مشكل إعراب القرآن

47 - شرح مُشكل اعراب سُورَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

قَوْله تَعَالَى {فَضرب الرّقاب} نصب على الْمصدر أَي فاضربوا الرّقاب ضربا وَلَيْسَ الْمصدر فِي هَذَا بموصول فَلَا يُنكر مُنكر تَقْدِيم الرّقاب عَلَيْهِ لِأَن الْمصدر انما يكون مَا بعده من صلته اذا كَانَ بِمَعْنى أَن فعل أَو أَن يفعل فان لم يكن كَذَلِك فَلَا صلَة لَهُ انما هُوَ توكيد للْفِعْل لَا غير

قَوْله {وَالَّذين كفرُوا فتعسا لَهُم} الَّذين ابْتِدَاء وَمَا بعده الْخَبَر وتعسا نصب على الْمصدر وَالنّصب الِاخْتِيَار لِأَنَّهُ مُشْتَقّ من فعل مُسْتَعْمل وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على الِابْتِدَاء وَلَهُم الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر عَن الَّذين

قَوْله {أفلم يَسِيرُوا فِي الأَرْض فينظروا} فينظروا فِي مَوضِع جزم على الْعَطف على يَسِيرُوا أَو فِي مَوضِع نصب على الْجَواب للاستفهام

قَوْله {من قريتك الَّتِي أخرجتك} هَذَا أَيْضا مِمَّا حذف مِنْهُ الْمُضَاف وأقيم الْمُضَاف اليه مقَامه تَقْدِيره الَّتِي أخرجك أَهلهَا فَحذف الْأَهْل وَقَامَ ضمير الْقرْيَة مقامهم فَصَارَ ضمير الْقرْيَة مَرْفُوعا كَمَا كَانَ الاهل مرفوعين بأخرج فاستتر ضمير الْقرْيَة فِي أخرج وَظَهَرت عَلامَة التَّأْنِيث لتأنيث الْقرْيَة وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ وَاقع بهم} تَقْدِيره وعقابه وَاقع بهم ثمَّ حذف الْمُضَاف وَهُوَ الْعقَاب وَقَامَ ضمير الْكسْب مقَامه فَصَارَ ضميرا ملفوظا بِهِ وَلم يسْتَتر لِأَن مَعَه الْوَاو وَلِأَن الْفِعْل لم يكن للعقاب فَلم يسْتَتر ضمير مَا قَامَ مقَام الْعقَاب فِي الْفِعْل واستتر ضمير الْقرْيَة فِي أخرج لِأَنَّهُ كَانَ فعلا للأهل فاستتر ضمير مَا قَامَ مقَام الْأَهْل فِي فعل الْأَهْل وَجَاز ذَلِك وَحسن لتقدم ذكر الْقرْيَة وَلِأَن الْفِعْل فِي صلَة الَّتِي وَالَّتِي للقرية فَلم يكن بُد من ضمير يعود على الَّتِي وَضمير الْمَرْفُوع الْعَائِد على الَّذِي وَالَّتِي يسْتَتر فِي الْفِعْل الَّذِي فِي الصِّلَة أبدا اذا كَانَ الْفِعْل لَهُ فاعرفه وَمثله فِي الْحَذف {فَإِذا عزم الْأَمر} أَي عزم أَصْحَاب الْأَمر ثمَّ حذف الْأَصْحَاب وَلم يسْتَتر الْأَمر فِي الْفِعْل لِأَنَّهُ لم يتَقَدَّم لَهُ ذكر

قَوْله مثل الْجنَّة الَّتِي مثل رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف عِنْد سِيبَوَيْهٍ تَقْدِيره فِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُم مثل الْجنَّة وَقَالَ يُونُس معنى مثل الْجنَّة صفة الْجنَّة فَمثل مُبْتَدأ وفيهَا انهار من مَاء مُبْتَدأ وَخبر فِي مَوضِع خبر مثل وَقَالَ الْكسَائي تَقْدِيره مثل أَصْحَاب الْجنَّة فَمثل على قَوْله ابتداءو {كمن هُوَ خَالِد} الْخَبَر وَقيل مثل زَائِدَة وَالْخَبَر إِنَّمَا هُوَ عَن الْجنَّة وَالْجنَّة فِي الْمَعْنى رفع بِالِابْتِدَاءِ {أَنهَار من مَاء} ابْتِدَاء وفيهَا الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر عَن الْجنَّة

قَوْله {من خمر} فِي مَوضِع رفع نعت لأنهار وَكَذَلِكَ {من عسل} وَيجوز فِي الْكَلَام لَذَّة على النَّعْت لأنهار وَيجوز النصب على الْمصدر كَمَا تَقول هُوَ لَك هبة لِأَن هُوَ لَك يقوم مقَام وهبته لَك

قَوْله {قَالَ آنِفا} نَصبه على الْحَال أَي مَاذَا قَالَ مُحَمَّد مبتدئا لوعظه الْمُتَقَدّم يهزؤن بذلك وَيجوز أَن يكون انفا ظرفا أَي مَاذَا قَالَ قبل هَذَا الْوَقْت أَي مَاذَا قَالَ قبل خروجنا فَهُوَ من الِاسْتِئْنَاف

قَوْله {فَأنى لَهُم إِذا جَاءَتْهُم ذكراهم} ذكراهم ابْتِدَاء وأنى لَهُم الْخَبَر وَفِي جَاءَتْهُم ضمير السَّاعَة وَالْمعْنَى فَأنى لَهُم الذكرى اذا جَاءَتْهُم السَّاعَة مثل

قَوْله {وأنى لَهُم التناوش من مَكَان بعيد}

قَوْله {طَاعَة وَقَول مَعْرُوف} طَاعَة رفع على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره طَاعَة وَقَول مَعْرُوف أمثل وَقيل التَّقْدِير منا طَاعَة وَقيل هُوَ خبرابتداء مُضْمر تَقْدِيره أمرنَا طَاعَة فتقف فِي هذَيْن الْوَجْهَيْنِ على أولى لَهُم وَقيل طَاعَة نعت لسورة وَفِي الْكَلَام تَقْدِيم وَتَأْخِير تَقْدِيره فاذا أنزلت سُورَة محكمَة ذَات طَاعَة وَقَول مَعْرُوف ذكر فِيهَا الْقِتَال رَأَيْت فَلَا تقف على {فَأولى لَهُم} فِي هَذَا القَوْل وَالْقَوْلَان الأوان أبين وَأشهر

قَوْله {أَن تفسدوا} أَن فِي مَوضِع نصب خبر عَسى تَقوله عَسى زيد أَن يقوم وَأَن لَازِمَة للْخَبَر فِي أشهر اللُّغَات وَمن الْعَرَب من يحذف أَن فَيَقُول عَسى زيد يقوم وَكَاد بضد ذَلِك الْأَشْهر فِيهَا حذف أَن من الْخَبَر تَقول كَاد زيد يقوم وَمن الْعَرَب من يَقُول كَاد زيد أَن يقوم وَهُوَ قَلِيل

قَوْله {يضْربُونَ وُجُوههم وأدبارهم} يضْربُونَ حَال من الْمَلَائِكَة

قَوْله {فَلَنْ يغْفر الله لَهُم} خبر ان وَدخلت الْفَاء فِي الْخَبَر لِأَن اسْم ان الَّذِي وَالَّذِي فِيهِ ابهام فشابه الشَّرْط لِأَنَّهُ مُبْهَم

قَوْله {وَأَنْتُم الأعلون} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي تدعوا وَكَذَلِكَ {وَالله مَعكُمْ وَلنْ يتركم أَعمالكُم}

قَوْله {يتركم} {تهنوا} قد حذفت الْفَاء مِنْهُمَا وَهِي وَاو وَأَصله توهنوا ويوتركم ثمَّ حذفت الْوَاو لوقوعها بَين يَاء وكسرة وأتبع سَائِر أَمْثِلَة الْفِعْل الْمُسْتَقْبل الْحَذف وَإِن لم يكن فِيهِ يَاء على الِاتِّبَاع لِئَلَّا يخْتَلف الْفِعْل كَمَا حذفوا الْهمزَة من الْفِعْل الرباعي إِذا أخبر الْمخبر بِهِ عَن نَفسه فَقَالَ أَنا أكْرم زيدا أَنا أحسن الْعلم وَذَلِكَ لِاجْتِمَاع همزتين زائدتين ثمَّ أتبع سَائِر الْفِعْل الْمُسْتَقْبل الْحَذف وَإِن لم تكن فِيهِ تِلْكَ الْعلَّة