون فيه بقاء روحه ونماء جسده‏.
‏ ولا يجوز أن يكون الرزق بمعنى الملك؛ لأن البهائم ترزق وليس يصح وصفها بأنها مالكة لعلفها؛ وهكذا الأطفال ترزق اللبن ولا يقال‏:‏ إن اللبن الذي في الثدي ملك للطفل‏.
‏ وقال تعالى‏ {‏وفي السماء رزقكم‏} {‏الذاريات‏:‏ 22‏]‏ وليس لنا في السماء ملك؛ ولأن الرزق لو كان ملكا لكان إذا أكل الإنسان من ملك غيره أن يكون قد أكل من رزق غيره، وذلك محال؛ لأن العبد لا يأكل إلا رزق نفسه‏.
‏ وقد تقدم في ‏{‏البقرة‏}‏ هذا المعنى والحمد لله‏.
‏ وقيل لبعضهم‏:‏ من أين تأكل‏؟‏ فقال‏:‏ الذي خلق الرحى يأتيها بالطحين، والذي شدق الأشداق هو خالق الأرزاق‏.
‏ وقيل لأبي أسيد‏:‏ من أين تأكل‏؟‏ فقال‏:‏ سبحانه الله والله أكبر‏!‏ إن الله يرزق الكلب أفلا يرزق أبا أسيد‏!‏‏.
‏ وقيل لحاتم الأصم‏:‏ من أين تأكل‏؟‏ فقال‏:‏ من عند الله؛ فقيل له‏:‏ الله ينزل لك دنانير ودراهم من السماء‏؟‏ فقال‏:‏ كأن ماله إلا السماء‏!‏ يا هذا الأرض له والسماء له؛ فإن لم يؤتني رزقي من السماء ساقه لي من الأرض؛ وأنشد‏:‏ وكيف أخاف الفقر والله رازقي ** ورازق هذا الخلق في العسر واليسر تكفل بالأرزاق للخلق كلهم ** وللضب في البيداء والحوت في البحر وذكر الترمذي الحكيم في ‏{‏نوادر الأصول‏}‏ بإسناده عن زيد بن أسلم‏:‏ أن الأشعريين أبا موسى وأبا مالك وأبا عامر في نفر منهم، لما هاجروا وقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وقد أرملوا من الزاد، فأرسلوا رجلا منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله، فلما انتهى إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعه يقرأ هذه الآية {‏وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين‏}‏ فقال الرجل‏:‏ ما الأشعريون بأهون الدواب على الله؛ فرجع ولم يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال لأصحابه‏:‏ أبشروا أتاكم الغوث، ولا يظنون إلا أنه قد كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعده؛ فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجلان يحملان قصعة بينهما مملوءة خبزا ولحما فأكلوا منها ما شاؤوا، ثم قال بعضهم لبعض‏:‏ لو أنا رددنا هذا الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضي به حاجته؛ فقالوا للرجلين‏:‏ اذهبا بهذا الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنا قد قضينا منه حاجتنا، ثم إنهم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ يا رسول الله ما رأينا طعاما أكثر ولا أطيب من طعام أرسلت به؛ قال‏:‏ ‏[‏ما أرسلت إليكم طعاما‏]‏ فأخبروه أنهم أرسلوا صاحبهم، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما صنع، وما قال لهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ [‏ذلك شيء رزقكموه الله‏]‏‏.
‏ قوله تعالى ‏{‏ويعلم مستقرها‏}‏ أي من الأرض حيث تأوي إليه‏.
‏ ‏{‏ومستودعها‏}‏ أي الموضع الذي تموت فيه فتدفن؛ قاله مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.
‏ وقال الربيع بن أنس‏{‏مستقرها‏}‏ أيام حياتها‏.
‏ ‏{‏ومستودعها‏}‏ حيث تموت وحيث تبعث‏.
‏ وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس‏{‏مستقرها‏}‏ في الرحم ‏{‏ومستودعها‏}‏ في الصلب‏.
‏ وقيل‏ {‏يعلم مستقرها‏}‏ في الجنة أو النار‏.
‏ ‏{‏ومستودعها‏}‏ في القبر؛ يدل عليه قوله تعالى في وصف أهل الجنة وأهل النار‏{‏حسنت مستقرا ومقاما‏}‏ [لفرقان‏:‏ 76‏]‏ {‏ساءت مستقرا ومقاما‏}‏الفرقان‏:‏ 66‏]‏‏ {‏كل في كتاب مبين‏}‏ أي في اللوح المحفوظ‏.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن قدرته على كل شيء وأنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وأن عرشه كان على الماء قبل ذلك، كما روى الإمام أحمد، عن عمران بن حصين قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (اقبلوا البشرى يا بني تميم)، قالوا قد بشرتنا فأعطنا، قال: (اقبلوا البشرى يا أهل اليمن)، قالوا قد قبلنا، فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان؟ قال: (كان اللّه قبل كل شيء، وكان عرشه تحت الماء، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء)، قال، فأتاني آت فقال: يا عمران انحلت ناقتك من عقالها، قال فخرجت في إثرها، فلا أدري ما كان بعدي قال ابن كثير: وهذا الحديث مخرج في صحيحي البخاري ومسلم بألفاظ كثيرة، فمنها قالوا: جئنا نسألك عن أول هذا الأمر، فقال: كان اللّه ولم يكن شيء قبله، وفي رواية غيره، وفي رواية منه كان عرشه على الماء ، وفي صحيح مسلم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن اللّه قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، قال مجاهد: {وكان عرشه على الماء} قبل أن يخلق شيئاً، وقال قتادة: {وكان عرشه على الماء} ينبئكم كيف كان بدء خلقه قبل أن يخلق السماوات والأرض، وقال ابن عباس: إنما سمي العرش عرشاً لارتفاعه، وعن سعيد بن جبير: سئل ابن عباس عن قول اللّه: {وكان عرشه على الماء} على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح. وقوله تعالى: {ليبلوكم أيكم أحسن عملا} أي خلق السماوات والأرض لنفع عباده الذين خلقهم ليعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ولم يخلق ذلك عبثاً، كقوله: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا}، وقال تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى اللّه الملك الحق}، وقوله: {ليبلوكم} أي ليختبركم {أيكم أحسن عملا} ولم يقل أكثر عملا، بل {أحسن عملا}، ولا يكون العمل حسناً حتى يكون خالصاً للّه عزّ وجلّ، على شريعة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فمتى فقد العمل واحداً من هذين الشرطين حبط وبطل، وقوله: {ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت} الآية، يقول تعالى ولئن أخبرت يا محمد هؤلاء المشركين أن اللّه سيبعثهم بعد مماتهم كما بدأهم مع أنهم يعلمون أن اللّه تعالى هو الذي خلق السماوات والأرض، وهم مع هذا ينكرون البعث والمعاد يوم القيامة، الذي هو بالنسبة إلى القدرة أهون من البداءة، كما قال تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}، وقولهم: {إن هذا إلا سحر مبين} أي يقولون كفراً وعناداً ما نصدقك على وقوع البعث، وما يذكر ذلك إلا من سحرته فهو يتبعك على ما تقول، وقوله: {ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة} الآية، يقول تعالى: ولئن أخرنا عنهم العذاب والمؤخذاة إلى أجل معدود وأمد محصور، وأوعدناهم إلى مدة مضروبة ليقولن تكذيباً واستعجالاً {ما يحبسه} أي يؤخر هذا العذاب عنا، فإن سجاياهم قد ألفت التكذيب والشك، فلم يبق لهم محيص عنه ولا محيد؛ والأمة تستعمل في القرآن في معان متعددة، فيراد بها الأمد كقوله في هذه الآية: {إلى أمة معدودة}، وقوله في يوسف: {وادّكر بعد أمة}، وتستعمل في الإمام المقتدى به، كقوله: {إن إبراهيم كان أمة}، وتستعمل في الملة والدين كقول المشركين: {إنا وجدنا آباءنا على أمة}، وتستعمل في الجماعة كقوله: {وجد عليه أمة من الناس يسقون}، وتستعمل في الفرقة والطائفة كقوله تعالى: {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি