مشكل إعراب القرآن

21 - تَفْسِير مُشكل اعراب سُورَة الانبياء عَلَيْهِم السَّلَام

قَوْله تَعَالَى {من ذكر من رَبهم مُحدث} مُحدث نعت للذّكر وَأَجَازَ الْكسَائي نَصبه على الْحَال وَأَجَازَ الْفراء رَفعه على النَّعْت لذكر على الْموضع لِأَن من زَائِدَة وَذكر فَاعل

قَوْله {وأسروا النَّجْوَى الَّذين ظلمُوا} الَّذين بدل من الْمُضمر الْمَرْفُوع فِي أَسرُّوا وَالضَّمِير يعود على النَّاس وَقيل الَّذين رفع على إِضْمَار هم الَّذين وَقيل الَّذين فِي مَوضِع نصب على أَعنِي وَأَجَازَ الْفراء أَن يكون الَّذين فِي مَوضِع خفض نعت للنَّاس وَقيل الَّذين رفع بأسروا وأتى لفظ الضَّمِير فِي أَسرُّوا على لُغَة من قَالَ أكلوني البراغيث وَقيل الَّذين رفع على اضمار يَقُول

قَوْله {فِيهِ ذكركُمْ} الذّكر مُبْتَدأ و {فِيهِ} الْخَبَر وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لكتاب

قَوْله {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله} الا فِي مَوضِع غير وَهِي نعت لالهة عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَالْكسَائِيّ تَقْدِيره غير الله فَلَمَّا وضعت إِلَّا مَوضِع غير أعرب الِاسْم بعْدهَا بِمثل اعراب غير وَقَالَ الْفراء إِلَّا بِمَعْنى سوىقَرَأَ يحيى بن يعمر هَذَا ذكر من معي وَذكر من قبلي بِالتَّنْوِينِ على تَقْدِير حذف تَقْدِيره هَذِه ذكر ذكر من معي وَذكر من قبلي

قَوْله {الْحق} نصب بيعلمون وَقَرَأَ الْحسن بِالرَّفْع على معنى هُوَ الْحق أَو هذاالحق

قَوْله {بل عباد مكرمون} أَي بل هم عباد ابْتِدَاء وَخَبره وَأَجَازَ الْفراء بل عبادا مكرمين على معنة بل اتخذ عبادا

قَوْله {كَانَتَا رتقا} إِنَّمَا وحد رتقا لِأَنَّهُ مصدر وَتَقْدِيره كَانَتَا ذواتي رتق

قَوْله {وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ} من المَاء فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لجعل وَيجوز فِي الْكَلَام حَيا بِالنّصب على أَنه الْمَفْعُول الثَّانِي وَيكون من المَاء فِي مَوضِع الْبَيَان

قَوْله {فِي فلك يسبحون} أَتَى يسبحون بِالْوَاو وَالنُّون وَهُوَ خبر عَمَّا لَا يعقل وَحقّ الْوَاو وَالنُّون أَلا يَكُونَا إِلَّا لمن يعقل وَلَكِن لما أخبر عَنْهَا أَنَّهَا تفعل فعلا كَمَا يخبر عَمَّن يعقل أَتَى الْخَبَر عَنْهَا كالخبر عَمَّن يقعل

قَوْله {أَفَإِن مت فهم الخالدون} حق ألف الِاسْتِفْهَام إِذا دخلت على حرف شَرط أَن تكون رتبتها قبل جَوَاب الشَّرْط فَالْمَعْنى أفهم الخالدون إِن مت وَمثله {أَفَإِن مَاتَ أَو قتل انقلبتم} وَهُوَ كثير

قَوْله {وَإِن كَانَ مِثْقَال حَبَّة} من رفع مِثْقَالا جعل كَانَ تَامَّة لَا تحْتَاج الى خبر وَمن نَصبه جعل كَانَ نَاقِصَة فَهُوَ خَبَرهَا وَاسم كَانَ مُضْمر فِيهَا تَقْدِيره وَإِن كَانَ الظُّلم مِثْقَال حَبَّة فلتقدم ذكر الظُّلم جَازَ اضماره

قَوْله {أَتَيْنَا بهَا} من قَرَأَهُ بِالْقصرِ فَمَعْنَاه جِئْنَا بهَا وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس وَمُجاهد اتينا بِالْمدِّ على معنى جازينا بهَا فَهُوَ فاعلنا وَلَا يحسن أَن يكون أفعلنا لِأَنَّهُ يلْزم حذف الْبَاء من بهَا لِأَن أفعل لَا يتَعَدَّى بِحرف وَفِي حذف الْبَاء مُخَالفَة لِلْخَطِّ

قَوْله {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ} الْعَامِل فِي اذ اتينا ابراهيم أَي آتيناه رشده فِي وَقت قَالَ لِأَبِيهِ

قَوْله {يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم} ابراهيم رفع على اضمار هُوَ ابراهيم ابْتِدَاء وَخبر محكي وَقيل تَقْدِيره الَّذِي يعرف بِهِ ابراهيم وَقيل هُوَ رفع على النداء الْمُفْرد فَتكون ضمته بِنَاء وَله قَامَ مقَام الْمَفْعُول الَّذِي لم يسم فَاعله ليقال وان شِئْت أضمرت الْمصدر ليقوم مقَام الْفَاعِل وَله فِي مَوضِع نصب

قَوْله {ولوطا آتيناه} لوطا نصب باضمار فعل تَقْدِيره واتينا لوطا آتيناه وانتصب بعده {نوحًا} و {دَاوُد} على معنى وَاذْكُر يَا مُحَمَّد نوحًا وَاذْكُر دَاوُد

قَوْله {وَالطير} عطف على الْجبَال وَقيل هُوَ مفعول مَعَه وَيجوز الرّفْع تعطفه على الْمُضمر فِي {يسبحْنَ}

قَوْله {إِذْ ذهب مغاضبا} مغاضبا نصب على الْحَال وَمَعْنَاهُ غضب على قومه لرَبه اذ لم يجبهُ قومه وَالْغَضَب على الْقَوْم كَانَ لمخالفتهم أَمر رَبهم

قَوْله {رغبا ورهبا} نصب على الْمصدر

قَوْله {وَالَّتِي أحصنت} الَّتِي فِي مَوضِع نصب على معنى وَاذْكُر الَّتِي وَكَذَلِكَ {وَذَا النُّون}

قَوْله {وجعلناها وَابْنهَا آيَة للْعَالمين} آيَة مفعول ثَان لجعل وَلم يثن لِأَن التَّقْدِير عِنْد سِيبَوَيْهٍ وجعلناها آيَة للْعَالمين وَجَعَلنَا ابْنهَا آيَة ثمَّ حذف الأول لدلَالَة الثَّانِي عَلَيْهِ وَتَقْدِيره عِنْد الْمبرد على غير حذف لَكِن يُرَاد بِهِ التَّقْدِيم تقديرة عِنْده وجعلناها آيَة للْعَالمين وَابْنهَا

قَوْله {ننجي الْمُؤمنِينَ} قَرَأَهُ ابْن عَامر وَأَبُو بكر عَن عَاصِم بنُون وَاحِدَة وجيم مُشَدّدَة وَكَانَ يجب أَن يفتح الْيَاء لِأَنَّهُ فعل مَاض لم يسم فَاعله وَيجب ان ترفع الْمُؤمنِينَ على هَذِه الْقِرَاءَة لِأَنَّهُ مفعول لم يسم فَاعله وَفعل مَاض لم يسم فَاعله وَلَكِن أَتَى على اضمار الْمصدر أَقَامَهُ مقَام الْفَاعِل وَهُوَ بعيد لِأَن الْمَفْعُول أولى بِأَن يقوم مقَام الْفَاعِل وانما يقوم الْمصدر مقَام الْفَاعِل عِنْد عدم الْمَفْعُول بِهِ أَو عِنْد اشْتِغَال الْمَفْعُول بِهِ بِحرف الْجَرّ نَحْو قيم وسير بزيد فَأَما الْيَاء فأسكنها فِي مَوضِع الْفَتْح كَمَا يسكنهَا فِي مَوضِع الرّفْع وَهُوَ بعيد أَيْضا انما يجوز فِي الشّعْر وَقَالَ بعض الْعلمَاء ان نجي لَيْسَ هُوَ فِي هَذِه الْقِرَاءَة فعل سمي فَاعله وانما أدغم النُّون الثَّانِيَة فِي الْجِيم وَهُوَ قَول بعيد أَيْضا لِأَن النُّون لَا تُدْغَم فِي الْجِيم ادغاما صَحِيحا يكون مِنْهُ التَّشْدِيد انما تخفى عِنْد الْجِيم والاخفاء لَا يكون معة تَشْدِيد وَقَالَ عَليّ بن سُلَيْمَان هُوَ فِي هَذِه الْقِرَاءَة فعل سمي فَاعله وَأَصله ننجي بنونين وبالتشديد على نَفْعل لَكِن حذفت النُّون الثَّانِيَة لِاجْتِمَاع النونين كَمَا حذفت احدى التائين فِي تفرقون وتظاهرون وَشبهه وَاسْتدلَّ من قَالَ بِهَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الأخرين على قَوْله بِسُكُون الْيَاء فِي ننجي فَدلَّ سكونها على أَنه فعل مُسْتَقْبل وَهَذَا أَيْضا قَول ضَعِيف لِأَن المثلين فِي مثل هَذِه الْأَشْيَاء لَا يحذف الثَّانِي اسْتِخْفَافًا الا اذا اتّفقت حَرَكَة المثلين نَحْو تتفرقون وتتعاونون فان اخْتلفت حَرَكَة المثلين لم يجز حذف الثَّانِي نَحْو تتغافر الذُّنُوب وتتناتج الدَّوَابّ والنونان فِي ننجي قد اخْتلفت حركتهما فَلَا يجوز حذف الْبَتَّةَ فِي احداهما وَأَيْضًا فان النُّون الثَّانِيَة أَصْلِيَّة والأصلي لَا يجوز حذفه الْبَتَّةَ وَالتَّاء المحذوفة فِي {تفَرقُوا} {وتعاونوا} زَائِدَة فحذفها حسن اذا اتّفقت الحركتان

قَوْله {حَتَّى إِذا فتحت يَأْجُوج وَمَأْجُوج} جَوَاب اذا مَحْذُوف وَالْمعْنَى قَالُوا {يَا ويلنا} فَحذف القَوْل وَقيل جوابها {واقترب الْوَعْد الْحق} وَالْوَاو زَائِدَة وَقيل جوابها {فَإِذا هِيَ شاخصة}

قَوْله {آذنتكم على سَوَاء} يحْتَمل {على سَوَاء} أَن يكون فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف أَي ايذانا على سَوَاء وَيحْتَمل أَن يكون فِي مَوضِع الْحَال من الْفَاعِل وَهُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو من المفعولين وهم المخاطبون وَمثله فِي الْجَوَاز

قَوْله {فانبذ إِلَيْهِم على سَوَاء} فِي مَوضِع الْحَال من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن الْكفَّار أَي مستوين فِي الْعلم بِنَقْض الْعَهْد وَهَذَا كَقَوْلِهِم لَقِي زيد عمرا ضاحكين وكقول الشَّاعِر ... فلئن لقيتك خاليين لتعلمن ...فخاليين حَال من التَّاء وَمن الْكَاف وَفِيه اخْتِلَاف من أجل اخْتِلَاف العاملين فِي صَاحِبي الْحَال