نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأعراف آية 86
وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا ۚ وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ ۖ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ

التفسير الميسر ولا تقعدوا بكل طريق تتوعدون الناس بالقتل، إن لم يعطوكم أموالهم، وتصدُّون عن سبيل الله القويم من صدَّق به عز وجل، وعمل صالحًا، وتبغون سبيل الله أن تكون معوجة، وتميلونها اتباعًا لأهوائكم، وتنفِّرون الناس عن اتباعها. واذكروا نعمة الله تعالى عليكم إذ كان عددكم قليلا فكثَّركم، فأصبحتم أقوياء عزيزين، وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين في الأرض، وما حلَّ بهم من الهلاك والدمار؟

تفسير الجلالين
86 - (ولا تقعدوا بكل صراط) طريق (توعدون) تخوفون الناس بأخذ ثيابهم أو المكس منهم (وتصدون) تصرفون (عن سبيل الله) دينه (من آمن به) بتوعدكم إياه بالقتل (وتبغونها) تطلبون الطريق (عوجاً) معوجة (واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) قبلكم بتكذيب رسلهم أي آخر أمرهم من الهلاك

تفسير القرطبي
فيه أربع مسائل: الأولى: قوله تعالى: {وإلى مدين} قيل في مدين : اسم بلد وقطر.
وقيل : اسم قبيلة كما يقال : بكر وتميم.
وقيل : هم من ولد مدين بن إبراهيم الخليل عليه السلام.
فمن رأى أن مدين اسم رجل لم يصرفه لأنه معرفة أعجمي.
ومن رآه اسما للقبيلة أو الأرض فهو أحرى بألا يصرفه.
قال المهدوي : ويروى أنه كان ابن بنت لوط.
وقال مكي : كان زوج بنت لوط.
واختلف في نسبه؛ فقال عطاء وابن إسحاق وغيرهما : وشعيب هو ابن ميكيل بن يشجر بن مدين بن إبراهيم عليه السلام.
وكان اسمه بالسريانية بيروت.
وأمه ميكائيل بنت لوط.
وزعم الشرقي بن القطامي أن شعيبا بن عيفاء بن يوبب بن مدين بن إبراهيم.
وزعم ابن سمعان أن شعيبا بن جزى بن يشجر بن لاوى بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم.
وشعيب تصغير شعب أو شعب.
وقال قتادة : هو شعيب بن يوبب.
وقيل : شعيب بن صفوان بن عيفاء بن ثابت بن مدين بن إبراهيم.
والله أعلم.
وكان أعمى؛ ولذلك قال قومه {وإنا لنراك فينا ضعيفا} [هود : 91].
وكان يقال له : خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه.
وكان قومه أهل كفر بالله وبخس للمكيال والميزان.
قوله تعالى: {قد جاءتكم بينة من ربكم} أي بيان، وهو مجيء شعيب بالرسالة.
ولم يذكر له معجزة في القرآن.
وقيل : معجزته فيما ذكر الكسائي في قصص الأنبياء.
الثانية: قوله تعالى: {فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم} البخس النقص.
وهو يكون في السلعة بالتعييب والتزهيد فيها، أو المخادعة عن القيمة، والاحتيال في التزيد في الكيل والنقصان منه.
وكل ذلك من أكل المال بالباطل، وذلك منهي عنه في الأمم المتقدمة والسالفة على ألسنة الرسل صلوات الله وسلامه على جميعهم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
الثالثة: قوله تعالى: {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} عطف على {ولا تبخسوا}.
وهو لفظ يعم دقيق الفساد وجليله.
قال ابن عباس : كانت الأرض قبل أن يبعث الله شعيبا رسولا يعمل فيها بالمعاصي وتستحل فيها المحارم وتسفك فيها الدماء.
قال : فذلك فسادها.
فلما بعث الله شعيبا ودعاهم إلى الله صلحت الأرض.
وكل نبي بعث إلى قومه فهو صلاحهم.
