نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأنفال آية 3
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ

التفسير الميسر الذين يداومون على أداء الصلوات المفروضة في أوقاتها، ومما رزقناهم من الأموال ينفقون فيما أمرناهم به.

تفسير الجلالين
3 - (الذين يقيمون الصلاة) يأتون بها بحقوقها (ومما رزقناهم) أعطيناهم (ينفقون) في طاعة الله

تفسير القرطبي
فيه ثلاث مسائل: الأولى: قال العلماء : هذه الآية تحريض على إلزام طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أمر به من قسمة تلك الغنيمة.
والوجل : الخوف.
وفي مستقبله أربع لغات : وجل يوجل وياجل وييجل وييجل، حكاه سيبويه.
والمصدر وجل جلا وموجلا؛ بالفتح.
وهذا موجله (بالكسر) للموضع والاسم.
فمن قال : ياجل في المستقبل جعل الواو ألفا لفتحة ما قبلها.
ولغة القرآن الواو {قالوا لا توجل} [الحجر : 53].
ومن قال {ييجل} بكسر الياء فهي على لغة بني أسد، فإنهم يقولون : أنا إيجل، ونحن نيجل، وأنت تيجل؛ كلها بالكسر.
ومن قال {ييجل} بناه على هذه اللغة، ولكنه فتح الياء كما فتحوها في يعلم، ولم تكسر الياء في يعلم لاستثقالهم الكسر على الياء.
وكسرت في {ييجل} لتقوي إحدى الياءين بالأخرى.
والأمر منه {إيجل} صارت الواو ياء الكسرة ما قبلها.
وتقول : إني منه لأوجل.
ولا يقال في المؤنث : وجلاء : ولكن وجلة.
وروى سفيان عن السدي في قوله جل وعز {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} قال : إذا أراد أن يظلم مظلمة قيل له : اتق الله، ووجل قلبه.
الثانية: وصف الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بالخوف والوجل عند ذكره.
وذلك لقوة إيمانهم ومراعاتهم لربهم، وكأنهم بين يديه.
ونظير هذه الآية {وبشر المخبتين.
الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} [الحج : 34، 35].
وقال {وتطمئن قلوبهم بذكر الله} [الرعد : 28].
فهذا يرجع إلى كمال المعرفة وثقة القلب.
والوجل : الفزع من عذاب الله؛ فلا تناقض.
وقد جمع الله بين المعنيين في قوله {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله}[الزمر : 23].
أي تسكن نفوسهم من حيث اليقين إلى الله وإن كانوا يخافون الله.
فهذه حالة العارفين بالله، الخائفين من سطوته وعقوبته؛ لا كما يفعله جهال العوام والمبتدعة الطغام من الزعيق والزئير ومن النهاق الذي يشبه نهاق الحمير.
فيقال لمن تعاطى ذلك وزعم أن ذلك وجد وخشوع : لم تبلغ أن تساوي حال الرسول ولا حال أصحابه في المعرفة بالله، والخوف منه، والتعظيم لجلاله؛ ومع ذلك فكانت حالهم عند المواعظ الفهم عن الله والبكاء خوفا من الله.
ولذلك وصف الله أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكره وتلاوة كتابه فقال {وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين} [المائدة : 83].
فهذا وصف حالهم وحكاية مقالهم.
ومن لم يكن كذلك فليس على هديهم ولا على طريقتهم؛ فمن كان مستنا فليستن، ومن تعاطى أحوال المجانين والجنون فهو من أخسهم حالا؛ والجنون فنون.
روى مسلم عن أنس بن مالك أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه في المسألة، فخرج ذات يوم فصعد المنبر فقال {سلوني لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم ما دمت في مقامي هذا}.
فلما سمع ذلك القوم أرموا ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر.
قال أنس : فجعلت ألتفت يمينا وشمالا فإذا كل إنسان لاف رأسه في ثوبه يبكي.
وذكر الحديث.
وروى الترمذي وصححه عن العرباض بن سارية قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب.
الحديث.
ولم يقل : زعقنا ولا رقصنا ولا زفنا ولا قمنا.
الثالثة: قوله تعالى {زادتهم إيمانا} أي تصديقا.
فإن إيمان هذه الساعة زيادة على إيمان أمس؛ فمن صدق ثانيا وثالثا فهو زيادة تصديق بالنسبة إلى ما تقدم.
وقيل : هو زيادة انشراح الصدر بكثرة الآيات والأدلة؛ وقد مضى هذا المعنى في {آل عمران}.
{وعلى ربهم يتوكلون} تقدم معنى التوكل في {آل عمران} أيضا.
{الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} تقدم في سورة {البقرة}.

