شفاعة القاضي

والتأذي بالخصوم والتنكر عند الخصومات، فان الحق في مواطن الحق يعظم الله به الاجر ويحسن به الذخر، فمن صحت نيته وأقبل على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تخلق (1) للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شانه الله، فما ظنك بثواب غير الله عز وجل في عاجل رزقه وخزائن رحمته والسلام.
شفاعة القاضي:
وللقاضي أن يشفع الشفاعة الحسنة فيطلب من الخصوم أن يصطلحوا أو يتنازل أحدهم عن بعض حقه.
عن كعب بن مالك: أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينا له عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فارتفعت أصواتهما، حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كشف سجف (2) حجرته، ونادى كعب بن مالك، فقال: يا كعب، فقال،: لبيك يارسول الله، فأشار له بيده، أن ضع الشطر من دينك، قال كعب: قد فعلت يا رسول الله.
قال

(1) تخلق الناس: أظهر لهم في خلقه خلاف نيته.
(2) ستر

النبي صلى الله عليه وسلم: قم فاقضه " (1) .
نفاذ الحكم ظاهرا: حكم القاضي لا يحل حلالا ولا يحرم حراما لحديث السيدة أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي بنحو مما أسمع. فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه. فإنما أقطع له قطعة من النار " (2) .
وقد حكى الشافعي الاجماع على أن حكم الحاكم لا يحلل الحرام.
فإذا ادعى إنسان على آخر حقا وأقام الشهود على
ذلك وحكم القاضي للمدعي فإنه يحل له أن يأخذ هذا الحق متى كانت البينة بينة صادقة.
فإذا كانت البينة التي أقامها المدعي كاذبة كأن كان الشهود شهود زور فحكم له بمقتضى هذه الشهادة فإن الحكم لا يغير الواقع ولا يبيح للمدعي أن يأخذ الحق المدعى لانه على ملك صاحبه.

(1) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه.
(2) رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن