مشكل إعراب القرآن

5 - تَفْسِير سُورَة الْمَائِدَة

قَوْله تَعَالَى {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُم} مَا فِي مَوضِع نصب على الِاسْتِثْنَاء من بَهِيمَة

قَوْله {غير محلي الصَّيْد} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي أَوْفوا وَقيل من الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم

قَوْله {وَأَنْتُم حرم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي محلين وَنون محلين سَقَطت لِإِضَافَتِهِ إِلَى الصَّيْد

قَوْله {يَبْتَغُونَ} فِي مَوضِع نصب لآمين

قَوْله {أَن صدوكم} من كسر أَن مَعْنَاهُ إِن وَقع صد لكم فَلَا يكسبنكم بعض من صدكم أَن تَعْتَدوا فالصد منتظر وَدلّ على ذَلِك أَن فِي حرف ابْن مَسْعُود إِن يصدوكم فَالْمَعْنى إِن وَقع صد مثل الَّذِي فعل بكم أَولا فَلَا تَعْتَدوا وَمثله عِنْد سِيبَوَيْهٍ قَول الشَّاعِر ... أتغضب إِن أذنا قُتَيْبَة حزتا ...وَذَلِكَ شَيْء قد كَانَ وَقع وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ إِن وَقع مثل ذَلِك أتغضب وَجَوَاب الشَّرْط مَا قبله وَمن قَرَأَ بِالْفَتْح فَإِن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله وَعَلِيهِ أَتَى التَّفْسِير لِأَن الصد قد كَانَ وَقع قبل نزُول الْآيَة لِأَن الْآيَة نزلت عَام الْفَتْح سنة ثَمَان وَصد الْمُشْركُونَ الْمُسلمين عَن الْبَيْت الْحَرَام عَام الْحُدَيْبِيَة سنة سِتّ فالفتح بَابه وَعَلِيهِ يدل التَّفْسِير والتاريخ لِأَن الْكسر يدل على أَمر لم يَقع وَالْفَتْح يدل على أَمر قد وَقع وَكَانَ وانقضى وَنَظِير ذَلِك لَو قَالَ رجل لامْرَأَته وَقد دخلت دَاره أَنْت طَالِق إِن دخلت الدَّار فَكسر إِن لم تطلق عَلَيْهِ بِدُخُولِهَا الأول لِأَنَّهُ أَمر ينْتَظر وَلَو فتح لطلقت عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَمر قد كَانَ وَفتح إِن إِنَّمَا هُوَ علمه لما كَانَ وَوَقع وَكسرهَا إِنَّمَا يدل على أَمر ينْتَظر قد يكون أَو لَا يكون الْوَجْهَانِ حسنان على معنيهما

قَوْله {أَن تَعْتَدوا} أَن فِي مَوضِع نصب بيجر مِنْكُم وَشَنَآن مصدر وَهُوَ الْفَاعِل ليجرمنكم وَالنَّهْي وَاقع فِي اللَّفْظ على الشنآن وَيَعْنِي بِهِ المخاطبون كَمَا تَقول لَا أرينك هَاهُنَا فالنهي فِي اللَّفْظ عَن الْمُتَكَلّم وَالْمرَاد بِهِ الْمُخَاطب وَمثله فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ وَمثله لَا يجرمنكم شقاقي وَمن اسكن الشنآن جعلهَا اسْما

قَوْله {فَمن اضْطر} من ابْتِدَاء وَهِي شَرط وَالْجَوَاب فان الله غَفُور رَحِيم وَهُوَ الْخَبَر وَمَعَهُ مُضْمر مَحْذُوف تَقْدِيره فان الله لَهُ غَفُور رَحِيم

قَوْله {مَاذَا أحل لَهُم} مَا وَذَا اسْم فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَأحل لَهُم الْخَبَر وان شِئْت جعلت ذَا بِمَعْنى الَّذِي فَيكون هُوَ خبر الِابْتِدَاء وَأحل لَهُم صلته وَلَا يعْمل يَسْأَلُونَك فِي مَا فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهَا اسْتِفْهَام وَلَا يعْمل فِي الِاسْتِفْهَام مَا قبله

قَوْله {مكلبين} حَال من التَّاء وَالْمِيم فِي علمْتُم

قَوْله {محصنين} حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي آتَيْتُمُوهُنَّ وَمثله غير مسافحين وَمثله وَلَا متخذي أخدان وَهُوَ عطف على غير مسافحين وَلَا تعطفه على محصنين لدُخُول لَا مَعَه تَأْكِيدًا للنَّفْي الْمُتَقَدّم وَلَا نفي مَعَ محصنين وان شِئْت جعلت غير مسافحين وَلَا متخذي نعتا لمحصنين أَو حَالا من الْمُضمر فِي محصنين

قَوْله {وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين} الْعَامِل فِي الظّرْف مَحْذُوف تَقْدِيره وَهُوَ خاسر فِي الْآخِرَة وَدلّ على الْحَذف قَوْله من الخاسرين فَإِن جعلت الْألف وَاللَّام فِي الخاسرين ليستا بِمَعْنى الَّذِي جَازَ أَن يكون الْعَامِل فِي الظّرْف الخاسرين

قَوْله {وأرجلكم} من نَصبه عطفه على الْأَيْدِي وَالْوُجُوه وَمن خفضه عطفه على الرؤوس وأضمر مَا يُوجب الْغسْل فالآية محكمَة كَأَنَّهُ قَالَ وأرجلكم غسلا وَقَالَ الْأَخْفَش وَأَبُو عُبَيْدَة الْخَفْض فِيهِ على الْجوَار وَالْمعْنَى الْغسْل وَهُوَ بعيد لَا يحمل الْقُرْآن عَلَيْهِ وَقَالَ جمَاعَة هُوَ عطف على الرؤوس وَالْآيَة مَنْسُوخَة بِالسنةِ بِإِيجَاب غسل الأرجل وَهِي مَنْسُوخَة على هَذِه الْقِرَاءَة وَقيل هُوَ عطف على الرؤوس مُحكم اللَّفْظ لَكِن التَّحْدِيد يدل على الْغسْل فَلَمَّا حد غسل الأرجل إِلَى الْكَعْبَيْنِ كَمَا حد غسل الْأَيْدِي إِلَى الْمرْفقين علم أَنه غسل كالأيدي وَقيل الْمسْح فِي اللُّغَة يَقع بِمَعْنى الْغسْل يُقَال تمسحت للصَّلَاة أَي تَوَضَّأت فبينت السّنة أَن المُرَاد بمسح الأرجل إِذا خفضت الْغسْل

قَوْله {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا} من جعل الصَّعِيد الأَرْض أَو وَجه الأَرْض نصب صَعِيدا على الظّرْف وَمن جعل الصَّعِيد التُّرَاب نَصبه على أَنه مفعول بِهِ حذف مِنْهُ حرف الْجَرّ أَي بصعيد وطيبا نَعته أَي نظيفا وَقيل الطّيب مَعْنَاهُ الْحَلَال فَيكون نَصبه على الْمصدر أَو على الْحَال

قَوْله {شُهَدَاء} حَال من الْمُضمر فِي قوامين وَيجوز أَن يكون خَبرا ثَانِيًا لَكَانَ وَقيل هُوَ نعت لقوامين

قَوْله {وعد الله الَّذين آمنُوا} أصل وعد أَن يتَعَدَّى إِلَى مفعولين يجوز الِاقْتِصَار على أَحدهمَا وَكَذَلِكَ وَقع فِي هَذِه الْآيَة يتَعَدَّى إِلَى مفعول وَاحِد هُوَ الَّذين ثمَّ فسر الْمَفْعُول الْمَحْذُوف وَهُوَ الْعدة بقوله لَهُم مغْفرَة وَأجر عَظِيم

قَوْله {فبمَا نقضهم} كَالَّذي فِي النِّسَاء

قَوْله {يحرفُونَ} حَال من أَصْحَاب الْقُلُوب

قَوْله {إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم} اسْتثِْنَاء من الْهَاء وَالْمِيم فِي مِنْهُم

قَوْله {وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخذنَا ميثاقهم} من مُتَعَلقَة بأخذنا أَي وأخذنا من الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ميثاقهم مثل قَوْلك من زيد أخذت درهما وَلَا يجوز أَن تنوي بالذين التَّأْخِير بعد الْمِيثَاق لتقدم الْمُضمر على الْمظهر إِنَّمَا تنوي بِهِ أَن يكون بعد أَخذنَا وَقبل الْمِيثَاق لِأَنَّهُمَا مفعولان لأخذنا فَلَيْسَ لأَحَدهمَا مزية فِي التَّقْدِيم على الْأُخَر وَالْهَاء وَالْمِيم يعودان على الَّذين وَلَيْسَ مَوضِع الَّذين أَن يكون بعد ميثاقهم فَلذَلِك جَازَ أَلا ترى أَنَّك لَو قلت ضرب غُلَامه زيدا لم يجز وَلَا يجوز أَن تنوي بالغلام التَّأْخِير لِأَنَّهُ فِي حَقه ورتبته إِذْ حق الْفَاعِل أَن يكون قبل الْمَفْعُول فَلَا يَنْوِي بِهِ غير مَوْضِعه فَإِن نصبت الْغُلَام وَرفعت زيدا جَازَ لِأَنَّك تنوي بالغلام وَالضَّمِير التَّأْخِير لِأَن التَّأْخِير هُوَ مَوْضِعه فتنوي بِهِ مَوْضِعه بعد الْفَاعِل وَمنع الْكُوفِيُّونَ أَكثر هَذَا وقدروا الْآيَة على الْحَذف تقديرها عِنْدهم وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى من أَخذنَا ميثاقهم فالهاء وَالْمِيم يعودان على من المحذوفة وَهِي الْمقدرَة قبل الْمُضمر وَجَاز عِنْدهم حذف من كَمَا جَازَ فِي قَوْله وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام أَي من لَهُ وكما قَالَ من الَّذين هادوا يحرفُونَ أَي من يحرفُونَ

قَوْله {يبين لكم} يبين فِي مَوضِع الْحَال من رَسُولنَا وَمثله الثَّانِي وَمثله يعْفُو

قَوْله {يهدي بِهِ الله} يهدي فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لكتاب وان شِئْت فِي مَوضِع نصب على الْحَال من كتاب لِأَنَّك قد نَعته بمبين فَقرب من الْمعرفَة فحسنت الْحَال مِنْهُ وَمثله ويخرجهم ويهديهم

قَوْله {سبل السَّلَام} مفعول حذف مِنْهُ حرف الْجَرّ أَي إِلَى سبل السَّلَام

قَوْله {أَن تَقولُوا} أَن فِي مَوضِع نصب مفعول من أَجله

قَوْله {خاسرين} حَال من الْمُضمر فِي تنقلبوا

قَوْله {أنعم الله} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي يخَافُونَ وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع رفع على النَّعْت لِرجلَيْنِ وَكَذَلِكَ قَوْله من الَّذين يخَافُونَ

قَوْله {أبدا} ظرف زمَان وماداموا بدل من أبدا وَهُوَ بدل بعض من كل

قَوْله {إِلَّا نَفسِي وَأخي} أخي فِي مَوضِع نصب عطف على نَفسِي وان شِئْت عطفته على اسْم أَن ويحذف خَبره لدلَالَة الأول عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ وان أخي لَا يملك إِلَّا نَفسه وان شِئْت جعلت الْأَخ فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ عطف على مَوضِع أَن وَمَا عملت فِيهِ وتضمر الْخَبَر كَالْأولِ وان شِئْت عطفته على الْمُضمر فِي أملك فَيكون فِي مَوضِع رفع

قَوْله {أَرْبَعِينَ سنة} أَرْبَعِينَ ظرف زمَان وَالْعَامِل فِيهِ يتيهون على أَن تجْعَل التَّحْرِيم لَا أمد لَهُ كَمَا جَاءَ فِي التَّفْسِير أَنه لم يدخلهَا أحد مِنْهُم وَإِنَّمَا دَخلهَا أبناؤهم وماتوا كلهم فِي التيه فَيكون يتيهون على هَذَا القَوْل حَالا من الْهَاء وَالْمِيم فِي عَلَيْهِم وَلَا تقف على عَلَيْهِم فِي هَذَا القَوْل إِلَّا أَن تجْعَل يتيهون مُنْقَطِعًا مِمَّا قبله فتقف على عَلَيْهِم وان جعلت للتَّحْرِيم أمدا وَهُوَ أَرْبَعُونَ سنة نصبت أَرْبَعِينَ بمحرمة وَيكون يتيهون حَالا من الْهَاء وَالْمِيم أَيْضا فِي عَلَيْهِم وَلَا يجوز الْوَقْف على هَذَا القَوْل على عَلَيْهِم الْبَتَّةَ وَلَا تقف على أَرْبَعِينَ سنة فِي القَوْل الأول الْبَتَّةَ وتقف عَلَيْهِ فِي هَذَا القَوْل إِن جعلت يتيهون مُنْقَطِعًا غير حَال

قَوْله {إِنِّي أُرِيد} وَإِنِّي وَإِنَّا وَأَنا وَلَكِنِّي وَلَكنَّا وَشبهه كُله أَصله ثَلَاث نونات وَلَكِن حذفت وَاحِدَة اسْتِخْفَافًا لِاجْتِمَاع ثَلَاثَة أَمْثَال لَا حاجز بَينهُنَّ وَقد اسْتعْملت فِي كثير من الْقُرْآن على الأَصْل بِغَيْر حذف وَمذهب الْخَلِيل فِيمَا حكى عَنهُ سِيبَوَيْهٍ أَن المحذوفة هِيَ الَّتِي قبل الْيَاء يُرِيد الثَّالِثَة وَالَّذِي يُوجِبهُ النّظر وَعَلِيهِ أهل الْعلم هُوَ أَن المحذوفة من هَذِه النونات هِيَ الثَّانِيَة لِأَنَّك لَو حذفت الثَّالِثَة لوَجَبَ تغير الثَّانِيَة إِلَى الْكسر فِي إِنِّي وَلَكِنِّي فيجتمع حذف وتغيير وَذَلِكَ مَكْرُوه وَلَو حذفت الأولى لوَجَبَ إدغام الثَّانِيَة فِي الثَّالِثَة بعد إِزَالَة حركتها وإسكانها وَذَلِكَ حذفان وتغيير فَكَانَ حذف الثَّانِيَة أولى وَأَيْضًا فان أَن قد تحذف مِنْهَا الثَّانِيَة وهما نونان فحذفها بِعَينهَا إِذا صَارَت ثَلَاث نونات أولى من حذف غَيرهَا وَلَو حذفت الثَّالِثَة من أَنِّي لوَجَبَ حذف الثَّالِثَة فِي أننا وَلَكنَّا فتحذف عَلامَة الْمُضمر وَذَلِكَ لَا يجوز لِأَنَّهُ اسْم والأسماء لَا تحذف وَلَا يحذف بَعْضهَا لِاجْتِمَاع أَمْثَال

قَوْله {أَو فَسَاد فِي الأَرْض} عطف على نفس أَو بِغَيْر فَسَاد وَقَرَأَ الْحسن بِالنّصب على معنى أَو أفسد فَسَادًا فَهُوَ مصدر

قَوْله {أَن يقتلُوا} أَن فِي مَوضِع رفع خبر جَزَاء لِأَن أَن وَمَا بعْدهَا مصدر فَهُوَ مصدر خبر عَن مصدر وَهُوَ هُوَ وَاو فِي قَوْله أَو يصلبوا وَمَا بعده من أَو للتَّخْيِير للْإِمَام على اجْتِهَاده وللعلماء فِي ذَلِك أَقْوَال

قَوْله {إِلَّا الَّذين تَابُوا} نصب على الِاسْتِثْنَاء

قَوْله {وَالسَّارِق والسارقة} رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف عِنْد سِيبَوَيْهٍ تَقْدِيره وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُم السَّارِق والسارقة أَو فِيمَا فرض عَلَيْكُم وَكَانَ الِاخْتِيَار على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ فِيهِ النصب لِأَنَّهُ أَمر وَهُوَ بِالْفِعْلِ أولى وَبِه قَرَأَ عِيسَى بن عمر وَالِاخْتِيَار عِنْد الْكُوفِيّين الرّفْع على قِرَاءَة الْجَمَاعَة لِأَنَّهُ لم يقْصد بِهِ قصد سَارِق بِعَيْنِه فَهُوَ عِنْدهم مثل واللذان يأتيانها لَا يُرَاد بِهِ اثْنَان بأعيانهما فَلذَلِك اختير الرّفْع وَقد ذكرنَا عِلّة سِيبَوَيْهٍ فِي اخْتِيَاره الرّفْع فِي واللذان يأتيانها وَلَيْسَ فِي قَوْله وَالسَّارِق والسارقة مَا فِي واللذان من الْعلَّة

قَوْله {جَزَاء بِمَا كسبا} مفعول من أَجله وان شِئْت مصدرا وَمثله نكالا

قَوْله {وَمن الَّذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخَرين لم يأتوك يحرفُونَ الْكَلم} قَوْله سماعون ويحرفون صفتان لمحذوفين مرفوعين بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبلهمَا الْخَبَر تَقْدِيره فريق سماعون وفريق يحرفُونَ الْكَلم ليكذبوا لم يرد أَنهم يسمعُونَ الْكَذِب ويقبلونه إِنَّمَا أَرَادَ يسمعُونَ ليكذبوا وَيَقُولُونَ مَا لم يسمعوا وَدلّ على ذَلِك قَوْله يحرفُونَ الْكَلم من بعد موَاضعه وَيجوز أَن يكون يحرفُونَ حَالا من الْمُضمر فِي سماعون وَتَكون هِيَ الْحَال الْمقدرَة أَي يسمعُونَ مقدرين التحريف مثل قَوْله هَديا بَالغ الْكَعْبَة

قَوْله {آخَرين} {لم يأتوك} صفتان لقوم

قَوْله {يَقُولُونَ إِن أُوتِيتُمْ} حَال من الْمُضمر فِي يحرفُونَ فيقف على قُلُوبهم فِي هَذَا القَوْل ويبتدىء وَمن الَّذين هادوا وَهُوَ خبر الِابْتِدَاء وَقد قيل أَن سماعون رفع على هم سماعون ابْتِدَاء وَخبر فيقف على هادوا فِي هَذَا القَوْل وَالْقَوْل الأول أحسن وَأولى فَأَما سماعون للكذب الثَّانِي فَهُوَ رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ أَي هم سماعون للكذب أكالون للسحت

قَوْله {النَّبِيُّونَ الَّذين أَسْلمُوا} الَّذين صفة لِلنَّبِيِّينَ على معنى الْمَدْح وَالثنَاء لَا على معنى الصّفة الَّتِي تَأتي للْفرق بَين الْمَوْصُوف وَبَين من لَيْسَ صفته كَذَلِك تَقول رَأَيْت زيدا الْعَاقِل فتحتمل هَذِه الصّفة أَن تكون جِئْت بهَا للثناء والمدح لَا غير كالآية وتحتمل أَن تكون جِئْت بهَا لتفرق بَين زيد الْعَاقِل وَبَين زيد آخر لَيْسَ بعاقل وَهَذَا لَا يجوز فِي الْآيَة لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون لَهُم نبيون غير مُسلمين كَمَا يحْتَمل أَن يكون ثمَّ زيد آخر غير عَاقل فَإِن قلت رَأَيْت زيدا الْأَحْمَر فَهَذِهِ صفة جِئْت بهَا لتفرق بَين زيد الْأَحْمَر وَبَين زيد آخر أَو زيود لَيْسُوا بحمر فاعرفه وَلَا تحْتَمل هَذِه الصّفة غير هَذَا الْمَعْنى وَلَو كَانَ زيد لَا يعرف إِلَّا بالأحمر لم يجز حذف الْأَحْمَر لِأَنَّهُ كَانَ من تَمام اسْمه

قَوْله {وَالْعين بِالْعينِ} وَمَا بعده من الْأَسْمَاء من نَصبه عطفه على مَا عملت فِيهِ أَن وَهُوَ النَّفس وبالنفس خبر أَن وَكَذَلِكَ كل مخفوض خبر لما قبله وَمن رفع الْعين وَالْأنف وَالسّن عطفه على الْمَعْنى لِأَن معنى كتبنَا عَلَيْهِم قُلْنَا لَهُم النَّفس بِالنَّفسِ فَرفع على الِابْتِدَاء وَقيل هُوَ مُبْتَدأ مَقْطُوع مِمَّا قبله وَقيل هُوَ مَعْطُوف على الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي بِالنَّفسِ وان كَانَ لم يُؤَكد فَهُوَ جَائِز كَمَا قَالَ مَا أشركنا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَيْسَ فِي زِيَادَة لَا بعد حرف الْعَطف حجَّة فِي أَنَّهَا فصلت لِأَنَّهَا بعد حرف الْعَطف والمخفوض خبر كل مُبْتَدأ

قَوْله {والجروح قصاص} من نَصبه عطفه على النَّفس وقصاص خَبره على أَنه مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة وَمن رَفعه عطفه على مَوضِع أَن وَمَا عملت فِيهِ فَهُوَ مُبْتَدأ مَكْتُوب أَيْضا وقصاص خبر الِابْتِدَاء وَقيل هُوَ ابْتِدَاء مُنْقَطع مِمَّا قبله على أَنه غير مَكْتُوب وَإِنَّمَا بِكَوْن هَذَا مُنْقَطِعًا على قِرَاءَة من نصب الْعين وَمَا بعده وَرفع الجروح فَأَما من رفع الْعين وَمَا بعده وَرفع الجروح فَهُوَ كُله مَعْطُوف بعضه على بعض وَهِي قِرَاءَة الْكسَائي

قَوْله {مُصدقا} الأول حَال ومصدقا الثَّانِي إِن شِئْت عطفته على الأول حَالا من عِيسَى أَيْضا على التَّأْكِيد وان شِئْت جعلته حَالا من الْإِنْجِيل وَالْإِنْجِيل إفعيل مُشْتَقّ من النجل كَأَنَّهُ أصل الدّين يرجع إِلَيْهِ ويأتم بِهِ والتوراة مُشْتَقَّة من وري الزند وَهُوَ مَا يخرج مِنْهُ من الضياء من ناره فَكَأَنَّهَا ضِيَاء يستضاء بهَا فِي الدّين وَالْقُرْآن مُشْتَقّ من قريت المَاء فِي الْحَوْض إِذا جمعته فَكَأَنَّهُ قد جمع فِيهِ الحكم والمواعظ والآداب والقصص والفروض وكملت فِيهِ جَمِيع الْفَوَائِد الهادية إِلَى طرق الرشاد وَلذَلِك قَالَ الله تَعَالَى الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ الْآيَة

قَوْله {وَهدى وموعظة} نصب عطف على مُصدق وَقد قَرَأَ الضَّحَّاك بِرَفْع موعظة وَدلّ على أَن هَذَا فِي مَوضِع رفع وَالرَّفْع فِي ذَلِك على الْعَطف على قَوْله فِيهِ هدى وَنور

قَوْله {مُصدقا} ومهيمنا حالان من الْكتاب

قَوْله {وَأَن احكم} أَن فِي مَوضِع نصب عطف على الْكتاب

قَوْله {واحذرهم أَن يفتنوك} أَن فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْهَاء وَالْمِيم فِي واحذرهم وَهُوَ بدل الاشتمال وان شِئْت جعلته مَفْعُولا من أَجله

قَوْله {فَعَسَى الله أَن يَأْتِي} أَن فِي مَوضِع نصب بعسى وَلَو قدمت فَقلت فَعَسَى أَن يَأْتِي الله لكَانَتْ فِي مَوضِع رفع بعسى وتسد مسد خبر عَسى

قَوْله {وَيَقُول الَّذين آمنُوا} من نَصبه عطفه على الْمَعْنى كَأَنَّهُ قدر قديم أَن يَأْتِي بعد عَسى فعطف عَلَيْهِ إِذْ معنى فَعَسَى أَن يَأْتِي الله وَعَسَى الله أَن يَأْتِي وَاحِد فعطف على الْمَعْنى وَلَو عطف على اللَّفْظ على أَن يَأْتِي وَهُوَ مُؤخر بعد اسْم الله لم يجز كَمَا يبعد أَن تَقول عَسى زيد أَن يقوم وَيَأْتِي عَمْرو إِذْ لَا يجوز عَسى زيد أَن يَأْتِي عَمْرو فَأَما إِذا قدمت أَن بعد عَسى فَهُوَ حسن كَمَا تَقول عَسى أَن يقوم زيد وَيَأْتِي عَمْرو فَيحسن كَمَا يحسن عَسى أَن يقوم زيد وَيَأْتِي عَمْرو وَلَو كَانَ فِي الْجُمْلَة الثَّانِيَة مَا يعود على الأول لجَاز كل هَذَا نَحْو عَسى أَن يقوم زيد وَيَأْتِي أَبوهُ وَعَسَى زيد أَن يقوم وَيَأْتِي أَبوهُ كل هَذَا حسن جَائِز خلاف الأول لِأَنَّك لَو قلت عَسى زيد أَن يقوم أَبوهُ حسن وَهَذَا كُله بِمَنْزِلَة لَيْسَ زيد بِخَارِج وَلَا قَائِم عَمْرو وَهَذَا لَا يجوز وان كَانَ فِي مَوضِع عَمْرو أَبوهُ جَازَ فَهُوَ قِيَاسه فقسه عَلَيْهِ وَقد قيل أَن وَيَقُول مَعْطُوف على الْفَتْح لِأَنَّهُ بِمَعْنى أَن يفتح فَهُوَ مَعْطُوف على اسْم فاحتيج إِلَى إِضْمَار أَن ليَكُون مَعَ يَقُول مصدرا فيعطف اسْما على اسْم فَيصير بِمَنْزِلَة قَول الشَّاعِر ... للبس عباءة وتقر عَيْني ... أحب إِلَيّ من لبس الشفوف ...وَالرَّفْع فِي وَيَقُول على الْقطع

قَوْله {جهد أَيْمَانهم} نصب على الْمصدر وَكسرت إِن من إِنَّهُم على إِضْمَار قَالُوا إِ نهم لِأَن اللَّام فِي خَبَرهَا

قَوْله {يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} نعت لقوم وَكَذَلِكَ أَذِلَّة وأعزة ويجاهدون نعت أَيْضا لَهُم وَيجوز أَن يكون حَالا مِنْهُم وَالْإِشَارَة بالقوم الموصوفين فِي هَذَا الْموضع هِيَ للخلفاء الرَّاشِدين بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن اتبعهم وَهَذَا مِمَّا يدل على على تثبيت خلافتهم رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ

قَوْله {وهم رَاكِعُونَ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي يُؤْتونَ أَي يُعْطون مَا يزكيهم عِنْد الله فِي حَال ركوعهم أَي وهم فِي صلَاتهم فالواو وَاو الْحَال وَالْآيَة فِي على هَذَا الْمَعْنى نزلت فِي عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَيجوز أَن يكون لاموضع للجملة وَإِنَّمَا هِيَ جملَة معطوفة على الْمَوْصُول وَلَيْسَت بواو الْحَال وَالْآيَة عَامَّة

قَوْله {وَالْكفَّار} من خفضه عطفه على الَّذين فِي قَوْله من الَّذين أُوتُوا فيكونون موصوفين باللعب والهزء كَمَا وصف بِهِ الَّذين أُوتُوا الْكتاب لقَوْله إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ يُرِيد بِهِ كفار قُرَيْش وَمن نَصبه عطفه على الَّذين فِي قَوْله لَا تَتَّخِذُوا الَّذين وَيخرجُونَ من الْوَصْف بالهزء واللعب

قَوْله {إِلَّا أَن آمنا} أَن فِي مَوضِع نصب بتنقمون

قَوْله {وَأَن أَكْثَرَكُم} عطف عَلَيْهَا

قَوْله {وَعبد الطاغوت} من فتح الْبَاء جعله فعلا مَاضِيا وَنصب بِهِ الطاغوت وَفِي عبد ضمير من فِي قَوْله من لَعنه الله وَلم يظْهر ضمير جمع فِي عبد حملا على لفظ من وَمَعْنَاهُ الْجمع وَلذَلِك قَالَ مِنْهُم وَلَو حمل على الْمَعْنى لقَالَ عبدُوا وَمن فِي قَوْله من لَعنه الله فِي مَوضِع رفع على حذف الْمُضَاف وَتَقْدِيره لعن من لَعنه الله أَي هُوَ لعن فالابتداء والمضاف محذوفان وَقيل من فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل بشر بدل الشَّيْء من الشَّيْء وَهُوَ هُوَ ومثوبة نصب على التَّفْسِير وَمن ضم الْبَاء من عبد جعله اسْما على فعل مَبْنِيا للْمُبَالَغَة فِي عبَادَة الطاغوت كَقَوْلِهِم رجل فطن ويقظ للَّذي تكْثر مِنْهُ الفطنة والتيقظ فَالْمَعْنى وَجعل مِنْهُم من بلغ فِي عبَادَة الطاغوت وأصل هَذَا الْبناء للصفات وَعبد أَصله الصّفة وَلكنه اسْتعْمل فِي هَذَا اسْتِعْمَال الْأَسْمَاء وَجرى فِي بِنَاء الصِّفَات على أَصله كَمَا استعملوا الأبرق والأبطح اسْتِعْمَال الْأَسْمَاء فَكسر تكسير الْأَسْمَاء فَقيل الأباطح والأبارق وَلم يصرفا كأحمر وأصلهما الصّفة

قَوْله {وَقد دخلُوا بالْكفْر} وهم قد خَرجُوا بِهِ قَوْله بالْكفْر فِي مَوضِع الْحَال وَكَذَلِكَ بِهِ وَالْمعْنَى دخلُوا كَافِرين وَخَرجُوا كَافِرين لم يخبر عَنْهُم أَنهم دخلُوا حاملين شَيْئا إِنَّمَا أخبر عَنْهُم أَنهم دخلُوا معتقدين كفرا

قَوْله {مَا أنزل} مَا فِي مَوضِع رفع بِفِعْلِهِ وَهُوَ وليزيدن وَكلما ظرف وَالْعَامِل فِيهِ أوقدوا وَفِيه معنى الشَّرْط فَلَا بُد لَهُ من جَوَاب وَجَوَابه أطفأها

قَوْله {والصابئون} مَرْفُوع على الْعَطف على مَوضِع أَن وَمَا عملت فِيهِ وَخبر أَن منوي قبل الصابئين فَلذَلِك جَازَ الْعَطف على الْموضع وَالْخَبَر هُوَ من آمن يَنْوِي بِهِ التَّقْدِيم فَحق والصابئون وَالنَّصَارَى أَن يقعا بعد يَحْزَنُونَ وَإِنَّمَا احْتِيجَ إِلَى هَذَا التَّقْدِير لِأَن الْعَطف فِي أَن على الْموضع لَا يجوز إِلَّا بعد تَمام الْكَلَام وانقضاء اسْم أَن وخبرها فيعطف على مَوضِع الْجُمْلَة وَقد قَالَ الْفراء هُوَ عطف على الْمُضمر فِي هادوا وَهُوَ غلط لِأَنَّهُ يُوجب أَن يكون الصابئون وَالنَّصَارَى يهودا وَأَيْضًا فَأن الْعَطف على الْمُضمر الْمَرْفُوع قبل أَن يُؤَكد أَو يفصل بَينهمَا بِمَا يقوم مقَام التَّأْكِيد قَبِيح عِنْد بعض النَّحْوِيين وَقيل الصابئون مَرْفُوع على أَصله قبل دُخُول أَن على الْجُمْلَة وَقيل إِنَّمَا رفع الصابئون لِأَن إِن لم يظْهر لَهَا عمل فِي الَّذين فَبَقيَ الْمَعْطُوف مَرْفُوعا على أَصله قبل دُخُول أَن على الْجُمْلَة وَقيل إِنَّمَا رفع لِأَنَّهُ جَاءَ على لُغَة بلحارث الَّذين يَقُولُونَ رَأَيْت الزيدان بِالْألف وَقيل إِن بِمَعْنى نعم وَقيل إِن خبر أَن مَحْذُوف مُضْمر دلّ عَلَيْهِ الثَّانِي فالعطف بالصابئين إِنَّمَا أَتَى بعد تَمام الْكَلَام وانقضاء اسْم إِن وخبرها وَإِلَيْهِ ذهب الْأَخْفَش والمبرد وَمذهب سِيبَوَيْهٍ أَن خبر الثَّانِي هُوَ الْمَحْذُوف وَخبر إِن هُوَ الَّذِي فِي آخر الْكَلَام يُرَاد بِهِ التَّقْدِيم قبل الصابئين فَيصير الْعَطف على الْموضع بعد خبر إِن فِي الْمَعْنى

قَوْله {وَحَسبُوا أَلا تكون فتْنَة} من رفع تكون جعل أَن المخففة من الثَّقِيلَة وأضمر مَعهَا الْهَاء وَتَكون خبر أَن وَجعل حسبوا بِمَعْنى أيقنوا لِأَن أَن للتَّأْكِيد والتأكيد لَا يجوز إِلَّا مَعَ الْيَقِين فَهُوَ نَظِير وعديله وَأَن فِي مَوضِع نصب بِحَسب وسدت مسد مفعولي حسب تَقْدِيره أَنه لَا تكون فتْنَة وَحقّ أَن أَن تكْتب مُنْفَصِلَة على هَذَا التَّقْدِير لِأَن الْهَاء المضمرة تحول بَين أَن وَلَام لَا فِي الْمَعْنى وَالتَّقْدِير فَيمْتَنع اتصالها بِاللَّامِ وَمن نصب تكون جعل أَن هِيَ الناصبة للْفِعْل وَجعل حسب بِمَعْنى الشَّك لِأَنَّهَا لم يتبعهَا تَأْكِيد لِأَن أَن الْخَفِيفَة لَيست للتَّأْكِيد إِنَّمَا هِيَ لأمر قد يَقع وَقد لَا يَقع فالشك نَظِير ذَلِك وعديله والمشددة إِنَّمَا تدخل لتأكيد أَمر قد وَقع وَثَبت فَلذَلِك كَانَ حسب مَعَ أَن الْمُشَدّدَة لليقين وَمَعَ الْخَفِيفَة للشَّكّ وَلَو كَانَ قبل أَن فعل لَا يصلح للشَّكّ لم يجز أَن تكون إِلَّا مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَلم يجز نصب الْفِعْل بهَا نَحْو قَوْله تَعَالَى أَن لَا يرجع إِلَيْهِم وَعلم أَن سَيكون وَلَا وَالسِّين عوض من حذف تَشْدِيد أَن وَلَو وَقع قبل أَن فعل لَا يصلح إِلَّا لغير الاثبات لم يجز فِي الْفِعْل إِلَّا النصب نَحْو قَوْلك طمعت أَن تقوم وأشفق أَن تقوم وأخشى أَن تقوم هَذَا لَا يجوز فِيهِ إِلَّا النصب بعد أَن وَلَا تكون أَن مَعَه مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَقسَام فعل بِمَعْنى الثَّبَات وَالْيَقِين لَا يكون مَعَه إِلَّا الرّفْع بعد أَن وَلَا تكون أَن إِلَّا مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَفعل بضد الثَّبَات وَالْيَقِين لَا يكون مَعَه إِلَّا النصب بعد أَن وَلَا تكون أَن مَعَه إِلَّا غير مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَفعل ثَالِث يحْتَمل الْوَجْهَيْنِ فَيجوز مَعَه الْوَجْهَانِ هَذِه الْأُصُول هِيَ الِاخْتِيَار عِنْد أهل الْعلم وَقد يجوز غير مَا ذكرنَا على مجَاز وسعة

قَوْله {فعموا وصموا} إِنَّمَا جمع الضَّمِير ردا على الْمَذْكُورين وَكثير بدل من الضَّمِير وَقيل كثير رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ دلّ عَلَيْهِ عموا وصموا تَقْدِيره الْعَمى والصم كثير مِنْهُم وَقيل التَّقْدِير الْعمي والصم مِنْهُم كثير وَقيل جمع الضَّمِير وَهُوَ مُتَقَدم على لُغَة من قَالَ أكلوني البراغيث وَكثير رفع بِمَا قبله وَلَو نصبت كثيرا فِي الْكَلَام لجَاز تَجْعَلهُ نعتا لمصدر مَحْذُوف أَي عمى وصمما كثيرا

قَوْله {ثَالِث ثَلَاثَة} لَا يجوز تَنْوِين ثَالِث لِأَنَّهُ بِمَعْنى أحد ثَلَاثَة فَلَا معنى للْفِعْل فِيهِ وَلَيْسَ بِمَنْزِلَة هَذَا ثَالِث اثْنَيْنِ لِأَن فِيهِ معنى الْفِعْل إِذْ مَعْنَاهُ بَصِير اثْنَيْنِ ثَلَاثَة بِنَفسِهِ فالتنوين فِيهِ جَائِز

قَوْله {وَمَا من إِلَه إِلَّا إِلَه وَاحِد} إِلَه بدل من مَوضِع من إِلَه لِأَن من زَائِدَة فَهُوَ مَرْفُوع وَيجوز فِي الْكَلَام النصب إِلَّا إِلَهًا وَاحِدًا على الِاسْتِثْنَاء وَأَجَازَ الْكسَائي الْخَفْض على الْبَدَل من لفظ من إِلَه وَهُوَ بعيد لِأَن من لَا تزاد فِي الْوَاجِب

قَوْله {لبئس مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} مَا فِي مَوضِع نصب نكرَة أَي لبئس شَيْئا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فَمَا بعد مَا صفة لَهَا وَقيل مَا بِمَعْنى الَّذِي فِي مَوضِع رفع ببئس أَي لبئس الشَّيْء الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَالْهَاء محذوفة من الصّفة والصلة

قَوْله {لبئس مَا قدمت لَهُم أنفسهم أَن سخط الله} أَن فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره هُوَ أَن سخط الله وَقيل فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من مَا على أَن مَا نكرَة وَقيل على حذف اللَّام أَي لِأَن سخط الله

قَوْله {عَدَاوَة} نصب على التَّفْسِير وَمثله مَوَدَّة

قَوْله {تفيض} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من أَعينهم لِأَن ترى من رُؤْيَة الْعين

قَوْله {لَا نؤمن} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من المخبرين فِي لنا كَمَا تَقول مَالك قَائِما

قَوْله {تجْرِي} فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لجنات

قَوْله {خَالِدين} حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي فأثابهم

قَوْله {فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام} رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف أَي فَعَلَيهِ صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام

قَوْله {بِشَيْء من الصَّيْد} من للتَّبْعِيض لِأَن الْمحرم صيد الْبر خَاصَّة وَلِأَن التَّحْرِيم إِنَّمَا وَقع فِي حَال الْإِحْرَام خَاصَّة وَقيل من لبَيَان الْجِنْس فَلَمَّا قَالَ ليبلونكم الله بِشَيْء لم يعلم من أَي جنس هُوَ فَبين فَقَالَ من الصَّيْد كَمَا تَقول لأعطينك شَيْئا من الذَّهَب

قَوْله {وَأَنْتُم حرم} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي تقتلُوا ومتعمدا حَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي قَتله

قَوْله {فجزاء مثل مَا قتل من النعم} جَزَاء مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره مَحْذُوف أَي فَعَلَيهِ جَزَاء وَمن نون جَزَاء جعل مثل صفة لَهُ وَمن النعم صفة أُخْرَى لجزاء وَيجوز أَن تكون مثل بَدَلا من جَزَاء وَمن فِي منزلَة من النعم لَا تتَعَلَّق بجزاء لِأَنَّهَا تصير فِي صلته وَالصّفة لَا تدخل فِي صلَة الْمَوْصُوف لِأَنَّهَا لَا تكون إِلَّا بعد تَمام الْمَوْصُوف بصلته فَلَو جعلت من مُتَعَلقَة بجزاء دخلت فِي صلته وَأَنت قد قدمت مثل هَذَا وَهُوَ بدل أَو صفة وَالْبدل وَالصّفة لَا يأتيان إِلَّا بعد تَمام الْمَوْصُول بصلته فَيصير ذَلِك إِلَى التَّفْرِقَة بَين الصِّلَة والموصول بِالْبَدَلِ أَو بالنعت وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَة جَزَاء سَيِّئَة بِمِثْلِهَا فِي جَوَاز تتَعَلَّق الْبَاء بجزاء لِأَنَّهُ لم يُوصف وَلَا أبدل مِنْهُ إِنَّمَا أضيف والمضاف إِلَيْهِ دَاخل فِي الصِّلَة وَمن تَمام الْمُضَاف وكل دَاخل فِي الصِّلَة فَذَلِك حسن جَائِز وَمثل فِي هَذِه الْقِرَاءَة بِمَعْنى مماثل وَالتَّقْدِير فجزاء مماثل لما قتل يَعْنِي فِي الْقيمَة أَو فِي الْخلقَة على اخْتِلَاف الْعلمَاء فِي ذَلِك وَلَو قدرت مثلا على لَفظه لصار الْمَعْنى فَعَلَيهِ جَزَاء مثل الْمَقْتُول من الصَّيْد وَإِنَّمَا يلْزمه جَزَاء الْمَقْتُول بِعَيْنِه لَا جَزَاء مثله لِأَنَّهُ إِذا أدّى جَزَاء مثل الْمَقْتُول فِي الصَّيْد صَار إِنَّمَا يُؤَدِّي جَزَاء مَا لم يقتل لِأَن مثل الْمَقْتُول لم يقْتله فصح أَن الْمَعْنى فَعَلَيهِ جَزَاء مماثل للمقتول يحكم بِهِ ذَوا عدل وَلذَلِك بَعدت الْقِرَاءَة بِالْإِضَافَة عِنْد جمَاعَة لِأَنَّهَا توجب أَن يلْزم الْقَاتِل جَزَاء مثل الصَّيْد الَّذِي قتل وَإِنَّمَا جَازَت الْإِضَافَة عِنْدهم على معنى قَول الْعَرَب أَنِّي لأكرم مثلك يُرِيدُونَ أكرمك فعلى هَذَا أضَاف الْجَزَاء إِلَى مثل الْمَقْتُول يُرَاد الْمَقْتُول بِعَيْنِه فَكَأَنَّهُ فِي التَّقْدِير فَعَلَيهِ جَزَاء الْمَقْتُول فِي الصَّيْد وعَلى هَذَا تَأَول الْعلمَاء قَول الله تَعَالَى كمن مثله فِي الظُّلُمَات مَعْنَاهُ كمن هُوَ فِي الظُّلُمَات وَلَو حمل على الظَّاهِر لَكَانَ مثل الْكَافِر فِي الظُّلُمَات والمثل والمثل وَاحِد وَمن النعم فِي قِرَاءَة من أضَاف الْجَزَاء إِلَى مثل صفة لجزاء وَيحسن أَن تتَعَلَّق من بِالْمَصْدَرِ فَلَا تكون صفة لَهُ وَإِنَّمَا الْمصدر معدى إِلَى من النعم وَإِذا جعلته صفة فَمن مُتَعَلقَة بالْخبر الْمَحْذُوف وَهُوَ فَعَلَيهِ وَإِذا لم تجعلها صفة تعلّقت بجزاء كَمَا تعلّقت فِي قَوْله جَزَاء سَيِّئَة بِمِثْلِهَا لِأَن الْجَزَاء لم يُوصف وَلَا أبدل مِنْهُ فَلَا تفرقه بَين الصِّلَة والموصول فَأَما إِذا نونت جَزَاء فَلَا يحسن تعلق من بجزاء لما قدمنَا

قَوْله {هَديا} انتصب على الْحَال من الْهَاء فِي بِهِ وَيجوز أَن يكون انتصب على الْبَيَان أَو على الْمصدر وَبَالغ نعت لهدي والتنوين مُقَدّر فِيهِ فَلذَلِك وَقع نعتا لنكرة

قَوْله {أَو كَفَّارَة} عطف على جَزَاء أَي أَو عَلَيْهِ كَفَّارَة وَمن نون كَفَّارَة رفع الطَّعَام على الْبَدَل من كَفَّارَة وصياما نصب على الْبَيَان

قَوْله {مَتَاعا} نصب على الْمصدر لِأَنَّهُ قَوْله أحل لكم بِمَعْنى أمتعتكم بِهِ إمتاعا بِمَنْزِلَة كتاب الله عَلَيْكُم وحرما خبر دَامَ

قَوْله {ذَلِك لِتَعْلَمُوا} ذَا فِي مَوضِع رفع على معنى الْأَمر ذَلِك وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على معنى فعل الله ذَلِك لِتَعْلَمُوا

قَوْله {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} قَالَ الْخَلِيل وسيبويه والمازني أَشْيَاء أَصْلهَا شيئاء على وزن فعلاء فَلَمَّا كثر اسْتِعْمَالهَا استثقلت همزتان بَينهمَا ألف فنقلت الْهمزَة الأولى وَهِي لَام الْفِعْل قبل فَاء الْفِعْل وَهُوَ الشين فَصَارَت أَشْيَاء على وزن لفعاء وَمن أجل أَن أَصْلهَا فعلاء كحمراء امْتنعت من الصّرْف وَهِي عِنْدهم اسْم للْجمع وَلَيْسَت بِجمع شَيْء وَقَالَ الْكسَائي وَأَبُو عبيد لم تَنْصَرِف لِأَنَّهَا أشبهت حَمْرَاء لِأَن الْعَرَب تَقول فِي الْجمع أشياوات كَمَا تَقول حمراوات ويلزمهما أَن لَا يصرفا اسْما وَلَا ابْنا لقَوْل الْعَرَب فِي الْجمع سماوات وابناوات وَقَالَ الْأَخْفَش وَالْفراء والزيادى أَشْيَاء وَزنهَا أفعلاء وَأَصلهَا أشيئاء كهين وأهوناء فَمن أجل همزَة التَّأْنِيث لم ينْصَرف لكنه خفف فأبدل من الْهمزَة الأولى وَهِي لَام الْفِعْل يَاء لانكسار مَا قبلهَا ثمَّ حذفت اسْتِخْفَافًا لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فشيء عِنْدهم أَصله شييء على وزن فيعل كهين أَصله هَين على فيعل وَكَانَ أَصله قبل الْإِدْغَام هيون على فيعل كميت ثمَّ خفف إِلَّا أَن عين الْفِعْل من شَيْء يَاء وَعين الْفِعْل من هَين وَاو لِأَنَّهُ من هان يهون كميت وَهَذَا الْجمع لَا نَظِير لَهُ لِأَنَّهُ لم يَقع أفعلاء جمعا لفيعل فَيكون هَذَا نَظِيره وهين وأهوناء شَاذ لَا يُقَاس عَلَيْهِ وَأَيْضًا فان حذفه واعتلاله جرى على غير قِيَاس فَهَذَا القَوْل خَارج فِي جمعه واعتلاله عَن الْقيَاس وَالسَّمَاع وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يلْزمهُم أَن يصغروا أَشْيَاء على شويات أَو على شييئات وَذَلِكَ لم يقلهُ أحد إِنَّمَا تصغيره أَشْيَاء وَإِنَّمَا لَزِمَهُم ذَلِك فِي التصغير لِأَن كل جمع لَيْسَ من أبنية أقل الْعدَد فَحكمه فِي التصغير أَن يرد إِلَى واحده ثمَّ يصغر الْوَاحِد ثمَّ يجمع مُصَغرًا بِالْألف وَالتَّاء أَو بِالْوَاو وَالنُّون إِن كَانَ مِمَّن يعقل فأفعلاء لَيْسَ من أبنية أقل الْعدَد وأبنية الْجمع فِي أقل الْعدَد أَرْبَعَة أبنية وَهِي أَفعَال وأفعله وأفعل وَفعله فَهَذِهِ تصغر على لَفظهَا وَلَا ترد إِلَى الْوَاحِد وَقَالَ الْمَازِني سَأَلت الْأَخْفَش عَن تَصْغِير أَشْيَاء فَقَالَ أَشْيَاء قَالَ الْمَازِني فَقلت لَهُ يجب على قَوْلك أَنَّهَا أفعلاء أَن ترد إِلَى الْوَاحِد فتصغره ثمَّ تجمعه فَانْقَطع الْأَخْفَش وَقَالَ أَبُو حَاتِم أَشْيَاء أَفعَال جمع شَيْء كبيت وأبيات وَكَانَ يجب أَن ينْصَرف إِلَّا أَنه سمع غير مَصْرُوف وَهَذَا القَوْل جَار على الْقيَاس فِي الْجمع لِأَن فعلا يَقع جمعه كثيرا على أَفعَال إِلَّا أَنه خَارج عَن الْقيَاس فِي ترك صرفه فَلم يَقع فِي كَلَام الْعَرَب أَفعَال غير مَصْرُوف فَيكون هَذَا نَظِيره وَقَالَ بعض أهل النّظر أَشْيَاء أَصْلهَا أشيئاء على وزن أفعلاء كَقَوْل الْأَخْفَش إِلَّا أَن وَاحِدهَا فعيل كصديق وأصدقاء فَاعل على مَا تقدم من تَخْفيف الْهمزَة وَحذف الْعِوَض وَحسن الْحَذف فِي الْجمع لحذفها من الْوَاحِد وَإِنَّمَا حذفت من الْوَاحِد تَخْفِيفًا لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال إِذْ شَيْء يَقع على كل مُسَمّى من عرض أَو جسم أَو جَوْهَر فَلم ينْصَرف لهمزة التَّأْنِيث فِي الْجمع وَهَذَا قَول حسن جَار فِي الْجمع وَترك الصّرْف على الْقيَاس لَوْلَا أَن التصغير يَعْتَرِضهُ كَمَا اعْترض الْأَخْفَش

قَوْله {إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} شَرط وَجَوَابه وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع خفض على النَّعْت لِأَشْيَاء

قَوْله {من بحيرة} من زَائِدَة للتَّأْكِيد وبحيرة فِي مَوضِع نصب بِجعْل

قَوْله {حَسبنَا مَا وجدنَا} ابْتِدَاء وَخَبره مَا وجدنَا

قَوْله {إِذا حضر} الْعَامِل فِي إِذا شَهَادَة وَلَا تعْمل فِيهَا الْوَصِيَّة لِأَن الْمُضَاف إِلَيْهِ لَا يعْمل فِيمَا قبل الْمُضَاف وَأَيْضًا فَأن الْوَصِيَّة مصدر فَلَا يقدم مَا عمل فِيهِ عَلَيْهِ وَالْعَامِل فِي حِين الْوَصِيَّة أَسبَاب الْمَوْت كَمَا قَالَ حَتَّى إِذا جَاءَ أحدهم الْمَوْت قَالَ وَالْقَوْل لَا يكون مِنْهُ بعد الْمَوْت وَلَكِن مَعْنَاهُ حَتَّى إِذا جَاءَ أحدهم أَسبَاب الْمَوْت قَالَ وَقيل الْعَامِل فِي حِين حضر وَقيل هُوَ بدل من إِذا فَيكون الْعَامِل فِي حِين الشَّهَادَة أَيْضا

قَوْله {اثْنَان} مَرْفُوع على خبر شَهَادَة على حذف مُضَاف تَقْدِيره شَهَادَة اثْنَيْنِ لِأَن الشَّهَادَة لَا تكون هِيَ الِاثْنَان إِذْ الجثث لَا تكون خَبرا عَن الْمصدر فأضمرت مصدرا ليَكُون خَبرا عَن مصدر وَكَذَلِكَ أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ عطف على اثْنَان على تَقْدِير حذف مُضَاف إِلَيْهِ تَقْدِيره أَو شَهَادَة آخَرين وَقيل إِذا حضر هُوَ خبر شَهَادَة وَاثْنَانِ ارتفعا بفعلهما وَهُوَ شَهَادَة

قَوْله {تحبسونهما من بعد الصَّلَاة} صفة لآخران فِي مَوضِع رفع

قَوْله {إِن أَنْتُم ضَرَبْتُمْ} إِلَى

قَوْله {الْمَوْت} اعْتِرَاض بَين الْمَوْصُوف وَصفته فاستغني عَن جَوَاب إِذا الَّتِي هِيَ الشَّرْط بِمَا تقدم من الْكَلَام لِأَن معنى اثْنَان ذَوا عدل مِنْكُم أَو آخرَانِ من غَيْركُمْ معنى الْأَمر بذلك وَلَفظه لفظ الْخَبَر واستغني عَن جَوَاب إِذا أَيْضا بِمَا تقدم من الْكَلَام وَهُوَ قَوْله شَهَادَة بَيْنكُم لِأَن مَعْنَاهُ يَنْبَغِي أَن تشهدوا إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت

قَوْله {فيقسمان بِاللَّه} الْفَاء لعطف جملَة على جملَة وَيجوز أَن يكون جَوَاب جَزَاء لِأَن تحبسونهما مَعْنَاهُ الْأَمر بذلك فَهُوَ جَوَاب الْأَمر الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام كَأَنَّهُ قَالَ إِذا حبستموا أقسما إِذْ معنى إِن ارتبتم أَي شَكَكْتُمْ فِي قَول الآخرين من غَيْركُمْ

قَوْله {لَا نشتري} جَوَاب لقَوْله فيقسمان لِأَن أقسم يُجَاوب بِمَا يُجَاوب بِهِ الْقسم

قَوْله {لَا نشتري بِهِ} الْهَاء تعود على الْمَعْنى لِأَن التَّقْدِير لَا نشتري بتحريف شهادتنا ثمنا ثمَّ حذف الْمُضَاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وَقيل الْهَاء تعود على الشَّهَادَة لَكِن ذكرت لِأَنَّهَا قَول كَمَا قَالَ فارزقوهم مِنْهُ فَرد الْهَاء على الْمقسم لدلَالَة الْقِسْمَة على ذَلِك

قَوْله {لَا نشتري بِهِ ثمنا} مَعْنَاهُ ذَا ثمن لِأَن الثّمن لَا يَشْتَرِي إِنَّمَا يَشْتَرِي ذُو الثّمن وَهُوَ الْمُثمن وَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى اشْتَروا بآيَات الله ثمنا أَي ذَا ثمن

قَوْله {وَلَو كَانَ ذَا قربى} فِي كَانَ أسمها أى وَلَو كَانَ الْمَشْهُود لَهُ ذَا قربى من الشَّاهِد

قَوْله {وَلَا نكتم شَهَادَة الله} إِنَّمَا أضيفت الشَّهَادَة إِلَى الله لِأَنَّهُ هُوَ أَمر بأدائها وَنهى عَن كتمانها

قَوْله {فآخران} رفع بِفعل مُضْمر أَو بِالِابْتِدَاءِ وَيقومَانِ نعت لَهما وَمن الَّذين خَبره

قَوْله {الأوليان} من رَفعه وثناه جعله بَدَلا من آخرَانِ أَو من الْمُضمر فِي يقومان وَقيل هُوَ مفعول لم يسم فَاعله لَاسْتَحَقَّ على قِرَاءَة من ضم التَّاء على تَقْدِير حذف مُضَاف تَقْدِيره من الَّذين اسْتحق عَلَيْهِم إِثْم الْأَوليين وَيكون عَلَيْهِم بِمَعْنى فيهم وَمن قَرَأَ الْأَوَّلين على جمع أول فَهُوَ فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من الَّذين أَو من الْهَاء وَالْمِيم فِي عَلَيْهِم

قَوْله {لَشَهَادَتنَا} اللَّام جَوَاب الْقسم فِي قَوْله فيقسمان

قَوْله {أَن يَأْتُوا} فِي مَوضِع نصب على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره بِأَن يَأْتُوا وَمثله أَن آمنُوا قَالَ أَبُو مُحَمَّد مكي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ هَذِه الْآيَة من أشكل مَا فِي الْقُرْآن فِي إعرابها وَمَعْنَاهَا وتفسيرها وأحكامها وَقد أفردت لَهَا كتابا بيناها فِيهِ

قَوْله {إِن هَذَا إِلَّا سحر} إِن بِمَعْنى مَا وَهَذَا إِشَارَة إِلَى مَا جَاءَ بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَيجوز أَن يكون هَذَا إِشَارَة إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام على تَقْدِير حذف مُضَاف تَقْدِيره إِن هَذَا إِلَّا ذُو سحر فَأَما من قَرَأَ سَاحر بِأَلف فَهَذَا إِشَارَة إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بِغَيْر حذف وَيحْتَمل أَن يكون إِشَارَة إِلَى الْإِنْجِيل فَيكون اسْم الْفَاعِل فِي مَوضِع مصدر كَمَا قَالُوا عائذا بِاللَّه من شَرها يُرِيدُونَ عياذا بِاللَّه

قَوْله {فتنفخ فِيهَا} الْهَاء تعود على الْهَيْئَة والهيئة مصدر فِي مَوضِع المهيأ لِأَن النفخ لَا يكون فِي الْهَيْئَة إِنَّمَا يكون فِي المهيأ وَيجوز أَن يعود على الطير لِأَنَّهُ مؤنث وَمن قَرَأَ طائرا جَازَ أَن يكون طَائِر جمعا كالحامل فيؤنث الضَّمِير فِي فِيهَا لأجل رُجُوعه على الْجَمَاعَة

قَوْله {أَن اعبدوا الله} أَن مفسرة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب بِمَعْنى أَي وَيجوز أَن تكون فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من مَا

قَوْله {مَا دمت فيهم} مَا فِي مَوضِع نصب على الظّرْف وَالْعَامِل فِيهِ شَهِيد

قَوْله {أَنْت علام الغيوب} وَأَنت الْعَزِيز أَنْت تَأْكِيدًا للكاف أَو مُبْتَدأ أَو فاصلة لَا مَوضِع لَهَا من الْإِعْرَاب

قَوْله {هَذَا يَوْم ينفع} من رفع يَوْمًا جعله خَبرا لهَذَا وَهَذَا إِشَارَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بالْقَوْل فَأَما من نصب يَوْمًا فَإِنَّهُ جعله ظرفا لِلْقَوْلِ وَهَذَا إِشَارَة إِلَى الْقَصَص وَالْخَبَر الَّذِي تقدم أَي يَقُول الله هَذَا الْكَلَام فِي يَوْم ينفع فَهَذَا إِشَارَة إِلَى مَا تقدم من الْقَصَص وَهُوَ قَوْله وَإِذ قَالَ الله يَا عِيسَى إِلَى قَوْله من دون الله فَأخْبر الله عَمَّا لم يَقع بِلَفْظ الْمَاضِي لصِحَّة كَونه وحدوثه وَجَاز أَن يَقع يَوْم خَبرا عَن هَذَا لِأَنَّهُ إِشَارَة إِلَى حدث فظروف الزَّمَان تكون خَبرا عَن الْحَدث وَيجوز على قَول الْكُوفِيّين أَن يكون يَوْم ينفع مَبْنِيا على الْفَتْح لِإِضَافَتِهِ إِلَى الْفِعْل فَإِذا كَانَ كَذَلِك احْتمل مَوْضِعه النصب وَالرَّفْع على مَا تقدم من التَّفْسِير وَإِنَّمَا يَقع الْبناء فِي الظّرْف إِذا أضيف إِلَى الْفِعْل عِنْد الْبَصرِيين إِذا كَانَ الْفِعْل مَبْنِيا فَأَما إِذا كَانَ معربا فَلَا يبْنى الظّرْف إِذا أضيف إِلَيْهِ عِنْدهم

قَوْله {خَالِدين} حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي لَهُم وأبدا ظرف زمَان وَالْيَاء فِي رَضِي بدل من وَاو لانكسار مَا قبلهَا لِأَنَّهُ من الرضْوَان وأصل رَضوا رضووا فألقيت حَرَكَة الْوَاو الأولى على الضَّاد وحذفت لسكونها وَسُكُون الْوَاو الَّتِي هِيَ ضمير الْجَمَاعَة بعْدهَا