مفردات ألفاظ القرآن الكريم

ق_قرب

قرب - القرب والبعد يتقابلان. يقال: قربت منه أقرب (انظر: الأفعال 2/82)، وقربته أقربه قربا وقربانا، ويستعمل ذلك في المكان، وفي الزمان، وفي النسبة، وفي الحظوة، والرعاية، والقدرة.

فمن الأول نحو: { ولا تقربا هذه الشجرة } [البقرة/35]، { ولا تقربوا مال اليتيم } [الأنعام/152]، { ولا تقربوا الزنا } [الإسراء/32]، { فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } [التوبة/28]. وقوله: { ولا تقربوهن } [البقرة/ 222]، كناية عن الجماع كقوله: { لا يقربوا المسجد الحرام } [التوبة/28]، وقوله: { فقربه إليهم } [الذاريات/27].

وفي الزمان نحو: { اقترب للناس حسابهم } [الأنبياء/1]، وقوله: { وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون } [الأنبياء/109] وفي النسبة نحو: { وإذا حضر القسمة أولوا القربى } [النساء/8]، وقال: { الوالدان والأقربون } [النساء/7]، وقال: { ولو كان ذا قربى } [فاطر/18]، { ولذي القربى } [الأنفال/41]، { والجار ذي القربى } [النساء/36]، { يتيما ذا مقربة } [البلد/15].

وفي الحظوة: { ولا الملائكة المقربون } [النساء/172]، وقال في عيسى: { وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين } [آل عمران/45]، { عينا يشرب بها المقربون } [المطففين/28]، { فأما إن كان من المقربين } [الواقعة/88]، { قال نعم وإنكم لمن المقربين } [الأعراف/114]، { وقربناه نجيا } [مريم/52]. ويقال للحظوة: القربة، كقوله: { قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم } [التوبة/99]، { تقربكم عندنا زلفى } [سبأ/37].

وفي الرعاية نحو: { إن رحمة الله قريب من المحسنين } [الأعراف/56]، وقوله: { فإني قريب أجيب دعوة الداع } [البقرة/186].

وفي القدرة نحو: { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } [ق/16]. قوله: { ونحن أقرب إليه منكم } [الواقعة/85]، يحتمل أن يكون من حيث القدرة. والقربان: ما يتقرب به إلى الله، وصار في التعارف اسما للنسيكة التي هي الذبيحة، وجمعه: قرابين. قال تعالى: { إذ قربا قربانا } [المائدة/27]، { حتى يأتينا بقربان } [آل عمران/183]، وقوله: { قربانا آلهة } [الأحقاف/28]، فمن قولهم: قربان الملك: لمن يتقرب بخدمته إلى الملك، ويستعمل ذلك للواحد والجمع، ولكونه في هذا الموضع جمعا قال: (آلهة)، والتقرب: التحدي بما يقتضي حظوة، وقرب الله تعالى من العبد: هو بالإفصال عليه والفيض لا بالمكان، ولهذا روي (أن موسى عليه السلام قال: إلهي أقريب أنت فأناجيك؟ أم بعيد فأناديك؟ فقال: لو قدرت لك البعد لما انتهيت إليه، ولو قدرت لك القرب لما اقتدرت عليه) (الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 1/108 وأحمد في الزهد عن كعب قال: قال موسى: أي رب، أقريب أنت فأناجيك، أم بعيد فأناديك؟ قال: يا موسى أنا جليس من ذكرني. قال: يا رب فإنا نكون من الحال على حال نعظمك أو نجلك أن نذكرك عليها. قال: وما هي؟ قال: الجنابة والغائط. قال: يا موسى اذكرني على كل حال.

انظر: الزهد لأحمد ص 86؛ والدر المنثور 1/470). وقال: { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } [ق/16]، وقرب العبد من الله في الحقيقة: التخصص بكثير من الصفات التي يصح أن يوصف الله تعالى بها وإن لم يكن وصف الإنسان بها على الحد الذي يوصف تعالى به نحو: الحكمة والعلم والحلم والرحمة والغنى، وذلك يكون بإزالة الأوساخ من الجهل والطيش والغضب، والحاجات البدنية بقدر طاقة البشر، وذلك قرب روحاني لا بدني، وعلى هذا القرب نبه عليه والسلام فيما ذكر عن الله تعالى: (من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا) (الحديث عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة) متفق عليه: البخاري في التوحيد 13/384؛ ومسلم في الذكر والدعاء برقم 2675) وقوله عنه: (ما تقرب إلي عبد بمثل أداء ما افترضت عليه وإنه ليتقرب إلي بعد ذلك بالنوافل حتى أحبه... ) (الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (إن الله تبارك وتعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به... ) الحديث أخرجه البخاري في الرقاق، باب التواضع 11/341) الخبر.

وقوله: { ولا تقربوا مال اليتيم } [الأنعام/152]، هو أبلغ من النهي عن تناوله؛ لأن النهي عن قربه أبلغ من النهي عن أخذه، وعلى هذا قوله: { ولا تقربا هذه الشجرة } [البقرة/35]، وقوله: { ولا تقربوهن حتى يطهرن } [البقرة/ 222]، كناية عن الجماع، وقال: { ولا تقربوا الزنا } [الإسراء/32]، والقراب: المقاربة. قال الشاعر: - 366 - فإن قراب البطن يكفيك ملؤه (هذا شطر بيت، وعجزه: ويكفيك سوءات الأمور اجتنابها وهو لهلال بن خثعم، والبيت في الحيوان للجاحظ 1/383؛ والبخلاء ص 202؛ وعيون الأخبار 3/184) وقدح قربان: قريب من الملء، وقربان المرأة: غشيانها، وتقريب الفرس: سير يقرب من عدوه، والقراب: القريب، وفرس لاحق الأقراب، أي الخواصر، والقراب: وعاء السيف، وقيل: هو جلد فوق الغمد لا الغمد نفسه، وجمعه: قرب، وقربت السيف وأقربته، ورجل قارب: قرب من الماء، وليلة القرب، وأقربوا إبلهم، والمقرب: الحامل التي قربت ولادتها. * قرح - القرح: الأثر من الجراحة من شيء يصيبه من خارج، والقرح: أثرها من داخل كالبثرة ونحوها، يقال: قرحته نحو: جرحته، وقرح: خرج به قرح (انظر: الأفعال 2/77)، وقرح قلبه وأقرحه الله، وقد يقال القرح للجراحة، والقرح للألم. قال تعالى: { من بعد ما أصابهم القرح } [آل عمران/ 172]، { إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله } [آل عمران/140]، وقرئ: بالضم (قرأ بالضم أبو بكر وحمزة والكسائي وخلف. وهما لغتان، وقيل: المفتوح: الجرح، والمضموم: ألمه. انظر: الإتحاف ص 179). والقرحان: الذي لم يصبه الجدري، وفرس قارح: إذا ظهر به أثر من طلوع نابه، والأنثى قارحة، وأقرح: به أثر من الغرة، وروضة قرحاء: وسطها نور، وذلك لتشبيهها بالفرس القرحاء، واقترحت الجمل: ابتدعت ركوبه، واقترحت كذا على فلان: ابتدعت التمني عليه، واقترحت بئرا: استخرجت منه ماء قراحا، ونحوه: أرض قراح، أي: خالصة، والقريحة حيث يستنقر فيه الماء المستنبط، ومنه استعير قريحة الإنسان.