تفسير ابن كثير قال مجاهد‏:‏ ‏{‏وجلت قلوبهم‏}‏ فرقت أي فزعت وخافت، وهذه صفة المؤمن حق المؤمن الذي إذا ذكر اللّه وجل قلبه أي خاف منه، ففعل أوامره، وترك زواجره، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا اللّه فاستغفروا لذنوبهم‏}‏ الآية، وكقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى‏}‏ ولهذا قال سفيان الثوري، سمعت السدي يقول في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم‏}‏ قال‏:‏ هو الرجل يريد أن يظلم، أو قال يهم بمعصية، فيقال له‏:‏ اتق اللّه فيجل قلبه؛ وعن أم الدرداء في قوله‏:‏ ‏{‏إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم‏}‏ قالت‏:‏ الوجل في القلب كاحتراق السَّعْفة السعفة‏:‏ جريدة النخل ، أما تجد له قشعريرة‏؟‏ قال‏:‏ بلى، قالت‏:‏ إذا وجدت ذلك فادع اللّه عند ربك فإن الدعاء يذهب ذلك، وقوله‏:‏ ‏{‏وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا‏}‏، كقوله‏:‏ ‏{‏فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون‏}‏، وقد استدل البخاري وغيره من الأئمة بهذه الآية وأشباهها على زيادة الإيمان وتفاضله في القلوب، كما هو مذهب جمهور الأمة، بل قد حكى الإجماع عليه غير واحد من الأئمة كالشافعي وأحمد بن حنبل وأبي عبيد كما بينا ذلك مستقصى في أول شرح البخاري وللّه الحمد والمنة‏. ‏ ‏{‏وعلى ربهم يتوكلون‏}‏ أي لا يرجون سواه ولا يقصدون إلا إياه، ولا يلوذون إلا بجنابه، ولا يطلبون الحوائج إلا منه، ولا يرغبون إلا إليه، ويعلمون أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه المتصرف في الملك وحده لا شريك له، ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب، ولهذا قال سعيد بن جبير‏:‏ التوكل على اللّه جماع الإيمان، وقوله‏:‏ ‏{‏الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون‏}‏، ينبه تعالى بذلك على أعمالهم بعدما ذكر اعتقادهم، وهذه الأعمال تشمل أنواع الخير كلها، وهو إقامة الصلاة وهو حق اللّه تعالى، وقال قتادة‏:‏ إقامة الصلاة المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها، وقال مقاتل‏:‏ إقامتها المحافظة على مواقيتها، وإسباغ الطهور فيها، وتمام ركوعها وسجودها، وتلاوة القرآن فيها، والتشهد، والصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم، هذا إقامتها، والإنفاق مما رزقهم اللّه يشمل إخراج الزكاة وسائر الحقوق للعباد من واجب ومستحب، والخلق كلهم عيال اللّه فأحبهم إلى اللّه أنفعهم لخلقه‏. ‏ قال قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏ومما رزقناهم ينفقون‏}‏ فأنفقوا مما رزقكم اللّه، فإنما هذه الأموال عواري وودائع عندك يا ابن آدم أوشكت أن تفارقها‏. ‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أولئك هم المؤمنون حقا‏}‏ أي المتصفون بهذه الصفات هم المؤمنون حق الإيمان‏. ‏ عن الحارث بن مالك الأنصاري‏:‏ أنه مر برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال له‏:‏ ‏(‏كيف أصبحت يا حارث‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ أصبحت مؤمناً حقاً، قال‏:‏ ‏(‏انظر ما تقول فإن لكل شيء حقيقة فما حقيقة إيمانك‏؟‏‏)‏ فقال‏:‏ عزفتْ نفسي عن الدنيا، فأسهرتُ ليلي، وأظمأتُ نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون يتضاغون‏:‏ أي يرفعون أصواتهم بالصراخ والعويل فيها، فقال‏:‏ ‏(‏يا حارث عرفت فالزم‏)‏ ثلاثاً ‏"‏أخرجه الحافظ الطبراني عن الحارث بن مالك الأنصاري‏"‏‏. ‏ وقال عمرو بن مرة في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أولئك هم المؤمنون حقا‏}‏ إنما أنزل القرآن بلسان العرب كقولك‏:‏ فلان سيد حقاً، وفي القوم سادة؛ وفلان تاجر حقاً، وفي القوم تجار؛ وفلان شاعر حقاً، وفي القوم شعراء‏. ‏ وقوله‏:‏ ‏{‏لهم درجات عند ربهم‏}‏ أي منازل ومقامات ودرجات في الجنات، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لهم درجات عند اللّه والله بصير بما يعملون‏}‏، ‏{‏ومغفرة‏}‏ أي يغفر لهم السيئات ويشكر لهم الحسنات، وقال الضحاك‏:‏ أهل الجنة بعضهم فوق بعض، فيرى الذي هو فوق فضلَه على الذي هو أسفل منه، ولا يرى الذي هو أسفل منه أنه فضّل عليه أحد، ولهذا جاء في الصحيحين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن أهل عليين ليراهم من أسفل منهم كما ترون الكوكب الغائر في أفق من آفاق السماء‏)‏ قالوا‏:‏ يا رسول اللّه تلك منازل الأنبياء لا ينالها غيرهم‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏بلى، والذي نفسي بيده رجال آمنوا باللّه وصدقوا المرسلين‏)‏، وفي الحديث الآخر‏:‏ ‏(‏إن أهل الجنة ليتراءون أهل الدرجات العلى كما تراءون الكوكب الغائر في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما‏)‏ ‏"‏أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً‏"‏‏. ‏

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি