مشكل إعراب القرآن

56 - تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الْوَاقِعَة

قَوْله تَعَالَى إِذا وَقعت الْوَاقِعَة اذا ظرف زمَان وَالْعَامِل فِيهِ وَقعت لِأَنَّهَا قد يجازى بهَا فَعمل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا كَمَا يعْمل فِي مَا وَمن اللَّتَيْنِ للشّرط فِي قَوْلك مَا تفعل أفعل وَمن تكرم أكْرم فَمن وَمَا فِي مَوضِع نصب بِالْفِعْلِ الَّذِي بعْدهَا بِلَا اخْتِلَاف فان دخلت ألف الِاسْتِفْهَام على اذا خرجت عَن حد الشَّرْط فَلَا يعْمل فِيهَا الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا لِأَنَّهَا مُضَافَة الى مَا بعْدهَا نَحْو أئذا متْنا أئذا كُنَّا وَشبهه وَقد أجَاز النّحاس عمل متْنا فِي اذا وَهُوَ بعيد وَإِنَّمَا لم يجاز باذا فِي كل الْكَلَام وتعمل كَغَيْرِهَا لِأَنَّهَا مُخَالفَة لحروف الشَّرْط لما فِيهَا من التَّحْدِيد والتوقيت فِي جَوَاز وُقُوع مَا بعْدهَا وَكَونه بِغَيْر احْتِمَال وحروف الشَّرْط غَيرهَا انما هِيَ للشىء يُمكن أَن يَقع وَأَن لَا يَقع وَقد تقع إِذا للشىء لابد لَهُ أَن يَقع نَحْو إِذا السَّمَاء انشقت وَإِذا الشَّمْس كورت وَنَحْوه

قَوْله خافضة رَافِعَة رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هِيَ خافضة رَافِعَة خبر بعد خبر وَمن قَرَأَ بِالنّصب فعلى الْحَال من الْوَاقِعَة وَفِيه بعد لِأَن الْحَال فِي أَكثر أحوالها انما تكون لما يُمكن أَن يكون وَيُمكن أَن لَا يكون وَالْقِيَامَة لَا شكّ فِي أَنَّهَا ترفع قوما الى الْجنَّة وتخفض اخرين الى النَّار لابد من ذَلِك فَلَا فَائِدَة فِي الْحَال وَقد أجَاز الْفراء على اضمار وَقعت خافضة رَافِعَة

قَوْله إِذا رجت الْعَامِل فِي اذا عِنْد الزّجاج وَقعت وَهَذَا بعيد اذا أعملت وَقعت فِي اذا الأولى فان أضمرت لاذا الأولى عَاملا اخر حسن عمل وَقعت فِي اذا الثَّانِيَة الا أَن تجْعَل اذا الثَّانِيَة بَدَلا من الأولى فَيجوز عمل وَقعت فيهمَا جَمِيعًا

قَوْله فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة أَصْحَاب الأول مُبْتَدأ وَمَا ابْتِدَاء ثَان وَهِي اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ التَّعَجُّب والتعظيم وَأَصْحَاب الثَّانِي خبر مَا وَمَا وخبرها خبر أَصْحَاب الأول وَجَاز ذَلِك وَلَيْسَ فِي الْجُمْلَة مَا يعود على الْمُبْتَدَأ لِأَن الْمَعْنى ماهم فهم يعود على الْمُبْتَدَأ الأول فَهُوَ كَلَام مَحْمُول على مَعنا لَا على لَفظه وَمثله الحاقة مَا الحاقة وَالْقَارِعَة مَا القارعة وَإِنَّمَا ظهير الِاسْم الثَّانِي وَحقه أَن يكون مضمرا لتقدم اظهاره ليَكُون أجل فِي التَّعْظِيم والتعجب وأبلغ وَمثله أَيْضا وَأَصْحَاب المشأمة مَا أَصْحَاب المشأمة

قَوْله وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ الأول ابْتِدَاء وَالثَّانِي نَعته وَأُولَئِكَ المقربون ابْتَدَأَ وَخبر فِي مَوضِع خبر الأول وَقيل السَّابِقُونَ الأول ابْتِدَاء وَالثَّانِي خَبره وَأُولَئِكَ خبر ثَان أَو بدل على معنى السَّابِقُونَ الى طَاعَة الله هم السَّابِقُونَ الى رَحْمَة الله

قَوْله ثلة خبر ابْتِدَاء أَي هم ثلة وَقَلِيل عطف عَلَيْهِ وعَلى سرر خبر ثَان

قَوْله متكئين ومتقابلين حالان من الْمُضمر فِي سرر وَلَو كَانَ على سرر ملغى غير خبر لم يكن فِيهِ ضمير

قَوْله وحور عين من رَفعه حمله على الْمَعْنى لِأَن معنى الْكَلَام فِيهَا أكواب وأباريق فعطف وحور عين على الْمَعْنى وَلم يعْطف على اللَّفْظ وَمن خفضه عطفه على مَا قبله وَحمله أَيْضا على الْمَعْنى لِأَن الْمَعْنى ينعمون بفاكهة وَلحم وبحور عين وَيجوز النصب على أَن يحمل على الْمَعْنى أَيْضا لِأَن معنى يطوف عَلَيْهِم بِكَذَا وَكَذَا يُعْطون كَذَا وَكَذَا ثمَّ عطف حورا على مَعْنَاهُقَوْله عين هُوَ جمع عيناء وَأَصله عين على فعل كَمَا تَقول حَمْرَاء وحمر فَكسرت الْعين لِئَلَّا تنْقَلب الْيَاء واوا فتشبه ذَوَات الْوَاو وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب يَاء سَاكِنة قبلهَا ضمة وَلَا وَاو سَاكِنة قبلهَا كسرة وَمن الْعَرَب من يَقُول حير عين على الِاتِّبَاع

قَوْله جَزَاء مصدر وَقيل مفعول من أَجله

قَوْله إِلَّا قيلا نصب على الِاسْتِثْنَاء الْمُنْقَطع وَقيل نصب بيسمعون

قَوْله سَلاما سَلاما نصب بالْقَوْل وَقيل هُوَ نصب على الْمصدر وَقيل هُوَ نعت لقيل وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على معنى سَلام عَلَيْكُم ابْتِدَاء وَخبر

قَوْله إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ الضَّمِير يعود على الْحور الْمُتَقَدّم الذّكر وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ ضنير لم يجر لَهُ ذكر إِلَّا أَنه عرف مَعْنَاهُقَوْله عربا هُوَ جمع عروب وَمن أسكن الرَّاء فعلى التَّخْفِيف كعضد وعضد والأتراب جمع ترب

قَوْله أئذا متْنا من كسر الْمِيم من متْنا جعل فعله أَتَى على فعل يفعل كخاف يخَاف والمستقبل عِنْده يمات وَقيل هُوَ شَاذ فِي المعتل أَتَى على فعل يفعل بِضَم الْعين فِي الْمُسْتَقْبل كَمَا أَتَى فِي السَّالِم فضل يفضل على فعل يفعل وَهُوَ شَاذ أَيْضا

قَوْله شرب الهيم من فتح الشين جعله مصدر شرب وَمن ضمهَا جعله اسْما للمصدر ونصبه على الْمصدر أَي شربا مثل شرب الهيم ثمَّ حذف الْمَوْصُوف والمضاف وَقد تقدم لَهُ نَظَائِر والهيم جمع هيماء وَكسرت الْهَاء لِئَلَّا تنْقَلب الْيَاء واوا فَهِيَ مثل عين وَقيل هُوَ جمع هائم

قَوْله فظلتم أَصْلهَا ظللتم ثمَّ حذفت اللَّام الأولى وَقد قرىء بِكَسْر الظَّاء على أَن حَرَكَة اللَّام الأولى ألقيت على الظَّاء ثمَّ حذفتقَوْله لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ هَذِه الضمة فِي يمسهُ يجوز أَن تكون اعرابا وَلَا نفيا أَي لَيْسَ يمسة الا الْمُطهرُونَ يَعْنِي الْمَلَائِكَة فَهُوَ خبر وَلَيْسَ بنهي وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَقَتَادَة وَغَيرهم وَقيل لَا للنَّهْي والضمة فِي يمسهُ بِنَاء وَالْفِعْل مجزوم فَيكون ذَلِك أمرا من الله أَن لَا يمس الْقرَان إِلَّا طَاهِر وَهُوَ مَذْهَب مَالك وَغَيره فَيكون معنى التطهر على القَوْل الأول من الذُّنُوب والخطايا وعَلى القَوْل الثَّانِي التطهر بِالْمَاءِقَوْله فَأَما إِن كَانَ جَوَاب أما وَإِن فِي الْفَاء فِي قَوْله فَروح اي فَلهُ روح ابْتِدَاء وَخبر وَقيل الْفَاء جَوَاب أما وَإِن جوابها فِيمَا قبلهَا لِأَنَّهَا لم تعْمل فِي للفظ وَقَالَ الْمبرد جَوَاب إِن مَحْذُوف وَلَا يَلِي أما إِلَّا الْأَسْمَاء والجمل وفيهَا معنى الشَّرْط وَكَانَ حَقّهَا أَن لَا يَليهَا الا الْفِعْل للشّرط الَّذِي فِيهَا لَكِنَّهَا نائبة عَن فعل لِأَن مَعْنَاهَا مهما يكن من شَيْء فَالْأَمْر كَذَا وَكَذَا فَلَمَّا نابت بِنَفسِهَا عَن فعل وَالْفِعْل لَا يَلِيهِ فعل امْتنع أَن يَليهَا الْفِعْل ووليها الِاسْم أَو الْجمل وَتَقْدِير الِاسْم أَن يكون بعد جوابها فاذا اردت أَن تعرف اعراب الِاسْم الَّذِي بعْدهَا فَاجْعَلْ موضعهَا مهما وَقدر الِاسْم بعد الْفَاء وَأدْخل الْفَاء على الْفِعْل وَمعنى أما عِنْد أبي اسحاق أَنَّهَا خُرُوج من شَيْء الى شَيْء أَي دع مَا كُنَّا فِيهِ وَخذ فِي غَيره

قَوْله فسلام لَك ابْتِدَاء وَخبر

قَوْله فَنزل أَي فَلهم نزل وَمن حميم نعت لنزل وَهُوَ ابْتِدَاء وَخبر

قَوْله حق الْيَقِين الْيَقِين نعت قَامَ منعوت تَقْدِيره حق الْخَبَر الْيَقِين