الرابعة: قوله تعالى: {ولا تقعدوا بكل صراط } نهاهم عن القعود بالطرق والصد عن الطريق الذي يؤدي إلى طاعة الله، وكانوا يوعدون العذاب من آمن.
واختلف العلماء في معنى قعودهم على الطرق على ثلاثة معان؛ قال ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي : كانوا يقعدون على الطرقات المفضية إلى شعيب فيتوعدون من أراد المجيء إليه ويصدونه ويقولون : إنه كذاب فلا تذهب إليه؛ كما كانت قريش تفعله مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا ظاهر الآية.
وقال أبو هريرة : هذا نهي عن قطع الطريق، وأخذ السلب؛ وكان ذلك من فعلهم.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (رأيت ليلة أسري بي خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا مثل لقوم من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه - ثم تلا - {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} الآية.
وقد مضى القول في اللصوص والمحاربين، والحمد لله.
وقال السدي أيضا : كانوا عشارين متقبلين.
ومثلهم اليوم هؤلاء المكاسون الذين يأخذون ما لا يلزمهم شرعا من الوظائف المالية بالقهر والجبر؛ فضمنوا ما لا يجوز ضمان أصله من الزكاة والمواريث والملاهي.
والمترتبون في الطرق إلى غير ذلك مما قد كثر في الوجود وعمل به في سائر البلاد.
وهو من أعظم الذنوب وأكبرها وأفحشها؛ فإنه غصب وظلم وعسف على الناس وإذاعة للمنكر وعمل به ودوام عليه وإقرار له، وأعظمه تضمين الشرع والحكم للقضاء، فإنا لله وإنا إليه راجعون ! لم يبق من الإسلام إلا رسمه، ولا من الدين إلا اسمه.
يعضد هذا التأويل ما تقدم من النهي في شأن المال في الموازين والأكيال والبخس.
قوله تعالى: {من آمن به} الضمير في {به} يحتمل أن يعود على اسم الله تعالى، وأن يعود إلى شعيب في قول من رأى القعود على الطريق للصد، وأن يعود على السبيل.
{عوجا} قال أبو عبيدة والزجاج : كسر العين في المعاني.
وفتحها في الأجرام.
{واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم} أي كثر عددكم، أو كثركم بالغنى بعد الفقر.
أي كنتم فقراء فأغناكم.
{فاصبروا} ليس هذا أمرا بالمقام على الكفر، ولكنه وعيد وتهديد.
وقال {وإن كان طائفة منكم} فذكر على المعنى، ولو راعى اللفظ قال : كانت.

تفسير ابن كثير ينهاهم شعيب عليه السلام عن قطع الطريق الحسي والمعنوي بقوله: {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} أي تتوعدون الناس بالقتل إن لم يعطوكم أموالهم. قال السدي: كانوا عشارين، وعن ابن عباس ومجاهد {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون}: أي تتوعدون المؤمنين الآتين إلى شعيب ليتبعوه، والأول أظهر، لأنه قال: {بكل صراط} وهو الطريق، وهذا الثاني هو قوله: {وتصدون عن سبيل اللّه من آمن به وتبغونها عوجا} أي وتودون أن تكون سبيل اللّه عوجاً مائلة، {واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم} أي كنتم مستضعفين لقلتكم فصرتم أعزة لكثرة عددكم، فاذكروا نعمة اللّه عليكم في ذلك، {وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين} أي من الأمم الخالية والقرون الماضية وما حل بهم من العذاب والنكال باجترائهم على معاصي اللّه وتكذيب رسله، وقوله: {وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا} أي قد اختلفتم علي {فاصبروا} أي انتظروا {حتى يحكم اللّه بيننا} وبينكم أي يفصل {وهو خير الحاكمين}، فإنه سيجعل العاقبة للمتقين والدمار على الكافرين.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি