مشكل إعراب القرآن

28 - شرح مُشكل اعراب سُورَة الْقَصَص

قَوْله تَعَالَى {تِلْكَ آيَات الْكتاب الْمُبين} تِلْكَ فِي مَوضِع رفع بِمَعْنى هَذِه تِلْكَ وآيات بدل مِنْهَا وَيجوز فِي الْكَلَام آن تكون تِلْكَ فِي مَوضِع نصب بنتلوا وتنصب آيَات على الْبَدَل من تِلْكَ

قَوْله {وَجعل أَهلهَا شيعًا} مفعولان لجعل لِأَنَّهَا بِمَعْنى صير فان كَانَت بِمَعْنى خلق تعدت الى مفعول وَاحِد كَقَوْلِه {وَجعل الظُّلُمَات والنور} وَخلق اذا كَانَت بِمَعْنى صير تعدت الى مفعولين نَحْو {ثمَّ خلقنَا النُّطْفَة علقَة} وَإِن كَانَت بِمَعْنى اخترع وأحدث تعدت الى مفعول وَاحِد نَحْو {خلق الله السَّمَاوَات}

قَوْله {قُرَّة عين} رفع على اضمار مُبْتَدأ أَي هُوَ قُرَّة عين لي وَيجوز أَن يكون مُبْتَدأ وَالْخَبَر لَا تقتلوه وَيجوز نَصبه باضمار فعل يفسره لَا تقتلوه تَقْدِيره اتْرُكُوا قُرَّة عين لَا تقتلوه

قَوْله {لَوْلَا أَن ربطنا على قَلبهَا} أَن فِي مَوضِع رفع وَالْجَوَاب مَحْذُوف وَقد تقدم شَرحه

قَوْله {بلغ أشده} عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَزنه أفعل وَهُوَ عِنْده جمع شدَّة كنعمة وأنعم وَقَالَ غَيره هُوَ جمع شدّ مثل قد وأقد وَقيل هُوَ وَاحِد وَلَيْسَ فِي الْكَلَام اسْم مُفْرد على فعل بِغَيْر هَاء إِلَّا أصبعا فِي بعض لغاته

قَوْله {وَهَذَا من عدوه} أَي من أعدائه وَمَعْنَاهُ اذا نظر اليهما النَّاظر قَالَ ذَلِك

قَوْله {خَائفًا} خبر أصبح وان شِئْت على الْحَال وَفِي الْمَدِينَة الْخَبَر

قَوْله {فَإِذا الَّذِي استنصره بالْأَمْس يستصرخه} الَّذِي مُبْتَدأ وَمَا بعده صلته ويستصرخه الْخَبَر وَيجوز أَن تكون اذا هِيَ الْخَبَر ويستصرخه حَال

قَوْله تمشي فِي مَوضِع الْحَال من {إِحْدَاهمَا} وَالْعَامِل فِيهِ جَاءَت و {على استحياء} فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي تمشي وَالْعَامِل فِيهِ تمشي وَيجوز أَن يكون على استحياء فِي مَوضِع الْحَال الْمُقدمَة من الْمُضمر فِي قَالَت وَالْعَامِل فِيهِ قَالَت وَالْأول أحسن وَيحسن الْوَقْف على تمشي على القَوْل الثَّانِي وَلَا يحسن أَن يُوقف على القَوْل الأول الا على استحياء

قَوْله {قَالَ ذَلِك بيني وَبَيْنك} ذَلِك مُبْتَدأ وَمَا بعده خَبره وَمَعْنَاهُ عِنْد سِيبَوَيْهٍ ذَلِك بَيْننَا

قَوْله {أَيّمَا الْأَجَليْنِ قضيت} نصبت أيا بقضيت وَمَا زَائِدَة للتَّأْكِيد وخفضت الْأَجَليْنِ باضافة أَي اليهما وَقَالَ ابْن كيسَان مَا فِي مَوضِع خفض باضافة أَي اليها وَهِي نكرَة والأجلين بدل من مَا كَذَلِك قَالَ فِي

قَوْله {فبمَا رَحْمَة من الله} ان رَحْمَة بدل من مَا وَكَانَ يتلطف فِي أَن لَا يَجْعَل شَيْئا زَائِدا فِي الْقرَان وَيخرج لَهُ وَجها يُخرجهُ من الزِّيَادَة

قَوْله {أَن يَا مُوسَى} أَن فِي مَوضِع نصب بِحَذْف حرف الْحر أَي بَان يَا مُوسَى

قَوْله {أَن ألق عصاك} عطف عَلَيْهَا

قَوْله {مُدبرا} نصب على الْحَال وَكَذَلِكَ مَوضِع قَوْله وَلم يعقب مَوضِع نصب على الْحَال أَيْضا

قَوْله {من الرهب} مُتَعَلقَة بولى أَي ولى مُدبرا من الرهب

قَوْله {فذانك} هُوَ تَثْنِيَة ذَا الْمَرْفُوع وَهُوَ رفع بِالِابْتِدَاءِ وَألف ذَا محذوفة لدُخُول ألف التَّثْنِيَة عَلَيْهَا وَمن قَرَأَهُ بتَشْديد النُّون فانه جعل التَّشْدِيد عوضا من ذهَاب ألف ذَا وَقيل إِن من شدد إِنَّمَا بناه على لُغَة من قَالَ فِي الْوَاحِد ذَلِك فَلَمَّا ثنى أثبت اللَّام بعد نون التَّثْنِيَة ثمَّ أدغم اللَّام فِي النُّون على حكم ادغام الثَّانِي فِي الأول وَالْأَصْل أَن يدغم الأول فِي الثَّانِي أبدا الا أَن تمنع من ذَلِك عِلّة فيدغم الثَّانِي فِي الأول وَالْعلَّة الَّتِي منعت فِي هَذَا أَن يدغم الأول فِي الثَّانِي أَنه لَو فعل ذَلِك لصار فِي مَوضِع النُّون الَّتِي تدل على التَّثْنِيَة لَام مُشَدّدَة فيتغير لفظ التَّثْنِيَة فأدغم الثَّانِي فِي الأول لذَلِك فَصَارَت نونا مُشَدّدَة وَقد قيل انه لما ثنى أثبت اللَّام الَّتِي فِي ذَلِك قبل النُّون ثمَّ أدغم الأول فِي الثَّانِي على اصول الادغام فَصَارَت نونا مُشَدّدَة وَقيل إِنَّه إِنَّمَا شدد النُّون فِي هَذِه المبهمات ليفرق بَين النُّون الَّتِي هِيَ عوض من حَرَكَة وتنوين أَو من تَنْوِين وَذَلِكَ مَوْجُود فِي الْوَاحِد أَو مُقَدّر فِيهِ ذَلِك وَبَين مَا هُوَ غير مَوْجُود فِي الْوَاحِد وَقيل شددت للْفرق بَين النُّون الَّتِي تحذف فِي الاضافة وَالنُّون الَّتِي لَا تحذف فِي الاضافة أبدا وَهِي نون تَثْنِيَة الْمُبْهم وَكَذَلِكَ الْعلَّة فِي تَشْدِيد النُّون فِي اللَّذَان واللذين وَهَذَانِ وَشبهه

قَوْله {ردْءًا} حَال من الْهَاء فِي أرْسلهُ وَكَذَلِكَ يصدقني حَال فِي قِرَاءَة من رَفعه أَو نعت لردء وَمن جزمه فعلى جَوَاب الطّلب

قَوْله {وَيَوْم الْقِيَامَة هم من المقبوحين} انتصب يَوْم على أَنه مفعول بِهِ على السعَة كَأَنَّهُ قَالَ واتبعناهم فِي هَذِه الدُّنْيَا لعنة ولعنة يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ حذفت اللَّعْنَة لدلَالَة الأولى عَلَيْهَا وَقَامَ يَوْم قِيَامهَا وانتصب انتصابها وَيجوز أَن تنصب الْيَوْم على أَن تعطفه على مَوضِع فِي هَذِه الدُّنْيَا كَمَا قَالَ .. إِذا مَا تلاقينا من الْيَوْم أَو غَدا ...وَيجوز نصب يَوْم على أَنه ظرف للمقبوحين أَي وهم من المقبوحين يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قدم الظّرْف

قَوْله بصائر وَهدى وَرَحْمَة نصب كُله على الْحَال من الْكتاب

قَوْله {وَلَكِن رَحْمَة من رَبك} انتصبت الرَّحْمَة على الْمصدر عِنْد الْأَخْفَش بِمَعْنى وَلَكِن رَحِمك رَبك يَا مُحَمَّد رَحْمَة وَهُوَ مفعول من أَجله عِنْد الزّجاج أَي وَلَكِن للرحمة فعل ذَلِك أَي من أجل الرَّحْمَة وَقَالَ الْكسَائي هِيَ خبر كَانَ مضمرة بِمَعْنى وَلَكِن كَانَ ذَلِك رَحْمَة من رَبك وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على معنى وَلَكِن هِيَ رَحْمَة

قَوْله {بطرت معيشتها} الْمَعيشَة نصب عِنْد الْمَازِني على حذف حرف الْجَرّ تَقْدِيره بطرت فِي معيشتها وَقَالَ الْفراء هِيَ نصب على التَّفْسِير وَهُوَ بعيد لِأَنَّهَا معرفَة وَالتَّفْسِير لَا يكون الا نكرَة وَقيل هِيَ نصب ببطرت وبطرت بِمَعْنى جهلت أَي جهلت شكر معيشتها ثمَّ حذف الْمُضَاف

قَوْله {وَرَبك يخلق مَا يَشَاء ويختار مَا كَانَ} مَا الثَّانِيَة للنَّفْي لَا مَوضِع لَهَا من الاعراب وَقَالَ بعض الْعلمَاء الطَّبَرِيّ وَغَيره هِيَ فِي مَوضِع نصب بيختار وَلَيْسَ ذَلِك بِحسن فِي الاعراب لِأَنَّهُ لَا عَائِد يعود على مَا فِي الْكَلَام وَهُوَ أَيْضا بعيد فِي الْمَعْنى والاعتقاد لِأَن كَونهَا للنَّفْي يُوجب أَن تعم جَمِيع الْأَشْيَاء أَنَّهَا حدثت بِقدر الله واختياره وَلَيْسَ للْعَبد فِيهَا شَيْء غير اكتسابه بِقدر من الله واذا جعلت مَا فِي مَوضِع نصب بيختار لم تعم جَمِيع لِأَشْيَاء أَنَّهَا مختارة لله انما أوجبت أَنه يخْتَار مَا لَهُم فِيهِ الْخيرَة لَا غير وَنفي مَا لَيْسَ لَهُم فِيهِ خيرة وَهَذَا هُوَ مَذْهَب الْقَدَرِيَّة والمعتزلة فكون مَا للنَّفْي أولى فِي الْمَعْنى وَأَصَح فِي التَّفْسِير وَأحسن فِي الِاعْتِقَاد وَأقوى فِي الْعَرَبيَّة أَلا ترى أَنَّك لَو جعلت مَا فِي مَوضِع نصب لَكَانَ ضميرها فِي كَانَ اسْمهَا ولوجب نصب الْخيرَة وَلم يقْرَأ بذلك أحد وَقد قيل فِي تَفْسِير هَذِه الاية ان مَعْنَاهَا وَرَبك يَا مُحَمَّد يخلق مَا يَشَاء ويختار لولايته ورسالته من يُرِيد ثمَّ ابْتَدَأَ بِنَفْي الِاخْتِيَار عَن الْمُشْركين وانهم لَا قدرَة لَهُم فَقَالَ مَا كَانَ لَهُم الْخيرَة أَي لَيْسَ الْولَايَة والرسالة وَغير ذَلِك باختيارهم وَلَا بمرادهم وَالله أعلم بمراده فِي ذَلِك وَهَذِه الْآيَة تحْتَاج الى بسط كثير أَكثر من هَذَا وَفِيمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ كِفَايَة

قَوْله {مَا إِن مفاتحه لتنوء} مَا فِي مَوضِع نصب بآتيناه مَفْعُولا ثَانِيًا وان وَاسْمهَا وخبرها وَمَا يتَّصل بهَا الى قَوْله أولي الْقُوَّة صلَة مَا وَوَاحِد أولي ذِي

قَوْله ويكأن الله أَصْلهَا وى مُنْفَصِلَة من الْكَاف قَالَ سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل فِي مَعْنَاهَا ان الْقَوْم انتبهوا أَو نبهوا فَقَالُوا وي وَهِي كلمة يَقُولهَا المتندم اذا أظهر ندامته وَقَالَ الْفراء وي مُتَّصِلَة بِالْكَاف وَأَصلهَا وَيلك أَن الله ثمَّ حذف اللَّام واتصلت الْكَاف أَن وَفِيه بعد فِي الْمَعْنى والاعراب لِأَن الْقَوْم لم يخاطبوا أحدا وَلِأَن حذف اللَّام من هَذَا لايعرف وَلِأَنَّهُ كَانَ يجب أَن تكون أَن مَكْسُورَة إِذْ لاشيء يُوجب فتحهَا

قَوْله {كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} انتصب الْوَجْه على الِاسْتِثْنَاء وَيجوز فِي الْكَلَام الرّفْع على معنى الصّفة كَأَنَّهُ قَالَ غير وَجهه كَمَا قَالَ... وكل أَخ مفارقه أَخُوهُ ... لعمر أَبِيك إِلَّا الفرقدان ...أَي غير الفرقدين فَغير صفة لكل كَذَلِك جَوَاز الْآيَة