نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأعراف آية 201
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ

التفسير الميسر إن الذين اتقوا الله مِن خلقه، فخافوا عقابه بأداء فرائضه واجتناب نواهيه، إذا أصابهم عارض من وسوسة الشيطان تذكَّروا ما أوجب الله عليهم من طاعته، والتوبة إليه، فإذا هم منتهون عن معصية الله على بصيرة، آخذون بأمر الله، عاصون للشيطان.

تفسير الجلالين
201 - (إن الذين اتقوا إذا مسهم) أصابهم (طيف) وفي قراءة {طائف} أي شيء ألم بهم (من الشيطان تذكروا) عقاب الله وثوابه (فإذا هم مبصرون) الحق من غيره فيرجعون

تفسير القرطبي
فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: {إن الذين اتقوا} يريد الشرك والمعاصي.
{إذا مسهم طيف من الشيطان} هذه قراءة أهل البصرة وأهل مكة.
وقراءة أهل المدينة وأهل الكوفة {طائف}.
وروي عن سعيد بن جبير {طيف} بتشديد الياء.
قال النحاس : كلام العرب في مثل هذا {طيف} بالتخفيف؛ على أنه مصدر من طاف يطيف.
قال الكسائي : هو مخفف من {طيف} مثل ميت وميت.
قال النحاس : ومعنى {طيف} في اللغة ما يتخيل في القلب أو يرى في النوم؛ وكذا معنى طائف.
وقال أبو حاتم : سألت الأصمعي عن طيف؛ فقال : ليس في المصادر فيعل.
قال النحاس : ليس هو بمصدر، ولكن يكون بمعنى طائف.
والمعنى إن الذين اتقوا المعاصي إذا لحقهم شيء تفكروا في قدرة الله عز وجل وفي إنعامه عليهم فتركوا المعصية؛ وقيل : الطيف والطائف معنيان مختلفان فالأول : التخيل.
والثاني : الشيطان نفسه.
فالأول مصدر طاف الخيال يطوف طيفا؛ ولم يقولوا من هذا طائف في اسم الفاعل.
قال السهيلي : لأنه تخيل لا حقيقة له.
فأما قوله {فطاف عليها طائف من ربك} [القلم : 19] فلا يقال فيه : طيف؛ لأنه اسم فاعل حقيقة، ويقال : إنه جبريل.
قال الزجاج : طفت عليهم أطوف، وطاف الخيال يطيف.
وقال حسان : فدع هذا ولكن من لطيف ** يؤرقني إذا ذهب العشاء مجاهد : الطيف الغضب.
ويسمى الجنون والغضب والوسوسة طيفا؛ لأنه لمة من الشيطان تشبه بلمة الخيال.
{فإذا هم مبصرون} أي منتهون.
وقيل : فإذا هم على بصيرة.
وقرأ سعيد بن جبير {تذكروا} بتشديد الذال.
ولا وجه له في العربية؛ ذكره النحاس.
الثانية : قال عصام بن المصطلق : دخلت المدينة فرأيت الحسن بن علي عليهما السلام، فأعجبني سمته وحسن روائه؛ فأثار مني الحسد ما كان يجنه صدري لأبيه من البغض؛ فقلت : أنت ابن أبي طالب! قال نعم.
فبالغت في شتمه وشتم أبيه؛ فنظر إلي نظرة عاطف رءوف، ثم قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} فقرأ إلى قوله {فإذا هم مبصرون} ثم قال لي : خفض عليك، استغفر الله لي ولك إنك لو استعنتنا أعناك، ولو استرفدتنا أرفدناك، ولو استرشدتنا أرشدناك.
فتوسم في الندم على ما فرط مني فقال {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} [يوسف : 92] أمن أهل الشأم أنت؟ قلت نعم.
فقال : شنشنة أعرفها من أخزم حياك الله وبياك، وعافاك، وآداك؛ انبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك، تجدنا عند أفضل ظنك، إن شاء الله.
قال عصام : فضاقت علي الأرض بما رحبت، ووددت أنها ساخت بي؛ ثم تسللت منه لواذا، وما على وجه الأرض أحب إلي منه ومن أبيه.
قوله تعالى: {وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون} قيل : المعنى وإخوان الشياطين وهم الفجار من ضلال الإنس تمدهم الشياطين في الغي.
وقيل للفجار إخوان الشياطين لأنهم يقبلون منهم.
وقد سبق في هذه الآية ذكر الشيطان.
هذا أحسن ما قيل فيه؛ وهو قول قتادة والحسن والضحاك.
ومعنى {لا يقصرون} أي لا يتوبون ولا يرجعون.
وقال الزجاج : في الكلام تقديم وتأخير؛ والمعنى : والذين تدعون من دونه لا يستطيعون لكم نصرا ولا أنفسهم ينصرون، وإخوانهم يمدونهم في الغي؛ لأن الكفار إخوان الشياطين.
ومعنى الآية : إن المؤمن إذا مسه طيف من الشيطان تنبه عن قرب؛ فأما المشركون فيمدهم الشيطان.
و{لا يقصرون} قيل : يرجع إلى الكفار على القولين جميعا.
وقيل : يجوز أن يرجع إلى الشيطان.
قال قتادة : المعنى ثم لا يقصرون عنهم ولا يرحمونهم.
والإقصار : الانتهاء عن الشيء، أي لا تقصر الشياطين في مدهم الكفار بالغي.
وقوله {في الغي} يجوز أن يكون متصلا بقوله {يمدونهم} ويجوز أن يكون متصلا بالإخوان.
والغي : الجهل.
وقرأ نافع {يمدونهم} بضم الياء وكسر الميم.
والباقون بفتح الياء وضم الميم.
وهما لغتان مد وأمد.
ومد أكثر، بغير الألف؛ قاله مكي.
النحاس : وجماعة من أهل العربية ينكرون قراءة أهل المدينة؛ منهم أبو حاتم وأبو عبيد، قال أبو حاتم : لا أعرف لها وجها، إلا أن يكون المعنى يزيدونهم في الغي.
وحكى جماعة من أهل اللغة منهم أبو عبيد أنه يقال إذا كثر شيء شيئا بنفسه مده، وإذا كثره بغيره قيل أمده؛ نحو {يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين} [آل عمران : 125].
وحكي عن محمد بن يزيد أنه احتج لقراءة أهل المدينة قال : يقال مددت له في كذا أي زينته له واستدعيته أن يفعله.
وأمددته في كذا أي أعنته برأي أو غير ذلك.
قال مكي : والاختيار الفتح؛ لأنه يقال : مددت في الشر، وأمددت في الخير؛ قال الله تعالى{ويمدهم في طغيانهم يعمهون} [البقرة : 15].
فهذا يدل على قوة الفتح في هذا الحرف؛ لأنه في الشر، والغي هو الشر، ولأن الجماعة عليه.
وقرأ عاصم الجحدي {يمادونهم في الغي}.
وقرأ عيسى بن عمر {يقصرون} بفتح الياء وضم الصاد وتخفيف القاف.
الباقون {يقصرون} بضمه، وهما لغتان.
قال امرؤ القيس : سما لك شوق بعد ما كان أقصرا

