نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة التوبة آية 38
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ

التفسير الميسر يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، ما بالكم إذا قيل لكم: اخرجوا إلى الجهاد في سبيل الله لقتال أعدائكم تكاسلتم ولزمتم مساكنكم؟ هل آثرتم حظوظكم الدنيوية على نعيم الآخرة؟ فما تستمتعون به في الدنيا قليل زائل، أما نعيم الآخرة الذي أعده الله للمؤمنين المجاهدين فكثير دائم.

تفسير الجلالين
38 - ونزل لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى غزوة تبوك وكانوا في عسرة وشدة وحر فشق عليهم (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم) بإدغام التاء في الأصل في المثلثة واجتلاب همزة الوصل أي تباطأتم وملتم عن الجهاد (إلى الأرض) والقعود فيها والاستفهام للتوبيخ (أرضيتم بالحياة الدنيا) ولذاتها (من الآخرة) أي بدل نعيمها (فما متاع الحياة الدنيا في) جنب متاع (الآخرة إلا قليل) حقير

تفسير القرطبي
فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: {ما لكم} {ما} حرف استفهام معناه التقرير والتوبيخ التقدير : أي شيء يمنعكم عن كذا كما تقول : مالك عن فلان معرضا.
ولا خلاف أن هذه الآية نزلت عتابا على تخلف من تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وكانت سنة تسع من الهجرة بعد الفتح بعام، وسيأتي ذكرها في آخر السورة إن شاء الله.
والنفر : هو التنقل بسرعة من مكان إلى مكان لأمر يحدث، يقال في ابن آدم : نفر إلى الأم يفر نفورا.
وقوم نفور، ومنه قوله تعالى: {ولوا على أدبارهم نفورا} [الإسراء : 46].
ويقال في الدابة : نفرت تنفر - بضم الفاء وكسرها - نفارا ونفورا.
يقال : في الدابة نفار، وهو اسم مثل الحران.
ونفر الحاج من منى نفرا.
الثانية: قوله تعالى: {اثاقلتم إلى الأرض} قال المفسرون : معناه اثاقلتم إلى نعيم الأرض، أو إلى الإقامة بالأرض.
وهو توبيخ على ترك الجهاد وعتاب على التقاعد عن المبادرة إلى الخروج، وهو نحو من أخلد إلى الأرض.
وأصله تثاقلتم، أدغمت التاء في الثاء لقربها منها، واحتاجت إلى ألف الوصل لتصل إلى النطق بالساكن، ومثله {اداركوا} [الأعراف : 38] و{ادارأتم} [البقرة : 72] و{اطيرنا} [النمل : 47] و{ازينت} [يونس : 24].
وأنشد الكسائي : تولي الضجيع إذا ما استافها خصرا ** عذب المذاق إذا ما اتّابع القبل وقرأ الأعمش {تثاقلتم} على الأصل.
حكاه المهدوي.
وكانت تبوك - ودعا الناس إليها - في حرارة القيظ وطيب الثمار وبرد الظلال - كما جاء في الحديث الصحيح على ما يأتي - فاستولى على الناس الكسل فتقاعدوا وتثاقلوا فوبخهم الله بقوله هذا وعاب عليهم الإيثار للدنيا على الآخرة.
ومعنى {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة} أي بدلا، التقدير : أرضيتم بنعيم الدنيا بدلا من نعيم الآخرة {فمن} تتضمن معنى البدل، كقوله تعالى: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} [الزخرف : 60] أي بدلا منكم.
وقال الشاعر : فليت لنا من ماء زمزم شربة ** مبردة باتت على طَهيان ويروى من ماء حمنان.
أراد : ليت لنا بدلا من ماء زمزم شربة مبردة.
والطهيان : عود ينصب في ناحية الدار للهواء، يعلق عليه الماء حتى يبرد.
عاتبهم الله على إيثار الراحة في الدنيا على الراحة في الآخرة، إذ لا تنال راحة الآخرة إلا بنصب الدنيا.
قال صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد طافت راكبة : (أجْرُك على قدر نَصَبِك).
خرجه البخاري.

تفسير ابن كثير هذا شروع في عتاب من تخلف عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غزوة تبوك حين طابت الثمار والظلال في شدة الحر وحمارة القيظ، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل اللّه} أي إذا دعيتم إلى الجهاد في سبيل اللّه {أثاقلتم إلى الأرض}: أي تكاسلتم وملتم إلى المقام في الدعة والخفض وطيب الثمار {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة}؟ أي ما لكم فعلتم هكذا رضاً منكم بالدنيا بدلاً من الآخرة؛ ثم زهَّد تبارك وتعالى في الدنيا، ورغَّب في الآخرة فقال: {فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل}، كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه هذه في اليم فلينظر بم ترجع)، وأشار بالسبابة ""أخرجه مسلم في صحيحه والإمام أحمد في المسند"". وقال الأعمش {فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل} قال: كزاد الراكب، وقال عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه: لما حضرت عبد العزيز بن مروان الوفاة، قال: ائتوني بكفني الذي أكفن فيه أنظر إليه، فلما وضع بين يديه نظر إليه فقال: أما لي من كبير ما أخاف من الدنيا إلا هذا؟ ثم ولى ظهره فبكى، وهو يقول: أف لك من دار إن كان كثيرك لقليل، وإن كان قليلك لقصير، وإن كنا منك لفي غرور. ثم توعد تعالى من ترك الجهاد فقال: {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} قال ابن عباس: استنفر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حياً من العرب فتثاقلوا عنه فأمسك اللّه عنهم القطر فكان عذابهم {ويستبدل قوما غيركم}: أي لنصرة نبيه وإقامة دينه كما قال تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} {ولا تضروه شيئا}: أي ولا تضروا اللّه شيئاً بتوليكم عن الجهاد، ونكولكم وتثاقلكم عنه {واللّه على كل شيء قدير} أي قادر على الانتصار من الأعداء بدونكم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি