مشكل إعراب القرآن

37 - شرح مُشكل اعراب سُورَة الصافات

قَوْله تَعَالَى بزينة الْكَوَاكِب من خفض الْكَوَاكِب وَنون بزينة وَهِي قِرَاءَة خفض عَن عَاصِم وَحَمْزَة فانه أبدل الْكَوَاكِب من زِينَة لِأَنَّهَا هِيَ الوينة وَقد قَرَأَ أبوبكر عَن عَاصِم بِنصب الْكَوَاكِب وتنوين زِينَة على أَنه أعمل الزِّينَة فِي الْكَوَاكِب فنصبها بهَا تَقْدِيره بِأَن زينا الْكَوَاكِب فِيهَا وَقيل النصب على اضمار أَعنِي تَقْدِيره على الْبَدَل من زِينَة على الْموضع فَأَما قِرَاءَة الْجَمَاعَة بِحَذْف التَّنْوِين والاضافة فَهُوَ الظَّاهِر لِأَنَّهُ على تَقْدِير انا زينا السَّمَاء الدُّنْيَا بتزيين الْكَوَاكِب أَي بِحسن الْكَوَاكِب وَقد يجوز أَن يكون حذف التَّنْوِين لالتقاء الساكنين وَالْكَوَاكِب بدل من زِينَة كَقِرَاءَة من نون زِينَة قَوْله وحفظا هُوَ نصب على الْمصدر أَي وحفظناها حفظا

قَوْله لَا يسمعُونَ إِلَى الْمَلأ إِنَّمَا دخلت الى مَعَ يسمعُونَ فِي قِرَاءَة من خفف السِّين وَهُوَ لَا يحْتَاج الى حرف جر لِأَنَّهُ جرى مجْرى مطاوعه وَهُوَ يستمع فَكَمَا كَانَ يستمع يتَعَدَّى بالى تعدى يسمع بالى وَفعلت فِي التَّعَدِّي سَوَاء فَيسمع مُطَاوع س سمع واستمع أَيْضا مُطَاوع سمع فتعدى سمع مثل تعدِي مطاوعه وَقيل معنى دُخُول الى فِي هَذَا أَنه حمل على الْمَعْنى لِأَن الْمَعْنى لَا يميلون بِالسَّمْعِ اليهم يُقَال سَمِعت اليه كلَاما أَي أملت سَمْعِي اليه

قَوْله {بل عجبت} من ضم التَّاء جعله اخبارا عَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَن نَفسه أَو اخبارا من كل مُؤمن عَن نَفسه بالعجب من انكار الْكفَّار الْبَعْث مَعَ ثبات الْقُدْرَة على الِابْتِدَاء لِلْخلقِ فَهُوَ مثل الْقِرَاءَة بِفَتْح التَّاء فِي أَن التَّعَجُّب من النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَمثله فِي قِرَاءَة من ضم التَّاء قَوْله أسمع بهم وَأبْصر أَي هم مِمَّن يجب أَن يُقَال فيهم مَا أسمعهم وأبصرهم يَوْم الْقِيَامَة وَمثله فَمَا أصبرهم على النَّار

قَوْله دحورا مصدر لِأَن معنى يقذفون يدحرون

قَوْله {مَا لكم لَا تناصرون} فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الْكَاف وَالْمِيم فِي لكم مَا اسْتِفْهَام ابْتِدَاء وَلكم الْخَبَر كَمَا تَقول مَالك قَائِما

قَوْله {يَسْتَكْبِرُونَ} يجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب على خبر كَانَ أَو فِي مَوضِع رفع على خبر ان وَكَانَ ملغاة

قَوْله {لذائقوا الْعَذَاب} الْعَذَاب خفض بالاضافة وَيجوز فِي الْكَلَام النصب على أَن يعْمل فِيهِ لذائقوا يقدر حذف النُّون اسْتِخْفَافًا للاضافة قَوْله فواكه رفع على الْبَدَل من رزق أَو على هم فواكه أَي ذَوُو فواكه

قَوْله {لَا فِيهَا غول} غول رفع بِالِابْتِدَاءِ وفيهَا الْخَبَر وَلَا يجوز بِنَاؤُه على الْفَتْح مَعَ لَا لِأَنَّك قد فرقت بَينهَا وَبَين لابالظرف

قَوْله {هَل أَنْتُم مطلعون} رُوِيَ أَن بَعضهم قَرَأَهُ مطلعون بِالتَّخْفِيفِ وَكسر النُّون وَذَلِكَ لَا يجوز لِأَنَّهُ جمع بَين الاضافة وَالنُّون وَكَانَ حَقه أَن يَقُول مطلعي بياء مُشَدّدَة وَكسر الْعين

قَوْله فَاطلع الْقِرَاءَة بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ فعل مَاض وَزنه افتعل وقرىء فَأطلع على أفعل وَهُوَ فعل مَاض أَيْضا بِمَنْزِلَة اطلع يُقَال طلع وأطلع واطلع بِمَعْنى وَاحِد وَيجوز أَن يكون مُسْتَقْبلا لكنه نصب على أَنه جَوَاب الِاسْتِفْهَام بِالْفَاءِ

قَوْله {وَلَوْلَا نعْمَة رَبِّي} مَا بعد لَوْلَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف ولكنت جَوَاب لَوْلَا تَقْدِيره وَلَوْلَا نعْمَة رَبِّي تداركتني أَو استنقذتني وَنَحْوه لَكُنْت مَعَك فِي النَّار فَأَما لَو فيرتفع مَا بعْدهَا عِنْد سِيبَوَيْهٍ باضمار فعل وَقد تقدم ذكر ذَلِك

قَوْله {إِلَّا موتتنا} نصب على الِاسْتِثْنَاء وَقيل هُوَ مصدر

قَوْله {تخرج فِي أصل الْجَحِيم} ان شِئْت جعلته خَبرا بعد خبر وان شِئْت جعلته نعتا للشجرة

قَوْله {طلعها كَأَنَّهُ} ابْتِدَاء وَمَا بعده خَبره وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع النَّعْت للشجرة أَو فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تخرج

قَوْله {سَلام على نوح} أَي يُقَال لَهُ سَلام على نوح فَهُوَ ابْتِدَاء وَخبر محكي وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود سَلاما بِالنّصب على أَنه أعمل تركنَا فِيهِ أَي تركنَا عَلَيْهِ ثَنَاء حسنا فِي الاخرين

قَوْله {إِنَّا كَذَلِك نجزي} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره جَزَاء كَذَلِك نجزي

قَوْله {مَاذَا تَعْبدُونَ} مَا ابْتِدَاء اسْتِفْهَام وَذَا بِمَعْنى الَّذِي وَهُوَ الْخَبَر تَقْدِيره أَي شَيْء الَّذِي تعبدونه وَيجوز أَن تكون مَا وَذَا اسْما وَاحِدًا فِي مَوضِع نصب بتعبدون

قَوْله {أئفكا آلِهَة} آلِهَة بدل من إفْك وإفك مَنْصُوب بتريدون

قَوْله {فَمَا ظنكم} ابْتِدَاء وَخبر

قَوْله {ضربا} مصدر لِأَن فرَاغ بِمَعْنى فَضرب

قَوْله {خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} مَا فِي مَوضِع نصب بِخلق عطف على الْكَاف وَالْمِيم فِي خَلقكُم وَهِي وَالْفِعْل مصدر أَي خَلقكُم وعملكم وَهَذَا أليق بهَا لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ {من شَرّ مَا خلق} فأجمع الْقُرَّاء المشهورون وَغَيرهم من أهل الشذوذ على اضافة شَرّ الى مَا خلق وَذَلِكَ يدل على خلقه للشر وَقد فَارق عَمْرو بن عبيد رَئِيس الْمُعْتَزلَة جمَاعَة الْمُسلمين فَقَرَأَ من شَرّ مَا خلق بِالتَّنْوِينِ ليثبت أَن مَعَ الله خالقين يخلقون الشَّرّ وَهَذَا الحاد وَالصَّحِيح أَن الله جلّ ذكره أعلمنَا أَنه خلق الشَّرّ وأمرنا أَن نتعوذ مِنْهُ بِهِ فاذا خلق الشَّرّ وَهُوَ خَالق الْخَيْر بِلَا اخْتِلَاف دلّ ذَلِك على أَنه خلق أَعمال الْعباد كلهَا من خير وَشر فَيجب أَن تكون مَا وَالْفِعْل مصدرا فَيكون معنى الْكَلَام أَنه تَعَالَى عَم جَمِيع الْأَشْيَاء أَنَّهَا مخلوقة لَهُ فَقَالَ وَالله خَلقكُم وعملكم وَقد قَالَت الْمُعْتَزلَة ان مَا بِمَعْنى الَّذِي قرارا من أَن يقرُّوا بِعُمُوم الْخلق لله وانما اخبر على قَوْلهم انه خلقهمْ وَخلق الْأَشْيَاء الَّتِي نحتت مِنْهَا الْأَصْنَام وَبقيت الْأَعْمَال والحركات غير دَاخِلَة فِي خلق الله تَعَالَى الله عَن ذَلِك بل كل من خلق الله لَا خَالق الا الله وَخلق الله لابليس الَّذِي هُوَ الشَّرّ كُله يدل على خلق الله لجَمِيع الْأَشْيَاء وَقد قَالَ تَعَالَى هَل من خَالق غير الله وَقَالَ خَالق كل شَيْء وَيجوز أَن تكون مَا استفهاما فِي مَوضِع نصب بتعملون على التحقير لعملهم والتصغير لَهُ

قَوْله {فَلَمَّا أسلما وتله للجبين} جَوَاب لما مَحْذُوف تَقْدِيره فَلَمَّا أسلما رحما أَو سَعْدا وَنَحْوه وَقَالَ بعض الْكُوفِيّين الْجَواب تله وَالْوَاو زَائِدَة وَقَالَ الْكسَائي جَوَاب لما ناديناه وَالْوَاو زَائِدَة

قَوْله {فَانْظُر مَاذَا ترى} من فتح التَّاء من ترى فَهُوَ من الرَّأْي وَلَيْسَ من نظر الْعين لِأَنَّهُ لم يَأْمُرهُ بِرُؤْيَة شَيْء انما أمره أَن يدبر رَأْيه فِيمَا أَمر بِهِ فِيهِ وَلَا يحسن أَن يكون ترى من الْعلم لِأَنَّهُ يحْتَاج أَن يتَعَدَّى الى مفعولين وَلَيْسَ فِي الْكَلَام غير وَاحِد وَهُوَ مَاذَا فجعلهما اسْما وَاحِدًا فِي مَوضِع الَّذِي نصب بترى وَإِن شِئْت جعلت مَا ابْتِدَاء استفهاما وَذَا بِمَعْنى الَّذِي خبر الِابْتِدَاء وتوقع ترى على هَاء تعود على الَّذِي وتحذفها من الصِّلَة وَلَا يحسن عمل ترى وَهِي بِمَعْنى الَّذِي لِأَن الصِّلَة لَا تعْمل فِي الْمَوْصُول وَمن قَرَأَ بِضَم التَّاء وَكسر الرَّاء فَهُوَ أَيْضا بِمَنْزِلَة الرَّأْي لكنه نقل بِالْهَمْزَةِ الى الرباعي فحقه أَن يتَعَدَّى الى مفعولين بِمَنْزِلَة أعْطى وَلَكِن لَك أَن تقتصر على أَحدهمَا بِمَنْزِلَة أعْطى فتقديره مَاذَا ترينا فَنًّا الْمَفْعُول الأول وماذا الثَّانِي لَكِن حذف الأول اقتصارا على الثَّانِي كأعطى تَقول أَعْطَيْت درهما وَلَا تذكر الْمُعْطى وَلَو كَانَ من الْبَصَر لوَجَبَ أَن يتَعَدَّى الى مفعولين لَا يقْتَصر على أَحدهمَا كظننت وَلَيْسَ فِي الْكَلَام غير وَاحِد وَلَا يجوز اضمار الثَّانِي كَمَا جَازَ فِيهِ من الرَّأْي لِأَن الرَّأْي لَيْسَ فعله من الْأَفْعَال الَّتِي تدخل على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر كرأيت من رُؤْيَة الْبَصَر إِذا نقلته الى الرباعي وَلَو كَانَ من الْعلم لوَجَبَ أَن يتَعَدَّى الى ثَلَاثَة مفعولين فلابد أَن يكون من الرَّأْي وَالْمعْنَى فَانْظُر مَاذَا تحملنا عَلَيْهِ من الرَّأْي هَل نصبر أم نجزع يَا بني يُقَال أريته الشىء اذا جعلته يَعْتَقِدهُ وَمَا وَذَا على مَا تقدم من تفسيرهما

قَوْله {إل ياسين} من فتح الْهمزَة ومده جعله الا الَّذِي أَصله أهل أضافة الى ياسين وَهِي فِي الْمُصحف مُنْفَصِلَة فقوي ذَلِك عِنْده وَمن كسر الْهمزَة جعله جمعا مَنْسُوبا الى إلياسين وإلياسين جمع إلْيَاس وَهُوَ جمع السَّلامَة لَكِن الْيَاء الْمُشَدّدَة فِي النّسَب حذفت مِنْهُ وَأَصله إلياسي فَتَقول إلياسيين فالسلام على من نسب الى الياس من أمته وَالسَّلَام فِي الْوَجْه الأول على أهل ياسين وَقد قَالَ الله تَعَالَى ذكره على بعض الأعجمين وأصلة الأعجميين بياء مُشَدّدَة وَلَكِن حذفت لثقله وَثقل الْجمع وتحذف أَيْضا هذة الْيَاء فِي الْجمع المكسر كَمَا خذفت فِي الْمُسلم قَالُوا المسامعة والمهالبة وواحدهم مسمعي ومهلبي

قَوْله {الله ربكُم وَرب} من نصب الثَّلَاثَة الْأَسْمَاء جعل الله بَدَلا من أحسن وربكم نعتا لَهُ وَرب عطف عَلَيْهِ أَو على أَعنِي وَمن رفع فعلى الِابْتِدَاء وَالْخَبَر

قَوْله {إِلَى مائَة ألف أَو يزِيدُونَ} أَو عِنْد الْبَصرِيين على بَابهَا للتَّخْيِير وَالْمعْنَى اذا راهم الرَّائِي مِنْكُم قَالَ مائَة ألف أَو يزِيدُونَ وَقيل أَو بِمَعْنى بل وَقيل أَو بِمَعْنى الْوَاو وَذَلِكَ مَذْهَب الْكُوفِيّين

قَوْله {أَلا إِنَّهُم من إفكهم} ان تكسر بعد أَلا على الِابْتِدَاء وَلَوْلَا اللَّام الَّتِي فِي خَبَرهَا لجَاز فتحهَا على أَن تجْعَل أَلا بِمَعْنى حَقًا

قَوْله {إِلَّا من هُوَ صال الْجَحِيم} من فِي مَوضِع نصب بفاتنين أَي لَا يفتنون الا من سبق فِي علم الله أَنه يصلى الْجَحِيم فَدلَّ ذَلِك على أَن ابليس لَا يضل أحدا إِلَّا من سبق لَهُ فِي علم الله أَنه يضله وَأَنه من أهل النَّار وَهَذَا بَيَان شاف فِي نقض مَذْهَب الْقَدَرِيَّة وَقَرَأَ الْحسن صال الْجَحِيم بِضَم اللَّام على تَقْدِير صالون فَحذف النُّون للاضافة وَحذف الْوَاو لسكونها وَسُكُون اللَّام بعْدهَا وَتَكون من للْجَمَاعَة وأتى لفظ هُوَ موحدا رد على لفظ من وَذَلِكَ كُله حسن كَمَا قَالَ تَعَالَى {من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَعمل صَالحا} ثمَّ قَالَ تَعَالَى {فَلهم أجرهم} فَوحد أَولا على اللَّفْظ ثمَّ جمع على الْمَعْنى لِأَن من تقع للْوَاحِد والاثنين وَالْجَمَاعَة بِلَفْظ وَاحِد وَقيل إِنَّه قَرَأَ بِالرَّفْع على الْقلب كَأَنَّهُ قَالَ صالي ثمَّ قلب فَصَارَ صايل ثمَّ حذف الْيَاء فَبَقيت اللَّام مَضْمُومَة وَهُوَ بعيد

قَوْله {وَمَا منا إِلَّا لَهُ مقَام} تَقْدِيره عِنْد الْكُوفِيّين وَمَا منا إِلَّا من لَهُ مقَام فَحذف الْمَوْصُول وَأبقى الصِّلَة وَهُوَ بعيد جدا وَقَالَ البصريون تَقْدِيره وَمَا منا ملك إِلَّا لَهُ مقَام على أَن الْمَلَائِكَة تبرأت مِمَّن يَعْبُدهَا وتعجبت من ذَلِك

قَوْله {وَإِن كَانُوا ليقولون لَو أَن} إِن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة عِنْد الْبَصرِيين ولزمت اللَّام فِي خَبَرهَا للْفرق بَينهَا وَبَين ان الْخَفِيفَة الَّتِي بِمَعْنى مَا فاسم ان مُضْمر وَكَانُوا وَمَا بعْدهَا خبر ان وَالْوَاو اسْم كَانَ وليقولون خبر كَانَ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِن بِمَعْنى مَا وَاللَّام بِمَعْنى إِلَّا وَالتَّقْدِير وَمَا كَانُوا إِلَّا يَقُولُونَ لَو أَن وَأَن بعد لَو مَرْفُوع على اضمار فعل عِنْد سِيبَوَيْهٍقَوْله وَسَلام وَقَوله وَالْحَمْد مرفوعان بِالِابْتِدَاءِ وَالْمَجْرُور خبر لكل وَاحِد