مشكل إعراب القرآن

12 - تَفْسِير سُورَة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام

قَوْله تَعَالَى {قُرْآنًا عَرَبيا} قُرْآنًا حَال من الْهَاء فِي أَنزَلْنَاهُ وَمَعْنَاهُ أَنزَلْنَاهُ مجموعا وعربيا حَال أُخْرَى وَيجوز أَن يكون قُرْآنًا تَوْطِئَة للْحَال وعربيا هُوَ الْحَال كَمَا تَقول مَرَرْت بزيد رجلا صَالحا فَرجل تَوْطِئَة للْحَال وَصَالح هُوَ الْحَال

قَوْله {إِذْ قَالَ يُوسُف} الْعَامِل فِي إِذْ هُوَ قَوْله الغافلين وَقَرَأَ طَلْحَة بن مصرف يؤسف بِكَسْر السِّين والهمز جعله عَرَبيا على يفعل من الأسف لكنه لم ينْصَرف للتعريف وَوزن الْفِعْل وَحكى أَبُو زيد يؤسف بِفَتْح السِّين والهمز جعله يفعل من الأسف أَيْضا فَهُوَ عَرَبِيّ وَلم ينْصَرف لما ذكرنَا وَمن ضم السِّين جعله أعجميا لم ينْصَرف للتعريف والعجمة وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب يفعل فَلذَلِك لم يكن عَرَبيا على هَذَا الْوَزْن

قَوْله {يَا أَبَت} التَّاء فِي يَا أَبَت إِذا كسرتها فِي الْوَصْل بدل من يَاء الْإِضَافَة عِنْد سِيبَوَيْهٍ وَلَا يجمع بَين التَّاء وياء الْإِضَافَة عِنْده وَلَا يُوقف عِنْده على قَوْله يَا أَبَت إِلَّا بِالْهَاءِ إِذْ لَيْسَ ثمَّ يَاء مقدرَة وَبِذَلِك وقف ابْن كثير وَابْن عَامر وَقَالَ الْفراء الْيَاء فِي النِّيَّة فَيُوقف على قَوْله يَا أَبَت بِالتَّاءِ وَبِذَلِك وقف أَكثر الْقُرَّاء اتبَاعا للمصحف وَقَرَأَ ابْن عَامر بِفَتْح التَّاء قدر أَن التَّاء محذوفة على حد حذفهَا فِي التَّرْخِيم ثمَّ ردهَا وَلم يعْتد بهَا فَفَتحهَا كَمَا كَانَ الِاسْم قبل رُجُوعهَا مَفْتُوحًا كَمَا قَالُوا يَا طَلْحَة يَا أُمَيْمَة بِالْفَتْح فَقِيَاس الْوَقْف على هَذَا أَن تقف بِالْهَاءِ كَمَا يُوقف على طَلْحَة وَأُمَيْمَة وَقيل أَنه أَرَادَ يَا أبتا ثمَّ حذف الْألف لِأَن الفتحة تدل عَلَيْهَا فَيجب على هَذَا أَن تقف بِالتَّاءِ لِأَن الْألف مُرَادة مقدرَة وَقيل أَنه أَرَادَ يَا أبتاه ثمَّ حذف وَهَذَا لَيْسَ مَوضِع ندبة وَأَجَازَ النّحاس ضم التَّاء على التَّشْبِيه بتاء طَلْحَة إِذا لم يرخم وَمنعه الزّجاج

قَوْله {ساجدين} حَال من الْهَاء وَالْمِيم فِي رَأَيْتهمْ لِأَنَّهُ من رُؤْيَة الْعين وَإِنَّمَا أخبر عَن الْكَوَاكِب بِالْيَاءِ وَالنُّون وهما لن يعقل لِأَنَّهُ لما أخبر عَنْهُمَا بِالطَّاعَةِ وَالسُّجُود وهما من فعل من يعقل جرى ساجدين على الاخبار عَمَّن يعقل إِذْ قد حكى عَنْهَا فعل من يعقل

قَوْله {آيَات للسائلين} فِي وزن آيَة أَرْبَعَة أَقْوَال قَالَ سِيبَوَيْهٍ هِيَ فعلة وَأَصلهَا أيية ثمَّ أبدلوا من الْيَاء الساكنة ألفا هَذَا معنى قَوْله وَمثله عِنْده غَايَة وثاية واعتلال هَذَا عِنْده شَاذ لأَنهم أعلوا الْعين وصححوا اللَّام وَالْقِيَاس اعتلال اللَّام وَتَصْحِيح الْعين وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ آيَة فعلة بِفَتْح الْعين وَأَصلهَا آيية فقلبت الْيَاء الأولى ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا وَهُوَ شَاذ فِي الاعلال إِذْ كَانَ الأَصْل أَن تعل الْيَاء الثَّانِيَة وتصحح الأولى فَيُقَال أياة وَقَالَ بعض الْكُوفِيُّونَ آيَة فعلة وَأَصلهَا آيية فقلبت الْيَاء الأولى ألفا لانكسارها وتحرك مَا قبلهَا وَكَانَت الأولى أولى بِالْعِلَّةِ من الثَّانِيَة لثقل الكسرة عَلَيْهَا وَهَذَا قَول صَالح جَار على الْأُصُول وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي آيَة وَزنهَا فاعلة وَأَصلهَا آيية فأسكنت الْيَاء الأولى استثقالا للكسرة على الْيَاء وأدغموها فِي الثَّانِيَة فَصَارَت آيَة مثل لفظ دَابَّة ووزنها ثمَّ خففوا الْيَاء كَمَا قَالُوا كينونة بتَخْفِيف الْيَاء سَاكِنة وَأَصلهَا كينونة ثمَّ خففوا فحذفوا الْيَاء الأولى المتحركة استثقالا للياء الْمُشَدّدَة مَعَ طول الْكَلِمَة وَهَذَا قَول بعيد من الْقيَاس إِذْ لَيْسَ فِي آيَة طول يجب الْحَذف مَعَه كَمَا فِي كينونة

قَوْله {كَمَا أتمهَا} الْكَاف فِي مَوضِع نصب نعت لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره اتماما كَمَا أتمهَا

قَوْله {أَرضًا يخل لكم} أَرضًا ظرف وَذكر النّحاس أَنه غير مُبْهَم وَكَانَ حق الْفِعْل أَن لَا يتَعَدَّى إِلَيْهِ إِلَّا بِحرف لَكِن حذف الْحَرْف كَمَا قَالَ الشَّاعِر ... كَمَا عسل الطَّرِيق الثَّعْلَب ...وَفِي قَوْله نظر

قَوْله {تأمنا} أَصله تأمننا ثمَّ أدغمت النُّون الأولى فِي الثَّانِيَة وبقى الاشمام يدل على ضمة النُّون الأولى والاشمام هُوَ ضمك شفتيك من غير صَوت يسمع فَهُوَ بعد الادغام وَقبل فَتْحة النُّون الثَّانِيَة وَابْن كيسَان يُسمى الاشمام الاشارة وَيُسمى الرّوم اشماما وَالروم صَوت ضَعِيف يسمع خفِيا يكون فِي الْمَرْفُوع والمخفوض والمنصوب الَّذِي لَا تَنْوِين فِيهِ والإشمام لَا يكون إِلَّا فِي الْمَرْفُوع

قَوْله {يرتع} من كسر الْعين من الْقُرَّاء جعله من رعى فَحذف الْيَاء على الْجَزْم فَهُوَ لَا يفتعل وَالتَّاء زَائِدَة من رعي الْغنم وَقيل هُوَ من قَوْلهم رعاك الله أَي حرسك الله فَمَعْنَاه على هَذَا نتحارس وَمن قَرَأَهُ بِإِسْكَان الْعين أسكنها للجزم وَجعله من رتع فَهُوَ يفعل وَالتَّاء أَصْلِيَّة

قَوْله {أَن تذْهبُوا بِهِ} و {أَن يَأْكُلهُ} أَن الأولى فِي مَوضِع رفع بيحزنني وَأَن الثَّانِيَة فِي مَوضِع نصب بأخاف

قَوْله {عشَاء} نصب على الظّرْف وَهُوَ فِي مَوضِع الْحَال من الْمُضمر فِي جَاءُوا

قَوْله {وَلَو كُنَّا} قَالَ الْمبرد لَو بِمَعْنى ان

قَوْله {بِدَم كذب} أَي ذِي كذب

قَوْله {فَصَبر جميل} رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره فأمري صَبر جميل أَو فشأني صَبر جميل وَقَالَ قطرب تَقْدِيره فصبري صَبر وَجَمِيل نعت للصبر وَيجوز النصب وَلم يقْرَأ بِهِ على الْمصدر على تَقْدِير فَأَنا أَصْبِر صبرا وَالرَّفْع الِاخْتِيَار فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَمْر وَلَو كَانَ أمرا لَكَانَ الِاخْتِيَار فِيهِ النصب

قَوْله {يَا بشرى} قَرَأَهُ ابْن أبي إِسْحَاق وَغَيره بياء مُشَدّدَة من غير ألف وَعلة ذَلِك أَن يَاء الْإِضَافَة حَقّهَا أَن ينكسر مَا قبلهَا فَلَمَّا لم يُمكن ذَلِك فِي الْألف قلبت يَاء فأدغمت فِي يَاء الْإِضَافَة وَمثله هُدَايَ وَقد قَرَأَهُ الْكُوفِيُّونَ بِغَيْر يَاء كَأَنَّهُمْ جعلُوا بشرى اسْما للمنادى فَيكون فِي مَوضِع ضم وَقيل إِنَّه إِنَّمَا نَادَى الْبُشْرَى كَأَنَّهُ قَالَ يَا أيتها الْبُشْرَى هَذَا زَمَانك وعَلى هَذَا الْمَعْنى قَرَأَ الْقُرَّاء يَا حسرة على الْعباد بِالتَّنْوِينِ كَأَنَّهُ نَادِي الْحَسْرَة

قَوْله {وأسروه} الْهَاء ليوسف عَلَيْهِ السَّلَام وَالضَّمِير لأخوته وَقيل الضَّمِير للتجار وبضاعة نصب على الْحَال من يُوسُف مَعْنَاهُ مبضوعا

قَوْله {دَرَاهِم} فِي مَوضِع خفض على الْبَدَل من ثمن

قَوْله {هيت لَك} هِيَ لَفْظَة مَبْنِيَّة غير مَهْمُوزَة يجوز فِيهَا فتح التَّاء وَكسرهَا وَضمّهَا وَالْكَسْر فِيهِ بعد لاستثقال الكسرة بعد الْيَاء وَمَعْنَاهَا الاستجلاب ليوسف إِلَى نَفسهَا بِمَعْنى هَلُمَّ لَك وَمِنْه قَوْلهم هيت فلَان بفلان إِذا دَعَاهُ فَأَما من همزه فَإِنَّهُ جعله من تهيأت لَك وَفِيه بعد فِي الْمَعْنى لِأَنَّهَا لم تخبره بِحَالِهَا أَنَّهَا تهيأت لَهُ إِنَّمَا دَعَتْهُ إِلَى نَفسهَا فَأَما من همز وَضم التَّاء فَهُوَ حسن لِأَنَّهُ جعله من تهيأت لَك جعله فعلا اجراه على الاخبار لَهُ بِحَالِهَا بِالتَّاءِ وَهِي تَاء الْمُتَكَلّم وَيبعد الْهَمْز مَعَ كسر التَّاء لِأَن يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام لم يخاطبها فَيكون التَّاء للخطاب لَهَا إِنَّمَا هِيَ دَعَتْهُ وخاطبته فَلَا يحسن مَعَ الْهَمْز إِلَّا ضم التَّاء وَلَو كَانَ الْخطاب من يُوسُف لقَالَ هيت لي على الاخبار عَن نَفسه وَذَلِكَ لَا يقْرَأ بِهِ وَأما فتح الْهَاء وَكسرهَا فلغتان وَلَك فِي هيت لَك تَبْيِين مثل سقيا لَك

قَوْله {معَاذ الله} نصب على الْمصدر تَقول عاذ بِهِ معَاذًا ومعاذة وعياذا وعياذة

قَوْله {إِنَّه رَبِّي أحسن مثواي} رَبِّي فِي مَوضِع نصب على الْبَدَل من الْهَاء وَأحسن خبر إِن وان شِئْت جعلت الْهَاء للْحَدِيث اسْم إِن وربي فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَأحسن خَبره وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع خبر إِن

قَوْله {إِنَّه لَا يفلح} الْهَاء للْحَدِيث وَهِي اسْم إِن وَمَا بعْدهَا الْخَبَر

قَوْله {لَوْلَا أَن رأى} أَن فِي مَوضِع رفع بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف وَحكم لَو أَن تدخل على الْأَفْعَال لما فِيهَا من معنى الشَّرْط وَلَا تجزم بهَا الْأَفْعَال وان كَانَ فِيهَا معنى الشَّرْط لِأَنَّهَا لَا تغير معنى الْمَاضِي إِلَى الِاسْتِقْبَال كَمَا تفعل حُرُوف الشَّرْط وَمَعْنَاهَا امْتنَاع الشَّيْء لِامْتِنَاع غَيره فَأن وَقع بعْدهَا الِاسْم ارْتَفع على إِضْمَار فعل الا إِن فَإِنَّهَا يرْتَفع مَا بعْدهَا بِالِابْتِدَاءِ لِأَن الْفِعْل الَّذِي فِي صلبها يُغني عَن إِضْمَار فعل قبلهَا فَإِن زِدْت مَعهَا لَا زَالَ مِنْهَا معنى الشَّرْط وَوَقع بعْدهَا الِابْتِدَاء وَالْخَبَر مُضْمر فِي أَكثر الْكَلَام وَلَا بُد لَهَا من جَوَاب مظهر أَو مُضْمر وَلَا يَليهَا إِلَّا الْأَسْمَاء وَيصير مَعْنَاهَا امْتنَاع الشَّيْء لوُجُود غَيره فتقدير الْآيَة لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه فِي ذَلِك الْوَقْت لَكَانَ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا فَالْخَبَر وَالْجَوَاب محذوفان وان كَانَت لَوْلَا بِمَعْنى هلا وَقع بعْدهَا الْفِعْل نَحْو قَوْله فلولا كَانَت قَرْيَة وَهُوَ كثير وَمَعْنَاهَا فِي هَذَا الْموضع التحضيض على الشَّيْء وَلَك أَن تضمر الْفِعْل بعْدهَا فَتَقول لَوْلَا فعلت خيرا وان شِئْت قلت لَوْلَا خيرا ونظيرها فِي هَذَا الْمَعْنى لوما فَهَذَا تصرف لَو وَلَوْلَا فاعرفه فَإِنَّهُ مُشكل كثير التكرير

قَوْله {كَذَلِك لنصرف} الْكَاف فِي مَوضِع رفع على إِضْمَار مُبْتَدأ تَقْدِيره أَمر الْبَرَاهِين كَذَلِك وَيجوز أَن يكون فِي مَوضِع نصب نعتا لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره أريناه الْبَرَاهِين رُؤْيَة كَذَلِك

قَوْله {وَإِن كَانَ قَمِيصه} إِن للشّرط وَهِي ترد جَمِيع الْأَلْفَاظ الْمَاضِيَة إِلَى معنى الِاسْتِقْبَال الا كَانَ لقُوَّة كَانَ وَكَثْرَة تصرفها وَذَلِكَ أَنَّهَا يعبر بهَا عَن جَمِيع الْأَفْعَال

قَوْله {حاش لله} الأَصْل فِي حاش أَن تكون بِالْألف لَكِن وَقعت فِي الْمُصحف بِغَيْر ألف اكْتِفَاء بالفتحة من الْألف كَمَا حذفت النُّون فِي لم يَك وحاشى فعل ماضي على فَاعل مَأْخُوذ من الحشا وَهُوَ النَّاحِيَة كَمَا قَالَ الْهُذلِيّ ... بِأَيّ الحشا صَار الخليط المباين ... أَي بِأَيّ نَاحيَة صَار الخليط وَلَا يحسن أَن يكون حرفا عِنْد أهل النّظر وَأَجَازَ ذَلِك سِيبَوَيْهٍ وَمنعه الْكُوفِيُّونَ لِأَنَّهُ لَو كَانَ حرف جر مَا دخل على حرف جر لِأَن الْحُرُوف لَا يحذف مِنْهَا إِلَّا إِذا كَانَ فِيهَا تَضْعِيف نَحْو لَعَلَّ وعل وَمعنى حاش لله بعد يُوسُف عَن هَذَا الَّذِي رمي بِهِ لله أَي لخوفه الله ومراقبته لَهُ وَقَالَ الْمبرد تكون حاشى حرفا وَتَكون فعلا وَاسْتدلَّ على أَنَّهَا تكون فعلا بقول النَّابِغَة ... وَلَا أحاشي من الأقوام من أحد ...فَمن أحد فِي مَوضِع نصب بأحاشي وَقَالَ غَيره حاشى حرف وأحاشي فعل أَخذ من الْحَرْف وَبني من حُرُوفه كَمَا قَالُوا لَا اله إِلَّا الله ثمَّ اشتق من حُرُوف هَذِه الْجُمْلَة فعل قَالُوا هلل الرجل وَمثله قَوْلهم بسمل فلَان إِذا قَالَ بِسم الله وحوقل إِذا قَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَهُوَ كثير وَقَالَ الزّجاج معنى حاش لله بَرَاءَة لله تَعَالَى فَمَعْنَاه قد تنحى يُوسُف من هَذَا الَّذِي رمي بِهِ وَحكى أهل اللُّغَة حَشا لله بِحَذْف الْألف الأولى وَهِي لُغَة وَالنّصب بحاشى عِنْد الْمبرد فِي الِاسْتِثْنَاء أحسن لِأَنَّهَا فعل فِي أَكثر أحوالها وسيبويه يرى الْخَفْض بهَا لِأَنَّهَا حرف جر

قَوْله {ثمَّ بدا لَهُم} فَاعل بدا عِنْد سِيبَوَيْهٍ مَحْذُوف قَامَ مقَامه ليسجننه وَقَالَ الْمبرد فَاعله الْمصدر الَّذِي دلّ عَلَيْهِ بدا وَقيل الْفَاعِل مَحْذُوف لم يعوض عَنهُ شَيْء تَقْدِيره ثمَّ بدا لَهُم رأى

قَوْله {مَا كَانَ لنا أَن نشْرك بِاللَّه من شَيْء} أَن اسْم كَانَ وَلنَا خبر كَانَ وَمن شَيْء فِي مَوضِع نصب مفعول نشْرك وَمن زَائِدَة تؤكد النَّفْي

قَوْله {سميتموها} أصل سمى أَن يتَعَدَّى إِلَى مفعولين يجوز حذف أَحدهمَا فَالثَّانِي هُنَا مَحْذُوف تَقْدِيره سميتموها آلِهَة وَأَنْتُم توكيد للتاء فِي سميتموها ليحسن الْعَطف عَلَيْهَا

قَوْله {فيسقي ربه خمرًا} سقى واسقى لُغَتَانِ وَقيل سقى مَعْنَاهُ ناول المَاء واسقى جعل لَهُ سقيا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى وأسقيناكم مَاء فراتا أَي جعلنَا لكم ذَلِك

قَوْله {سمان} الْخَفْض على النَّعْت للبقرات وَكَذَلِكَ خضر خفضت على النَّعْت لسنبلات وَيجوز النصب فِي سمان وَفِي خضر على النَّعْت لسبع كَمَا قَالَ تَعَالَى سبع سماوات طباقا على النَّعْت لسبع وَيجوز خفض طباق على النَّعْت لسموات وَلَكِن لَا يقْرَأ إِلَّا بِمَا صحت رِوَايَته وَوَافَقَ خطّ الْمُصحف

قَوْله {دأبا} نصب على الْمصدر لِأَن معنى تزرعون يدل على تدأبون قَالَ أَبُو حَاتِم من فتح الْهمزَة فِي دأبا وَهِي قِرَاءَة حَفْص عَن عَاصِم جعله مصدر دئب وَمن أسكن جعله مصدر دأبت وَفتح الْهمزَة فِي الْفِعْل هُوَ الْمَشْهُور عِنْد أهل اللُّغَة وَالْفَتْح والإسكان فِي الْمصدر لُغَتَانِ كَقَوْلِهِم النَّهر وَالنّهر والسمع والسمع وَقيل إِنَّمَا حرك وأسكن لأجل حرف الْحلق

قَوْله {خير حَافِظًا} انتصب حفظا على الْبَيَان لأَنهم نسبوا إِلَى أنفسهم حفظ أخي يُوسُف فَقَالُوا وَإِنَّا لَهُ لحافظون فَرد عَلَيْهِم يَعْقُوب ذَلِك فَقَالَ الله تَعَالَى خير حفظا من حفظكم فَأَما من قَرَأَهُ حَافِظًا فنصبه على الْحَال عِنْد النّحاس حَال من الله جلّ ذكره على أَن يَعْقُوب رد لَفظهمْ بِعَيْنِه إِذْ قَالُوا وَإِنَّا لَهُ لحافظون فَأخْبرهُم أَن الله هُوَ الْحَافِظ فَجرى اللفظان على سِيَاق وَاحِد وَالْإِضَافَة فِي هَذِه الْقِرَاءَة جَائِزَة تَقول الله خير حَافظ كَمَا قَالَ أرْحم الرَّاحِمِينَ وَلَا يجوز الْإِضَافَة فِي الْقِرَاءَة الأولى لَا تَقول الله خير حفظ لِأَن الله تَعَالَى لَيْسَ هُوَ الْحِفْظ وَهُوَ تَعَالَى الْحَافِظ وَقَالَ بعض أهل النّظر إِن حَافِظًا لَا ينْتَصب على الْحَال لِأَن أفعل لَا بُد لَهَا من بَيَان وَلَو جَازَ نَصبه على الْحَال لجَاز حذفه وَلَو حذف لنَقص بَيَان الْكَلَام ولصار اللَّفْظ وَالله خير فَلَا يدرى معنى الْخَيْر فِي أَي نوع هُوَ وَجَوَاز الْإِضَافَة يدل على أَنه لَيْسَ بِحَال ونصبه على الْبَيَان أحسن كنصب حفظ وَهُوَ قَول الزّجاج وَغَيره

قَوْله {مَا نبغي} مَا فِي مَوضِع نصب بنبغي وَهِي اسْتِفْهَام وَيجوز أَن يكون نفيا فَيحسن الْوَقْف على نبغي وَلَا يحسن فِي الِاسْتِفْهَام الْوَقْف على نبغي لِأَن الْجُمْلَة الَّتِي بعده فِي مَوضِع الْحَال

قَوْله {قَالُوا جَزَاؤُهُ من وجد فِي رَحْله فَهُوَ جَزَاؤُهُ} جَزَاؤُهُ الأول مُبْتَدأ وَالْخَبَر مَحْذُوف تَقْدِيره قَالَ إخْوَة يُوسُف جَزَاء السَّارِق عندنَا كجزائه عنْدكُمْ وَقيل التَّقْدِير جَزَاء السرق عندنَا كجزائه عنْدكُمْ فالهاء تعود على السَّارِق أَو على السرق ثمَّ ارْتَفَعت من بِالِابْتِدَاءِ وَهِي بِمَعْنى الَّذِي أَو للشّرط

قَوْله {فَهُوَ جَزَاؤُهُ} ابْتِدَاء وَخبر فِي مَوضِع خبر من وَالْفَاء جَوَاب الشَّرْط أَو جَوَاب للابهام الَّذِي فِي الَّذِي وَالْهَاء فِي فَهُوَ تعود على الاستبعاد وَالْهَاء فِي جَزَائِهِ الْأَخير تعود على السَّارِق أَو على السرق وَقيل أَن جَزَاؤُهُ الأول ابْتِدَاء وَمن خَبره على تَقْدِير حذف مُضَاف تَقْدِيره قَالَ اخوة يُوسُف جَزَاء السرق استبعاد من وجد فِي رَحْله فَهُوَ جَزَاؤُهُ أَي فالاستبعاد جَزَاء السرق والهاءات تعود على السرق لَا غير فِي هَذَا القَوْل وَقيل أَن جَزَاؤُهُ الأول مُبْتَدأ وَمن ابْتِدَاء ثَان وَهِي شَرط أَو بِمَعْنى الَّذِي وفهو جَزَاؤُهُ خبر الثَّانِي وَالثَّانِي وَخَبره خبر عَن الأول وجزاؤه الثَّانِي يعود على الِابْتِدَاء الأول لِأَنَّهُ مَوْضُوع مَوضِع الْمُضمر كَأَنَّك قلت فَهُوَ هُوَ

قَوْله {استيأسوا} وييأس هُوَ كُله من يئس ييأس فَأَما مَا رَوَاهُ البزي عَن ابْن كثير من تَأْخِير الْيَاء بعد ألف فَهُوَ على الْقلب قدم الْهمزَة قبل الْيَاء فَصَارَت يأيس ثمَّ خفف الْهمزَة فأبدل مِنْهَا ألفا

قَوْله {إِنَّه من يتق ويصبر} من شَرط رفع بِالِابْتِدَاءِ وفإن الله وَمَا بعده الْخَبَر وَالْجُمْلَة خبر إِن الأولى وَالْهَاء للْحَدِيث وَيصير عطف على يتق فَأَما مَا رَوَاهُ قنبل عَن ابْن كثير أَنه قَرَأَ يَتَّقِي بياء فان مجازه أَنه جعل من بِمَعْنى الَّذِي فَرفع يَتَّقِي لِأَنَّهُ صلَة لمن وَعطف وَيصير على معنى الْكَلَام لِأَن من وَإِن كَانَت بِمَعْنى الَّذِي فَفِيهَا معنى الشَّرْط وَلذَلِك تدخل الْفَاء فِي خَبَرهَا فِي أَكثر الْمَوَاضِع فَلَمَّا كَانَ فِيهَا معنى الشَّرْط عطف وَيصير على ذَلِك الْمَعْنى فجزمه كَمَا قَالَ الله تَعَالَى فَأَصدق وأكن فَجزم وأكن حمله على معنى فَأَصدق لِأَنَّهُ بِمَعْنى أصدق مَجْزُومًا لِأَنَّهُ جَوَاب التَّمَنِّي وَقد قيل أَن من فِي هَذِه الْقِرَاءَة للشّرط والضمة مقدرَة فِي الْيَاء من يَتَّقِي حذفت للجزم كَمَا قَالَ ... ألم يَأْتِيك والأنباء تنمي ... وَفِي هَذَا ضعف لِأَنَّهُ أَكثر مَا يجوز هَذَا التَّقْدِير فِي الشّعْر وَقد قيل أَن من بِمَعْنى الَّذِي ويصبر مَرْفُوع على الْعَطف على يَتَّقِي لَكِن حذفت الضمة اسْتِخْفَافًا وَفِيه بعد أَيْضا وَقد حكى الْأَخْفَش أَنه سمع من الْعَرَب رسلنَا بِإِسْكَان اللَّام تَخْفِيفًا واثبات الْيَاء فِي يَتَّقِي مَعَ جزم يصبر لَيْسَ بِالْقَوِيّ على أَي وَجه تأولته

قَوْله {كَذَلِك نجزي} الْكَاف فِي مَوضِع نصب على النَّعْت لمصدر مَحْذُوف أَي جَزَاء كَذَلِك نجزي الظَّالِمين

قَوْله {إِلَّا أَن يَشَاء الله} أَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ أَي إِلَّا بِأَن يَشَاء الله

قَوْله {نرفع دَرَجَات من نشَاء} قَرَأَهُ الْكُوفِيُّونَ بتنوين دَرَجَات فَيكون فِي مَوضِع نصب بنرفع وحرف الْجَرّ مَحْذُوف مَعَ دَرَجَات تَقْدِيره نرفع من نشَاء إِلَى دَرَجَات وَمن لم ينون دَرَجَات نصبها بنرفع وأضافها إِلَى من

قَوْله {فقد سرق} سرق فعل ماضي محكى تَقْدِيره فقد قيل سرق أَخ لَهُ إِذْ لَا يجوز أَن يقطعوا بالسرق على يُوسُف لِأَن أَنْبيَاء الله أجل من ذَلِك وَإِنَّمَا حكوا أمرا قد قيل وَلم يقطعوا بذلك

قَوْله {مَكَانا} نصب على الْبَيَان

قَوْله {أَن نَأْخُذ} أَن فِي مَوضِع نصب على تَقْدِير حذف حرف الْجَرّ أَي أعوذ بِاللَّه معَاذًا من أَن نَأْخُذ

قَوْله {نجيا} نصب على الْحَال من الْمُضمر فِي خلصوا وَهُوَ وَاحِد يُؤَدِّي عَن معنى الْجمع

قَوْله {وَمن قبل مَا فرطتم فِي يُوسُف} يجوز أَن تكون مَا زَائِدَة وَتَكون من مُتَعَلقَة بفرطتم تَقْدِيره وفرطتم من قبل فِي يُوسُف وَفِيه بعد للتفريق بَين حرف الْعَطف والمعطوف عَلَيْهِ وَقبل مَبْنِيَّة لحذف مَا أضيف إِلَيْهِ تَقْدِيره وَمن قبل هَذَا الْوَقْت فرطتم فِي يُوسُف فَإِن جعلت مَا وَالْفِعْل مصدرا لم تتَعَلَّق من بفرطتم لِأَنَّك تقدم الصِّلَة على الْمَوْصُول لَكِن تتَعَلَّق بالاستقرار لِأَن الْمصدر مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَمَا قبله خَبره وَفِيه نظر وَيجوز أَن تكون من مُتَعَلقَة بتعلموا فِي قَوْله ألم تعلمُوا فَيكون مَا فرطتم مصدرا فِي مَوضِع نصب على الْعَطف على أَن وَالْعَامِل تعلمُوا وَفِيه قبح للتفريق بَين حرف الْعَطف والمعطوف بِمن قبل وَهُوَ حسن عِنْد الْكُوفِيّين وقبيح عِنْد الْبَصرِيين

قَوْله {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم الْيَوْم} لَا يجوز أَن يكون الْعَامِل فِي الْيَوْم لَا تَثْرِيب لِأَنَّهُ يصير من تَمَامه وَقد بني تَثْرِيب على الْفَتْح وَلَا يجوز بِنَاء الِاسْم قبل تَمَامه لَكِن تنصب الْيَوْم على الظّرْف وتجعله خَبرا لتثريب وَعَلَيْكُم صفة لتثريب وعَلى مُتَعَلقَة بمضمر هُوَ صفة لتثريب فِي الأَصْل تَقْدِيره لَا تَثْرِيب ثَابت عَلَيْكُم الْيَوْم فتنصب الْيَوْم على الِاسْتِقْرَار وَيجوز أَن تنصب الْيَوْم بعليكم وتضمر خَبرا لتثريب لِأَن عَلَيْكُم وَمَا عملت فِيهِ صفة لتثريب وَيجوز أَن تجْعَل عَلَيْكُم خبر تَثْرِيب وتنصب الْيَوْم بعليكم والناصب لليوم فِي الأَصْل هُوَ الْمَحْذُوف الَّذِي تعلّقت بِهِ على

قَوْله {فَارْتَد بَصيرًا} نصب على الْحَال

قَوْله {وخروا لَهُ سجدا} حَال من الْمُضمر فِي خروا وَهِي حَال مقدرَة

قَوْله {بَغْتَة} حَال وَأَصله الْمصدر

قَوْله {ولدار الْآخِرَة} هَذَا الْكَلَام فِيهِ حذف مُضَاف تَقْدِيره ولدار الْحَال الْآخِرَة وَقد قَالَ الْفراء إِن هَذَا من اضافة الشَّيْء إِلَى نَفسه لِأَن الدَّار هِيَ الْآخِرَة وَقيل إِنَّه من اضافة الْمَوْصُوف إِلَى صفته لِأَن الدَّار وصفت بِالآخِرَة كَمَا قَالَ فِي مَوضِع آخر وللدار الْآخِرَة على الصّفة

قَوْله {وَلَكِن تَصْدِيق} انتصب تَصْدِيق على خبر كَانَ مضمرة تَقْدِيره وَلَكِن كَانَ ذَلِك تَصْدِيق وَيجوز الرّفْع على تَقْدِير وَلَكِن هُوَ تَصْدِيق وَلم يقْرَأ بِهِ أحد