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن المتقين من عباده الذين أطاعوه فيما أمر، وتركوا ما عنه زجر، أنهم {إذا مسهم} أي أصابهم {طائف}، منهم من فسره بالغضب، ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه، ومنهم من فسره بالهم بالذنب، ومنهم من فسره بإصابة الذنب، وقوله: {تذكروا} أي عقاب اللّه وجزيل ثوابه ووعده ووعيده، فتابوا وأنابوا واستعاذوا باللّه ورجعوا إليه من قريب، {فإذا هم مبصرون} أي قد استقاموا وصحوا مما كانوا فيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وبها طيف، فقالت: يا رسول اللّه إني أصرع، وأتكشف، فادع اللّه أن يشفيني، فقال: (إن شئت دعوت لك أن يشفيك، وإن شئت صبرت ولك الجنة)، فقالت: بل أصبر ولي الجنة، ولكن ادع اللّه لي أن لا أتكشف، فدعا لها فكانت لا تتكشف ""رواه ابن مردويه وغير واحد من أهل السنن وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم"". وروي أن شاباً كان يتعبد في المسجد فهويته امرأة فدعته إلى نفسها، فما زالت به حتى كاد يدخل معها المنزل، فذكر هذه الآية: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} فخر مغشياً عليه، ثم أفاق، فأعادها، فمات، فجاء عمر فعزى فيه أباه، وكان قد دفن ليلاً فذهب فصلى على قبره بمن معه، ثم ناداه عمر فقال: يا فتى {ولمن خاف مقام ربه جنتان}، فأجابه الفتى من داخل القبر: يا عمر قد أعطانيهما ""أخرجه الحافظ ابن عساكر في ترجمة عمرو بن جامع من تاريخه""ربي عزَّ وجلَّ في الجنة مرتين. وقوله تعالى: {وإخوانهم يمدونهم} أي وإخوان الشياطين من الإنس، كقوله: {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} وهم أتباعهم والمستمعون لهم، القابلون لأوامرهم {يمدونهم في الغي} أي تساعدهم الشياطين على المعاصي وتسهلها عليهم وتحسنها لهم، المد: الزيادة، يعني يزيدونهم في الغي يعني الجهل والسفه، {ثم لا يقصرون} قيل معناه أن الشياطين تمد الإنس لا تقصر في أعمالهم بذلك، كما قال ابن عباس: لا الإنس يقصرون عما يعملون ولا الشياطين تمسك عنهم، وقيل: معناه كما رواه العوفي عن ابن عباس في قوله: {يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون}، قال: هم الجن يوحون إلى أوليائهم من الإنس ثم لا يقصرون، يقول لا يسأمون، وكذا قال السدي وغيرهن يعني أنّ الشياطين يمدون أولياءهم من الإنس، ولا تسأم من إمدادهم في الشر، لأن ذلك طبيعة وسجية، {لا يقصرون} لا تفتر فيه ولا تبطل عنه، كما قال تعالى: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} قال ابن عباس وغيره: تزعجهم إلى المعاصي إزعاجاً.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি