مشكل إعراب القرآن

54 - شرح مُشكل اعراب سُورَة الْقَمَر

قَوْله تَعَالَى مزدجر الدَّال بدل من تَاء وَهُوَ مفتعل من الزّجر وانما أبدلت الدَّال من التَّاء لِأَن التَّاء مهموسا وَالزَّاي مجهورة ومخرجهما قريب من الاخر فأبدلوا من التَّاء حرفا هُوَ من مخرجها يُوَافق الزَّاي فِي الْجَهْر وَهِي الدَّال

قَوْله مدكر أَصله مذتكر فَهُوَ مفتعل من الذّكر لَكِن الذَّال حرف مجهور قوي وَالتَّاء مهموسة ضَعِيفَة فأدلوا من التَّاء حرفا من مخرجها مِمَّا يُوَافق الذَّال فِي الْجَهْر وَهُوَ الدَّال ثمَّ أدغمت الذَّال فِي الدَّال وَيجوز مُذَكّر بِالذَّالِ على ادغام الثَّانِي فِي الأول وَبِذَلِك قَرَأَ قَتَادَة

قَوْله حِكْمَة رفع عل الْبَدَل من مَا فِي قَوْله مَا فِيهِ مزدجر وَمَا رفع بجاء فَاعل أَو على اضمار مُبْتَدأ أَي هِيَ حِكْمَة

قَوْله فَمَا تغن النّذر مَا اسْتِفْهَام يجوز أَن تكون فِي مَوضِع نصب بتغني وَيجوز أَن تكون نَافِيَة على حذف مفعول تغنيوحذفت الْيَاء من تغني والواوا من يدع الداع وَشبه ذَلِك من خطّ الْمُصحف لِأَنَّهُ كتب على لفظ الادراج والوصل وَلم يكْتب على حكم الأَصْل وَالْوَقْف وَقد غلط بعض النَّحْوِيين فَقَالَ انما حذفت الْيَاء فِي فَمَا تغن النّذر لِأَن مَا بِمَنْزِلَة لم فجزمت كَمَا تجزم لم وَهَذَا خطأ لِأَن لم انما تَنْفِي وَترد الْمُسْتَقْبل مَاضِيا وَمَا تَنْفِي الْحَال فَلَا يجوز أَن يَقع أَحدهمَا موقع الآخر لاخْتِلَاف معنييهما

قَوْله يَوْم يدع يَوْم نصب على اضمار فعل أَي اذكر يَوْم يدع وَلَا يعْمل فِيهِ تول لِأَن التولي فِي الدُّنْيَا وَيَوْم يدع الداع فِي الاخرة وَلذَلِك يحسن الْوَقْف على عَنْهُم وتبتدىء يَوْم يدع الداع وَيجوز أَن يكون الْعَامِل فِي يَوْم خشعا أَو يخرجُون

قَوْله خشعا نصب على الْحَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي عَنْهُم فيقبح الْوَقْف على عَنْهُم وان جعلته حَالا من الضَّمِير فِي يخرجُون حسن الْوَقْف على عَنْهُم وَكَذَلِكَ مَوضِع يخرجُون حَال من الضَّمِير المخفوض فِي أَبْصَارهم وَكَذَلِكَ مَوضِع كَأَنَّهُمْ جَراد حَال من الْمُضمر فِي يخرجُون وَكَذَلِكَ مَوضِع مهطعين كلهَا نصب على الْحَالقَوْله فَالتقى المَاء المَاء اسْم للْجِنْس فَلذَلِك لم يقل الماءان بعد ذكره لخُرُوج المَاء من موضِعين من السَّمَاء والارض وأصل مَاء موه فابدلوا من الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا فَصَارَت مَاء وَالْألف خُفْيَة وَالْهَاء خُفْيَة فَاجْتمع خفيان عين وَلَام فأبدلوا من الْهَاء حرفا قَوِيا جلدا وَهُوَ الْهمزَة وَدلّ على هَذَا التَّقْدِير قَوْلهم فِي الْجمع أمواه ومياه وَفِي التصغير موية فَرد الى أَصله

قَوْله وَلَقَد تركناها الْهَاء للعقوبة وَقيل للسفينة

قَوْله فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر كَيفَ خبر كَانَ وعذابي اسْمهَا وَيجوز أَن تكون كَيفَ فِي مَوضِع الْحَال وَكَانَ بِمَعْنى وَقع وَحدث وَالْعَذَاب رفع بكان وَلَا خبر لَهَا

قَوْله ريحًا صَرْصَرًا أَصله صرر من الشَّيْء إِذا صَوت لَكِن أبدلوا من الرَّاء الثَّانِيَة صادا

قَوْله تنْزع النَّاس كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل منقعر تنْزع فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لريح وَكَأَنَّهُم فِي مَوضِع نصب على الْحَال من النَّاس تَقْدِيره انا أرسلنَا عَلَيْهِم ريحًا صَرْصَرًا نازعة للنَّاس مشبهين أعجاز نخل وَهِي حَال مقدرَة أَي يكونُونَ كَذَلِك وَقد قيل الْكَاف فِي مَوضِع نصب بِفعل مُضْمر تَقْدِيره فتتركهم كأعجاز نخل أَي مثل أعجاز نخل

قَوْله نخل منقعر انما ذكر منقعر لِأَن النّخل يذكر وَيُؤَنث فَلذَلِك قَالَ منقعر وَقَالَ فِي مَوضِع آخر أعجاز نخل خاوية فأنث

