مشكل إعراب القرآن

38 - شرح مُشكل اعراب سُورَة ص

قَرَأَ الْحسن صَاد بِكَسْر الدَّال لالتقاء الساكنين قيل هُوَ أَمر من صادى يصادي فَهُوَ أَمر مَبْنِيّ بِمَنْزِلَة قَوْلك رام زيدا وَعَاد الْكَافِر فَمَعْنَاه صَاد الْقُرْآن بعملك أَي قابله بِهِ وقرأه عِيسَى بن عمر بِفَتْح الدَّال جعله مَفْعُولا بِهِ كَأَنَّهُ قَالَ اتل صَاد وَلم ينْصَرف لِأَنَّهُ اسْم للسورة معرفَة فَهُوَ كمؤنث سميتها بِبَاب وَقيل الدَّال لالتقاء الساكنين الْألف وَالدَّال وَقيل هُوَ مَنْصُوب على الْقسم وحرف الْقسم مَحْذُوف كَمَا أجَاز سِيبَوَيْهٍ الله لَأَفْعَلَنَّ وَقَرَأَ ابْن أبي اسحاق صَاد بِالْكَسْرِ والتنوين على الْقسم كَمَا تَقول الله لَأَفْعَلَنَّ على اعمال حرف الْجَرّ وَهُوَ مَحْذُوف لِكَثْرَة الْحَذف فِي بَاب الْقسم وَقيل انما نون على التَّشْبِيه بالأصوات الَّتِي تنون للْفرق بَين الْمعرفَة والنكرة نَحْو إيه وإيه وصه وصه

قَوْله {ولات حِين مناص} لات عِنْد سِيبَوَيْهٍ مشبهه بليس وَلَا تسْتَعْمل الا مَعَ الْحِين وَاسْمهَا مُضْمر فِي الْجُمْلَة مُقَدّر مَحْذُوف وَالْمعْنَى وَلَيْسَ الْحِين حِين مناص أَي لَيْسَ الْوَقْت وَقت مهرب وَحكى سِيبَوَيْهٍ أَن من الْعَرَب من يرفع الْحِين بعْدهَا ويضمر الْخَبَر وَهُوَ قَلِيل وَالْوَقْف عَلَيْهَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْفراء وَأبي اسحاق وَابْن كيسَان بِالتَّاءِ وَعَلِيهِ جمَاعَة الْقُرَّاء وَبِه أَتَى خطّ الْمُصحف وَالْوَقْف عَلَيْهَا عِنْد الْمبرد وَالْكسَائِيّ بِالْهَاءِ بِمَنْزِلَة ربه وَذكر أَبُو عبيد أَن الْوَقْف على لَا ويبتدىء تحين مناص وَهُوَ بعيد مُخَالف لخط الْمُصحف الْمجمع عَلَيْهِ وَذكر أَبُو عبيد أَنَّهَا فِي الامام تحين التَّاء مُتَّصِلَة بِالْحَاء فَأَما قَول الشَّاعِر .. طلبُوا صلحنا ولات أَوَان ...يخْفض مَا بعد لات فانما ذَلِك عِنْد أبي اسحاق لِأَنَّهُ أَرَادَ ولات أواننا أَوَان صلح أَي لَيْسَ وقتنا وَقت صلح ثمَّ حذف الْمُضَاف وبناه ثمَّ دخل التَّنْوِين عوضا عَن الْمُضَاف الْمَحْذُوف فَكسرت النُّون لالتقاء الساكنين وَصَارَ التَّنْوِين تَابعا للكسرة فَهُوَ بِمَنْزِلَة يَوْمئِذٍ وَحِينَئِذٍ وَقَالَ الأخش تَقْدِيره ولات حِين أَوَان ثمَّ حذف حِين وَهَذَا بعيد لَا يجوز أَن يحذف الْمُضَاف إِلَّا وَيقوم الْمُضَاف اليه فِي الاعراب مقَامه فَيجب أَن يرفع أَوَان وَكَذَلِكَ تَأَوَّلَه الْمبرد وَرَوَاهُ بِالرَّفْع

قَوْله {جند مَا هُنَالك مهزوم} ابْتِدَاء وَخبر وهنالك ظرف ملغى وَمَا زَائِدَة وَيجوز أَن يكون هُنَالك الْخَبَر ومهزوم نعت للجند

قَوْله {كذبت قبلهم قوم نوح} انما دخلت عَلامَة التَّأْنِيث فِي كذبت لتأنيث الْجَمَاعَة

قَوْله خصمان خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره نَحن خصمان

قَوْله {إِذْ تسوروا} الْعَامِل فِي إِذْ نبأ وانما قَالَ تسوروا بِلَفْظ الْجمع لِأَن الْخصم مصدر يدل على الْجمع فَجمع على الْمَعْنى وَتَقْدِيره ذَوُو الْخصم وَكَذَلِكَ إِذا قلت الْقَوْم خصم فَمَعْنَاه ذَوُو خصم وَيجوز خصوم كَمَا تَقول عدُول وَقَالَ الْفراء إِذْ بِمَعْنى لما وَالْعَامِل فِي إِذْ الثَّانِيَة تسوروا وَقيل الْعَامِل فِيهَا نبأ على أَن الثَّانِيَة تَبْيِين لما قبلهَا

قَوْله {فغفرنا لَهُ ذَلِك} فِي مَوضِع نصب بغفرنا أَو فِي مَوضِع رفع على اضمار مُبْتَدأ تَقْدِيره الْأَمر ذَلِك

قَوْله {الخلطاء} جمع خليط كظريف وظرفاء فعيل اذا كَانَ صفة جمع على فعلا إِلَّا أَن يكون فِيهِ وَاو فَيجمع على فعال نَحْو طَوِيل وطوال

قَوْله {الْجِيَاد} جمع جواد وَقيل هُوَ جمع جائد

قَوْله {حب الْخَيْر} هُوَ مفعول بِهِ وَلَيْسَ بمصدر لِأَنَّهُ لم يخبر أَنه أحب حبا مثل حب الْخَيْر انما أخبر أَنه اثر حب الْخَيْر وَقد قيل هُوَ مصدر وَفِيه بعد فِي الْمَعْنى

قَوْله {رَحْمَة منا} مصدر وَقيل هُوَ مفعول من أَجله

قَوْله {وذكرى} فِي مَوضِع نصب عطف على الرَّحْمَة وَقيل فِي مَوضِع رفع على وَهِي ذكرى

قَوْله {وَاذْكُر عبادنَا إِبْرَاهِيم وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب} ابراهيم وَمَا بعده نصب على الْبَدَل من عبادنَا فهم كلهم داخلون فِي الْعُبُودِيَّة وَالذكر وَمن قَرَأَهُ عَبدنَا بِالتَّوْحِيدِ جعل ابراهيم وَحده بَدَلا من عَبدنَا وَعطف عَلَيْهِ مَا بعده فَيكون ابراهيم دَاخِلا فِي الْعُبُودِيَّة وَالذكر واسحاق وَيَعْقُوب داخلان فِي الذّكر لَا غير وهما داخلان فِي الْعُبُودِيَّة فِي غير هَذِه الاية

قَوْله {الأخيار} هُوَ جمع خير وَخير مخفف من خير كميت وميت

قَوْله {بخالصة ذكرى الدَّار} من نون بخالصة جعل ذكرى بَدَلا مِنْهَا تَقْدِيره انا اخلصناهم بذكرى الدَّار وَالدَّار فِي مَوضِع نصب بذكرى لِأَنَّهُ مصدر وَيجوز أَن تكون ذكرى فِي مَوضِع نصب بخالصة على أَن خَالِصَة مصدر كالعاقبة وَيجوز أَن نصب بخالصة على أَن خَالِصَة مصدر كالعاقبة وَيجوز أَن تكون ذكرى فِي مَوضِع رفع بخالصة وَمن أضَاف خَالِصَة الى ذكرى جَازَ أَن تكون ذكرى فِي مَوضِع نصب أَو رفع

قَوْله {جنَّات عدن} جنَّات نصب على الْبَدَل من لحسن ماب ومفتحة نصب على النَّعْت لجنات وَالتَّقْدِير عِنْد الْبَصرِيين مفتحة لَهُم الْأَبْوَاب مِنْهَا وَقَالَ الْفراء التَّقْدِير مفتحة لَهُم أَبْوَابهَا فالألف وَاللَّام عِنْده بدل من الْمُضمر الْمَحْذُوف الْعَائِد على الْمَوْصُوف فاذا جِئْت بِهِ حذفتهما وَهَذَا لَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين لِأَن الْحَرْف لَا يكون عوضا من الِاسْم وَأَجَازَ الْفراء نصب الْأَبْوَاب بمفتحة ويضمر فِي مفتحة ضمير الجنات

قَوْله {هَذَا فليذوقوه حميم} هَذَا ابْتِدَاء وحميم خَبره وَقيل فليذوقوه خبر هَذَا وَدخلت الْفَاء للتّنْبِيه الَّذِي فِي هَذَا وَيرْفَع حميم على تَقْدِير هَذَا حميم وَقيل هَذَا رفع على خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره الْأَمر هَذَا وَيرْفَع حميم على هُوَ حميم وَقيل تَقْدِيره مِنْهُ حميم وَيجوز أَن يكون هَذَا فِي مَوضِع نصب بيذوقوه وَالْفَاء زَائِدَة كَقَوْلِك هَذَا زيد فَاضْرب وَلَوْلَا الْفَاء لَكَانَ الِاخْتِيَار النصب لِأَنَّهُ أَمر فَهُوَ بِالْفِعْلِ أولى وَهُوَ جَائِز مَعَ ذَلِك

قَوْله {وَآخر من شكله أَزوَاج} ابْتِدَاء وَخبر من شكله صفة لأخر وَلذَلِك حسن الِابْتِدَاء بالنكرة لما وصفت وَالْهَاء فِي شكله تعود على الْمَعْنى أَي وَأخر من شكل مَا ذكرنَا وَقيل تعود على الْحَمِيم وَمن قَرَأَ واخر بِالتَّوْحِيدِ رَفعه بِالِابْتِدَاءِ ايضا وازواج ابْتِدَاء ثَان وَمن شكله خبر الْأزْوَاج وَالْجُمْلَة خبر اخر وَلم يحسن أَن يكون أَزوَاج خَبرا عَن اخر لَان الْجمع لَا يكون خَبرا عَن الْوَاحِد وَقيل اخر صفة لمَحْذُوف هُوَ الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره وَلَهُم عَذَاب اخر من ضرب مَا تقدم وترفع أَزْوَاجًا بالظرف وَهُوَ من شكله وَلَا يحسن هَذَا فِي قِرَاءَة من قَرَأَ وَأخر بِالْجمعِ لِأَنَّك إِذا رفعت الْأزْوَاج بالظرف لم يكن فِي الظّرْف ضمير وَهُوَ صفة وَالصّفة لابد لَهَا من ضمير يعود على الْمَوْصُوف فَهُوَ رفع بالظرف وَلَا يرفع الظّرْف فاعلين

قَوْله مالنا لَا نرى مَا ابْتِدَاء اسْتِفْهَام وَلنَا الْخَبَر وَلَا نرى فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي لنا

قَوْله أتخذناهم من قَرَأَهُ على الْخَبَر أضمر استفهاما تعادله أم تَقْدِيره أمفقودون هم أم زاغت عَنْهُم الْأَبْصَار وَيجوز أَن تكون أم معادلة لما فِي قَوْله مَا لنا لَا نرى لِأَن أم انما تَأتي معادلة للاستفهام وَقد قيل ذَلِك وَمن قَرَأَ بِلَفْظ الِاسْتِفْهَام جعل أم معادلة لَهُ أَو لمضمر كَالْأولِ وَيجوز أَن تكون أم معادلة لما فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا قَالَ الله تَعَالَى {مَا لي لَا أرى الهدهد أم كَانَ من الغائبين} وَقَالَ {مَا لكم كَيفَ تحكمون أم لكم} وَقد وَقعت أم معادلة لمن قَالَ الله تَعَالَى {فَمن يُجَادِل الله عَنْهُم يَوْم الْقِيَامَة أم من يكون}

قَوْله {إِن ذَلِك لحق تخاصم} حق خبر ان وتخاصم رفع على تَقْدِير هُوَ تخاصم وَقيل هُوَ بدل من حق وَقيل هُوَ خبر بعد خبر لَان وَقيل هُوَ بدل من ذَلِك على الْموضع

قَوْله إِلَّا أَنما أَن فِي مَوضِع رفع بيوحى مفعول لم يسم فَاعله وَقيل هِيَ فِي مَوضِع نصب على حذف الْخَافِض أَي يُوحى الي بأنما أَو لأنما وَالِي تقوم مقَام الْفَاعِل ليوحى وَالْأول أَجود

قَوْله {قَالَ فَالْحق وَالْحق أَقُول} انتصب الْحق الأول على الاغراء أَي اتبعُوا الْحق أَو اسمعوا الْحق أَو الزموا الْحق وَقيل هُوَ نصب على الْقسم كَمَا تَقول الله لَأَفْعَلَنَّ فتنصب حِين حذفت الْجَار وَدلّ على أَنه قسم قَوْله لأملان وَهُوَ قَول الْفراء وَغَيره وَمن رفع الأول جعله خبر ابْتِدَاء مَحْذُوف تَقْدِيره أَنا الْحق كَمَا قَالَ {ثمَّ ردوا إِلَى الله مَوْلَاهُم الْحق} وَقيل هُوَ مُبْتَدأ وَالْخَبَر مُضْمر تَقْدِيره فَالْحق مني كَمَا قَالَ {الْحق من رَبك} وانتصب الْحق الثَّانِي بأقول