قَوْله وَنذر قيل هُوَ مصدر بِمَعْنى انذاري وَقيل هُوَ جمع نَذِير

قَوْله أبشرا منا وَاحِد نصب باضمار فعل تَقْدِيره أنتبع بشرا منا وَاحِد وَدلّ على الْحَذف قَوْله نتبعه وَمنا وَاحِد صفتان لبشر

قَوْله وسعر قيل هُوَ مصدر سعر الرجل إِذا طاش وَقيل هُوَ جمع سعير

قَوْله من الْكذَّاب ابْتِدَاء وَخبر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب بسيعلمون

قَوْله فتنه لَهُم مفعول من أَجله وَقيل هُوَ مصدر

قَوْله واصطبر هُوَ افتعل من الصَّبْر وَأَصله اصتبر فأبدلوا من التَّاء حرفا يؤاخي الصَّاد فِي الاطباق وَهُوَ الطَّاء ليعْمَل اللِّسَان فِي الاطباق عملا وَاحِدًا مثله مصطبر هُوَ مفتعل من الصَّبْر دَلِيله انك أذا صغرت أَو جمعت حذفت الطَّاء إِذْ هِيَ بدل من تَاء تَقول مصيبر ومصابر كَمَا تفعل بمكتسب

قَوْله إِلَّا ال لوط ال نصب على الِاسْتِثْنَاء وَأَصله أهل ثمَّ أبدلوا من الْهَاء همزَة لخفائها فصارا أَلا فأبدلوا من الْهمزَة الساكنة ألفا كَمَا فعلوا فِي اتى وامن وَيدل على ذَلِك قَوْلهم فِي التصغير أهيل

قَوْله بِسحر انما انْصَرف لِأَنَّهُ نكرَة وَلَو كَانَ معرفَة لم ينْصَرف لِأَنَّهُ اذا كَانَ معرفَة فَهُوَ معدول عَن الْألف وَاللَّام إِذْ تعرف بِغَيْرِهِمَا وَحقّ هَذَا الصِّنْف أَن يتعرف بهما فَلَمَّا لم يتعرف بهما صَار معدولا عَنْهُمَا فثقل مَعَ ثقل التَّعْرِيف فَلم ينْصَرف فان نكر انْصَرف وَمثله بكرَة إِلَّا أَن بكرَة لم تَنْصَرِف للتأنيث والتعريف وَمثله غدْوَة فان نكرا انصرفا كسحر

قَوْله نعْمَة من عندنَا نعْمَة مفعول من أَجله وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على تَقْدِير تِلْكَ نعْمَة

قَوْله كَذَلِك نجزي الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره نجزي من شكر جَزَاء كَذَلِك أَي مثل ذَلِك

قَوْله عَن ضَيفه لَا تكَاد الْعَرَب تثني ضيفا وَلَا تجمعه لِأَنَّهُ مصدر وَتَقْدِير الاية عَن ذَوي ضيفة وَقد ثناه بَعضهم وَجمعه

قَوْله إِنَّا كل شَيْء خلقناه بِقدر كَانَ الِاخْتِيَار على أصُول الْبَصرِيين رفع كل كَمَا أَن الِاخْتِيَار عِنْدهم فِي قَوْلك زيد ضَربته الرّفْع وَالِاخْتِيَار عِنْد الْكُوفِيّين النصب فِيهِ بِخِلَاف قَوْلنَا زيد أكرمته لِأَنَّهُ قد تقدم فِي الاية شَيْء عمل فِيمَا بعده وَهُوَ إِن فالاختيار عِنْدهم النصب فِيهِ وَقد اجْمَعْ الْقُرَّاء على النصب فِي كل على الِاخْتِيَار فِيهِ عِنْد الْكُوفِيّين ليدل ذَلِك على عُمُوم الْأَشْيَاء الْمَخْلُوقَات أَنَّهَا لله لخلاف مَا قَالَه أهل الزيغ إِن ثمَّ مخلوقات لغير الله تَعَالَى الله عَن ذَلِك وَقَوله تَعَالَى الله خَالق كل شَيْء يرد قَوْلهم وانما دلّ النصب فِي كل على الْعُمُوم لِأَن التَّقْدِير إِنَّا خلقنَا كل شىء خلقناه بِقدر فخلقناه تَأْكِيد وَتَفْسِير لخلقنا الْمُضمر الناصب لكل واذا خذفته واظهرت الأول صَار التقديرانا خلقنَا كل شَيْء بِقدر فَهَذَا لفظ عَام يعم جَمِيع الْمَخْلُوقَات وَلَا يجوز أَن يكون خلقناه صفة لشَيْء لِأَن الصّفة والصلة لَا يعملان فِيمَا قبل الْمَوْصُوف وَلَا الْمَوْصُول وَلَا يكونَانِ تَفْسِير لما يعْمل فِيمَا قبلهمَا فاذا لم يكن خلقناه صفة لشَيْء لم يبْق الا أَنه تَأْكِيد وَتَفْسِير للمضمر الناصب لكل وَذَلِكَ يدل على الْعُمُوم وَأَيْضًا فان النصب هُوَ الِاخْتِيَار عِنْد الْكُوفِيّين لِأَن إِنَّا عِنْدهم تطلب الْفِعْل فَهِيَ بِهِ أولى فالنصب عِنْدهم فِي كل هُوَ الِاخْتِيَار فاذا انضاف اليه معنى الْعُمُوم وَالْخُرُوج من الشّبَه كَانَ النصب أقوى كثيرا من الرّفْع قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَقد أفردت هَذِه الْمَسْأَلَة باشبع من هَذَا التَّفْسِير فِي غير هَذَا الْكتاب